المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في عقل الأصابع - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٦٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في عقل الأصابع

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ –‌

‌ كتاب العقول (5)

‌باب: ما جاء في عقل الأصابع

- وباب: جامع عقل الأسنان - وباب: العمل في عقل الأسنان - وباب: ما جاء في دية جراح العبد - وباب: ما جاء في دية أهل الذمة.

الشيخ: عبد الكريم الخضير

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، وأجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في عقل الأصابع

وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة؟ فقال: عشر من الإبل، فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: كم في ثلاث؟ فقال: ثلاثون من الإبل، فقلت: كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: حين عظم جرحها، واشتدت مصيبتها نقص عقلها؟ فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم.

فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي.

قال مالك -رحمه الله تعالى-: الأمر عندنا في أصابع الكف إذا قطعت فقد تم عقلها، وذلك أن خمس الأصابع إذا قطعت كان عقلها عقل الكف خمسين من الإبل، في كل إصبع عشرة من الإبل.

قال مالك: وحساب الأصابع ثلاثة وثلاثون ديناراً، وثلث دينار في كل أنملة، وهي من الإبل ثلاث فرائض وثلث فريضة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في عقل الأصابع

يعني في دية الأصابع، فالعقل هو الدية، دية الأصابع مجتمعة ومتفرقة من الرجال ومن النساء.

ص: 1

يقول رحمه الله: "وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي، شيخ الإمام مالك، إمام مشهور، علم من أعلام المسلمين "أنه قال: سألت سعيد بن المسيب" وسعيد أحد الفقهاء المشهورين، الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة "كم في إصبع المرأة؟ " هو يعرف أن في الإصبع عشر من الإبل، كما تقدم في حديث عمرو بن حزم، فأشكل عليه هل المرأة مثل الرجل أو على النصف منه؟ فأجابه سعيد، فقال: "عشر من الإبل، فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: كم في ثلاثة؟ قال: ثلاثون من الإبل" لماذا؟ لأن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية على ما تقدم، تعاقله إلى ثلث الدية، فإن زادت عن الثلث نقصت "فقلت: كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل" هذا يورث إشكال، يعني عقل الثلاثة الأصابع أكثر من عقل الأربعة؟! لكنه جارٍ على القاعدة السابقة، وأن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية، ولو كان عقلها في أصابعها كأصابع الرجل لكانت ديتها مثل دية الرجل، لكان في خمسة الأصابع خمسين من الإبل مثل الرجل، وعادلت ديتها كاملة؛ لأن دية المرأة على النصف من دية الرجل.

ص: 2

يعني نظير هذا يعني مثال تقريبي الشرائح في الاستهلاكات الشريحة الأولى كذا غالية، ثم الثانية أرخص منها، ثم الثالثة أرخص منها، تجد أول الثالثة أرخص من آخر الثانية، وهذا واضح يعني؛ لأنه لو استمر صار إلى ما لا نهاية، لكن هنا لا بد من حسم، تقف فيه المسألة إلى حد لا يضطرب فيه دية الرجل مع دية المرأة، القاعدة أن المرأة على النصف من الرجل، وهذا أمر مقرر في الشرع، لكن لماذا لم يكن من الأصل إصبع المرأة فيه خمس من الإبل وينتهي الإشكال؟ وفي إصبعين عشر، وفي ثلاث خمس عشرة، وفي أربعة عشرين؟ المسألة هل تكون المسألة بالرأي أو بالسمع؟ بالسمع، ولذا لما قال له:"كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت" ربيعة -ربيعة الرأي- معروف "حين عظم جرحها، واشتدت مصيبها نقص عقلها؟ " يعني نقصت ديتها "فقال سعيد: أعراقي أنت؟ " يعني هل أنت من أهل العراق تنظر في النصوص برأيك، وقد تدفع بعض السنن التي تخالف عقلك "أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت" يعني نظير ما قالت عائشة لمن سألتها عن الحائض ما بالها تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة؟ قالت: أحرورية أنت؟ قالت: لا، لكن اسأل، يعني أحياناً تكون الأحكام معللة، وعللها وحكمها واضحة، وأحياناً لا يستطيع العقل أن يرقى لمستوى التشريع، وحينئذٍ عليه الرضا والتسليم، وكما قرر أهل العلم "قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم" لا بد من التسليم؛ لأن العقل لا يدرك كل شيء، ولو كان العقل يدرك كل شيء لما احتيج إلى الشرع، رُكب هذا العقل وخلاص ينتهي، لكن العبرة بالشرع، وما جاءنا عن الله وعن رسوله فعلى العين والرأس، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.

ص: 3

"فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقلت: بل عالم متثبت، أو جاهل متعلم" أحد احتمالين، إن كان عنده خبر من هذا الكلام سابق يريد أن يتثبت؛ لأنه عالم، وهو بالفعل عالم "أو جاهل متعلم" إن كان ما عنده خبر عن المسألة يتعلم من هذا الإمام، وهو إمام يتعلم من إمام، وقد يكون السؤال في أوائل أمره، قد يكون السؤال في بداية الطلب، فيكون جاهل يتعلم، أو يكون بعد أن رسخت قدمه في العلم فيكون عالم متثبت، وربيعة الرأي شيخ الإمام مالك يجلس في المسجد النبوي، وما يحضر عنده أحد، والجموع الغفيرة عند مالك وهو تلميذه، يذكر في كتب السير أنه قيل له بذلك، قال: درهم من سلطان خير من قنطار من علم، يعني المدعوم من ولي الأمر، والمعين من قبله يأتونه الناس، وتسهل له الأمور، فيلتف حوله الناس، وهذا الشخص الذي ما يدعم، وهذا رأيه رحمه الله، مع أن القلوب بيد الله -جل وعلا-، تجد بعض الناس ما له عمل يذكر بين واضح عند الناس، فإذا مات احتشد الناس لشهود جنازته، تتساءل وش السبب؟ الناس لا يساقون بالأسواط، إنما القلوب بيد الله -جل وعلا-، وعلى كل حال سواء جلس إليه، أو لم يجلس إليه هو عالم، وهو حينئذٍ عالم متثبت إن كان سؤاله متأخراً، أو جاهل متعلم إن كان سؤاله متقدماً.

"فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي" ولذلك الذي يعارض النصوص ينظر في أمره، إن كانت معارضته للنصوص برأيه يشم منها الاعتراض على الشرع مثل هذا يشدد عليه في النكير، وإن كان السؤال سببه التثبت في الحكم، وأن المفتي متأكد من جوابه، ومعتمد في ذلك على نص حينئذٍ يرفق به.

ص: 4

"فقال سعيد: هي السنة يا ابن أخي" هي السنة، وإذا قيل: هي السنة قف خلاص، ما لك خيار، إذا قضى الله ورسوله أمراً ما في خيار، هي السنة، وقول سعيد: هي السنة يعني سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ويحتمل أن يكون سنة من تقدم من الخلفاء الراشدين، لكن الأصل أنه ما يقال في مثل هذه السياقات من بيان الأحكام إلا ويراد بها سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وحينئذٍ يكون من باب المرفوع المرسل، ومراسيل سعيد هي أصح المراسيل عند أهل العلم، منهم من يحتج بها مطلقاً، ومنهم من يقول: هي مرجحة على غيرها، والإمام الشافعي يقول: إرسال ابن المسيب عندنا حسن، يعني يحتج به، وأما بالنسبة لمالك وأبي حنيفة هؤلاء ما عندهم إشكال في المراسيل حجة مطلقاً.

"هي السنة يا ابن أخي".

"قال مالك: الأمر عندنا في أصابع الكف إذا قطعت" يعني الخمسة "إذا قطعت فقد تم عقلها" تم ديتها دية اليد، خمسون من الإبل، يقول:"وذلك أن خمس الأصابع إذا قطعت كان عقلها عقل الكف" يعني ديتها دية اليد خمسين من الإبل نصف الدية؛ لأن في الإنسان يدين، وكل ما في الإنسان منه شيئان فإنه يكون لكل واحد منهما نصف الدية "خمسين من الإبل في كل أصبع عشرة من الإبل" يعني على ما تقدم في حديث عمرو بن حزم.

"قال مالك: وحساب الأصابع ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار في كل أنملة" لأن كل أصبع فيه ثلاث أنامل، فيكون عندنا ثلاثون أنملة، إذا قسمت الألف دينار على الثلاثين أنملة يخرج الناتج لكل أنملة ثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار "وهي من الإبل ثلاث فرائض وثلث فريضة" لأنك إذا قسمت المائة من الإبل على الثلاثين صار الناتج ثلاث وثلاثين وثلث فريضة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

وش فيها؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، قول سعيد:"من السنة" يدل على أنه مرفوع، يبقى النظر في سعيد، ما أدرك النبي عليه الصلاة والسلام، فيكون حكمه حكم المرفوع المرسل، لذلك لو قال الصحابي: من السنة انتهى الإشكال، مرفوع متصل.

قول الصحابي من السنة أو

نحو أمرنا حكمه الرفع ولو

بعد النبي قاله بأعصرِ

. . . . . . . . .

ص: 5