الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سمعت أبا قتادة بن ربعي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره إن شاء الله)) قال أبو سلمة: "إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل، فلما سمعت هذا الحديث فما كنت أباليها".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول في هذه الآية: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [(64) سورة يونس] قال: "هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتاب الجامع:
باب ما جاء في الرؤيا:
وبعض النسخ فيها كتاب الرؤيا، وفيها عدة كتب كل كتاب مستقل عن كتاب الجامع، ومع ذلك إذا نظرت في الأبواب ما تجد هناك رابط، يعني مثلاً كتاب الرؤيا باب ما جاء في الرؤيا، بعدها: باب ما جاء في النرد، هل يصلح ما جاء في النرد تحت الترجمة كتاب الرؤيا؟ أو نقول: باب ما جاء في الرؤيا، وباب ما جاء في النرد، وكلاهما داخل في كتاب الجامع الذي تقدم، وغير ذلك، باب العمل في السلام، ليست تراجم كبرى، إنما جميع هذه التراجم تحت الترجمة السابقة كتاب الجامع.
الرؤيا: مصدر رأى، يفرقون بين المصادر الثلاثة من الفعل الواحد رأى، فإن كانت بالعين المجردة صار المصدر رؤية، رأى رؤية، وإن كان في المنام فالمصدر رؤيا كما هنا، وإن كان في المسائل العلمية والعقلية قيل: رأياً، رأى رأياً، فعل واحد، رأى رؤيا، ورأى رؤية، ورأى رأياً، التفريق في المصادر من أجل التفريق في الحقائق، حقيقة الرؤيا غير حقيقة الرؤية، وحقيقة الرؤية غير حقيقة الرأي، فيفرقون بالمصادر.
والرؤيا هي ما يراه النائم أثناء نومه، وهي فيها شيء من الرؤية باعتبار أنه يرى أشياء إلا أنها ليست برؤية تامة، إنما يعتريها ما يعتري النقص اللاحق بسبب النوم، من رأى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام فقد رآه؛ لأن الشيطان لا يتمثل به، لكن الإشكال في النقص الذي يعتري الرائي، يعني لو رأى النبي عليه الصلاة والسلام نقول: رأى النبي عليه الصلاة والسلام، لكن ما يحدث أثناء هذه الرؤيا إن كان هناك ما يؤيده من الشرع فلا إشكال، وإن كان هناك ما يعارضه أيضاً فلا إشكال؛ لأن الرؤى لا يترتب عليها أحكام شرعية، ولا يغير بها أحكام شرعية، إذا كانت الرؤيا لا موافق لها من الشرع ولا معارض فكذلك، إن كانت في أمور عادية فالأمر سهل، وإن كانت في أمور شرعية فلا؛ لأن كثيراً ممن التبس عليه الأمر يعمل بمقتضى الرؤى، فيقول: رأيت النبي عليه الصلاة والسلام وقال: صم هذا اليوم، أو قل للجماعة الفلانية، أو أهل البلد الفلاني يصومون هذا اليوم، نقول: لا، لا يصومون، طيب الرسول لا يتمثل به الشيطان، الإشكال فيك أنت، وفي ضبطك، ليس الإشكال في الرسول عليه الصلاة والسلام، يسترسل بعضهم ويثبت بها أحكام يعارض بها نصوص، فمنهم من يرى الرسول عليه الصلاة والسلام يقول له: الحديث الفلاني أو يسأل الرسول عن الحديث الفلاني فيقول: صحيح أو ضعيف، كل هذه لا تثبت بالرؤى، الدين كمل بوفاته عليه الصلاة والسلام، والسبب في ذلك لا الشك في رؤية النبي عليه الصلاة والسلام إنما الشك في أهلية الرائي؛ لأن الأصل أنه نائم، والنائم لا يعقل تصرفاته، تجدون بعض من فيهم شوب من التصوف يسترسلون في هذا الباب، ويعارضون أحكام، ويبنون أحكام جديدة بمجرد رؤى، ويصححون أحاديث حتى تجاوز بعضهم مسألة الرؤيا، حتى زعم أنه يرى النبي عليه الصلاة والسلام في اليقظة، ويسأله عن أحكام، وعن أحاديث فيجيبه، ويقول: إن الشيطان لا يتمثل بالنبي عليه الصلاة والسلام، نقول: هذا الكلام صحيح، لكن الإشكال فيك أنت، هل ضبطت هذه الرؤيا؟ بدليل أن الإنسان يرى رؤيا طويلة، ثم إذا أراد أن يعيدها ضاع تفلت منه أكثرها، تفلت منه كثير منها؛ لأنه ليس في حالة ضبط تامة، والكلام الصحيح
عموماً سواءً كان من الحديث أو غيره يحتاج إلى الضبط التام، وهذا شرط من شروط صحة الخبر، فالنائم ليس من أهل هذا الوصف، والخلل يتطرق إلى محتوى ومفاد هذه الرؤيا بسبب اختلال الضبط.
في أماكن عبدت من دون الله، ويتمسح بها، ويتقرب إليها، ويسجد إليها بناءً على رؤيا، ولا هي من رؤيا النبي عليه الصلاة والسلام، يرى شخص من الأشخاص يقول: إن المكان الفلاني بات به النبي عليه الصلاة والسلام، أو ولد فيه النبي عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك، في قرون متأخرة في التاسع والعاشر، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد في الصورة التي نقلت إلينا بالنقل الصحيح.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هو إذا تحقق أنه النبي عليه الصلاة والسلام بأوصافه التي نقلت إليه، ثبت بالنقل الصحيح الشيطان لا يتمثل به، بعض الناس اللي يعتمدون نقد المتون، يقول: جاءنا مدرس كان وزنه ثقيل جداً، ودخل الفصل وقال: أنا البارحة رأيت النبي عليه الصلاة والسلام فحملني على كتفه، ودار بي، قال: هذه رؤيا باطلة، هذا الرسول .. ، يا الله سيارة تشيلك.
أقول: يسترسلون في مثل هذا الباب، والإشكال إذا أدخلت الأحكام سواءً كانت إثبات أو إلغاء، قد يقول قائل: الأذان إنما ثبت برؤيا، نقول: نعم رؤيا لكنها مقرة من النبي عليه الصلاة والسلام، اكتسبت الشرعية من إقراره عليه الصلاة والسلام.
قال رحمه الله: "حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الرؤيا الحسنة)) " بعض الروايات: ((الصادقة)) وبعضها: ((الصالحة)) ((من الرجل الصالح)) قد تكون الرؤيا حسنة لكن الرجل ليس بصالح، وقد يكون الرجل صالحاً، والرؤيا ليست بحسنة.
إذا توافر فيها الأمران إذا كانت صادقة صالحة حسنة من رجل صالح فإنها تكون ((جزءاً من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)) وتخريج هذه النسبة لأن مدة الرسالة ثلاث وعشرون سنة، والرؤيا منها مدتها ستة أشهر يعني نصف سنة، الثلاث والعشرون سنة فيها ست وأربعون جزء من النصف الذي هو ستة أشهر، يعني لو قسمت ثلاث وعشرين على ستة أشهر ظهر عندك العدد ستة وأربعين جزء، إذ أن الستة الأشهر عبارة عن جزء من ستة وأربعين جزءاً من مدة النبوة؛ لأنها ثلاث وعشرين سنة، لكن ما جاء في الجزئية السابقة أن ابن عباس أنه كان يقول:"القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة" هذه استخراج وجهها صعب.
قال: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك".
قال: "وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن زفر بن صعصعة عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة -صلاة الصبح، صلاة الفجر- يقول لأصحابه: ((هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ )) " نعم لأنه مؤيد بالوحي، ولن يخطئ في تعبيرها، ولذا لا يعرف عن أحد من أصحابه لا من أبي بكر ولا من عمر أنه كان يقول ذلك، فهذا خاص به، وأبو بكر -رضي الله تعالى عنه- أفضل الأمة عبّر بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:((أخطأت وأصبت)) ليس بمؤيد بالوحي، بينما الرسول عليه الصلاة والسلام المؤيد بالوحي يطلب مثل هذه الرؤى ويعبرها، ويقول: هل يبقى، أو ((ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة)) على ما تقدم وأنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لن يبقى بعدي من النبوة إلا المبشرات)) فقالوا: وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: ((الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له)) " سواءً كان رآها بنفسه، أو رئيت له هذه مبشرة، لكنه لا يتكل عليها ويعتمد عليها، ولا يخالف فيها نص، ولا يضمن السعادة بسببها، نعم هي مبشرة، لكن مع ذلك يبقى بين الخوف والرجاء، مع وجود هذه المبشرات.
طالب: كل الناس؟
كل الناس إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما نقول هذا، الرؤيا الجارية على مقتضى الشرع هذه ما فيها إشكال، وقد يضبط نصف الرؤيا، ربع الرؤيا، بعضهم يضبط الرؤيا كاملة، لا سيما إذا كانت قصيرة ومحددة بجملة، بعضهم يأتيه أحد في النوم ويلقي إليه جملة يعني سيحدث كذا، ثم يحدث بالفعل، هذه ضبطها لأنها
…
، كل يضبطها حتى ضعيف يضبط مثل الشيء اليسير، لكن إذا كان طويل ما ينضبط، ومع ذلك الأصل في النائم أنه عديم الضبط، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أبداً، ولا عرف في سلف هذه الأمة من جعل التعبير مهنة أبداً، وجميع ما ذكر عن ابن سيرين وهو أشهر من في الباب جميع ما ذكر عنه ما يعادل تعبير يوم لبعض الناس ممن يتخذها مهنة، ويأخذ عليها أجراً.
قال: ((الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)) يعني على ما تقدم، ثم قال بعد هذا رحمه الله:
"حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سمعت أبا قتادة –يعني الحارث بن ربعي- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الرؤيا الصالحة من الله)) " الصالحة الصادقة من الله -جل وعلا-، ((والحلم من الشيطان)) يعني واحد الأحلام الأضغاث، هذه من الشيطان، يتلاعب ببني آدم، يتلاعب بهم في النوم، ((فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه)) فلا يسعى في تعبيره، وإنما ينفث عن يساره ثلاث مرات، والرؤيا كما جاء في الخبر على رجل طائر إن أولت وقعت، ((فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ، وليتعوذ بالله من شرها، فإنها لن تضره إن شاء الله)) فإنها لن تضره إذا فعل ذلك انتهى أثرها.
وعلى هذا لو أن إنساناً ممن يتصدى للتعبير ثم جاءه من رأى رؤيا ليست بصالحة، هي في ظاهرها، بعض الناس يرى شيئاً ظاهره صالح، ثم بعد ذلك إذا ذهب إلى المؤول أو العابر تبين أنها ليست بصالحة، والرؤيا المؤثرات على تأويلها وتعبيرها كثيرة: منها ما يتعلق بالرائي، ومنها ما يتعلق بالمرئي، ومنها ما يتعلق بالظرف الذي يعيشه، ومنها ما يتعلق
…
، المقصود أن المتعلقات كثيرة، كلها على العابر أن يستحضرها، وبعد الاسترسال الذي حصل من بعض من ينتسب إلى طلب العلم تجد الآن الناس يمتحنونهم فيسألونهم عن أشياء يكذبون فيها ما حصلت، يختبرونهم في رؤى ما وقعت ويعبرونها، وهذا إشكال كبير؛ لأن تعبير الرؤيا له ظروفه، وله أحواله، وقد يعبر لشخص ما لا يعبر للآخر، يعني مثلما ذكر عن ابن سيرين أنه جاءه رجل قال: رأيت أني أذن، قال: تحج -إن شاء الله- هذه السنة، وجاءه آخر قال: رأيت أني أذن نفس الوقت، قال: سوف تقطع يدك، فرق كبير بين من يحج ومن تقطع يده، وذلكم إلا لأن الأحوال التي احتفت بالأول غير الأحوال التي احتفت بالثاني، فالمؤلفات التي ألفت في التعبير ما تلاحظ هذه الأمور، من رأى كذا سوف يحصل كذا، بينما العابر عليه أن ينتبه لهذه المؤثرات، يعني هناك أمور دقيقة جداً.
شخص يقول: رأيت خيطاً انسل من شماغي، قال: شماغك اللي عليك الآن؟ قال: نعم، قال: بيتصل عليك واحد من المسئولين الكبار، أمير، من أين أخذ هذا؟ قال: لأن الشماغ ملكي، وبالفعل يعني ما مضى إلا وقت يسير ويتصل عليه، يعني هذه وقعت، فهناك أمور ينبغي ملاحظتها للعابر، ومع ذلك الاسترسال واتخاذ التعبير مهنة ليس من عادة السلف، يعني مهنة يكتسب من روائها، ومثلها الرقية، يعني هذه لها أصول شرعية، الرقية لها أصل شرعي، التعبير له أصل شرعي، لكن مع ذلك لا يوجد في سلف هذه الأمة من نصب نفسه لهذا الأمر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حصلت لبعض الصحابة وبعض التابعين، هذه ما فيها إشكال -إن شاء الله-، وحصلت للنبي عليه الصلاة والسلام رؤية الرب -جل وعلا- في الرؤيا، يعني من باب أولى، لكن حديث ما جاء أن الله -جل وعلا- في يوم القيامة أنه يأتي بصورته أو يأتي بصورة غير صورته، ثم بعد ذلك إذا قال: إنه الرب يقال له: لا؛ لأن الذي يقول: لا عنده من النصوص الذي يثبت بها الصفات لله -جل وعلا- على ما جاء عنه، وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ثم يأتي على الصفة التي يعرفونها، فهذا محل نظر، يعني يحتاج إلى تحرير، والأصل أن الشخص يكون مؤهل عنده من الخبرة، وعنده من الفطنة، وعنده كذا، وأيضاً بالدربة.
طالب:. . . . . . . . .
ما أدري والله.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال عبر لهم ووقع كما قال، لكن كون الهالك يحمل الخبز على رأسه، والطير تأكل منه، يستدل به على أنه يصلب، قد يقول قائل: إن الذي يحمل الخبز هذا ويش المانع أنه يحمله للتصدق به؟ يحمله لكذا؟ لكن يوسف مؤيد بالوحي عليه السلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا مثل الأحكام على الأحاديث وغيرها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه إذا كان ظاهرها وهو صالح فتؤول ويش المانع؟ تؤول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هو فتوى من جهة، لكنه لا يضيف هذا إلى الله -جل وعلا-، فتوى في الأحكام الشرعية لا شك أنه أمره خطير؛ لأنه يقول: إن هذا حكم الله في هذه المسألة، إذا كان بغير علم فهو كذب بلا شك.