الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدخل أضغاث أحلام في رأسه، وتوهَّمَ أنه يعرف شيئاً وهو يجهله، وكل منهم إذا درس في أحدى لغات الشرق أو ترجم شيئاً منها تراه يخبط فيها خبط عشواء، فما اشتبه عليه منها رقعه من عنده بما شاء، وما كان بين الشبهة واليقين حدس فيه وخَمَّنَ فرجَّح منه المرجوح، وفضَّل المفضول».
وفي الحق أنَّ كلاً من الثناء المطلق والتحامل المطلق يتنافى مع الحقيقة التاريخية التي سجَّلها هؤلاء المُسْتَشْرِقُونَ فيما قاموا به من أعمال، وما تطرَّقوا إليه من أبحاث، ونحن من قوم يأمرهم دينهم بالعدل حتى مع أعدائهم {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (1).
تاريخ الاستشراق:
لا يعرف بالضبط من هو أول غربي عني بالدراسات الشرقية ولا في أي وقت كان ذلك ولكن المؤكَّد أنَّ بعض الرهبان الغربيِّين قصدوا الأندلس في إبَّان عظمتها ومجدها، وتثقَّفُوا في مدراسها، وترجموا القرآن والكتب العربية إلى لغاتهم، وتتلمذوا على علماء المسلمين في مختلف
(1)[المائدة: 8].
العلوم وبخاصة في الفلسفة والطب والرياضيات ..
ومن أوائل هؤلاء الرُهبان، الراهب الفرنسي «جربرت» Jerbert الذي انتخب بَابَا لكنيسة روما عام 999 م بعد تعلُّمه في معاهد الأندلس وعودته إلى بلاده، و «بطرس المحترم» 1092 - 1156 Pierre Aénéré و «جيرار دي كريمون» 1114 - 1187 Gérard de Grémone .
وبعد أنْ عاد هؤلاء الرهبان إلى بلادهم نشروا ثقافة العرب ومؤلَّفات أشهر علمائهم، ثم أسست المعاهد للدراسات العربية أمثال مدرسة «بادوي» العربية، وأخذت الأديرة والمدارس العربية تدرس مؤلفات العرب المترجمة إلى اللاتينية - وهي لغة العلم في جميع بلاد أوروبا يومئذٍ - واستمرَّت الجامعات العربية تعتمد على كتب العرب وتعتبرها المراجع الأصلية للدراسة قرابة ستة قرون.
ولم ينقطع منذ ذلك الوقت وجود أفراد درسوا الإسلام واللغة العربية، وترجموا القرآن وبعض الكتب العربية العلميَّة والأدبية، جتى جاء القرن الثامن عشر - وهو العصر الذي بدأ فيه الغرب في استعمار