المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب سعي المكاتب: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٤٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب سعي المكاتب:

"قال مالك: الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته" لأنه هو المولى الحقيقي، الأول ببيعه على الثاني انتهى، مثل موالي بريرة بعد شراء عائشة لها، الآن إذا تداول الناس الرقيق عشرة تبايعوه، لمن ولاؤه؟ للأخير منهم، وهنا "الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته، وإن عجز فله رقبته" يعني هذا متصور قبل الهلاك "وإن أدى المكاتب كتابته إلى الذي اشتراها وعتق فولاؤه للذي عقد كتابته، ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء" كيف؟ ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء، لماذا؟ الآن الشراء والبيع على الكتابة أو على الرقيق؟ نعم ما هو على الرقيق، لو كان البيع والشراء على الرقيق صار الولاء للآخر، لكن لما كان الشراء والبيع على الكتابة صار الولاء للأول، ترى المسألة تحتاج إلى نباهة شوي، بينهم فرق، كيف؟ يعني تأتي إلى الرقيق شخص عنده رقيق، فيقول: أكاتبك على اثنا عشر ألف، كل شهر ألف، وبعد سنة يتحرر يصير حر، ويبقى ولاؤه لمن؟ للذي كاتبه، جاء شخص قال: أنا با أشتريه منك، بعشرة آلاف خذهن الآن، أبا أشتري منك الرقيق بعشرة آلاف الآن، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز؛ لأنه اشترى الرقيق ما اشترى المكاتبة، دين المكاتبة، يجوز، ويكون ولاؤه للثاني، طيب جاء وقال: أنا أشتري منك الاثنا عشر ألف دين الكتابة بيشتري، ما يشتري المكاتب، بيشتري ها الاثنا عشر ألف بسيارة وإلا بآلة من الآلات، فاشترى دين الكتابة ما اشترى الرقيق، فولاءه للأول، فمن هنا يأتي الفرق.

سم.

أحسن الله إليك.

‌باب سعي المكاتب:

حدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار سئلا عن رجل كاتب على نفسه وعلى بنيه ثم مات، هل يسعى بنو المكاتب في كتابة أبيهم أم هم عبيد؟ فقالا: بل يسعون في كتابة أبيهم ولا يوضع عنهم لموت أبيهم شيء.

قال مالك رحمه الله: وإن كانوا صغاراً لا يطيقون السعي لم ينتظرُ

لم ينتظرْ، لم ينتظرْ.

ص: 11

لم ينتظرْ بهم أن يكبروا، وكانوا رقيقاً لسيد أبيهم، إلا أن يكون المكاتب ترك ما يؤدى به عنهم نجومهم إلى أن يتكلفوا السعي، فإن كان فيما ترك ما يؤدى عنهم أدي ذلك عنهم، وتركوا على حالهم حتى يبلغوا السعي، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا رقوا.

قال مالك رحمه الله في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد، فأرادت أم ولده أن تسعى عليهم: إنه يدفع إليها المال إذا كانت مأمونة على ذلك قوية على السعي، وإن لم تكن قوية على السعي ولا مأمونة على المال لم تعطَ شيئاً من ذلك ورجعت هي وولد المكاتب رقيقاً لسيد المكاتب.

قال مالك رحمه الله: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم فعجز بعضهم، وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً، فإن الذين سعوا يرجعون على الذين عجزوا بحصة ما أدوا عنهم؛ لأن بعضهم حملاء عن بعض.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب سعي المكاتب:

يعني سعيه وعمله من أجل خلاص رقبته.

قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار -وهما من الفقهاء السبعة من التابعين- سئلا عن رجل كاتب على نفسه وعلى بنيه" عبد عنده خمسة أولاد قال لسيده: أكاتب على نفسي وعلى أولادي بمائة ألف كل شهر ألف، تصح الكتابة وإلا ما تصح؟ تصح الكتابة "كاتب على نفسه وعلى بنيه ثم مات، هل يسعى بنو المكاتب في كتابة أبيهم أم هم عبيد؟ فقالا: بل يسعون في كتابة أبيهم" يعني إذا كانوا يستطيعون ذلك، يسعون في كتابة أبيهم، يعني معهم المائة ألف ما ينزل منها شيء، ما يقال: راح الأب اللي نصيبه في الكتابة عشرين ألف مثلاً، تنزل العشرين؟ لا "بل يسعون في كتابة أبيهم، ولا يوضع عنهم لموت أبيهم شيء" وجاء في الخبر أنه يوضع عن المكاتب الربع، يوضع عنه الربع، فإذا لم يبق عليه إلا الربع يتنازل عنه المكاتِب؛ لأنه يعان على هذا.

ص: 12

هؤلاء إذا كانوا يستطيعون، إن كانوا يستطيعون يسعون في كتابة أبيهم "وإن كانوا صغاراً لا يطيقون السعي لم ينتظر بهم أن يكبروا" لأن هذا يضر بسيدهم، لكن إن استطاعوا بالسؤال، أو تبرع أحد من المسئولين يسأل، يسأل الناس يقول: هؤلاء كوتبوا ومات والدهم ونسعى في خلاصهم، نعم، يجوز ذلك ما في إشكال.

"وكانوا رقيقاً لسيد أبيهم" يعودون أرقاء "إلا أن يكون المكاتب ترك ما يؤدى به عنهم نجومهم" ترك بيت، أبوهم ترك بيت، وهذا على رأي الإمام مالك في كونه يملك، ترك بيت قيمته مائة ألف، يدفع البيت ويكونون أحرار "أدي ذلك عنهم، وتركوا على حالهم حتى يبلغوا السعي، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا رقوا" هذا واضح أنهم إن أدوا من قيمة هذا البيت ما يقابل دين الكتابة فإنهم يتحررون، ويعتقون، وإن عجزوا بأن كان البيت لا يستحق من الثمن ما يؤدى به دين الكتابة رجعوا إلى الرق.

"قال مالك في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد" في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، يعني الكتابة قلنا: مائة ألف، والبيت ما يجيب خمسين ألف، "ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد، فأرادت أم ولده أن تسعى عليهم: إنه يدفع إليها المال" الخمسين الألف تعطى إياها "إذا كانت مأمونة على ذلك، قوية في السعي" يقال: يا الله اشتغلي بها الخمسين، على شان إيش؟ تنمو هذه الخمسين وتسدد دين الكتابة "وإن لم تكن قوية على السعي، ولا مأمونة على المال لم تعط شيئاً من ذلك، ورجعت هي وولد المكاتب رقيقاً لسيد المكاتب" لأنه إن أمكن العمل بهذا المال الذي يقل عن دين الكتابة؛ لأن الشرع يتشوف إلى العتق، فيشتغل بهذا المال وبعد ذلك يعتقون، لكن لا بد أن يكون الذي يعمل قادر على السعي، وأيضاً مأمون، ثقة.

"قال مالك: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم فعجز بعضهم، وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً" يعني إذا كان بينهم رحم، وبعضهم يستطيع أن يشتغل، وبعضهم ما يستطيع، وأدى واحد منهم عن الجميع انتهى الإشكال، لكن ما بينهم رحم، بعيدين كل البعد، كل واحد بعيد عن الآخر، ثم بعد ذلك سعى عليهم وأعتقهم يرجع عليهم فيما صرف عليهم.

ص: 13