الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على كل حال الذي في داخل المسجد له أن يحجز، الذي يريد أن يتكأ على جدار ويحجز في الصف الأول له ذلك، المقصود أنه لا يجوز أن يحجز مكان ويتحجر مكان وهو خارج المسجد، اللهم إلا إذا تقدم إلى مكان ثم خرج من المسجد ليعود إليه قريباً، يعني يحتاج للدورة، يحتاج شيء، يعود قريباً لا بأس، لا بأس أن يحجز مكان.
هذا كلام طويل عن المشرق والمراد به.
يقول: ذكرتم في الدرس قبل الماضي في باب: ما جاء في المشرق أن المقصود به العراق لرواية الطبراني، ولكني وقفت على كلام لشيخ الإسلام في الفتاوى في المجلد الرابع.
ثم ذكر أنه يراد بالمشرق ما هو أعم من ذلك، هذا الكلام صحيح، كل ما كان شرق مكة أو شرق المدينة فهو مشرق، هذا في الكلام العام، لكن المقصود به في هذا الحديث تبينه الروايات الأخرى، رواية الطبراني تبين المراد به في هذا الحديث.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيما يخاف من اللسان
حدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة)) فقال رجل: يا رسول الله لا تخبُرُنا.
لا تخبرْنا.
أحسن الله إليك.
فقال رجل: يا رسول الله لا تخبرنا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل مقالته الأولى، فقال له الرجل: لا تخبرنا يا رسول الله، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أيضاً، فقال الرجل: لا تخبرنا يا رسول الله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل ذلك أيضاً ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الأولى فأسكته رجل إلى جنبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه)).
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه، فقال له عمر: مه غفر الله لك، فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيما يخاف من اللسان
قدم ذكر الغيبة لكثرة وقوعها بين الناس، وإلا هي داخلة في هذا الباب، لكنه أفردها في باب خاص للاهتمام بشأنها والعناية بها، وشدة التحذير منها.
يقول:
باب: ما جاء فيما يخاف من اللسان
"حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من وقاه شر اثنين ولج الجنة)) " يعني من جسده، اثنين من جسده ولج الجنة، دخل الجنة إذا كفي ووقي شر هذين الاثنين "فقال رجل: يا رسول الله لا تخبرنا" يعني الذي يستمع هذا الكلام يستعظم مثل هذا الأمر "يا رسول الله لا تخبرنا" والعلماء يوجهون مثل هذا أنه خشي من تبعة هذا القول، أنه إذا بين ووضح وفصل عجز عن اتقاء شر هذين الاثنين، فيبقى الأمر على الإجمال أيسر من التنصيص؛ لأن الشيء إذا نص عليه لزم ((ذروني ما تركتكم)) مع أن في هذا المتروك الذي فيه سعة ما دام متروك لو بين ووضح وحذر منه، ونص عليه صار الأمر فيه أشد "يا رسول الله لا تخبرنا" خلنا على الإجمال ويكون الأمر فيه أخف؛ لأن النصوص العامة والقواعد العامة يعني دخول بعض المفردات فيها أخف من أن ينص على بعض مفرداتها، يعني البدن فيه أكثر من اثنين، ما بين لحييه وبين رجليه، وفيه عينان، وفيه أذنان، وفيه يدان، وفيه أمور تزاول المعاصي بواسطتها، فالأمر أعم من أن يكون بين اللحين، وبين الرجلين، لكن إذا نص على ما بين اللحين وبين الرجلين صار الأمر فيهما أشد، فهذا يريد أن تدخل في العموم في الجملة، فيكون الأمر فيها أخف، لا تخبرنا، يعني من عرف أنه في بيته سُرق له شيء، والاحتمال لا يتعدى الزوجة والأولاد ما في غيرهم، الأبواب مغلقة، كون الأمر يبقى محتمل بين هؤلاء المجموعة خمسة أو ستة أو عشرة أيسر وإلا بين أن يبقى منصوص على شخص بعينه منهم؟ العموم أخف من التخصيص، فخشي هذا أنه إذا نص وخصص شيء يكون فيه من الشدة بحيث لا يستطاع، وإلا الرسول يقول:((من وقاه شر اثنين ولج الجنة)) فقال رجل: يا رسول الله لا تخبرنا، كأن هذا فيه اعتراض على ما أرد النبي عليه الصلاة والسلام أن يخبر به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في رواية: "ألا" في رواية أخرى، لكن الرواية التي معنا:"لا تخبرنا" وهي رواية الأكثر، لكن في رواية أخرى أنه على سبيل العرض، يعني طلب منه برفق ألا تخبرنا، من أجل أن نتقي هذين الأمرين هذا أسلوب مقبول من أجل أن يحذر هذين الاثنين ويحتاط لهما، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا بد أن تدل القرائن على الزيادة، وإلا الأصل أن النفي أو النهي ثابت، هذاك نفي، وهنا نهي، الأمر الثاني أن هناك جواب القسم يدل على أنه قسم، القرينة تدل على أنه قسم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا، معروف أنه لا سيما مع التكرار، يخبر النبي عليه الصلاة والسلام يقول ما يقول، ثم يقول: لا تخبرنا، لا تخبرنا، الرواية الأخرى فيها العرض، يعني طلب الإخبار برفق، يعني ألا تخبرنا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يكون على الضد، الذي خشي من الإخبار الذي أسكته، يكون على الضد، يعني في رواية: لا تخبرنا الذي خشي من تبعة الإخبار هذا الرجل، والذي أراد الإخبار الذي أسكته، وفي رواية العرض: ألا تخبرنا، العكس، الذي خشي من تبعة الإخبار الذي أسكته.
"فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل مقالته الأولى"((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة)) "فقال له الرجل: لا تخبرنا" فقال رجل، ثم في الموضع الثاني فقال له: الرجل، النكرة إذا أعيدت معرفة فهي عينها، نفس الرجل، لكن لو قال: فقال رجل، ثم فقال له رجل يعني آخر، فلما جاء به معرفة صار عينه، عين الرجل الأول "لا تخبرنا يا رسول الله، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال مثل ذلك"((من وقاه الله شر اثنين))
…
إلى آخره.
"فقال الرجل: لا تخبرنا" وهو الرجل عينه، الأول "لا تخبرنا يا رسول الله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الأولى فأسكته رجل إلى جنبه" يعني من التكرار، من تكرار النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الخبر كأنه يود أن يخبر، لكن من أدبه عليه الصلاة والسلام لا يحب المصادمة من أول الأمر، لعل الرجل يفهم، لعله يترك، لعله يترك من نفسه من دون أن يسكت فأسكته رجل، نعم إلى جنبه "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة)) " دخل الجنة ((ما بين لحييه وما بين رجليه)) يعني ما بين لحييه يعني اللسان، بين الفكين اللحيين نعم هو اللسان، وما بين رجليه يعني الفرج "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة، ما بين لحييه وما بين رجليه، ما بين لحييه وما بين رجليه)) " كررها ثلاثاً للتأكيد.
قال: "وحدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه فقال له عمر" أبو بكر الصديق أفضل الأمة بعد نبيها، يعني أفضل المخلوقين بعد الأنبياء على الإطلاق، دخل عمر "دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه" يجبذ ويجذب بمعنى واحد، يجذب لسانه بيده "فقال له عمر: مه" اكفف، ما الذي دعاك إلى هذا؟! "غفر الله لك! فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد".
وهل تظنون أنه ينطق بمحرم عن علم بتحريمه، وهو خير هذه الأمة بعد نبيها؟ حاشاه، وليس بمعصوم، لكن قوله: إن هذا أوردني الموارد يعني في الكلام بما هو مفضول مثلاً، وبما هو خلاف الأولى، يعني عندنا كلام واجب، وكلام مستحب، وكلام مباح، وكلام مكروه، وكلام محرم، فالذي يتكلم بالمستحب مع إمكانه أن يتكلم بالواجب، هذا خلاف الأولى، يتكلم بمباح مع إمكانه أن يتكلم بمستحب بدلاً من القيل والقال الذي لا تبعة فيه، ولا تحريم فيه يسبح ويذكر الله -جل وعلا-، صار يتكلم بما هو خلاف الأولى، فضلاً عن أن يتكلم بالمكروه والمحرم.