الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ -
كتاب البيوع (6)
باب: الحكرة والتربص
- باب: ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه - باب: ما لا يجوز من بيع الحيوان.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحكرة والتربص
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: لا حكرة في سوقنا، لا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا، ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف فذلك ضيف عمر، فليبع كيف شاء الله، وليمسك كيف شاء الله.
وحدثني عن مالك عن يونس بن يوسف عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- مر بحاطب بن أبي بلتعة -رضي الله تعالى عنه-، وهو يبيع زبيباً له بالسوق، فقال له عمر بن الخطاب: إما أن تزيد في السعر، وإما أن ترفع من سوقنا.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- كان ينهى عن الحكرة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحكرة: من الاحتكار، وليست هي المصدر، احتكر يحتكر احتكاراً، فالحكرة اسم المصدر، وهي التربص بالسلعة حتى يرتفع ثمنها، وعطف التربص على الحكرة من باب عطف التفسير لا أكثر ولا أقل، ولا معنى للتربص غير الاحتكار، والتربص: هو الانتظار {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [(228) سورة البقرة] يعني ينتظرن، وهذا يتربص بسلعته وينتظر حتى يرتفع ثمنها.
قال رحمه الله: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: لا حكرة في سوقنا" كان يمنع الاحتكار "لا حكرة في سوقنا، لا يعمد -لا يقصد- رجال بأيديهم فضول من أذهاب" جمع ذهب كسبب وأسباب "فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا" يعني يحبسونه مخازنهم ومستودعاتهم ومحالتهم حتى يرتفع الثمن، فيستغلوا حاجة الناس فيرفون عليهم الأسعار، فيحتكرونه علينا حتى يغلوا ويرتفع السعر ثم يبيعون، ولا شك أن هذا فيه إضرار بالناس، وفيه ما يدل على الشح، ولذا منعه عمر رضي الله عنه، وجاء فيه من الأحاديث ما جاء، حديث عمر:((من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس)) رواه ابن ماجه، قال في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله موثقون، ولابن ماجه والحاكم من حديث عمر -رضي الله تعالى عنه- أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون)) لكن هذا الحديث ضعيف، في إسناده علي بن زيد بن جدعان ضعيف، المقصود أن الاحتكار فيه الحديث الأول ((ضربه الله بالجذام والإفلاس)).
طالب:. . . . . . . . .
نعم ((من احتكر طعاماًً فهو خاطئ)) هذا في صحيح مسلم، المقصود: أن الاحتكار لا يجوز، لما فيه من الإضرار بالمسلمين.
"لا حكرة في سوقنا، ولا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا" وهل تختلف السلع فيجوز في بعضها دون بعض؟ فما يحتاجه المسلمون، وما يضطرون إليه مثل هذا لا ينبغي أن يختلف فيه، وأما ما هو من الكماليات بحيث لا تشتد الحاجة إليه، ولا يشق تركه فمثل هذا الأمر فيه أخف، لكن يبقى أن استغلال حاجات المسلمين بلا شك خطأ، وأقل أحواله الكراهية الشديدة، والاحتكار موجود في أسواق المسلمين على صور شتى، يعني صور متعددة، وفي جل السلع ينتظر يخزن وليس بحاجة إلى قيمة هذه السلع فيخزنها، سواء كانت من المطعومات، أو من الملبوسات، أو من المركوبات، أو حتى من الكتب، أحياناً تخزن الكتب، فينتظر فيها نفاد ما في السوق لترفع أسعارها، والناس بحاجة، طلاب العلم بحاجة ماسة إلى الكتب، ولا شك أن هذا ضرب من الاحتكار.
"ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف" يعني على عمود كبده يعني على ظهر دابته ذات الكبد، على ظهر دابته ذات الكبد في الشتاء والصيف، هذا ينقل السلع على دابة، وفي شدة الحر وشدة البرد، والحاجة هنا تكون أشد "ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف فذلك ضيف عمر" مثل هذا أيضاً لا يستغل، إن قال هذا طارئ، جاءه على دابته، ومعه سلعته، مثل هذا لا يظلم ولا يضار لأنه محتاج إلى الرجوع إلى أهله، فتشترى منه سلعته بثمن بخس، تستغل حاجته، يعني المسألة ذات شقين لا ضرر ولا ضرار، إمساك السلع إلى أن يحتاج الناس إليها والإضرار بهم هذا ممنوع، أيضاً بعد إلجاء البائع إلا أن يبيع بسعر زهيد هذا أيضاً ممنوع، فهذا الذي جاء على عمود كبده وعلى ظهر دابته له أن يمسك، لا يقال: لا تحبسها إلى الغد أو إلى ما بعد غد تنتظر ارتفاع السعر، هذا احتكار، هذا ليس باحتكار لئلا يضطر أن يبيع بثمن أن يتضرر به، يقول:"فذلك ضيف عمر، فليبع كيف شاء الله" ما عليه أن ينتظر، وما عليه إن يمسك حتى يصل إلى السعر الذي يريده، وليس هذا من الاحتكار قال:"وليمسك كيف شاء الله" لئلا يمتنع الناس عن الجلب، فيتضرر الناس كلهم، الآن في بعض الأوقات في بعض أنواع الخضار والفواكه تجلب قيمتها لا تساوي أجرة نقلها من المزرعة إلى السوق، فمثل هذا لو انتظر في سلعته إلى أن يرتفع سعرها قليلاً، لترد عليه أقل الأحوال ما صرفه عليها، هذا ما يقال فيه شيء، تأتي السيارة محملة بالبصل مثلاً، متعوب عليه مزروع مدة طويلة، ومنتظر وملقوط من الأرض ومصروف عليه مواد ومكيس ومعلب، وفي السيارة
…
الكيس بنصف ريال أقل من ثمن الكيس الفارغ، هذا لو تأخر به، وانتظر إلى أن يصل إلى سعر بحيث لا يضر بالناس هذا ما فيه إشكال، ما يقال: والله هذا محتكر البصل أو محتكر الطماط، نعم الطماطم هذا يرتفع من ريال الصندوق إلى عشرين وثلاثين وأكثر من ذلك، فمثل هذا لو تأخر به إلى أن يصل إلى حد لا يتضرر هو ولا يضر به غيره حينئذٍ لا بأس -إن شاء الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك عن يونس بن يوسف بن حماس" هذا وثقه ابن حبان وهو من العباد "عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة" البدري المشهور توفي سنة ثلاثين "وهو يبيع زبيباً له بالسوق، بأرخص مما يبيع الناس" يبيع حاطب بأرخص مما يبيع الناس "فقال له عمر -رضي الله تعالى عنه-: إما أن تزيد في السعر" فتبيع بمثل ما يبيع أهل السوق "وإما أن ترفع من سوقنا" يعني ابحث عن سوق ثاني، لماذا؟ لئلا يضر بأهل السوق، فالمسألة لا بد فيها من التوازن، والنظر في مصلحة جميع الأطراف، وهذا يفعله بعض التجار الآن ليضرب المحلات الأخرى، ينزل لو خسر، من أجل إيش؟ التاجر اللي ما يتحمل يمشي، وهذا نوع من الإضرار يمنع، ولذا عمر -رضي الله تعالى عنه- قال لحاطب: إما أن تزيد في السعر تبيع مثل الناس، وإما أن ترفع من سوقنا، ابحث لك عن سوق ثاني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا عمر رضي الله عنه يتابع بدقة، هذا شأنه، هذه وظيفة الإمام، هذه من وظائف الإمام النظر في مصالح المسلمين، لا بد منها، وهي أمانة في عنقة، إن استطاع بنفسه وإلا يوكل من يقوم بها، يكلها إلى من يقوم بها، لكن مثل هذه السياسة من عمر -رضي الله تعالى عنه- كأنه في عصرنا، يعني إذا أرادوا إسقاط تاجر من التجار تواطئوا عليه، وتشاركوا في سلعة من السلع، وباعوها بنصف الثمن، ويعرفون أن هذا التاجر، هذه السلعة تؤثر عليه، وقد يشترون هذه السلعة منه، يجتمع أهل المكتبات مثلاً إذا أرادوا إسقاط مكتبة، وهذا ناشر نشر كتاب، فاشتروا منه كمية كبيرة وباعوها بنصف القيمة، بخسارة، ثم فعلوا بالكتاب الثاني كذلك، والثالث كذلك، وتكدست الكتب عنده فاضطر أن يبيعها بخسارة، ثم بعد ذلك يغلق محله، وهذا حصل في الكتب وفي غيرها من التجارات، فالذي يضر بالناس سواء رفع السعر أو نزل السعر مثل هذا يمنع، نظير ذلك
…
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا عرف القصد، وأن قصدهم إسقاط فلان، أو الإضرار بفلان صار شريكاً لهم، أما إذا وجد السلعة تباع برخص، ولا يعرف قصدهم، فهذا لا يلام على ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا ترتب عليه الإضرار بالآخرين يمنع، نظير ذلك المرور يمنعون الذي تزيد سرعته على السرعة المحددة، إذا زادت السرعة مثلاً في الدائري حاطين مائة وعشرين، إذا زاد مشى مائة وأربعين مسكوه وغرموه، لكن ماذا عن اللي يمشي أقل، ويسبب حوادث؟ لأن بعض الناس إذا مشى ثمانين والناس يمشون مائة وعشرين أربكهم، إذا علم أن كونه يأخذ باليمين مع الترلات ومع السيارات الكبيرة بكيفه، لكن يمشي مع الخط الأيسر ويمشي ستين أو أربعين هذا يضر بالناس، مثل هذا يمنع وإلا ما يمنع؟ نظير ما عندنا، هذا يضر بالناس.
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا الأصل؛ لأنه يضر بالناس، يربكهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هم قالوا: سمع من العشرة، لكن لا يثبت سماعه من أبي بكر بلا شك، وعمر مسألة خلافية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هو ما ذكر سماعه، عمر يحكي القصة فقط، سعيد يحكي القصة، عن سعيد بن المسيب أن عمر مر، ما يلزم أن يكون سمعه، والاحتمال قائم، لكن هو يحكي القصة، وحتى مراسيل سعيد قوية عند أهل العلم، ولائق بعمر مثل هذا، لائق بسياسته، ما يسعر الإمام التسعير أيضاً ممنوع، وفيه إضرار ببعض الناس، لكن يراقبهم، الذي يزيد زيادة فاحشة يمنعه، والذي ينزل زيادة فاحشة أيضاً يراقب الأسواق، نعم لكن احتمال أن يكون رفع السعر فالمماكسة ما فيها إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
إي صحيح بعض الناس لو تقول له: بريال قال: نزل، ولو تقول له: بمائة قال: نزل، طبع عنده هذا، وإن قلت له بالثمن الأقل ما جادت نفسه أن يدفع بسرعة، وقد يتهم السلعة، وقد يتهم صاحبها، ويقول
…
، الناس القلوب تغيرت،. . . . . . . . . يحصلون على ما يريدون، إي؛ لأن الأسعار حتى الأدوية متفاوتة، بعض المحلات بأربعين تجده بخمسين عند آخرين، هو دواء علاج واحد، جاي من شركة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هذا موجود، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يطبعونه هم يا رجال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا موجود، علاج يوجد في صيدلية بأربعين، وفي أخرى بخمسين، يوجد ثمانية وأربعين سبعة وأربعين لكن الأدنى أربعين والأعلى خمسين، هذا موجود، ووقع لنا ولغيرنا.