المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما لا يجوز من السلف - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١١٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما لا يجوز من السلف

"إذا لم يكن ذلك على شرط منهما أو عادة، فإن كان ذلك على شرط أو وأيٍ" يعني وعد، قال: أقرضني وأزيدك، يعني ما كتبوا في العقد: أنه يقرضه مائة ويزيده عشرة، إنما مجرد وعد، قال: أقرضني وأرضيك، قد يقولها بعض الناس، أقرضني وأرضيك، فإذا كان لا يقرضه إلا من أجل هذه المواعدة فإنه لا يجوز؛ لأن هذا القرض قد جر نفعاً.

"فإن كان ذلك على شرط أو وأي أو عادة فذلك مكروه، ولا خير فيه" لكنه المراد بالكراهة هنا التحريم.

قال: "وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم" يستدل بالحديث رحمه الله "قضى جملاً رباعياً خياراً مكان بكر استسلفه، وأن عبد الله بن عمر استسلف دراهم فقضى خيراً منها" استدل بالحديث المرفوع، واستدل بالأثر على عادته رحمه الله؛ ليبين أن المرفوع محكم غير منسوخ "فقضى خيراً منها، فإن كان ذلك على طيب نفس من المستسلف، ولم يكن ذلك على شرط ولا وأي ولا عادة كان ذلك حلالاً لا بأس به" نعم إذا كان لديه مال لا أثر له في الدين، يعني شخص مطلوب مائة ألف، ويستطيع أن يحج بألف ولو ذهب بهذا الألف إلى الغارم إلى الدائن ما قبله، مثل هذا لا يؤثر في حجه.

طالب:. . . . . . . . .

لا، مثل هذا لا يلزمه الحج ولا يحج؛ لأنه لا يسلم من المنة، نعم.

‌باب: ما لا يجوز من السلف

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في رجل أسلف رجلاً طعام على أن يعطيه إياه في بلد آخر، فكره ذلك عمر بن الخطاب وقال: فأين الحمل؟ يعني حملانه.

وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً أتى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أسلفت رجلاً سلفاً واشترطت عليه أفضل مما أسلفته، فقال عبد الله بن عمر: فذلك الربا، قال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ فقال عبد الله: السلف على ثلاث وجوه: سلف تسلفه تريد به وجه الله، فلك وجه الله، وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك، وسلف تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب ....

فلك وجه صاحبك.

أحسن الله إليك.

ساقطة عندنا.

وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك.

أحسن الله إليك.

ص: 17

وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك، وسلف تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب فذلك الربا، فقال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أرى أن تشق الصحيفة، فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلته، وإن أعطاك دون الذي أسلفته فأخذته أجرت، وإن أعطاك أفضل مما أسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر شكره لك، ولك أجر ما أنظرته.

وحدثني مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه.

وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط أفضل منه، وإن كانت قبضة من علف فهو ربا.

قال مالك رحمه الله: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من استسلف شيئاً من الحيوان بصفة وتحلية معلومة فإنه لا بأس بذلك، وعليه أن يرد مثله، إلا ما كان من الولائد فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل فلا يصلح، وتفسير ما كره من ذلك أن يستسلف الرجل الجارية فيصيبها ما بدا له، ثم يردها إلى صاحبها بعينها، فذلك لا يصلح ولا يحل، ولم يزل أهل العلم ينهون عنه، ولا يرخصون فيه لأحد.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد ما ذكر ما يجوز من السلف أردف ذلك بما ما لا يجوز من السلف، وهو ما تضمن شرطاً ينتفع به المقرض، سواء كان في زيادة قدر ما اقترضه عند الوفاء، أو في وصفه، أو أي شيء يستفيد منه هذا المقرض.

يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال في رجل أسلف رجلاً طعاماً على أن يعطيه إياه في بلد آخر" يستفيد وإلا ما يستفيد؟ يستفيد، يستفيد حملانه بدل ما يؤجر عليه يُحمل إلى البلد الذي اشترط الوفاء به سقطت عنه هذه الأجرة، فهو مستفيد "على أن يعطيه إياه في بلد آخر، فكره ذلك عمر بن الخطاب، وقال: فأين الحمل؟ يعني حملانه" يعني الأجرة؟ لو قال: أقرضتك مائة صاع من التمر هنا بالرياض على أن تسلمني إياها في رمضان بمكة، أين الحملان؟ هو الآن استفاد، لكن لو قال: إنها تحمل إلى مكة بمائة ريال وهذه مائة ريال مقدمة مع القرض.

أيضاً ما زال المسألة فيها خدمة، وهو أنه يذهب ويحضر سيارة، ويحضر ما تحمل عليه، فأيضاً مثل هذا لا يسوغ.

ص: 18

في آخر كتاب القرض من الزاد وشرحه وحاشيته قال في عبارة: "ما لم تكن قيمة القرض في بلد القرض أنقص" نعم استدرك الشارح، وقال:"الصواب ما لم تكن أكثر" ثم المحشي استدرك على الشارح في مسألة في غاية الدقة والغموض، فنريد من الإخوان أن يراجعوها، ويحرروا هذه المسألة، ويتأنوا في فهمها؛ لأنها ما تفهم بسرعة، يعني هي موجودة في الزاد وشرحه الروض والحاشية، الزاد انتقده الشارح، والمحشي انتقد الشارح، وهو يتعلق بهذا، اشترط أن يسدد القرض في بلد آخر، فإذا كنت القيمة في بلد القرض أنقص أو في البلد القرض أكثر، أيهما أولى بالقبول؟ ننظر المسألة يوم الاثنين -إن شاء الله تعالى-.

قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً أتى عبد الله بن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن إني أسلفت رجلاً سلفاً واشترط عليه أفضل مما أسلفته، فقال عبد الله بن عمر: فذلك الربا" لأنه قرض جر نفعاً "قال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ فقال عبد الله: السلف على ثلاثة وجوه" إذا كنت تريد وجه الله فلك الأجر والثواب من الله -جل وعلا-، وإن كنت تريد وجه صاحبك، يعني تبذل معروف في شخص لا تنوي به التقرب إلى الله -جل وعلا- فلك ما أردت من صاحبك، وإن كنت تريد غير ذلك، ولذلك قال: خبيثاً بطيب فذلك الربا.

"قال عبد الله: السلف على ثلاث وجوه: سلف تسلفه تريد به وجه الله فلك وجه الله"((وإنما لكل امرئ ما نوى)) "وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك، وسلف تسلفه لتأخذ خبيثاً بطيب فذلك الربا" تأخذ أفضل مما دفعت تشترط ذلك؛ لأنه قال في السؤال: واشترط عليه أفضل مما أسلفته هذا هو الربا.

ص: 19

"قال: فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن؟ قال: أرى أن تشق الصحيفة" الوثيقة التي كتب فيها هذا القرض مزقها؛ لأنك لو تركتها ثم جاء وقت السداد تكون نسيت، أو يرثها عنك من يطالب الغريم بالأفضل فتكون التبعة عليك، أنت الذي أبرمت العقد، فيقول:"أرى أن تشق الصحيفة" طيب احتمال أن ينكر المقترض إذا شقت الصحيفة، إنكار المقترض أسهل من أن يقع في الربا، أسهل من أن يقع في الربا، ولذا يقول بعض المتساهلين في الفتاوى يقول: تعامل بربا، وسدد ديونك، أنا أقول: لا يسدد الديون ويبقى مدين إلى أن يموت أو يموت وهو مدين أفضل من أن يأكل الربا، نسأل الله السلامة والعافية.

"أرى أن تشق الصحيفة فإن أعطاك مثل الذي أسلفته قبلته، وإن أعطاك دون الذي أسلفته فأخذته أجرت" دون وقبلت أجرت لأنه من حسن الاقتضاء "وإن أعطاك أفضل مما أسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر" لأن الشرط الذي اشترطه عليه ألغيته بقطع الصحيفة، لكن لا بد أن يكون الطرف الثاني على علم بذلك؛ لئلا يستصحب الشرط السابق "ولك أجر ما أنظرته" يعني ما أخرت عليه الطلب.

قال: "وحدثني مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط إلا قضاءه" لأنه لو اشترط قدر زائد على ذلك لكان من القرض الذي جر نفعاً.

قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول: من أسلف سلفاً فلا يشترط أفضل منه" مثل كلام ابن عمر "وإن كانت قبضة من علف فهو ربا" يعني ولو كان شيئاً يسيراً، والربا لا يتسامح في شيء منه قل أو كثر، ولذا يخطئ من يقول: إنه يتجاوز عن يسيره كيسير النجاسة.

أولاً: من قال: إن النجاسة المغلظة

، الربا من أشد أنواع المحرمات فهو مغلظ، فالمغلظ من قال: إنه يتجاوز عن يسيره؟ يعني أليس عند الحنابلة والشافعية أن ما لا يدركه الطرف من النجاسة لا يعفى عنه، ما لا يدركه الطرف فكيف يعفى عن يسيره؟ فقياس مع الفارق، ولا وجه له في هذا الباب "وإن كان قبضة من علف فهو ربا".

ص: 20

"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من استسلف شيئاً من الحيوان بصفة وتحلية معلومة فإنه لا بأس بذلك" يعني عليه أن يصف ما أقرضه وصفاً دقيقاً ليأخذ مثله "فإنه لا بأس بذلك، وعليه بأن يرد مثله إلا ما كان من الولائد فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل" يعني اقترض جارية، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

الذريعة إلى إحلال ما لا يحل، كيف يقترض وليدة ويشترط رد مثلها؟ لأن القرض ليس ببيع، فلا تكون ملك يمين بمجرد القرض، نعم "فلا يصلح".

"وتفسير ما كره من ذلك أن يستسلف الرجل الجارية فيصيبها ما بدا له، ثم يردها إلى صاحبها بعينها" لأن الأصل في القرض أن ترد العين، وهو في القرض ما ملك اليمين، ما ملك هذه الجارية بملك يمين، فلا يجوز له أن يطأها "فذلك لا يصلح، ولا يحل، ولم يزل أهل العلم ينهون عنه، ولا يرخصون فيه لأحد".

اللهم صل على محمد

ص: 21