الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"فقال عمر: أو قد كان ذلك؟! قال: نعم، فقال عمر: والله لا يُأسر رجلٌ في الإسلام بغير عدول" ويقصد بذلك الصحابة -رضوان الله عليهم-، أو ممن جاء بعدهم ممن ظهرت عليه العدالة.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: لا تجوز شهادة خصمٍ ولا ضنين" لا تجوز شهادة خصم؛ لأن في نفسه على خصمه شيء، وهذا الشيء يحمله على قول الباطل، أو إخفاء الحق، فالخصومة لا شك أنها تولد في النفس شيء من الشحناء والبغضاء التي تحمل صحابها على كتمان الحق، أو قول الباطل.
"ولا ضنين" يعني متهم، وهذان وهما الخصومة والاتهام ذُكرا مع غيرهما بالتفصيل في كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري في القضاء، وهو كتابٌ عظيم على كل طالب علم أن يقرأه مع شرحه لابن القيم، ونصف إعلام الموقعين أو أكثر شرح لهذا الكتاب، كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في القضاء لأبي موسى الأشعري، فيه قواعد على القضاة أن يُراجعوها.
طالب:. . . . . . . . .
الخصم ما تقبل شهادته على خصمه؛ لوجود إيش يسمونه؟ أقول: هذه الشحناء التي بينهم التي صارت أثراً لهذه الخصومة لا شك أن لها أثر على النفوس، الآن الخصم شاهد لخصمه أو عليه، فإن شهد لخصمه قُبلت إذا كان عدلاً، وإن شهد عليه لم تُقبل، مثل شهادة الفرع والأصل، يعني شهد على أبيه تُقبل شهادته، شهد لأبيه لا تُقبل شهادته، لأنه متهم، نعم.
أحسن الله إليك
باب: القضاء في شهادة المحدود
قال يحيى عن مالك أنه بلغه عن سليمان بن يسار وغيره أنهم سئلوا عن رجلٍ جلد الحد أتجوز شهادته؟ فقال: نعم إذا ظهرت منه التوبة
…
قالوا.
أحسن الله إليك
فقالوا: نعم إذا ظهرت منه التوبة.
وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يُسأل عن ذلك فقال مثل ما قال سليمان بن يسار.
قال مالك: وذلك الأمر عندنا، وذلك لقول الله تبارك وتعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(4 - 5) سورة النور].
قال مالك: فالأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الذي يُجلد الحد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في شهادة المحدود
المحدود من أُقيم عليه الحد، والترجمة تشمل الحدود كلها من أُقيم عليه حد الزنا بالجلد، حد القذف، حد الشُرب، حد السرقة بالقطع، المقصود أنه أقيم عليه حد من الحدود المفروضة لارتكابه ما يوجب الحد.
"قال يحيى عن مالكٍ أنه بلغه أن سليمان بن يسار وغيره" يعني من الفقهاء فقهاء المدينة "أنهم سئلوا عن رجل جلد الحد أتجوز شهادته؟ فقالوا: نعم إذا ظهرت منه التوبة" لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، والحدود كفارات لمن حُد، وهي أيضاً مع التوبة، والتوبة تهدم ما كان قبلها، هذا في الجملة، يعني في العموم، لكن ماذا عمن حُد حد القذف، والله -جل وعلا- يقول:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [(4) سورة النور].
قال: "وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يُسأل عن ذلك فقال مثل ما قال سليمان بن يسار" يعني هو من الفقهاء الذين سئلوا في هذه المسألة وقرروا أن المحدود إذا تاب وصحت توبته، وحسنت توبته فإنه تُقبل شهادته.
"قال مالك: وذلك الأمر عندنا" يعني كما قالوا "وذلك لقول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور] حد القذف {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} هذا حكم ثاني، فيجلدوا ثمانين جلدة، ولا تُقبل شهادتهم أبداً، لا بد من مراعاة هذا القيد {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} فالقاذف يترتب على قذفه ثلاثة أمور: يُجلد ثمانين جلدة، ولا تُقبل شهادته أبداً، ويُحكم عليهم بالفسق، ثم بعد ذلك يأتي الاستثناء {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(5) سورة النور] فهل هذا الاستثناء يعود على الأحكام الثلاثة أو على الأخير فقط؟ محل خلاف بين أهل العلم، مع اتفاقهم على أنه لا يعود إلى الجلد بحيث لو قذف وطالب المقذوف فإنه يجلد ثمانين جلدة ولو تاب، فالتوبة لا ترفع الحد اتفاقاً، كما أن التوبة ترفع وصف الفسق اتفاقاً، ويبقى الحكم الثاني {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} يعني رد الشهادة مع التأبيد هل يرتفع بالتوبة أو لا يرتفع؟ هذا محل الخلاف، ومنشأ الخلاف في الاستثناء أو الوصف أو القيد المؤثر إذا تعقب جملاً أو أحكاماً هل يعود إلى الجميع أو يعود إلى الأخير منها؟ هذا محل خلاف، وعرفنا فيما عندنا أنه تعقب هذا الاستثناء ثلاثة أحكام: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور] وهذا لا يرتفع بالتوبة اتفاقاً، {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} الحكم الثالث يرتفع الوصف بالفسق، يبقى {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} ظاهر كلام الإمام مالك أنه تُقبل شهادته مع اقتران نفيها بالتأبيد {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} فتُقبل شهادته عند مالك وعند من سبقه من الفقهاء، كما هو ظاهر كلامهم؛ لأن التوبة هدمت الوصف بالفسق اتفاقاً، والوصف بالفسق هو السبب في عدم قبول الشهادة، فإذا ارتفع الوصف ثبت مكانه ضده وهو العدالة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
فتُقبل الشهادة على هذا، لكن ماذا عن التأبيد؟ وهل الفسق والعدالة ضدان أو نقيضان؟ العدالة والفسق ضدان أو نقيضان؟ لأنه إذا قلنا: إذا ارتفع الفسق ثبت العدالة إذاً هما نقيضان، وإذا قلنا: إنه يرتفع الفسق ولا تثبت العدالة فيكونان ضدان، وإذا نظرنا في كلام أهل العلم في الجرح والتعديل وجدناهم يجعلون المراتب ثلاث: تعديل وتجريح وجهالة، فالجهالة بين التعديل والتجريح، فهل يرتفع وصف الفسق ولا يثبت له وصف العدالة أو لا بد من أن يحل محله وصف العدالة؟ يعني مقتضى جعلهم الجهالة في مراتب التجريح أنه لا واسطة بين العدالة وضدها، بين التعديل والتجريح، فالمجهول يجعلونه في مراتب التجريح، فلا واسطة إما عدل وإما مجروح، لا واسطة بينهم، وهذا ظاهر صنيع العلماء في ترتيبهم مراتب وألفاظ الجرح والتعديل، واضح وإلا ما هو بواضح؟ لكن كلام الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها:"ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً أو تجريحاً أو جهالة" فجعل الجهالة قسيم للتعديل والتجريح وليست بقسم من التجريح، ولهذا فقد يرتفع الوصف بالعدالة ولا يثبت الفسق، وقد يرتفع الوصف بالفسق ولا تثبت العدالة، كأن يكون مجهولاً مثلاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود جهالة الحال، العين معروفة، {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [(5) سورة النور].
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أنه تاب من بعد ذلك وأصلح يرتفع عدم قبول شهادته والله -جل وعلا- يقول: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور]؟ نحن رفعنا الوصف بالفسق، لكن هل نثبت له العدالة أو نقول: إنه يبقى ليس بفاسق ولا عدل في مرتبة بينهما فلا تُقبل شهادته على هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
أبداً، الله -جل وعلا- يقول:{أَبَدًا} هذا قول، ولا يخفى علينا أن المسألة خلافية بين أهل العلم، المسألة أجمعوا على أنه لو تاب وأصلح استثنى {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} [(5) سورة النور] فإنه لا يرتفع عنه الجهل إجماعاً؛ لأنه حق مخلوق، {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] هذا محل الخلاف بين أهل العلم لاقترانها بالتأبيد، وكون الاستثناء لم يرجع إلى الجمل كلها، فالمسألة مثل ما ذكرنا هل يرتفع الوصف فيحل محله العدالة؟ الفسق إذا ارتفع وحلت محله العدالة أو يبقى بين المرتبتين وحينئذٍ لا تُقبل شهادته؟ فمقتضى جعل أهل العلم الجهالة في حيز التجريح نقول: لا واسطة، وكلام ابن حجر نعم؟
طالب: جعله قسيم.
جعله قسيم.
أبو حاتم الرازي في كثير من الرواة سئل عنهم فقال: مجهول أي لا أعرفه، هل يقتضي هذا القدح فيه؟ لا يقتضي القدح فيه، مجهول أي لا أعرفه، فينظر في أقوال غيره من الأئمة، ولا أثر لقوله حينئذٍ، لا أثر لقوله، ولو قال: مجهول وسكت قلنا: إنه مثل غيره من الأئمة تُجعل مجهول في ألفاظ الجرح ويُبحث عنها في ألفاظ الجرح، فحينئذٍ يكون قادحاً.
طالب:. . . . . . . . .
ظهر منه الصلاح تُقبل شهادته أو لا تُقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا أنا لما جئت بالجهالة، شوف يا أخي أنا ما جبت لهذا أنه بيستمر مجهول، ما يلزم أنه بيستمر مجهول، أنا أريد أن أُقرر هل من لازم ارتفاع الوصف بالفسق حلول العدالة محله؟ ما يلزم؛ لأن الجهالة قسيم للفسق والعدالة للتعديل والتجريح قسيم، يرتفع العدالة ولا يكون فاسقاً، ويرتفع الفسق ولا يكون عدلاً.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا قول من يقول بأنه لا تُقبل شهادته أبداً لاقترانها بالتأبيد ولو تاب وأصلح، والاستثناء إنما رجع إلى الأخير فقط، هذا مقتضى قول من يقول: إنه لا يتناول الجملة الأخيرة، والمقرر عند أهل العلم أن القرائن هي التي تحكم؛ لأنه جاء ما يدل على القول الأول، وجاء ما يدل على القول الثاني من الأدلة، فالقرائن هي التي تحكم بأدلة أخرى، فالأدلة الأخرى دلت على أن حقوق العباد لا تسقط بالتوبة، فالجلد لا بد منه، القرائن دلت على هذا، لكن هل دلت على أن شهادته تُقبل؟ لا سيما وأن رد الشهادة مرتبط بوصف وهو الفسق وقد ارتفع الذي؟ الذي يوجب التوقف في قبول الشهادة {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] الفاسق معناه أن غير الفاسق لا يتوقف في خبره، وقد ارتفع وصف الفسق من هنا، وهذا يقوي قبول الشهادة.
"قال مالك: فالأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا الذي يُجلد حد ثم تاب وأصلح تجوز شهادته، وهو أحب ما سمعت إلي في ذلك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
وماذا عن قوله -جل وعلا- {وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا} [(7) سورة الجمعة] ثم قال: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف]؟ ما معنى هذا التأبيد؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
والاستثناء في {إِلَاّ مَا شَاء رَبُّكَ} [(107) سورة هود]؟
طالب:. . . . . . . . .
يا إخوان المسألة لا تنتهي، أنت افترض المسألة في شخصٍ جُلد حد القذف، وهو صادق في حقيقة الأمر، ثلاثة رأوا شخص يزني بامرأة، يزني بحيث لو طلقوا أن فلاناً زنى بفلانة ما وقع الطلاق؛ لأنهم رأوه بأم أعينهم، لكن ما تم النصاب فجلدوا، ماذا عن حقيقة أمرهم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم حكم شرعي، ويستمر إن الأحكام الثلاثة لا بد منها.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا ما يخفف، يجلدون.
طالب:. . . . . . . . .
وش معنى الاستثناء أجل {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(5) سورة النور]؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم يا أخي، هذا محل خلاف، أنت تستدل بما هو محل خلاف.
طالب:. . . . . . . . .
سبحان الله، يعني محل الخلاف نلزم بقول واحد دون الثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف، لكن قبول الشهادة ما يتناولها الاستثناء؟
طالب:. . . . . . . . .
ما نستدل بالخلاف على ترجيح أحد قولي المخالفين، هذا هو محل الخلاف الذي تذكره أنت، هذه حجة أحد الأطراف نحتج بها على الطرف الثاني؟ ما يصلح.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الاحتجاج إذا أردت أن تحتج بشيء ائتِ بما يُتفق عليه بين الطرفين ....