المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأدلة العقلية والنقلية في إثبات الأولية والآخرية لله تعالى - شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين - جـ ١٠

[ابن جبرين]

فهرس الكتاب

- ‌شرح العقيدة الطحاوية [10]

- ‌معنى قوله: (قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء)

- ‌الأدلة العقلية والنقلية في إثبات الأولية والآخرية لله تعالى

- ‌اعتقاد أهل السنة في أولية الله وأزليته

- ‌إدخال المتكلمين لفظ (القديم) في أسماء الله تعالى

- ‌وصف المتكلمين لله بالقديم ومعناه عندهم

- ‌معنى كلمة (القديم) في لغة العرب

- ‌معنى قوله: (لا يفنى ولا يبيد)

- ‌معنى قوله: (ولا يكون إلا ما يريد)

- ‌أقسام القدرية وحكم كل قسم

- ‌أنواع الإرادة

- ‌الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية

- ‌ذكر الآيات الدالة على الفرق بين الإرادة الشرعية والقدرية

- ‌اجتماع الإرادة الشرعية والقدرية في إيمان المؤمن وعمله الصالح

- ‌وجه إنكار القدرية لقدرة الله والرد عليهم

- ‌حكمة الله تعالى في إعانة العبد على ما أمره أو عدم إعانته

- ‌عجز البشر عن معرفة كنه صفات الله وكنه ذاته سبحانه

- ‌عقيدة أهل السنة في الصفات بين المعطلة والمشبهة

- ‌نفي التشبيه غير مستلزم لنفي الصفات وإثبات الصفات غير مستلزم للتشبيه

الفصل: ‌الأدلة العقلية والنقلية في إثبات الأولية والآخرية لله تعالى

‌الأدلة العقلية والنقلية في إثبات الأولية والآخرية لله تعالى

نعرف أن هذا الوصف وهو قوله: (قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء) وصف ثابت للإله، ولكن العبارة التي في القرآن والسنة أوضح، وهي قول الله تعالى:{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} [الحديد:3]، وفسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم بقوله:(أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء)، وفسره أيضاً في حديث عمران بقوله:(كان الله ولم يكن شيء قبله) .

وهذا دليل على أن الله تعالى قديم ولم يسبق بعدم، وأنه دائم ولا يلحقه فناء، وأن المخلوقات حادثة معدومة ثم وجدت، ثم يأتي عليها العدم، ويستدل على هذا بحدوث الحوادث، فيقال: هذه الحوادث لا بد لها من محدث.

وهذا قد يعتبر دليلاً عقلياً، ولكن قيدته الآيات كهذه الآية التي في سورة الطور، وهي قوله تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور:35]، يقول: فإذا تحققوا أنهم لم يكونوا هم الذين خلقوا أنفسهم وتحقق أنهم لم يخلقوا من غير شيء، تعين أنهم خلقوا من شيء وأن لهم خالقاً خلقهم، ويستدل بهذا على الطبائعيين الدهريين، والذين يسمون في هذه الأزمنة بالشيوعيين الذين ينكرون الخالق، وقديماً كانوا يسمون بالطبائعيين، ومنهم الفلاسفة الطبائعيون، فهناك فلاسفة يقرون بالخالق ويسمون الفلاسفة الإلهيين.

فهؤلاء جميعاً يحتج عليهم بالعقل فيقال: هذه الموجودات نشاهد أنها كانت معدومة ثم وجدت، فلا بد لها من موجد، نشاهد مثلاً: أن السماء ليس فيها سحاب ثم يتراكم فيها السحاب، فلا بد له من موجد، ونشاهد أن الأرض تكون يابسة ثم نشاهدها بعد ذلك تهتز خضراء وفيها أشجار وثمار، فلا بد لها من موجد، ونشاهد مثلاً أن الإنسان يكون صغيراً ثم نشاهده بعد ذلك قد حصل له أولاد وصاروا بجانبه، لقد كانوا معدومين ثم وجدوا، فلا بد لهم من موجد، وهكذا توالد الحيوانات والدواب ونحوها لا بد لها من موجد، فإن الإنسان ليس هو الذي يوجد نفسه، وليس هو الذي يخلق أولاده، ولو كان هو الذي يتصرف بنفسه لحرص على أن يكون خلقه أحسن من خلق غيره، ولو كان هو الذي يوجد ولده لحرص على أن يكون أولاده ذكوراً أو نحو ذلك، فتعين أن هناك خالقاً يتصرف في هذا الكون، فهو الذي يعطي ويمنع، يصل ويقطع، يخفض ويرفع، يسعد ويشقي، يفقر ويغني.

فإذاً لا بد أن هذه الموجودات تنتهي إلى موجد، وذلك الموجد لا بد أن يكون غنياً بنفسه، وأن ما سواه فقير إليه، وهذا الوصف هو وصف الخالق تعالى، قال عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر:15-17]، أي: ليس ذلك شاقاً ولا صعباً على الله، بل هو سهل يسير:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] .

ص: 3