الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الموطأ -
كتاب البيوع (12)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وهذا يقول: يستدل الذين يجوزون المشاركة في الأسهم المختلطة بقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [(275) سورة البقرة] وقوله: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} المقصود منه حرم الزيادة والعقد صحيح، وهذا قول الحنفية؟
هذا القول في غاية السقوط؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه)) الكتابة والشهادة تكون مع العقد، إذاً التحريم للعقد، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر برد التمر الذي جرى فيه الربا ففي رواية مسلم:((فردوه)) هل هذا يدل على صحة العقد أو على بطلانه؟ وهو مردود على قائله كائناً من كان، فالعقد باطل، وأما ترك الزيادة التي هي الربا فهي من تمام التوبة، إذا تاب الإنسان وأقلع وندم وعزم على أن لا يعود لا يأخذ الزيادة، لا يجوز له أن يأخذ الربا، أما الشروط كلها ولا واحد متوافر ويقول: نتخلص من الزيادة ما هو بصحيح؛ لأن التخلص عند أهل العلم من تمام التوبة، وأهم منه استكمال شروطها التي هي:
الإقلاع فوراً، والندم على ما فات، والعزم على أن لا يعود، والذي يتعامل بهذه المعاملات ولا شرط واحد يتحقق فيه، بل هو يعمل بنية الاستمرار.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزيه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: البيع على البرنامج
قال مالك: الأمر عندنا في القوم يشترون السلعة البز أو الرقيق فيسمع به الرجل فيقول للرجل منهم البز الذي اشتريت من فلان قد بلغتني صفته وأمره، فهل لك أن أربحك في نصيبك كذا وكذا، فيقول: نعم، فيربحه، ويكون شريكاً للقوم مكانه، فإذا نظر إليه رآه قبيحاً واستغلاه.
قال مالك رحمه الله: ذلك لازم له ولا خيار له فيه إذا كان ابتاعه على برنامج وصفة معلومة.
قال مالك في الرجل يقدم له أصناف من البز، ويحضره السوَّام، ويقرأ عليهم برنامجه، ويقول: في كل عِدل كذا وكذا ملحفة بصرية، وكذا وكذا ريطة سابرية، ذرعها كذا وكذا، ويسمي لهم أصنافاً من البز بأجناسه ويقول: اشتروه مني على هذه الصفة، فيشترون الأعدال على ما وصف لهم، ثم يفتحونها فيستغلونها ويندمون، قال مالك: ذلك لازم لهم إذا كان موافقاً للبرنامج الذي باعهم عليه.
قال مالك: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا يجيزونه بينهم إذا كان المتاع موافقاً للبرنامج ولم يكن مخالفاً له.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: البيع على البرنامج
سبق الكلام على البرنامج، وأنه هو والأنموذج والعينة سواء، إذا باع على الأنموذج، على العينة، أو على الوصف الدقيق الذي لا يختلف لزم البيع، ما دام الوصف مطابقاً، أما إذا اختلف الوصف فالخيار خيار خلف الصفة ثابت.
"قال مالك: الأمر عندنا في القوم يشترون السلعة البز أو الرقيق فيسمع به الرجل" يسمع بهم شخص "فيقول لرجل منهم: البز الذي اشتريته من فلان قد بلغني صفته وأمره" بحيث لا يخفى عليه منه شيء "فهل لك أن أربحك في نصيبك كذا وكذا" فيدخل -كما يقول العوام- مدخاله، يكون شريكاً للقوم مكانه، وهذا يأخذ المكسب ويمشي، والمرابحة التي سبقت يأتي صاحب السلعة فيقول للمشتري: أعطني ربحاً مقداره كذا وكذا فيلزم البيع، وهنا المشتري هو الذي يقول:"أربحك بنصيبك كذا وكذا، فيقول: نعم فيربحه، ويكون شريكاً للقوم مكانه، فإذا نظر إليه رآه قبيحاً واستغلاه" هل كونه رآه قبيحاً لأنه اختلف عما وصف له؟ لا، ما اختلف، لكن ليس الخبر كالعيان، مهما بلغ الوصف من الدقة، فإنه لا يفيد ولا يقوم مقام الرؤية، فإذا وصف وصفاً دقيقاً ووجد مطابقاً للوصف؛ لأنه قد يوصف لك شيء وأنت في نفسك شيء آخر، أنت متخيل ما دام جاء من تلك الجهة قيل لك هذا الجهاز أمريكي أو إنجليزي أو ياباني متصور أنه في أعلى درجات الجودة، ووصف لك الذي اشتراه، قال: فيه كذا وفيه كذا، ويشتمل على كذا وكذا، لكن فوجئت أن الجودة العامة أقل من الذي توقعت، والأوصاف كلها منطبقة التي ذكرت لك، يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:"ذلك لازم له، ولا خيار له فيه، إذا كان ابتاعه على برنامج وصفة معلومة" هذا الذي اشتراه على الوصف، أما إذا اشتراه على البرنامج فالبرنامج لا يختلف، نعم رؤية القليل تختلف عن رؤية الكثير، رؤية الأجزاء تختلف عن رؤية المركب، أعطاك برنامج، أنموذج لرخام، وأعجبتك باعتبارها قطعة، لكن رأيته على الطبيعة مركب على بيت كامل، مستواه أقل، يصير وإلا ما يصير؟ أو العكس أحياناً يكون الأنموذج أقل من رؤيته متكاملاً، فلما رأيت القطعة أعجبتك واشتريت عليها بموجبها، يلزمك البيع والقطعة ما اختلفت، لكن أنت لما رأيته مركب بالجملة، تركيب واحدة جنب الأخرى يختلف عن كونها قطع يسيرة.
يقول: ذلك لازم له ولا خيار له فيه، إذا كان ابتاعه على برنامج وصفة معلومة.
"قال مالك في رجل يقدم له أصنافاً من البز" أصناف متنوعة "ويحضره السوَّام ويقرأ عليهم برنامجه" أصناف، وأهل البز عندهم كتالوجات مثل أهل الفرشات وغيرهم، ويوريك الكتالوج، وذكرنا بالأمس أنه إذا رأيت الكتلوج ورأيت الرسمة في هذه القطعة التي وضعت في الكتلوج تعجبك، لكن أحياناً تصير بجانب رسمة أخرى في القطعة الكبيرة فلا تعجبك، أو العكس أحياناً تكون بمفردها ما تشد النظر، لكن لما تكون مع غيرها تلفت النظر ويكون منظرها أجمل.
وعلى كل حال أنت رأيت الأنموذج، وأقدمت عليه، وأنه نفس النوعية، ونفس الخامة ما اختلفت، إذاً يلزمك، "ويحضره السوَّام، ويقرأ عليهم برنامجه، ويقول: في كل عِدل كذا وكذا" في كل كيس في كل كرتون "ملحفة بصرية" في عشرين ملحفة بصرية، وثلاثين ريطة سابرية، الملحفة الملاءة التي يلتحف بها، الجلالة التي شبيه بجلال النساء التي يستعملنها في الصلاة قريباً منها، بصرية، أي نسبة إلى البصرة، البلد المعروف، الريطة الثياب الرقيقة الخفيفة، وسابرية نسبة إلى سابور من بلاد فارس، سابور وقد يقال لها: نيسابور.
"ذرعها كذا وكذا" ويسمي لهم أصنافاً من البز بأجناسه "ويقول: اشتروا مني على هذه الصفة، فيشترون الأعدال على ما وصف لهم، ثم يفتحونها فيستغلونها ويندمون" يستغلونها، إيش معنى يستغلونها؟ يَسْتغْلونها، أي يستكثرون ثمنها، وإن قيل: يستغلونها ينظرون في غلتها وربحها ويرون أنها لا تربح ولا تكسب فيندمون على إثر ذلك.
قال مالك: ذلك لازم لهم إذا كان موافقاً للبرنامج الذي باعهم عليه.