المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٨١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين

هذا أمره سهل إذا كان يتعلق بها، لكن لو وصف نفسه بأوصاف أو بأفعال أو كذا ليست صحيحة مثل غيرها، لكن مثل هذا يعني ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)) لكن قد تدعوه شهوته وغريزته إلى شيء من ذلك ثم يثوب ويعود ويتوب أو لا يتوب فيعاقب به، هذا لا يخرجه من

، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

فيما يوافق ما يجوز أن يكذب عليها به، يعني يحرجها في أمور لا تستطيعها، فيقول: أنت مثلاً لا تعرفين الطبخ مثلاً، ثم تقول: لا، أنا أطبخ كذا، أو طبخت كذا، أو فعلت هكذا عند أهلي، أو

، يعني تتخلص منه مثلما يتخلص منها، يعني إذا عرفنا السبب والعلة التي يدور عليها الحكم تعدت، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين

حدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)).

تنَاصحوا وإلا تُناصحوا؟

طالب: إيه فتحها يا شيخ.

إيه عندنا فتحها، لكن معناها؟

طالب: إيه تُناصحوا.

((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال)).

وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)).

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين

وذو الوجهين، المال هو مال الله، وصاحبه مؤتمن عليه {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور].

ص: 16

قال رحمه الله: "حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أبي صالح السمان ذكوان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثاً)) " ذكرنا مراراً أن ذكر العدد يفيد، يعني لو قال: إن الله يرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا

إلى آخره من دون ثلاثاً، فحفظها الإنسان وأراد استذكارها قد ينسى منها شيء، لكن إذا كانت ثلاث وثلاث حسب بأصابعه واحد اثنين ثلاثة، واحد اثنين ثلاثة، إذا نسي شيء لا بد أن يراجع.

قال: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً)) وهذا مع كونه مرضي هو فرض، بل لا يصح الإسلام إلا به ((وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً)) يعني: ولا تفرقوا، بحبل الله بكتابه بدينه ((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)) ولي الأمر له من الحقوق ما تقدم تجب طاعته و ((الدين النصيحة)) قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم)) فهو أولى الناس بالمناصحة، وهذا لا يعني كونه يناصح أو كونه ينبه لا يعني هذا نزع اليد من الطاعة، أو أن هناك تعارض بينهما، ولذا جاء الجمع بينهما في حديث عبادة بن الصامت:"بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، على أن نقوم أو نقول بالحق، لا نخاف في الله لومة لائم" لكن بالأسلوب الذي يحقق المصلحة، ولا يترتب عليه مفسدة؛ لأن شأن النصيحة، وشأن الإنكار أمره مقرر عند أهل العلم، ألا يغير بمنكر أعظم منه.

ص: 17

قال: ((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)) المناصحة لا بد منها، وإذا لم يناصح ولم يبين له كيف تستقيم الأمور إذا كان الديدن غشه بالثناء الكاذب، هذا أهل العلم يؤكدون على مثل هذا، أنه من الغش لولي الأمر أن يثنى عليه ثناءً كاذباً أنت فعلت وتركت، وما أدري ويش؟ ويغطى عنه الجانب الآخر، بل العكس نصيحته هي التي تنقذه من عذاب الله -جل وعلا-، وتنقذ غيره، فالنصح لا بد منه، لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، والنبي عليه الصلاة والسلام في الأسلوب الحصري قال:((الدين النصيحة)) لكن بالشرط الذي اتفق عليه أهل العلم، لا يترتب على ذلك مفسدة أعظم، إذا ترتب على ذلك مفسدة أعظم ما حققت النصيحة ولا حققت الأمر والنهي الفائدة المرجوة منه.

قال: ((ويسخط لكم قيل وقال)) يعني كثرة الكلام، قيل كذا، وقال فلان كذا، وكفى بالمرء إثماً أو كذباً أن يحدث بكل ما سمع، تجد الإنسان يفرح بأي خبر من أجل أن يروج به، وينفق، وتتسع له مجالس الناس، إذا جلس والله فلان -ما شاء الله- يسولف ما شاء الله، وعنده أخبار، وعنده علوم، وتجد فلان يلزم عليه، وأنت من المبطئين ما شفناك، وأنت ما سيرت، وتجده من مجلس لمجلس من أجل إيش؟ أنه قيل وقال، كأنه إذاعة، ما يسكت أبد، ولو يقول: لا إله إلا الله من دون أن يتعرض لهم بشيء استثقلوه، إذا كان هذه عادته، وهو مرغوب من أجل هذا، فكيف إذا أنكر عليهم شيئاً يكرهونه، والحق ثقيل على النفوس، يمكن ما يدعى مرة ثانية.

((ويسخط لكم قيل وقال)) وفي هذا الحديث صفتي الرضاء والسخط لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته ((يسخط لكم قيل وقال)) هذا في المباح، فكيف بالحرام؟ ((وإضاعة المال)) أنت مؤتمن على هذا المال، ليس لك، بل هو مال الله، لا يجوز لك أن تضيعه، ولا تؤتيه السفهاء ((وإضاعة المال، وكثرة السؤال)) كثرة السؤال فيما لا يعني، في أمور الدين، في أمور الدنيا، سؤال عن أمور غيبية، سؤال تعنيت، سؤال إحراج، سؤال عن أمر لا يمكن أن يقع يدخل في هذا، وإلا السؤال الذي وراءه الفائدة جاء الأمر به {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [(43) سورة النحل].

ص: 18

قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من شر الناس ذو الوجهين)) " معنى ذو الوجهين أنه له وجه يقابل به فئة، وله وجه آخر يختلف تماماً يقابل به فئة أخرى.

قال: " ((الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)) " تجده إذا جلس مع الأخيار من خير الناس، وإذا جلس مع الأشرار من شر الناس، وإذا جلس مع الناس العاديين صار مثلهم، كل هذا ليمشي مع جميع الناس، ومع جميع الطبقات.

المسلم عليه أن يكون مستقيماً على الصراط المستقيم ظاهراً وباطناً، رضي من رضي، وغضب من غضب، تجد بعض الناس إذا كان في مجالس يعني فيها توسع توسع أكثر من العامة، وهو في الأصل طالب علم، بحيث يتسع له مجالسهم، إذا جلس مع العباد والزهاد تجده مطأطئ الرأس كأنه أزهد الناس، وإذا جلس مع الأشرار بادرهم بالأخبار، وجاذبهم الحديث، وتوسع معهم هذا ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه، لكن لو جلس مع الأخيار مثل مجلسه السابق مع الأشرار طردوه، وإذا جلس مع الأشرار مثلما يجلس مع الأخيار استثقلوه، ولا دعوه، ويمكن يتضايقون، ويمكن يلمحون، وأحياناً يصرحون أن مجالسهم لا تتسع له، فيحتاج إلى أن يداهن هؤلاء، ويداهن هؤلاء، ويمشي مع هؤلاء على شان إيش؟ تنفق سوقه، هذا هو ذو الوجهين نسأل الله العافية، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هذا في المداراة لا في المداهنة، فرق بين المداراة وبين المداهنة، المداراة ما تتنازل فيها شيء أبداً، المداهنة لا بد أن تتنازل إما بترك واجب، أو فعل محظور {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [(9) سورة القلم] أما بالنسبة للمداراة هذه ما فيها إشكال، هذه علاج، الداعي لها التأليف، كما يعطى من الزكاة ينال له الكلام، ومع ذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:((إن شر الناس من تركه الناس اتقاء شره)).

طالب:. . . . . . . . .

لو قال: باب ما جاء في إضاعة المال وسكت، قلنا: ما العلاقة؟ ويش دخل الحديث الثاني؟ لكن الترجمة من شقين، شق له هذا وشق له هذا، ما في إشكال، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 19