المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٨١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد

وسلف هذه الأمة يتعاظمون كثير من الأمور التي هي ليست بشيء عند غيرهم، ليست بشيء، يعدون بعض الأمور من العظائم وهي عندنا كأنه ذباب وقع على الأنف فطرد، لا شيء، فأبو بكر يقول: إن هذا أوردني الموارد، فكيف بغيره؟ كيف بغيره ممن اعتاد أن يقضي أوقاته بالقيل والقال، ولا بد أن يخرج عن دائرة المباح إلى المكروه، إذا كثر الكلام وطال المجلس لا بد أن يكون للشيطان فيه نصيب، ثم بعد ذلك هناك أقوام وفئام من الناس لا يتورعون عن الكلام المحرم، ومع الأسف أنه قد يوجد بين بعض طلاب العلم، بعضهم كأنه نصب حكماً بين العباد، إذا جلس في مجلس ليس له هم إلا أن فلان قال، وفلان أفتى، وفلان زعم، وفلان ترك، فيأتي يوم القيامة مفلساً، وإن كان له أعمال.

المفلس كما قال في الحديث الصحيح: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، يعني الحقيقة وهي حقيقة شرعية هذا مفلس، من وجد متاعه عند رجل قد أفلس هذا هو، يعني من زادت ديونه على موجوداته هذا مفلس، لكن المفلس الحقيقي الخسارة الحقيقية خسارة الآخرة، والدنيا كلها لا تعدل شيء بالنسبة للآخرة، المفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال، ثم بعد ذلك يوزعها على من يقع في عرضه، يقع في ماله، يقع بشتمه، بضربه، بسفك دمه، يوزع هذه الأعمال التي هي أمثال الجبال تعب عليها، لكنه لم يستطع صيانتها ولا حمايتها، لا عن غيره بل عن نفسه، ما استطاع، اللسان هو الذي يورد الموارد، ويورد المهالك، قد ينطق بالكلمة كما تقدم لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً، وإذا كان أبو بكر هذا وضعه يقول: أوردني الموارد فكيف بغيره؟! نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه سيسترون عليه هذه عادتهم، يبهم ستراً عليه، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد

ص: 7

حدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: كنت أنا وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رجلاً آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخرا شيئاً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((لا يتناجى اثنان دون واحد)).

وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد)).

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد

ما جاء من النهي في المناجاة، يعني المفاعلة كل واحد يناجي الثاني، اثنين دون واحد، أما إذا كان أكثر من واحد كما بينه في الحديث الذي هو صدر الترجمة، المصدر به الباب فلا مانع، ولا شك أن مناجاة اثنين دون الثالث يحزنه، ويوقع في قلبه شيء، قد يسول له إبليس، ويوسوس له أنهما يريدان الإساءة إليه، ومناجاتهما بعيدة كل البعد عن هذا، وإذا وجدت مثل هذه الوساوس وهذه الخواطر حصلت البغضاء، وحصلت الشحناء، وحصلت الأحقاد بين المسلمين، وهذه أمور جاء الشرع بحسمها، ولا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، وإذا وجدت الشحناء والبغضاء انتفت هذه الصفة التي التحاب في الله -جل وعلا-.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

هو الأمر لا يعدوه، لكن يبقى أنه لا بد أن يكون في نفسه شيء، قد يأذن من باب المجاملة، لكن نفسه لا بد أن يبقى فيها شيء.

ص: 8

قال: "حدثني مالك عن عبد الله بن دينار قال: كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه" يناجي من؟ يناجي عبد الله بن عمر "وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رجلاً آخر" بالسوق، قال: تعال يا أخي اجلس مع هذا "فدعا عبد الله بن عمر رجلاً آخر حتى كنا أربعة" المناجي والمناجى مع الثالث والرابع الذي أضيف إليه "فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخرا شيئاً" من أجل إيش؟ ألا يسمعا الكلام؛ لأن المناجاة الكلام الخفي، ولا يخفى إلا من أجل ألا يسمع "استأخرا شيئاً، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتناجى اثنان دون واحد)) " هذا في الكلام الخفي المخافتة في الكلام، إذا كان الكلام بلغة لا يفهمها الثالث، وإن كان مع رفع الصوت هل يدخل في هذا أو لا يدخل؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب: العلة موجودة.

العلة موجودة، يعني لو دخل، جاء واحد جالس في المسجد فدخل عامل المسجد من غير العرب، ودخل مع واحد ثاني ويتكلمون وأنت جالس، نقول: لا يجوز تتكلمون حتى يحضر رابع؟

طالب: يا شيخ لو كانوا ثلاثة في مجلس ويتكلمون مع بعض ثم تكلم اثنين منهم بالإنجليزية؟

لأنهم يعرفون، هذا ما فيه إشكال، القرينة تدل على أنهم .. ، العلة واضحة؛ لأن القرائن لها مدخل في مثل هذا، قد يكون الاثنان ما لهم علاقة بالثالث ذا، يتحدثون في موضوع لا يعنيه، هل نقول: لا بد من إحضار رابع؛ لأن العلة موجودة؟ أو إذا دلت القرينة على أنهم مجموعة ثلاثة، ثم انفردوا بكلام بحيث لا يفهموا، بلغة لا يفهموها، وهو منهم وبينهم؟ فلا شك أن القرائن لها أثرها في مثل هذا، يعني لو أن اثنين يسولوفون مرتكئين على قدام هناك يسولفون ودخل واحد، دخل ونحر البرادة يشرب، ثالث ما يسمع كلامهم، نقول: لا بد تجيب رابع معك؟ ما له علاقة هذا، الكلام فيما إذا كانوا مجموعة ثلاثة، ثم انفرد واحد بالثاني، صاروا يتناجون، والثالث لا شك أنه يحزنه، أما إذا كان لا ارتباط له بهم أو بهما فهذا الأمر لا يدخل في مثل هذا.

ص: 9