المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في كراء الأرض - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٢٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في كراء الأرض

لو افترضنا أن هذه أرض مساحتها عشرة آلاف، عشرين ألف لزيد من الناس، فجاء إلى عمرو فقال: هذه الأرض جالسة وأنت جالس ما عندك عمل، وعندك خبرة بالزراعة، لماذا لا نتفق على أن تعمل في هذه الأرض، ويكون لك نصيب من ريعها، ولنا النصيب الآخر على أن يكون لي الجهة الغربية، أو الجهة الشمالية، أو الشرقية، أو نحو ذلك، ولك الباقي؟ أو يشترط العامل جهة من الجهات معينة مثل هذا عليه تتنزل أحاديث المنع؛ لأنه لو اشترط الجهة الشمالية وقدر الله -جل وعلا- أنها ما أنتجت شيئاً يتضرر، بينما الإنتاج كله في الجهة الجنوبية أو العكس، فيتضرر أحدهما إما العامل أو رب الأرض، والشرع يلاحظ مصالح الجميع، لا يكون ربح صاحب الأرض على حساب العامل ولا العكس، لكن إذا قال: تعمل في هذه الأرض المعروفة الحدود على أن يكون لك النصف مما تخرج ولي النصف، هل يتضرر أحدهما بكون الجزء الشمالي ما أنتج دون الآخر؟ ما يتضرر، يكون الربح والغنم والغرم على حد سواء، لو قدر أنها كلها ما أنتجت شيء، يتضرران جميعاً، وإذا قدر أنها أنتجت أضعاف ما يتوقع إنتاجه يربحون جميعاً، ولكن لا يكون ربح أحدهما على حساب الآخر، وعلى هذا تتنزل أحاديث الإذن بكراء الأرض، وعلى هذا أحاديث الإذن تتنزل، فإذا علم علمت النسبة لا بد أن تعلم النسبة، أن يكون لك النصف، الثلث، الربع، لا مانع، لكن أن هذا الجزء المعلوم نسبته مشاع، لا يكون محدد المكان، إنما يكون مشاعاً في الأرض بحيث إذا جاء الجذاذ وجذت وحصدت الزروع، وصفيت وبيعت يقتسمان القيمة، أو يقتسمان النتاج قبل بيعه، على ما يتفقان، المقصود أنه لا يتضرر أحدهما على حساب الآخر، ولا ينتفع الثاني على حساب صاحبه، وإنما يكون النفع مشاع، والوضيعة مشاعة بينهم.

‌باب: ما جاء في كراء الأرض

الكراء: التأجير، والتأجير إنما يكون بالذهب والورق، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا الذي ملك الأرض ملكها بماله أو بالإقطاع؟ لا بماله ليس لأحد كلام، هو حر في ماله، يتصرف فيه كيف يشاء.

ص: 7

أما إذا ملكها بالإقطاع والإقطاع لا يملك إلا بالإحياء، ومسألة الهبة من ولي الأمر لهذه الأراضي لا يثبت الملك التام إلا بالإحياء، وأما مجرد الهبة والعطية من ولي الأمر إنما تفيد الاختصاص، فله أن ينزعها متى شاء، أما أن يفرض عليه أموال وضرائب فلا.

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال، إما أن يأجرون بالذهب والدنانير بالذهب والورق، وقد يكون من باب المشورة عليهم، والمهاجرون مضطرون إلى هذا الأمر، تركوا ديارهم وأموالهم لله، لا بد من التعويض، فلا يمكن أن يقاس عليهم غيرهم، وإذا نسخ هذا الحكم انتهى ما يبقى حكم، يعني هذا كان في أول الأمر.

طالب:. . . . . . . . .

لا لا، ما يلزم أحد بغير ما يلزمه بالشرع، أبداً، ولا يتدخل في أموال الناس الخاصة، إلا إذا اقتضته المصلحة العامة، هذا شخص عنده أرض اقتضت المصلحة العامة أن تكون مسجد، ولا يوجد غيرها، ولا أنسب منها، أو مقبرة، أو شارع يوسع للمسلمين، هذا كله لولي الأمر أن يتصرف، أما ما عدا ذلك فلا.

يقول رحمه الله: "حدثنا يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزرقي عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع" وهذا يرد فيه ما قلناه، أولاً: من أن هذا كان العمل عليه في أول الأمر؛ لما هاجر النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام من مكة إلى المدينة، فمن باب الإرفاق بالمهاجرين الذين تركوا ديارهم وأموالهم لله عز وجل يعوضون بمثل هذا، فلا تكرى المزارع عليهم، وإنما يعملون بها، بدون مقابل، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، أو يقال: إن النهي يتجه إلى

، أن النهي يتجه ....

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

على الصورة الممنوعة، وأن يكون جزء معلوم المكان، محدد المكان، وإليه تشير الروايات التي في بعضها أنهم كانوا يشترطون ما كان على الجداول والماذيانات، فنهى عن كراء المزارع؛ لأنه قد ينتج هذا، ولا ينتج هذا، فيتضرر أحدهما دون الآخر.

قال حنظلة ....

طالب: الآن إذا عرف أن لهذا الحديث أطراف أخرى، بينت هذه الصور التي أرادها رافع، ما الداعي لحملها على النسخ إلا لمن لم تبلغه تلك الروايات.

ص: 8

إيه هذا قول من أقوال أهل العلم، لا بد من. . . . . . . . .، إيه، لا بد من ذكره.

"قال حنظلة: فسألت رافع بن خديج بالذهب والورق، فقال: أما بالذهب والورق فلا بأس به" الذهب والرق أجرة، إجارة هذه، وليس فيها غرر على أحد، أجرة العامل يأخذ بالشهر كذا، أو بالسنة كذا، من الذهب أو الورق، لا أحد يمنعه؛ لأن هذه إجارة، ومعلومة المقدار، قد يقول قائل: إنه بالذهب والورق يأتي الغرر أيضاً، قد لا تخرج هذه المزرعة شيء، فيتضرر رب المال الذي دفع الأرض ودفع الأجرة، نعم المقصود أنه أجرة عمله، أجرة عرقه مقابل تعبه، ولا يبخس منه شيء، وهم على شروطهم، وعلى ما اتفقا.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: سألت سعيد بن المسيب عن كراء الأرض بالذهب والورق، فقال: لا بأس به" لا إشكال في هذا، اللهم إلا على القول الأول، وأن النهي عن الكراء للإرفاق بالمهاجرين، فيدخل فيه أيضاً الذهب والورق، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، تأتي بعامل ليعمل لك هذا العمل براتب شهري قدره ألف ريال، وتقول له: على كل قطعة تنتجها ريال، نعم تأتي بمجلد تعطيه راتب ألف ريال، وتقول: لك على كل مجلد ريال، هذا الذي تريده؟

هذا من أجل الحث على كثرة العمل، ومتابعة الإنتاج، وهو من مصلحة العامل، ومن مصلحة صاحب العمل؛ لأنه إذا قلنا: له الراتب فقط، ما يجتهد مثل اجتهاده لو قيل له: لك على كل مجلد كذا، لكن ما المانع أن لا يجمع بينهما؟ يقول له: لك على كل مجلد تجلده ريالين، هذه أجرتك، ما في ما يمنع أبداً بدون أجرة، لكن الجمع بينهما؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا واضح، هذه المهنة واضحة، تأتي بمجلد راتبه ألف، ولا تعطيه على كل مجلد ريال، كم ينتج لك بالشهر؟ مائة مجلد مثلاً صح؟ مائة مجلد في الشهر، من ثلاثين بثلاثة آلاف، يأخذ ألف هو، والمحل يبي ألف، وكهرباء وتلفون، ويش يصفى لصاحب العمل؟ لكن لو قال له: هذا ألف شهري، وعلى كل مجلد ريال يبي ينتج كم؟ مائتين، بدل مائة، فكلهم يستفيدون، ولا شك أن هذا من باب التشجيع له، ما أرى ما يمنع من هذا أبداً.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 9

أقول: ما أرى ما يمنع من هذا -إن شاء الله تعالى-، الأسئلة كثيرة جداً، فلعلنا ننهي الباب، ونعود إلى الأسئلة.

"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالم بن عبد الله بن عمر عن كراء المزارع، فقال: لا بأس بها بالذهب والورق، قال ابن شهاب: فقلت له: أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع بن خديج" النهي عن كراء المزارع الحديث الأول "يذكر عن رافع بن خديج؟ فقال: أكثر رافع" يعني أكثر من ذكر الروايات التي تدل على المنع.

"قال ابن شهاب: فقلت له: أرأيت" وسالم بن عبد الله أحد الفقهاء السبعة "أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع بن خديج، فقال: أكثر رافع، ولو كان لي مزرعة أكريتها" يعني بجزء مشاع، مما يخرج منها بجزء معلوم النسبة، مشاع المكان، مشاع الجهة، لا مانع من ذلك على ما تقدم ذكره "ولو كان لي مزرعة أكريتها" هل هذا معاندة للحديث "نهى عن كراء المزارع"؟ لو كان لي مزرعة أكريتها، رافع بن خديج يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع، وسالم يقول: لو لي مزرعة أكريتها؟ نعم؟ لا شك أنه حمل النهي على صورة لا يريد مخالفته، وإنما ينوي عمل عملاً لا يخالف النهي، على ما تقدم تقريره.

"وحدثني مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف" أحد العشرة المشهود لهم بالجنة "تكارى أرضاً، فلم تزل في يديه بكراء حتى مات" تكارى أرضاً، يعني أخذها بجزء مما يخرج منها، مكثت في يديه حتى مات، كراء مزارعة.

"قال ابنه: فما كنت أراها إلا لنا" يعني ما كنت أظنها إلا أنها لنا، ما كنت أظنها إلا أنها لنا، يعني ما يدري أنها بكراء لطول المدة، يعني منذ ولد وهي بين أيديهم، يعني مثل بيت الصبرة، إن كان تعرفون الصبرة، بيت يؤجر مائة سنة، كل سنة بكذا، الأولاد عاشوا ومات الجيل الأول والثاني، الثالث ما يدرون، يحسبونها لهم؛ نعم لأنهم عاشوا وعاش آباؤهم وأجدادهم في هذا البيت، فهم يظنون أنها لهم لطول المكث فيها، وهي في الحقيقة بأجرة، لكنها طويلة الأمد، وكانت هذه معمول بها في نجد، وفي غيره، اللي هي الأجرة طويلة الأمد.

ص: 10

"قال ابنه: فما كنت أراها إلا لنا من طول ما مكثت في يديه حتى ذكرها لنا عند موته" لكن المزرعة ما هي مثل البيت، البيت قد تكون الأجرة أمرها يسير، خفي يخفى على الأولاد، إذا حلت ذهب بها وأعطاها صاحبها، لكن هذه مزرعة، يبي يجذ النخل، ويحصد الزرع، ويقسم قسمين، وهذا لرب المال، فلا بد أن يطلعوا عليه، نعم، فرق بينها وبين الأجرة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني كثرة أمواله تغطي على هذا الأمر "من طول ما مكثت في يديه"

أو لصغر سن الولد، بحيث لا يطلع على هذه الأمور "من طول ما كثت في يديه حتى ذكرها لنا عند موته" عند موته، قال: ترى الأرض ليست لنا، والمزرعة ليست لنا، وإنما في يدي مزارعة.

"فأمرنا بقضاء شيء كان عليه من كرائها ذهب أو ورق" يعني كأنهم استأجروها، لا بجزء مما يخرج منها، إنما استأجرها بالذهب والورق، تكارى أرضاً يعني بالأجرة بالمال، يدل على ذلك قوله:"فأمرنا بقضاء شيء كان عليه من كرائها ذهب أو ورق" ولا يمنع أن يكون كراؤها بجزء مما يخرج منها، وقال له صاحب الأرض: إن بعت نصيبك فبع نصيبي، أو شيء منه معه، وبقي عليه قيمة هذا المبيع دين في ذمته، ثم بعد ذلك قضاه عند موته، أوصى بقضائه.

"وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن كان يكري أرضه بالذهب والورق" عروة بن الزبير وهو أيضاً من الفقهاء، يكري أرضه بالذهب والورق، والذهب والورق لا إشكال فيه، ولا خلاف فيه.

"وسئل مالك عن رجل أكرى مزرعته بمائة صاع من تمر، أو مما يخرج منها من الحنطة، أو من غير ما يخرج منها فكره ذلك" أليست المائة صاع بمنزلة عشرة دنانير مثلاً أو مائة درهم؟ نعم؟

طالب: بلى.

إن كانت مما يخرج منها فيها الغرر، قد لا تخرج، قد لا تخرج مائة صاع، أو قد لا تخرج إلا هذه المائة، فيذهب نصيب العامل هدر، فكره مالك ذلك "أو مما يخرج منها من الحنطة، أو من غير ما يخرج منها" يعني يشتري له مائة صاع من برع، وحينئذٍ قد يقول قائل: إنه لا فرق بين هذه المائة التي تشترى من برع وبين الذهب والورق.

ص: 11

يعني هل هذا يتنزل منزلة الصور المباحة والممنوعة؟ الإمام مالك كره ذلك، وقلنا: إن كان يخرج منها فالغرر حاصل، وإن كان من غير ما يخرج منها بمنزلة الذهب والورق، الإمام مالك كره ذلك -رحمه الله تعالى-.

طالب:. . . . . . . . .

لأحاديث المنع.

طالب:. . . . . . . . .

لا، وأحاديث ترى المزارعة والمخابرة والمخاضرة والمساقاة ترى شائكة، لكن خلاصة ما يقال فيها مثل ما ذكرنا، وعليها تتنزل الأحاديث، ويمكن اجتماعها والتئامها.

طالب: يفرق بين المزارعة والمخاضرة أحسن الله إليك؟

المخاضرة والمزارعة بمعنى واحد.

يقول هذا: السفتَجة أو السُفتجة هي أن يعطي مالاً لآخر مع اشتراط القضاء في بلد آخر، والقصد الأساسي منها ضمان خطر الطريق؛ لأنه يدفعه على سبيل القرض لا على سبيل الأمانة؟

إن دفعه على سبيل القرض لا على سبيل الأمانة فإن هذا القرض جر نفعاً، والنفع هو أمن الخوف المتوقع من الطريق.

يقول: حكم السفتجة هذه القول الأول: عدم جوازها، وهي رواية عن أحمدـ وكرهها الحسن وجماعة ومالك والأوزاعي والشافعي.

القول الثاني: جوازها وهو قول علي وابن عباس والحسن بن علي وابن الزبير وابن سيرين وعبد الرحمن بن الأسود وأيوب والثوري وإسحاق.

أدلة المانع: أنها من قبيل القرض الذي يجر المنفعة.

مناقشة الدليل: وقد نوقش الدليل بأن الحديث لم يصح، حديث:((كل قرض جر نفعاً فهو ربا)) لكن الإجماع قائم على مفاده، وأن معناه وإن كان صحيحاً فإن المراد به الزيادة المالية، لا مجرد الإنتفاع بسبب القرض، فإنه لا يوجد قرض إلا ويراد به نفع ما، ويجر منفعة كانتفاع المسلف بتضمين ماله.

لا هو المنظور إليه انتفاع المقترض، وهذا لا يؤثر.

ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((السفتجة حرام)) هذا الحديث لا يصح فقد أعل بعمرو بن موسى بن وجيه، ضعفه البخاري والنسائي وابن معين.

ص: 12

أدلة المجوز: استدل المجوز بما روي عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن الزبير كان يأخذ من قوم مكة دراهم، ثم يكتب بها إلى مصعب بن الزبير في العراق فيأخذونها منه، فسئل ابن عباس عن ذلك فلم ير به بأساً، فقيل له: إن أخذوا أفضل من دراهمهم؟ فقال: لا بأس إذا أخذوا بوزن دراهمهم، وروي أيضاً مثل هذا عن علي بن أبي طالب، فهؤلاء ثلاثة من الصحابة قد أجازوا ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصحيح الجواز؛ لأن المقرض رأى النفع بأمن خطر الطريق في نقل دراهمه إلى ذلك البلد، وقد انتفع المقترض أيضاً بالوفاء في ذلك البلد، وأمن خطر الطريق، فكلاهما منتفع بهذا الاقتراض، والشارع لا ينهى عن ما ينفعهم ويصلحهم.

أما إذا اشترط المقترض أن يكون السداد في بلد آخر، وله مصلحة من هذا الشرط، لا شك أنه بسبب القرض، وقد جر هذا القرض النفع.

يقول هذا: يستدل الذين يجيزون المشاركة بالأسهم المختلطة بقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [(275) سورة البقرة] فقوله: حرم الربا، المقصود حرم الزيادة، والعقد صحيح، وهذا قول الحنفية، فهل هذا الإستدلال صحيح أرجو التفصيل؟

ص: 13

القول ليس بصحيح؛ لأن الإقدام على عقد الربا إقدام على حرب الله ورسوله، وإذا أمكن أن يتخلى موكل الربا، أو آكل الربا، إذا أمكن أن يتخلى عن اللعن، فكيف يتخلى ويتنصل الكاتب والشاهدان؟ افترضنا أن هذا عقد ربا، فيه آكل، وفيه موكل، وفيه شاهدين وكاتب، كلهم ملعونون، إذ قال آكل الربا: آخذ الزيادة، أنا لا أريد الزيادة، الربا المقصود به الزيادة، وأنا لا آكل الزيادة، يسلم من اللعن أو لا يسلم؟ إذا سلم كيف يسلم الشهود والكاتب؟ فدل على أن التحريم عائد إلى ذات العقد، وإلا لو كان التحريم لمجرد الأكل والتأكيل، اتجه اللعن إليهما فقط، لا إلى الكاتب والشاهدين، فإذا أدخل الكاتب والشاهدان في اللعن دل على أن اللعن حل وقت العقد، بغض النظر عن كونهم تنازلوا عن الزيادة، أو لم يتنازلوا، لكن لو أقدموا على هذا العقد المحرم، ثم تابوا بعد ذلك، تابوا وأنابوا، الشاهد تاب عن الشهادة، والكاتب تاب عن الكتابة مرة ثانية، وصاحب الربا الذي يريد أن يوكله قال: لا أريده، أكتفي برأس المال، من تاب تاب الله عليه، لكن الإنسان يقدم على العقد المحرم، لا شك أنه لا يجوز.

يقول: ما حكم من أخذ مالاً من صراف بنك ربوي، مع العلم أنه أخذ ببطاقة الصراف لبنك غير ربوي؟

على كل حال العمليات هذه إذا كانت من بنك إلى آخر، وحسابك ليس في البنك الذي له الصراف، هو يأخذ على كل عملية دولار، أربعة إلا ربع، يأخذها من البنك الثاني، وأنت بهذا تكون قد تعاونت معهم على هذا الإجراء المحرم.

هذا يقول: هل للمقاطعة أصل شرعي؟ وهل تنطبق في وقتنا هذا؟

نعم، إذا كان في المقاطعة نكاية في من ارتكبوا هذا العمل الشنيع فلا أقل منها.

يقول: إذا أعطى رجل لآخر سلعة ليبيعها له، وقال: بعها بكذا وكذا، ولم يجعل له جعلاً ولا أجرة، وباعها الثاني بأكثر من السعر، فماذا يفعل بالمبلغ الزائد؟

المبلغ الزائد لرب السلعة، لصاحب السلعة، وله أجرة المثل، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، ما هي معلومة، يمكن ما يطلع من المزرعة إلا مائة صاع كلها، معلومة النسبة مجهولة المقدار، مجهولة المكان، إذا قال: مائة صاع معناه أنه يمكن ما تطلع المزرعة إلا مائة صاع فقط.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 14

أما بالدراهم والدنانير فهذا أمر متفق عليه، أنت افترض أنه غير زرع، وغير ذهب ودنانير، قال: أنا أريد تعمل لي في هذه المزرعة، ونصيبي منها أي بضاعة أخرى، يعني إما أن تكون الكسوة طول العام لي ولأولادي عليك، ويحددون الكسوة في الشتاء كذا، وفي الصيف كذا، هل نقول: إنها مثل الدراهم والدنانير؟

الأسئلة كثيرة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني بالصورة القائمة الآن، الشهر هذا لفلان والثاني لفلان، ما أرى ما يمنع منها -إن شاء الله تعالى-، هي ليست عقود معاوضة.

يقول: هل المراد بالإجارة بالذهب والورق لصاحب الأرض أي تدفع له الإجارة، أم لصاحب العمل لعمله؟

يعني هل المقصود بالذهب والفضة أن صاحب الأرض يأخذ ذهب وفضة، في مقابل المزرعة؟ يعني بدلاً من أن يأخذ من ثمرها شيء، أو أن العامل يعمل فيها بالذهب والفضة؟

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟ لمن؟ للعامل؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، حديث عبد الرحمن بن عوف هو الذي يدفع؛ لأنه أوصى بأن تدفع لصاحب الأرض، أن يدفع لصاحب الأرض الذهب والفضة.

طالب: ما يستفيد العامل لو دفع؟

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

يستفيد الثمرة كلها.

طالب: ما اشترط عليه الثمرة، الثمرة لصاحب الأرض.

لا، إذا قلنا: إن عبد الرحمن بن عوف استأجرها بالذهب والفضة فالثمرة له.

طالب:. . . . . . . . .

هم كلامهم في هذه المسألة طويل، منهم من يشترط أن يكون المئونة على العامل؛ ليكون من صاحب الأرض الأرض، ومن العامل المئونة، ومنهم من يشترط العكس، أن العامل لا يأتي إلى بعمله فقط، والبقية كلها على صاحب الأرض، مثل ما قالوا في المضاربة: إن أجرة العامل أو ما يحتاجه العامل من سكن وملبس إذا كان في غير بلده على صاحب المال، فالمسألة تحتاج إلى عاد محلها كتب الفروع، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 15