المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٥٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق

إي نعم ثمانين، يسرق البيضة فتقطع يده، يسرق الحبل فتقطع يده، هذا على التنفير من السرقة والتحذير منها، ومنهم من يقول: إن المراد بالبيضة البيضة تضع على الرأس في الحرب، وقيمتها أكثر من ثلاثة دراهم، والحبل حبل السفينة وقيمته أكثر، لكن السياق يأبى هذا التأويل.

نعم.

سم.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق

حدثني عن مالك عن نافع أن عبداً لعبد الله بن عمر رضي الله عنه سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده، فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال:"لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق" فقال له عبد الله بن عمر: "في أي كتاب الله وجدت هذا؟ ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده".

وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره أنه أخذ عبداً آبقاً قد سرق قال: فأشكل علي أمره، قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ، قال: فأخبرته أنني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده، قال: فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي، يقول: كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده، وإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(38) سورة المائدة] فإن بلغت سرقته ربع دينار فصاعداً فاقطع يده.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير كانوا يقولون: "إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع".

قال مالك رحمه الله: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا، أن العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق

في قطع الآبق والسارق كذا بالعطف كأنه عطف تفسير، كأن هذا عطف تفسيري، قطع الآبق، الآبق يقطع بمجرد إباقه أو يقطع إذا سرق؟ إذا سرق، والسارق لا شك أنه يقطع، يعني لو قلنا: إن العطف على نية تكرار العامل، وقلنا: باب قطع الآبق وقطع السارق يقطع بدون سرقة، والسارق يقطع بدون إباق.

ص: 18

قال الشارح شيء؟ شوف الترجمة.

هو لا شك أن الباب معقود للعبد إذا أبق عن سيده وسرق أثناء إباقه.

الشبهة التي ترد على العبد الآبق إذا سرق أن السرقة بالنسبة له الذي يدعوه إليها في الغالب الحاجة، فقد يقال: إن هذا العبد البعيد عن سيده لا يجد من ينفق عليه، فيضطر إلى السرقة، فيدرأ عنه الحد، ولا شك أن درأ الحد بالحاجة عمر رضي الله عنه لم يقطع عام الرمادة للمجاعة والحاجة، لكن هل هذا عزيمة وإلا رخصة؟ رخصة، والرخص لا تستعمل في حق من عصى الله -جل وعلا-، ولذا الجمهور على أن العاصي في سفره لا يترخص، والآبق عاصي، فيقطع إذا سرق، ويضيق عليه، ولا يمكن من البقاء حال كونه آبقاً عن سيده، بل يضيق عليه حتى يرجع إلى سيده، وقل مثل هذا في الولد إذا هرب عن أبويه، لا يجوز إيوائه، وقد يقال بمثل هذا في العامل إذا كانت إقامته غير نظامية، فلا شك أن المسألة ينتابها أمور، يعني هؤلاء الذين يأتون بغير

مع مخالفة النظام، ويقيمون لا شك أنهم لا يجدون أعمال، لا يمكنون من العمل بغير إقامة، وكثيراً ما يتعرضون لسؤال الناس من الصدقات والزكوات، فإن أعطوا أعينوا على البقاء مع المخالفة، وإن لم يعطوا حملوا على السرقة، يعني إذا لم يعطوا حملوا على السرقة، وإن أعطوا أعينوا على هذه المخالفة، ففي مثل هذا هل يقال بارتكاب أخف الضررين؟ وأن إقامتهم بدون إقامة نظامية أسهل من كونهم يسطون على البيوت ويسرقون، أو أن عدم إعانتهم على البقاء يضطرهم إلى الرجوع إلى بلدانهم؟ يعني هذه

، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 19

لا هم في الغالب يأتون من أجل الكسب، من أجل الرزق يأتون، فمثل هذا لا شك أنه ينتابه الأمران، وكلاهما مُر، يعني لو فتح المجال للعمالة، وفتح الباب على مصراعيه، وكل واحد تستر على عامل، لا شك أن هذا التنظيم مثل هذا لمصلحة الناس؛ لأنه لو أعين مثل هذا

، العامل الذي في كفالة شخص، وهو مسئول عنه وعن جميع تصرفاته؛ لأن العمال يأتون من بلدان شتى، أعرافهم تختلف عن أعراف البلد، وهناك عندهم أمور ليست بشيء في نظرهم، وهي عندنا عظائم، وهناك أمور بالعكس اختلاف الأعراف لا شك أنه موجود، فإذا ترك من دون رقيب أو هرب من كفيله وآواه شخص آخر وعطف عليه، هذه أيضاً يعني لا بد من أن يكون أمام المسئولين، شخص مسئول عن هذا الشخص، وإلا تكون المسألة فوضى.

يعني تصور أن عندنا من العمالة أكثر من خمسة ملايين مثلاً، واضطربت أحوالهم، هذا هرب عن كفيله، وهذا استتر بمكان، وهذا

، يعني معروفة أوضاعهم والتزامهم بالدين، وعدم التزامهم، كثير منهم يأتي من بلدان شبه إباحية، فتركهم بدون رقابة، وبدون حسيب، وبدون كفيل يكون مسئول عن تصرفاتهم هذا فيه إخلال بالبلد، هذا ما فيه شك أن هذه الأنظمة إنما سنت للمصلحة، روعي فيها المصالح، ولا شك أن المصالح المرعية لها شأن في الشرع.

على كل حال هل من المصلحة أن يعطى هذا العامل لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات الصلاح، وأنه ما جعله يقيم إقامة غير نظامية إلا الشدة التي طردته من بلده، لكن إن لم يعط ماذا يصنع؟ لا شك أنه قد يضطر إلى سرقة أو انتهاب أو شيء من هذا وقد حصل، فمثل هذه الأمور لا شك أنها تحتاج إلى دراسة واعية ممن يقوم على هؤلاء، سواءً كان من المسئولين، أو من غيرهم ممن يقدمهم إلى هذه البلاد.

يقول: "حدثني عن مالك عن نافع أن عبداً لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده" الآن الأصل أن ابن عمر يقيم عليه الحد؛ لأنه سيده، لكنه من باب احترام السلطان وصاحب الأمر بعث به إليه.

ص: 20

"فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: "لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق" لعل الشبهة في ذلك أنه يحتاج لبعده عن سيده الذي ينفق عليه "إذا سرق، فقال له عبد الله بن عمر:"في أي كتاب الله وجدت؟ " يعني عندك دليل على هذا وإلا ما عندك إنما هو مجرد اجتهاد؟ "ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده" نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

في أي كتاب الله وجدت هذا، في أي كتاب يعني من كتب الله -جل وعلا-.

"فقطعت يده" الآن أيهما أفضل بالنسبة لعبد الله بن عمر أن يبعث به إلى الوالي ويجتهد الوالي، ويكون اجتهاد ابن عمر مخالف، أو من الأصل ابن عمر نفذ الحد وانتهى بدون ما يرفع؟ هو لا شك لو أنه اتفق الاجتهادان، وقطعت يده بأمر الوالي أن هذا ما في شك أنه من باب احترام الوالي وتقديره وإن كان الأصل أن الذي يقيم الحد السيد، لكن لما اختلف الاجتهاد؟

طالب:. . . . . . . . .

هو أصل المسألة مبنية على احترام الوالي صح وإلا لا؟ فاجتهاد الوالي ما وافق، فهل نقول: في مثل هذه الصورة أنت تبي تجتهد وتحترم الوالي وتقدم هذا الرقيق إلى الوالي ليقيم عليه الحد، ثم الوالي بعد ذلك يخالف اجتهادك، ثم تخالف اجتهاد الوالي؟ فأنت من الأصل لا ترفع؛ لوجود هذا الاحتمال؛ لأنه مع المخالفة ما الذي يكون نفسه الوالي؟ هل يبي يحفظ لعبد الله بن عمر هذا التقدير أو يبي ينعكس الوضع؟

طالب: يمكن ينعكس.

ما في شك أنه ينعكس؛ لأنه خالفه، لكن على كل حال الحق مقدم على كل أحد، فمثل هذا يحتاج إلى معرفة هذا الشخص هل هو من أهل الاجتهاد أو ليس من أهل الاجتهاد؟

طالب: يعني في زمان عبد الله بن عمر ما في والي يقيم الحدود فأقامه عليه ....

لا، لا في والي، هذا سعيد أمير المدينة، هو أمير المدينة، فدفع به عبد الله بن عمر إلى الوالي سعيد بن العاص ليقطع يده، ما عنده تردد عبد الله بن عمر في أنه مستحق للقطع، فدفع به إليه لا ليجتهد في أمره إنما ليقطع يده، فالذي حصل أن الاجتهاد اختلف، اجتهاد الوالي عن اجتهاد ابن عمر، فرجع ابن عمر إلى اجتهاده وهو أن الرقيق في مثل هذه الصورة يقطع، تقطع يده؛ لأنه لا شبهة له.

ص: 21

"وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره أنه أخذ عبداً آبقاً قد سرق قال: فأشكل علي أمره" يعني الشبهة واردة، الشبهة موجودة، الشبهة التي عرضت لسعيد بن العاص عرضت هنا، مما يدل على أنها لها حظ من النظر، يعني ما تفرد بها شخص، بل هي موجودة عند كثير من الناس أن العبد الآبق قد يحتاج، وإذا سرق محتاجاً لا قطع عليه.

"قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك، وهو الوالي يومئذ" فمنهم من يقتضي نظره أنه يقطع، ولو كان محتاجاً، ولو كان بعيداً عن سيده؛ لأنه لا يعان في معصيته على السرقة، ولا تيسر أموره كالعاصي في بسفره، ومنهم من يقول: إنه ما دام مستحق للإعانة، وهو محتاج فلا مانع من أن يدرأ عنه الحد، وتكون حينئذٍ الجهة منفكة كالعاصي في سفره هل له أن يأكل من الميتة إذا اضطر؟ هذه المسألة معروف قول الجمهور لا، والحنفية يرون أن له أن يأكل، نعم؟

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك ماذا يقال بإقامة الحد على العبد الآبق عندما يسرق تأديباً لغيره حتى ما يأبق؟

هو مقتضى النظر نظر عمر بن عبد العزيز، ونظر عبد الله بن عمر أنه يقطع، هذا الأصل فيه أنه يقطع، ولا يعان على إباقه، فيردع هو ويردع من يريد الاقتداء به، هذا الاجتهاد الذي حصل، لكن اجتهاد سعيد بن العاص واجتهاد غيره الذي في هذا الحديث، فأشكل علي أمره

طالب: أنهم بحاجة إلى ذلك أصلاً.

نعم.

"فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك، وهو الوالي يومئذٍ، قال: فأخبرته أنني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده" يعني هذه الشبهة اشترك فيها أكثر من شخص، يعني مال إليها واستروح إليها أكثر من شخص، وهي شبهة ظاهرة أنه بعيد عن سيده الذي تلزمه نفقته فلا تقطع يده للحاجة.

ص: 22

قال: "فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي" يعني أنه تقطع يده؛ لأنه سارق، والآية تنطبق عليه، يقول: "كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده، وأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ} [(38) سورة المائدة] أل هذه جنسية تشمل الآبق وغير الآبق، {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فإن بلغت سرقته النصاب ربع دينار فصاعداً فاقطع يده.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير" والثلاثة كلهم من الفقهاء السبعة "كانوا يقولون: "إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع" لأنه ما يوجد ما يستثنيه من النصوص.

"قال مالك: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" يعني هذا مما نتفق عليه مع علماء بلدنا أن العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع، وأنه لا يوجد ما يستثنيه من النصوص التي توجب إقامة الحد عليه، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 23