الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح: الموطأ –
كتاب الجامع (2)
باب ما جاء في معى الكافر
- باب النهي عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب - باب ما جاء في شرب الرجل وهو قائم - باب السنة في الشرب ومناولته عن اليمين - باب جامع ما جاء في الطعام والشراب
.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في معى الكافر:
حدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأكل المسلم في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء)).
وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضافه ضيف كافر، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة، فحلبت فشرب حلابها، ثم أخرى فشربه، ثم أخرى فشربه، حتى شرب حلاب سبع شياه، ثم إنه أصبح فأسلم، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت، فشرب حلابها، ثم أمر له بأخرى فلم يستتمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((المؤمن يشرب في معى واحد، والكافر يشرب في سبعة أمعاء)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في معى الكافر:
والمعى: واحد الأمعاء، والأمعاء كما هو معروف هي المصارين، واحدها مصير، وهي معروفة لا تحتاج إلى تعريف، ومنها على ما يقسمه الأطباء الدقيقة والغليظة، المقصود أن ما جاء في معى الكافر وسعته، أو في سعته وضيقه بالنسبة للمسلم، والكافر في الغالب أنه شره في أمور دنياه، يستكثر منها من غير رقابة، ولا اهتمام لشأن الآخرة، فيستكثر من هذه الدنيا؛ لأنه ليس له في الآخرة من خلاق، بينما المؤمن يدخر نعيمه ولذته في الآخرة، كما جاء في الحديث الصحيح:((الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر)) فالكافر يستكثر منها بقدر إمكانه، ولذا نجد من يلهث على هذه الدنيا، ويحرص على جمعها وكنزها، ولا ينفقها في سبيل الله، فيه شبه من هؤلاء، بينما الذي يعرف، ما جاء عن الله وعن رسوله في حقيقة هذه الدنيا، وأنها لا تعدل عند الله جناح بعوضة، يأخذ منها بقدر البلغة، ما يبلغه، ويعنيه على تحقيق الهدف الذي من أجله خلق، وذلكم أن الكافر حينما يأكل بنهم، ويشرب بنهم، لا يدرك ما وراءه، ولا يعمل لما أمامه بخلاف المسلم فإنه يأكل مقتصداً في أكله، ويشرب مقتصداً في شربه؛ لأن كثرة الأكل، وكثرة الشرب لها آثارها على أمور دينه، وعلى أمور دنياه، فإن من أكل كثيراً نام كثيراً، ومن نام كثيراً غفل كثيراً عما خلق له، وهذا –أعني فضول الطعام- كفضول النوم، كفضول الكلام، فضول الخلطة، فضول، جميع الفضول تجد المؤمن الحريص على أمر دينه، تجده يتقلل منها بقدر الإمكان.
وهذه الفضول هي منافذ الشيطان إلى القلب، فمن حفظها وراقبها لا شك أنه يسلم من كثير من خطرات الشيطان ووساوسه، فيتجه إلى آخرته، وما خلق من أجله.
قال رحمه الله:
"حدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأكل المسلم في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء)) " لأنه قد يقول قائل مثلاً: إذا جئنا بأمعاء مسلم، وأمعاء كافر ما نجدها في الحجم متفاوتة، نجدها متساوية، إلا أن الأمعاء مع كثرة الأكل، ومع كثرة الشرب تتمدد وتكبر وتنتفخ، ويتبع ذلك البطن يكبر، لكثرة ما في جوفه ووسطه، وإلا فالأصل أن الخلقة هنا، والخلقة هناك ما تختلف، وعلى كل حال سبب ذلك كله الشره والتعلق بهذه الدنيا، وأما المسلم فإنه يلتفت لما أمامه، ويتقلل منها بقدر الإمكان، ومع ذلك إذا تقلل منها، وفطم نفسه عن الزيادة على القدر الكافي فإنه يجد نفسه تعاف ما زاد على ذلك؛ لأنه مرن نفسه على ذلك، ولذا جاء قوله:((يأكل المسلم في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء)) وتوضيحه في مسلم، هذا الحديث متفق عليه في الصحيحين.
توضيحه في الحديث الذي يليه:
"حدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضافه ضيف" يعني نزل به ضيف كافر، الضيافة مطلوبة لكل أحد، لا سيما الغريب، الذي ليس له من يؤويه، ولو كان كافراً، لا سيما إذا كان هذا من باب التأليف، إذا اقترن ذلك بتأليفه وتيسير دعوته إلى الإسلام، فإنه يؤجر على هذه الضيافة، وإلا فالأصل أن الكافر لا يخلو إما أن يكون حربياً فهذا ليس له حق في ضيافة ولا غيرها، بل هو بصدد أن يقتل، وإن كان معاهداً فله من الحقوق ما كفلها له الشرع.
"ضافه ضيف كافر فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة" كل كبد رطب فيها أجر، والمرأة البغي دخلت الجنة بسبب كلب سقته.
"فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها" الحليب، الحليب الذي حلب من هذه الشاه شربه "ثم أخرى فشربه، ثم أخرى فشربه حتى شرب حلاب سبع شياه" يعني ناتج سبع شياه، حليب سبع شياه، ولا شك أن مثل هذه الشياه تتفاوت، فمنها ما حلابها كثير، ومنها ما حلابها قليل، لكن العبرة بالمتوسط.