المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جامع ما جاء في الطعام والشراب: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٧٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب جامع ما جاء في الطعام والشراب:

ما عليك من الساقي، الساقي أعطى الكبير، أعطى النبي عليه الصلاة والسلام، الباقي عن يمينه، خلاص انتهى، انحلت المسألة، يعني لو أن الساقي شرب هو قبل الناس يعطي من عن يمينه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نفس الشيء، الحكم واحد، الساقي ما له علاقة، يعطى الكبير، ثم من عن يمينه، يمشي هذا في الحديثين كليهما.

طالب:. . . . . . . . .

عن يمينه، يبدأ باليمين؛ لأنها هي الأصل، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

وإلا لو قدم الكبير "كبر كبر" أولى.

قال: "وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار -يعني سلمة بن دينار- عن سهل بن سعد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ –الكبار- فقال للغلام: ((أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ )) " لا شك أن مثل هذا الاستئذان لجبر خاطر الجميع؛ لأن الصغير لا بد من إذنه؛ لأنه أحق، فيجبر خاطره بالاستئذان، والكبير أيضاً له نصيب في التقديم والأولوية، ((أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ )) وجاء في بعض الطرق أن الصغير ابن عباس "فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحداً، قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده" يعني وضعه في يده، ألقاه في يده، واللفظ يدل على أنه بقوة، أعطاه إياه بقوة، فكل هذا يدل على أنه يبدأ بالكبير، ثم من عن يمينه، نعم.

‌باب جامع ما جاء في الطعام والشراب:

ص: 14

حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: قال أبو طلحة لأم سليم رضي الله عنهما: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ فقالت: نعم، فأخرجت أقراصاً من شعير، ثم أخذت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي، وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد، ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((آرسلك أبو طلحة؟ )) قال: فقلت: نعم، قال:((للطعام؟ )) فقلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه:((قوموا)) قال: فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه حتى دخلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هلمي يا أم سليم ما عندك؟ )) فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت، وعصرت عليه أم سليم عكة لها فآدمته، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول، ثم قال:((ائذن لعشرة بالدخول)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال:((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال:((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: ((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال:((ائذن لعشرة)) حتى أكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون رجلاً، أو ثمانون رجلاً.

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة)).

ص: 15

وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أغلقوا الباب، وأوكوا السقاء، وأكفئوا الإناء، أو خمروا الإناء، وأطفئوا المصباح، فإن الشيطان لا يفتح غلقاً، ولا يحل وكاءً، ولا يكشف إناءً، وإن الفويسقة تضرم على الناس بيتهم)).

وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة، وضيافته ثلاثة أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه)).

وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل يمشي بطريق إذ اشتد عليه العطش، فوجد بئراً، فنزل فيها فشرب وخرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له)) فقالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم لأجراً؟ فقال: ((في كل ذي كبد رطبة أجر)).

وحدثني عن مالك عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا قبل الساحل فأمّر عليهم أبا عبيدة بن الجراح، وهم ثلاث مائة، قال: وأنا فيهم، قال: فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة رضي الله عنه بأزواد ذلك الجيش، فجمع ذلك كله، فكان مزودي تمر، قال: فكان يقوتناه كل يوم قليلاً قليلاً حتى فني، ولم تصبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: وما تغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حيث فنيت، قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة رضي الله عنه بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرت تحتهما، ولم تصبهما.

قال مالك: الظِرب الجبيل.

الظَرب.

الظَرب الجبيل.

ص: 16

وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن سعد بن معاذ عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا نساء المؤمنات لا تحقرن إحداكن لجارتها ولو كراع شاة محرقاً)).

وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قاتل الله اليهود نهوا عن أكل الشحم فباعوه فأكلوا ثمنه)).

قف على هذا.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

والله ما عندي فيه إشكال بخلاف التنفس.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب جامع ما جاء في الطعام والشراب:

الباب الجامع الذي يجمع أحديث في الغالب لا مناسبة بينها ظاهرة، وإنما يجمعها الموضوع العام.

يقول: "حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال أبو طلحة لأم سليم" أم سليم هي أم أنس، وأبو طلحة علاقته بأم سليم؟ زوجها "لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع" نعم ينكسر الصوت مع الجوع، ويظهر عليه علامات الحاجة القوية الماسة إلى الطعام، فيعرف الجائع، كما أنه يعرف العطشان، يعرف المجهد، يعرف المريض بضعف صوته.

على كل حال الجائع صوته ضعيف.

"سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ " يعني نطعمه النبي عليه الصلاة والسلام لارتفاع هذا الوصف الذي أضعفه "فقالت: نعم، فأخرجت أقراصاً من شعير" أقراص جمع قرص من الشعير "ثم أخذت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه" ببعض الخمار لفت الخبز، لماذا؟ لئلا يبرد فييبس "فلفت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي، وردتني ببعضه" جعلته رداءً، يعني باقي الخمار جعلته رداء، وضعته على أنس، فإذا كان هذا الخمار –خمارها- بعض هذا الخمار فيه الخبز، وجعلته تحت يده، يعني شيء يسير لم يستوعب الخمار كله، ولا أكثر الخمار، إنما وضعت، لفت الخبز ببعض الخمار، وجعلت باقي الخمار رداء.

ص: 17

"وردتني ببعضه، ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذهبت به" يعني بالخبز "فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد ومعه الناس" إلى أين ذهب به؟ إلى أين ذهب بالخبز؟ يقول: "وجدت رسول الله جالساً في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آرسلك أبو طلحة؟ )) قال: فقلت: نعم، قال: ((للطعام؟ )) قلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: ((قوموا)) فانطلق، وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته" إما أن يكون قد جاء بالخبز إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: دعه معك حتى نأكله عند أبي طلحة، أو يكون أوصله إلى أبي طلحة، ثم دعا النبي عليه الصلاة والسلام، لكن ظاهر اللفظ يقول:"ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت به -يعني بالخبز- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" فكأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: دعه معك حتى نأكله عند أبي طلحة.

"فوجدت رسول الله جالساً في المسجد ومعه الناس، فقمت عليهم" يعني وقفت عليهم، جالسين هم، أكثر من سبعين أو يزيدون، وقفت عليهم، يعني قمت "فقال النبي عليه الصلاة والسلام:((آرسلك أبو طلحة؟ )) " وهذا لا شك أنه من علاماته ودلائل نبوته عليه الصلاة والسلام "قال: فقلت: نعم، قال:((للطعام؟ )) فقلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه:((قوموا)) قال: فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته، فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس" يعني أمر يستغرب في الأمور العادية، يؤتى بسبعين على شان أقراص يسيرة من الشعير يأكلها واحد، طعام شخص واحد يدعى إليه هذا الجمع، محل استغراب في الظروف العادية، لكن من عرف حال النبي عليه الصلاة والسلام، وما حصل على يديه من تكثير الطعام ببركة دعائه عليه الصلاة والسلام ما يستغرب مثل هذا.

ص: 18

"فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس، وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم" الطعام أقراص الشعير ما اعتبرها شيء "وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم" طيب عندك الأقراص؟ هذه وجودها مثل عدمها، يا الله تكفي واحد، هي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، "وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم" دع الأمر لله، نحن اجتهدنا وبذلنا ما عندنا والباقي على الله -جل وعلا-، الله ورسوله أعلم، والنبي عليه الصلاة والسلام يعرف ظروف أم سليم، يعرف ظروف أبا طلحة، ويعرف أنهم ما عندهم ما يكفي هؤلاء كلهم.

"فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه حتى دخلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هلمي يا أم سليم)) " يعني هاتي ما عندك يا أم سليم "فأتت بذلك الخبز -خبز الشعير- فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت" إيش معنى فت؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، التفتيت يعني تقطيع الشيء إلى أجزاء يسيرة، كأنه جرش أو شبه الطحن، المقصود أنه فت، والتفتيت معروف، تفتيت الشيء.

"فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت، وعصرت عليه أم سليم عكة لها" معروف العكة إناء من جلد صغير دون القربة فيه السمن أو العسل "فآدمته" يعني صبته عليه "وعصرت عليه أم سليم عكة لها فآدمته" جعلته إداماً يسيغه وإلا فخبز الشعير فيه خشونة، وفيه شيء من اليبس، فلما آدمته وأساغته بهذه العكة وبهذا السمن أو العسل الذي في هذه العكة "ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول" يعني من الأدعية التي تجلب البركة من الله -جل وعلا- على هذا الطعام اليسير.

ص: 19

"ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول، ثم قال: ((ائذن لعشرة بالدخول)) " هات عشرة، وهو طعام وحد "فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا" يعني والطعام على حاله "ثم قال:((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال:((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال:((ائذن لعشرة)) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا، ثم قال:((ائذن لعشرة)) حتى أكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم سبعون رجلاً، أو ثمانون رجلاً".

لماذا ما دعا السبعين أو الثمانين دفعة واحدة؟ المكان لا يستوعب، والأمر الثاني: قد يقول قائل: إنهم إذا اجتمعوا على هذا الشيء اليسير قد يجامل بعضهم، وقد إذا رأى العدد الكبير يجاملون ما يأكلون

، يعني قد يجاملون في مثل هذا، لكن إذا كانوا عشرة، والطعام موجود أكلوا، ولم يجامل بعضهم بعضاً، فكل أكل حاجته حتى شبع، ثم بعد ذلك يدعى غيرهم، والمكان أيضاً لا يستوعب.

قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد".

والمعجزة النبوية في مثل هذا ظاهرة، وله نظائر كثيرة في مسائل تكثير الطعام، وتكثير الشراب، اللبن والماء، هذه أدلتها في الصحيحين متضافرة، والحديث متفق عليه، وفي الحديث دلالة على أن الشبع المنهي عنه هو الاستمرار عليه، وأما إذا وجد الجوع ثم شبع الإنسان مرة واحدة، وأرضى نهمته، وكسر سورة الجوع عنه هذا لا شيء فيه، لكن لا يصير ديدنه الشبع، وكذلك استتباع أو دعوة من لم يدع لا سيما إذا كان الطعام يسير فيكاد أن يحرج منه صاحب المنزل إذا كان يعرف المدعو أن مثل هذا لا يحرج صاحب المنزل، لا يوقعه في حرج، مثل هذا يجوز، وبعض من يدعو إذا كان المدعو عزيز عليه فإنه يفرح به، وبمن يأتي به، نعم.

ص: 20

قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة)) " لماذا؟ لأن الاجتماع بركة، الاجتماع فيه بركة، اجتماع الناس الزاد فيه بركة، فإذا اجتمع الثلاثة على طعام الاثنين كفاهم، وإذا اجتمع الأربعة على طعام الثلاثة كفاهم وهكذا، ولا شك أن الناس يتفاوتون، والنساء تتفاوت التي تتولى صنع الطعام، منهن من جبلت على الزيادة، ومنهن من جبلت على النقص، فالتي جبلت على الزيادة إذا دعا الزوج عشرة يحتاج إلى أن يقول لها: عندي خمسة، وبعض النساء من جبلت على النقص إذا دعا عشرة قال: عندي عشرين، ومع ذلك المعول على مثل هذا الحديث، والمسألة مسألة التوسط في الأمور، يعني التي تعطي الأمور قدرها، إذا قال: عندي عشرة جاءت بطعام عشرة، طعام العشرة يكفي أكثر من هذا العدد الذين اجتمعوا، كما أن طعام الاثنين يكفي الثلاثة، طعام الثلاثة يكفي الأربعة، فهل نقول بهذه النسب، أو نقول: إن طعام الجماعة يكفي أكثر منهم؟ لأن النسب متفاوتة، إذا قلنا: طعام الاثنين كافي الثلاثة، قلنا: طعام العشرة يكفي خمسة عشر، نعم، وإذا قلنا: طعام الثلاثة كافي الأربعة قلنا: طعام الخمسة عشر يكفي العشرين، النسبة تتفاوت في مثل هذا، فالنسبة في أول الأمر الثلث، والنسبة في ثاني الأمر الربع، أو نقول: إن المقصود من هذا الحديث أن الاجتماع على الطعام بركة، وأما التقدير بدقة ليس بمقصود.

والبركة أيضاً تتفاوت، فقد يكون طعام الخمسة يكفي العشرة، طعام العشرين يكفي الخمسين، وقد يكون طعام الاثنين لا يكفي الثلاثة، لماذا؟ لما يحتف في نفوسهم من عدم التصديق بمثل هذا الخبر، وعلى كل حال لا بد من التصديق والتسليم بما جاء عن الشرع، ثم بعد ذلك فعل الأسباب التي جاء بها الشرع، ثم النتيجة تكون كما في الحديث، لا شك أن المقصود بالطعام الذي يمكن الاجتماع عليه.

ص: 21

طيب قد يقول قائل: إذا كان طعام الثلاثة يكفي الأربعة وهكذا فهل تفريق الطعام مثل اللي يسمونه البوفية المفتوح أفضل وإلا الاجتماع على إناء واحد؟ لا شك أن الواضح في مثل هذا الاجتماع على إناء واحد، والتفريق والتفتيت بمعنى أن كل واحد يغترف من هذا الطعام لا يؤدي معنى الاجتماع الذي جاء به هذا الحديث، ومثل هذا البركة تنزل في أعلى الطعام، في وسط الطعام، فعلى هذا يؤكل من أطرافه؛ لأن البركة تنزل في وسط الطعام، فماذا عن الطعام الذي يكون ليس في وسطه شيء؟ نقول: ما في بركة؟ وينبغي ألا يصنع مثل هذا؟ ما في أطعمة تصنع على هذه الكيفية؟ بعض الكيكات وسطها ما في شيء، حتى بعض الولائم الكبيرة يترك الوسط فاضي، فهل نقول: إن مثل هذا لا ينبغي أن يصنع؛ لأن البركة تنزل في الوسط، والوسط ما في شيء، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب إذاً نمنع الكيكات المدورة هذه والدونات وغيرها، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

على كل حال لو جاءت الحاجة، لو مسهم الضر كما مس من قبلهم ما تفننوا مثل هذا التفنن، لكن الله -جل وعلا- حكيم عليم، يوسع ويضيق، والأجر والثواب على قدر الشكر والصبر، والله المستعان.

طالب:. . . . . . . . .

البقية نعم.

طالب: هل هذا من الاجتماع. . . . . . . . .

والله كأنه ما هو باجتماع هذا، اللي يظهر أن الاجتماع على إناء واحد، هذا تفرق.

طالب:. . . . . . . . .

لا، البركة كما جاء في الحديث الصحيح في وسطه، وجاء النهي عن الأكل من الوسط؛ لأن البركة تنزل في وسطه.

طالب:. . . . . . . . .

يعني ما دون الأطراف.

طالب:. . . . . . . . .

والله ما أدري نحتاج إلى .. ، الوسط حسي هذا معروف.

قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أغلقوا الباب، وأوكوا السقاء)) " إذا أراد الإنسان أن ينام يغلق عليه الباب؛ لأن الشيطان لا يفتح الباب المغلق.

((وأوكوا السقاء)) لئلا ينساب فيه شيء يؤذيه، ويقذره عليه، أو يضره، وأيضاً الشيطان لا يحل وكاءً كما في الحديث.

ص: 22

((وأكفئوا الإناء)) يعني اقلبوه؛ لئلا يعرض للحس الشيطان، أو الدواب المؤذية السامة ((أو خمروا الإناء)) ((وأوكوا السقاء، وأكفئوا الإناء، أو خمروا الإناء)) (أو) هذه شك، يعني هل قال: أكفئوا الإناء أو خمروه؟ يعني غطوه.

((وأطفئوا المصباح)) ولا شك أن المصباح فيه نار قد يتعدى ضررها إلى من بجوارها، كثيراً ما تحدث الحرائق بسبب هذا المصباح، وهذه الدفايات الموجودة المحرقة.

((فإن الشيطان)) العلة ((لا يفتح غلقاً)) المغلق لا يفتحه الشيطان ((ولا يحل وكاءً)) المربوط لا يحله ((ولا يكشف إناءً مغطى، وإن الفويسقة)) يعني الفأرة ((تضرم على الناس بيتهم)) يعني تأتي إلى هذه الفتيلة أو تأتي بشيء إليها فتوقده وتحرقه فيحترق البيت ومن فيه.

قال: "وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)) " الأصل أن الإنسان محاسب بجميع ما يلفظ به، فإن قال خيراً كتب في ميزان حسناته، في صحيفة الحسنات، وإن قال شراً كتب في صحيفة السيئات، وإن قال لا هذا ولا هذا، فالخلاف بين أهل العلم معروف هل يكتب أو لا يكتب؟ مع أن قوله -جل وعلا-:{مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [(18) سورة ق] يدل على أن كل شيء يكتب، وعلى هذا على الإنسان أن يحتاط لنفسه؛ لأن كثرة الكلام لا بد أن توقع في المحظور والممنوع، فمن كثر كلامه كثر سقطه ((ليقل خيراً أو ليصمت)) وفاز من جبل على الصمت؛ لأن أكثر الكلام في القيل والقال الذي لا فائدة فيه فضلاً عن الكلام المحرم، فعلى الإنسان أن يهتم لمثل هذا، ولذا قال معاذ بن جبل: وهل نؤاخذ أو وهل يؤاخذ الناس على حصائد ألسنتهم -على الكلام يعني-، قال:((وهل يكب الناس على وجوههم)) أو قال: ((على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم)) فلا شك أن من يحتاط لنفسه، ويتحرى في هذا الباب، والناصح لنفسه أن يلزم الصمت إلا فيما ينفع.

ص: 23

((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)) وقد جاءت الوصية بالجار في أحاديث كثيرة جداً ((وما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) فالجار له أكثر من حق، حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة، إن كان قريباً، وإلا لو لم يكن له إلا حق الإسلام والجوار، أو حق الجوار فقط إن كان غير مسلم.

((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) لا يجوز أن يحتاج المسلم بين المسلمين، لا يجوز أن يجوع بين إخوانه المسلمين، لا يجوز أن يبيت في العراء والبرد الشديد أو الحر الشديد بين إخوانه المسلمين فالضيف الذي بعد عن أهله ووطنه لا بد من أن يقوم المسلمون به، وهذا من فروض الكفايات.

((فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة)) يعني الواجب يوم وليلة ((وضيافته)) يعني القدر الزائد على ذلك ((ثلاثة أيام، فما كان بعد ذلك فهو صدقة)) يعني إحسان إلى هذا الضيف ((ولا يحل له –يعني الضيف- أن يثوي عنده حتى يحرجه)) يعني لا يحل له أن يأتي بمتاعه ويسكن عند هذا، صاحب هذا البيت، ويقول: عليك أن تكرم الضيف، الآن صار شريك، ما صار ضيف هذا، فلا يجوز له أن يحرجه، ولذا جاء النهي عن الدخول على المضيف قبل نضج الطعام، وانتظار نضجه، لا سيما بيوت النبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك إذا طعمتم فانتشروا؛ لأن الناس لهم خصوصياتهم ولهم ظروفهم، لا سيما في أوقاتنا التي نعيشها، فعلى كل حال على صاحب البيت أن يضيف، وأن يكرم ضيفه، وعلى الضيف أيضاً أن يلاحظ خصوصيات صاحب البيت.

نقف على الحديث وإلا

؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب

ص: 24