الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (4)
باب ما جاء في الكنز - باب صدقة الماشية - باب ما جاء في صدقة البقر
الشيخ: عبد الكريم الخضير
ولا تفسد، حين يمر عليها حول أو أكثر من حول وهي ما بيعت "مما يديرون من التجارات من كل أربعين ديناراً دينار" النصاب كم؟ عشرين، وهنا يقول: خذ من كل أربعين دينار دينار واحد، دينار تمييز، والثاني مفعول خذ، لماذا نص على الأربعين؟ نعم؟ هو نصاب الأربعين؟ الأربعين نصابين، لكن من أجل أن يكون المأخوذ كامل، يعني بدل من أن يقول: إذا بلغ عشرين خذ نصف دينار، قال: كل أربعين، نعم، مثلما تقول: من كل ألف خمسة وعشرين، هل يعني هذا أن الخمسمائة ما فيها شيء؟ بدل ما تقول: كل خمسمائة اثنا عشر ونصف، تقول: الألف فيه خمسة وعشرين، ولا يعني أن ما دون الأربعين ليس فيه زكاة، فما نقص فبحساب ذلك، أربعين دينار، هذا ما عنده إلا ثلاثين، يأخذ دينار وإلا نصف دينار؟ يأخذ ثلاثة أرباع الدينار، كل شيء بحسابه، حتى يبلغ عشرين ديناراً، فيأخذ نصف دينار، لكن إن نقص عن ذلك صارت تسعة عشر دينار، ليس فيه زكاة، حتى يبلغ عشرين ديناراً، فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئاً، ثلث دينار، طيب عشرين إلا ربع، يأخذ وإلا ما يأخذ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مفهومه، يأخذ؛ لأن النقص دون الثلث لا يسمى كثير، إنما الثلث الذي يقال له: كثير، الثلث والثلث كثير.
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا كلامه، يعني ما افترينا عليه يا أخي، هذا كلامه، والإنسان محاسب على كلامه، الأصل له منطوق وله مفهوم، مع أنه سبق لنا الكلام في قول مالك: إذا كانت ناقصة تجوز وتنفق مثل الكاملة فهي حكمها حكمها، وأما نصاب عشرين، عشرين من أي عيار؟ عيار أربعة وعشرين وإلا واحد وعشرين وإلا ثمانية عشر، وإلا اثنا عشر، كلها تسمى عشرين، لكن أربعة وعشرين هذا الكمال، واحد وعشرين تنفق في الأسواق مثل الأربعة والعشرين، ماشية هذه، دينار دينار، ما أحد ينتقد، ثمانية عشر أيضاً تمشي، فتؤخذ من الزكاة، لكن أقل من ذلك ما ينفق في الأسواق.
الآن الثلث يريد أن يقرن بقوله: والثلث كثير، يعني نقص كثير، أما أقل من الثلث لا يسمى كثير، فهو في حكم النقص اليسير الذي لا يلتفت إليه، عشرين إلا حبة، ويش يصير كثير وإلا قليل؟ هم يتجاوزون عن الحبة والحبتين، طيب إلى أي حد نتجاوز؟ عندنا نص: الثلث والثلث كثير، لكن هل هذا الكلام يوافق عليه أو لا يوافق؟ هل الإمام مالك يقصد هذا وإلا ما يقصده؟ هذه مسألة أخرى.
فنحن نحاسب الكلام أولاً، ثم بعد ذلك نعود إلى الكلام الصريح، مفهومه أنه إن كان النقص أقل فخذ الزكاة، وقال ابن القاسم: لم يأخذ مالك بهذا.
وقال: لا زكاة في الناقصة، ولو قل، إلا مثل الحبة والحبتين، طيب اللي يتسامح بالحبة والحبتين ما يتسامح بربع؟ يعني هل مالك طبق النص، نص النصاب بدقة؟ يعني تجاوز عن حبة وحبتين، تجاوز عن النقص الذي تنفق معه السلعة في الأسواق، تجاوز عنه مالك فيما تقدم، نعم، إذن التي نقصها ليس ببين تعامل معاملة الكاملة؛ لأن البيان مؤثر، العوراء البين عورها، والعرجاء البين ضلعها، أما الشيء الذي .. ، ما في شيء يسلم من نقص، لا شيء يسلم من نقص، عندهم الدراهم والدنانير يمكن تمر على شخص محترف يأخذ منها قطع يسيرة بحيث يجتمع عنده ألف دينار، يجتمع منه ألف دينار كامل، ولو بالمبرد، ولو أدنى شيء من .. ، مثل هذا النقص اليسير بحيث تروج بين الناس، لكن هات دراهم مزيفة مثلاً، واحد بث في الأسواق فئة خمسمائة مزورة، ونفقت عند الجهال، نقول: هذه أموال؟ هذه ليست بأموال، لكن عندهم في السابق، لكن عندنا إحنا إما مال أو ليس بمال، ما عندنا شيء اسمه ناقص، ريال ناقص، يمكن يباع بتسعين هللة، ما يمكن، لكن عندهم هم عندهم الميزان، الذهب والفضة توزن، الدينار وزنه كذا، هذا نقص، يحسب بحسابه، فيتصور النقص فيها، لكن الريال المقطوع من طرفه سانتي واحد، والأرقام موجودة، هذا ما ينقص في عرف أرباب العملات اليوم، إذا نقص حبة أو حبتين هذا نقص يسير يتجاوزون عنه، يعني هذا شيء معروف عند أهل العلم في المقدرات الشرعية، يعني الحد المحدد بين القليل والكثير في الماء خمس قرب، الخمس القرب خمسمائة رطل عراقي، طيب نقص رطل، أو زاد رطل، هل يتأثر الحكم؟ لا، عندهم أمورهم كلها مبنية على التقدير، اللهم إلا في باب الربا الذي يحتاط له، ولذلك جاء في زكاة الزروع والثمار أن الخارص يترك لأرباب الأموال شيء منها، نسبة على ما سيأتي يتسامح فيها.
هنا إذا كان النقص ثلث، الثلث كثير بالنص الشرعي، مفهومه أن ما دون الثلث قليل، لكن هل مالك يتسامح عن الربع؟ لا ما يتسامح عن الربع، يقول ابن القاسم: أنه يتسامح بمثل حبة أو حبتين، ويش حبة؟ حبة من الدنانير؟ الدينار يقال له: حبة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الدينار دينار وليس بحبة، الآن يستعمل الحبة على أنه جزء كامل من المعدود، نعم، تعطيه عشر حبات، يعني الآن خلاص جزء كامل من المعدود، وتجاوز بعض الناس، يعني مدير يطلب ثلاث حبات موظفين، ثلاث حبات فراشين، ثلاث كذا، الحبة والحبتين يعني في التقدير الشرعي عندهم، يعني الدينار وزنه كذا، يعني كذا حبات، العبرة بقوله عليه الصلاة والسلام:((ليس فيما دون خمس أواق صدقة)) فإذا وزناها فنقصت عن الخمس فليس فيها صدقة.
والشرع كما يلاحظ مصلحة الفقير (الآخذ) أيضاً لا يهدر مصلحة الغني (الباذل) فالشرع جاء بالتوازن.
يقول: "ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون" يعني الأموال التي تتصرف، أما الأموال التي تكدس ولا تباع هذه انتظر حتى تباع، وهذا رأي من؟ رأي الإمام مالك، التفريق بين المال التي يدار وبين الأموال التي لا تنفق في الأسواق، هذا رأي الإمام مالك "ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من كل عشرين ديناراً ديناراً" يعني ضعف ما يؤخذ على المسلم من زكاة "فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير، فإن نقصت ثلث دينار فدعها، ولا تأخذ منها شيئاً، واكتب لهم بما تأخذ منهم كتاباً إلى مثله من الحول" لماذا؟ إذا كتبت أنت، زريق هذا إذا أخذ من المسلم أو من الذمي يكتب له كتاب؛ لأنه يتجاوزه إلى آخر يمكن يأخذ منه، يقول: والله أنا دفعت لزريق، يقول: هات أثبت أنك دفعت لزريق، فلا بد أن يكتب زريق أنه استلم كذا، والقسائم الآن الموجودة تقوم مقام الكتابات.
"واكتب لهم بما تأخذ منهم كتاباً إلى مثله من الحول" وعمر بن عبد العزيز رحمه الله سلك مسلك عمر ابن الخطاب، فقد كتب بنحو هذا إلا في الكتابة للذمة، فإن عمر بن الخطاب لم يكتب بذلك، بل يؤخذ منه كلما تجر من بلد إلى بلد، بالنسبة للذمي.
"قال مالك: الأمر عندنا فيما يدار من العروض للتجارات أن الرجل إذا صدق ماله" يعني دفع صدقته "ثم اشترى به عرضاً بزاً -يعني ثياب- أو رقيقاً أو ما أشبه ذلك ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول فإنه لا يؤدي من ذلك المال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم صدقه" أي أدى زكاته "وأنه إن لم يبع ذلك العرض سنين" يعني الأموال الكاسدة "وإنه إن لم يبع ذلك الأرض سنين لم يجب عليه في شيء من ذلك العرض زكاة، وإن طال زمانه، فإن باعه فليس فيه إلا زكاة واحدة" يعني كالدين على المفلس، يعني الدين على المفلس يزكيه إذا قبضه سنة واحدة، أرض كاسدة عشر سنين صكها عند المكتب العقاري ما بيعت، ما يزكي إلا سنة واحدة إذا باعها مثل الدين على المفلس سواء.
طيب محتكر، يقول: أنا والله جابت قيمة، ومكسب طيب، لكن ولو بانتظر، حتى تزداد الحاجة إليها، يزكي كم؟ كل سنة؟ أو إذا باع يزكي لجميع ما مضى؟ أو يزكي سنة واحدة كالأموال الكاسدة؟ هاه؟
أولاً: المحتكر خاطئ وآثم، رأي الإمام مالك ما يفرق بين محتكر، وبين من كسد السلعة، ما دام ما باع ما عليه شيء حتى يبيع، لكن إذا تجاوزنا عن أصحاب الأموال الكاسدة الذين يتضررون بالبيع، إذا تجاوزنا عن هذا ورأينا وجاهة مالك، وأن قياسه على الدين على المعسر له وجه، لكن المحتكر لولي الأمر أن يعامله بنقيض قصده، ويزيد عليه في الزكاة؛ لأنه آثم، يتربص بالمسلمين الحاجة والفاقة.
"وإنه إن لم يبع ذلك الأرض سنين لم يجب عليه شيء من ذلك العرض زكاة وإن طال زمانه، فإن باعه فليس فيه إلا زكاة واحدة" وهذا مذهب مالك في تقسيم التجارات إلى ضربين، يعني التي تنفق وتتصرف، والنوع الثاني الذي يكسد، لكن رأي الجمهور في عروض التجارة أنها تقوم، كلما حال عليها الحول، يعني عندك أموال أنت صاحب مكتبة تبيع كتب، إذا حال عليها الحول، تأتي بأهل الخبرة وتسألهم، جميع ما في هذا المحل كم يسوى؟ يسوى مائة ألف، تزكي مائة ألف، السنة الجايئة بعت منه خلال السنة بعشرة آلاف وأكلتها، تزكي تسعين، ارتفعت الكتب، صارت تسوى مائة وخمسين، تزكي مائة وخمسين بما تستحق، طيب لماذا لا نقيس مثلما قال المالكية على الدين في ذمة المعسر؟
الفرق بين الدين في ذمة المعسر والتجارة الكاسدة فرق ظاهر، بمعنى الدين على المعسر ما هو بمضمون يمكن ما يجي أصلاً، نعم احتمال ما يجي أصلاً، بينما المال الكاسد بيدك، وصكك عندك، وزبونك حاضر، صحيح أنك تنتظر مصلحة نفسك في تأخير البيع، فهناك فرق، فالجمهور يرون أن المال الكاسد يزكى كغيره، يعني العقارات التي في طلوع تزكى كل سنة، واللي في نزول أيضاً تزكى كل سنة، يعني لو ترك المجال للتجار يقدرون هذه الأموال كاسدة وإلا نافقة وإلا شيء، لا شك أنه يحصل خلل في التطبيق.
قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمراً أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول، ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة، لا فيما دونه، وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه ولا مثل الجداد، ويش وجه التفريق؟ قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمراً أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول، ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها؛ لأنه حال عليها الحول سابقاً، قبل البيع، إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة، يقول:"وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه ولا مثل الجداد" الذي هو قطع الثمار إجمالاً، نعم، هذا {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام].
"قال مالك: وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة ولا ينض، يحصل لصاحبه منه شيء تجب عليه فيه الزكاة" لأنه مال يدور بخلاف المال الكاسد "وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة، ولا ينض لصاحبه منه شيء تجب فيه الزكاة -يعني دون النصاب- فإنه يجعل له شهراً من السنة يقوم فيه ما كان عنده من عرض للتجارة، ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين، فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه" يعني سواءً كان من ذهب أو فضة أو عروض، يعني صاحب محل يبيع في اليوم بألف ريال، يبيع كل يوم بألف ريال، يأكل خمسمائة ويوفر خمسمائة، الخمسمائة أقل من النصاب، ثم في الشهر الثاني مثله، وهكذا إلى آخره.
يقول: "يجعل له شهر في السنة" وهذا أريح، وقل مثل هذا في رواتب الموظفين، وفي أقساط الدائنين؛ لأنه يصعب على كثير من الناس يجعل محاسب، الموظف لا بد أن يجعل محاسب إذا أراد أن يخرج الزكاة بدقة، والله الشهر هذا وفر سبعمائة، الشهر الثاني وفر ألف وثلاثمائة، الشهر الثالث وفر ألف ومائتين، الشهر الرابع ما وفر شيء، وهو في كل شهر يحتاج إيش؟ إلى أن يقيد ما وفر، ثم بعد ذلك في مثل هذا اليوم من السنة القادمة يزكي ما وفره في هذا الشهر، بعد شهر يزكي الشهر الذي يليه، بعد شهر يزكي الشهر الذي يليه، وهكذا، لكن أريح أن يجعل له شهر رمضان مثلاً، فيزكي فيه ما حال عليه الحول وما لم يحل عليه الحول.
يقول: "فإنه يجعل له شهراً من السنة يقوم فيها ما كان عنده من عرض للتجارة، ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين" هذا الموظف الذي وفر من كل شهر مبالغ متفاوتة من شهر إلى آخر، ثم في النهاية بعد سنة وجد أن الذي في الرصيد عشرة آلاف، يزكي العشرة آلاف جميعاً؛ لأن زكاة التفريد وضبط ما يوفر من كل شهر والنظر فيه بعد حولان الحول الباقي منه شيء، هذا أمر متعب وصعب، وبعض الناس الزكاة ترى شاقة على النفوس؛ لأن الجنة حفت بالمكاره، مستعد يدفع عشرة بالمائة سعي إذا باع واشترى، والسعي العادة اثنين ونصف، مستعد يدفع عشرة بالمائة سعي، لكن ما يدفع اثنين ونصف بالمائة زكاة، صعب، ومستعد يجعل محاسب بثلاثة آلاف مثلاً، وهو لو جمع الفرق الذي يزيد عليه من اتخاذ شهر بعينه ما وصل ألفين، لا شك أن أمور الآخرة فيها مشقة على النفوس، لكن بعض الناس من وفقه الله للخير وفعل الخير، هذا يسهل عليه كل شيء "فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه" وهذا في المدير يعني في المال الذي يدار، بخلاف الأموال الكاسدة.
وقال مالك: "ومن تجر من المسلمين في مال ومن لم يتجر سواء، ليس عليهم إلا صدقة واحدة في كل عام تجروا فيه أو لم يتجروا" ورثت مائة ألف أودعتها في البنك، إن اتجرت بها وحركتها وأحلت عليها بالشيكات، وأضفت إليها، المهم أنك حركتها، صارت بعد سنة مائة وعشرين، تزكي المائة والعشرين، إن تركتها لم تتجر فيها، وصارت بعد حول سبعين، تزكي السبعين، نعم، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالمال هو مال، وهو بين أمرين، إن أديت زكاته فليس بكنز، إن لم تؤد زكاته فهو كنز، ولو نشر في السطوح على ما سيأتي، وما أديت زكاته فهو ليس بكنز ولو دفن تحت الأرض.
نأخذ الباب وإلا نتركه؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مسألة زكاة عروض التجارة التي ذكرها الإمام مالك رحمه الله فيما قرأناه بالأمس، المسألة القول بوجوب الزكاة في عروض التجارة هو قول عامة أهل العلم، ما خالف في هذا من يذكر إلا ما كان من أهل الظاهر، والإمام مالك له رأي في التفريق بينما يدور من العروض، وبين ما لا يدور بسبب الكساد أو الاحتكار، وهذا سبقت الإشارة إليه، وهنا في كلام الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- الذي وعدنا بقراءته ذكر المسألة الرابعة يقول: اعلم أن جماهير علماء المسلمين من الصحابة ومن بعدهم على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فتقوم عند الحول، ويخرج ربع عشرها كزكاة العين، قال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة، قال: رويناه عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وابن عباس، والفقهاء السبعة، والحسن البصري، وطاوس، وجابر بن زيد، وميمون بن مهران، والنخعي، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، والنعمان، يعني أبا حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيد، هؤلاء الأئمة كلهم.
يقول: ولمالك -رحمه الله تعالى- تفصيل في عروض التجارة؛ لأن عروض التجارة عنده تنقسم إلى عرض تاجر مدير، وعرض تاجر محتكر، فالمدير هو الذي يبيع ويشتري دائماً، والمحتكر هو الذي يشتري السلع ويتربص بها حتى يرتفع سعرها فيبيعها، وإن لم يرتفع سعرها لم يبعها ولو مكثت سنين.
هذا المحتكر يعني من باب أولى إذا كسدت السلعة، ومكثت سنين ما بيعت، يعني هي أولى من المحتكر؛ لأن المحتكر خاطئ وآثم، هذا على رأي الإمام مالك، أما على رأي الجمهور فلا فرق بين التاجر المدير، وبين المحتكر، هذه الأموال إذا حال عليها الحول تقوم وتزكى، وضربنا لذلك أمثلة بالأمس.
يقول: فعروض المدير عنده وديونه التي يطالب بها الناس إن كانت مرجوة يزكيها عند كل حول، والدين الحال يزكيه بالعدد، والمؤجل بالقيمة، أما عرض المحتكر فلا يقوم عنده ولا زكاة فيه، حتى يباع بعين فيزكي العين على حول أصل العرض، وإلى هذا أشار
…
إلى آخره.
يقول -رحمه الله تعالى-: زاد مالك في مشهور مذهبه شرطاً، وهو أنه يشترط في وجوب تقويم عروض المدير أن يصل يده شيء خاص من ذات الذهب أو الفضة، ولو كان ربع درهم أو أقل، وخالفه ابن حبيب من أهل مذهبه، فوافق الجمهور في عدم اشتراط ذلك.
ولا يخفى أن مذهب الجمهور هو الظاهر، ولا نعلم أحد من أهل العلم خالف في وجوب زكاة عروض التجارة، إلا ما يروى عن داود الظاهري، وبعض أتباعه، ودليل الجمهور آية، في أحد من المعاصرين يقول بقول أهل الظاهر؟ نعم هو المعروف عن الشيخ الألباني رحمه الله، المقصود أنه قول مهجور، عامة أهل العلم على خلافة.
طالب: هل لهم سلف؟
نعم، أهل الظاهر.
طالب: غير داود؟
ما في، ما يعرف إلا عن داود الظاهري.
يقول الشيخ: ولا نعلم أحد من أهل العلم خالف في وجوب زكاة عروض التجارة، إلا ما يروى عن داود الظاهري، وبعض أتباعه، ودليل الجمهور آية، وأحاديث، وآثار، وردت بذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم؛ ولم يعلم أن أحداً منهم خالف في ذلك، فهو إجماع سكوتي.
يقول: فمن الأحاديث الدالة على ذلك: ما رواه أبو ذر رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته)) الحديث أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي.
قال النووي في شرح المهذب: هذا الحديث رواه الدارقطني في سننه، والحاكم أبو عبد الله في المستدرك، والبيهقي بأسانيدهم، ذكره الحاكم بإسنادين، ثم قال: هذان الإسنادان صحيحان على شرط البخاري ومسلم.
ثم قال: قوله: ((وفي البز صدقته)) هو بفتح الباء وبالزاي؛ هكذا رواه جميع الرواة، وصرح بالزاي الدارقطني والبيهقي.
المقصود في كلام طويل جداً حول
…
يقول ابن حجر: هذا إسناد لا بأس به، والحاكم يقول: صحيح على شرط الشيخين.
يقول: فإن قيل: قال ابن دقيق العيد: الذي رأيته في نسخة من المستدرك في هذا الحديث: البر، بضم الموحدة وبالراء المهملة، ورواية الدارقطني التي صرح فيها بالزاي في لفظة البز في الحديث ضعيفة، وإذن فلا دليل في الحديث على تقدير صحته على وجوب زكاة عروض التجارة.
فالجواب هو ما قدمنا عن النووي من أن جميع رواته رووه بالزاي، وصرح بأنه بالزاي البيهقي والدارقطني كما تقدم.
يعني كون اللفظة يوقف عليها بدون نقطة، يعني مهملة غير كونه يوقف عليها مضبوطة بالنقط وبالحرف، يعني كونه يقف على نسخة المستدرك البر، لكن هل قال بالراء؟ ما قال، بينما من ضبطه بالزاي قال .. ، النقطة موجودة، وضبطه بالزاي المنقوطة.
يقول: ومن الأحاديث الدالة على وجوب الزكاة في عروض التجارة ما أخرجه أبو داود في سننه عن سمرة بن جندب الفزاري -رضي الله تعالى عنه- قال: "أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع" وهذا الحديث سكت عليه أبو داود رحمه الله، ومعلوم أن من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج عنده؛ وقد قال ابن حجر في التلخيص في هذا الحديث: رواه أبو داود والدارقطني والبزار من حديث سليمان بن سمرة عن أبيه، وفي إسناده جهالة.
قال مقيده -عفا الله عنه-: في إسناد هذا الحديث عند أبي داود حبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب؛ وهو مجهول، وفيه جعفر بن سعد بن سمرة، وهو ليس بالقوي، وفيه سليمان بن موسى الزهري وفيه لين، ولكنه يعتضد بما قدمنا من حديث أبي ذر، ويعتضد أيضاً بما ثبت عن أبي عمرو بن حماس أن أباه حماساً قال: مررت على عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، وعلى عنقي أدم أحملها، جلود، فقال: ألا تؤدي زكاتك يا حماس؟ فقال: ما لي غير هذا، وأهب في القرظ قال: ذلك مال فضع، فوضعها بين يديه، فحسبها فوجدت قد وجبت فيها الزكاة، يعني تبلغ قيمتها النصاب، فأخذ منها الزكاة.
قال ابن حجر في التلخيص في هذا الأثر: رواه الشافعي عن سفيان، قال: حدثنا يحيى عن عبد الله بن أبي سلمة عن أبي عمرو بن حماس أن أباه، قال: مررت بعمر بن الخطاب فذكره، ورواه أحمد وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور عن يحيى بن سعيد به، ورواه الدارقطني
…
إلى آخر ما قال رحمه الله.
فقد رأيت ثبوت أخذ الزكاة من عروض التجارة عن عمر، ولم يعلم له مخالف من الصحابة، وهذا النوع يسمى إجماعاً سكوتياً، وهو حجة عند أكثر العلماء، ويؤيده أيضاً ما رواه البيهقي عن ابن عمر: أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة
…
إلى أن قال: عن ابن عمر قال: "ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة".
قال: وهذا قول عامة أهل العلم، فالذي روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا زكاة في العرض، قال فيه الشافعي في كتابه القديم: إسناد الحديث عن ابن عباس ضعيف، فكان اتباع حديث ابن عمر لصحته والاحتياط في الزكاة أحب إليّ.
هذا كلام -آخر من نقل عنه- البيهقي.
قال: وقد حكى ابن المنذر عن عائشة
…
حتى ولا البيهقي؛ لأن كله قال قال، سياقها واحد، لعله ابن حجر.
قال ابن حجر في التلخيص في هذا الأثر: رواه الشافعي
…
إلى أن قال: وهذا ما يسمى إجماع، وهو حجة عند أكثر العلماء، قال: وهذا قول عامة أهل العلم، قال: وقد حكى ابن المنذر، كلها مساقها واحد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذا نقل، داخل النقل هذا.
قال: وهذا قول عامة أهل العلم، فالذي روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا زكاة في العرض، قال فيه الشافعي، فهو داخل النقل.
قال: وقد حكى ابن المنذر عن عائشة
…
، والله اللي يظهر تداخلت النقول، هو نقل في الأول، قال ابن حجر في التلخيص في هذا الأثر: رواه الشافعي، ثم قال: ويؤيده أيضاً ما رواه البيهقي عن ابن عمر.
طالب:. . . . . . . . .
البيهقي ينقل عن ابن المنذر؟
طالب:. . . . . . . . .
قال: وقد حكى ابن المنذر؟ معك الكتاب؟ إيه لأنه يقول: انتهى من سنن البيهقي، ويؤيده ما رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن زريق، الذي قرأناه بالأمس، وكان زريق على جوازِ مصر في زمان الوليد بن عبد الملك.
وأما الآية، بدأ بالأحاديث والآثار ثم ذكر الآية؛ لأن الأحاديث والآثار نص في المسألة، وأما الآية فهي قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [(267) سورة البقرة] على ما فسرها به مجاهد -رحمه الله تعالى- قال: البيهقي في سننه: باب زكاة التجارة، قال الله تعالى:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} الآية، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ
…
إلى أن قال: عن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: التجارة، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: النخل، وقال الإمام البخاري في صحيحه في باب صدقة الكسب والتجارة؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [(267) سورة البقرة] إلى قوله: {أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} قال ابن حجر في الفتح: هكذا أورد هذه الترجمة مقتصراً على الآية بغير حديث.
إلى أن قال رحمه الله: ولا شك أن ما ذكره مجاهد داخل في عموم الآية، فتحصل أن جميع ما ذكرناه من طرق
…
حديث أبي ذر وحديث سمرة المرفوعين، وما صح من أخذ عمر زكاة الجلود من حماس، وما روي عن ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وظاهر عموم الآية الكريمة، وما فسرها به مجاهد، وإجماع عامة أهل العلم إلا من شذ عن السواد الأعظم يكفي في الدلالة على وجوب الزكاة في عروض التجارة، والعلم عند الله تعالى.
مما يرجح به هذا القول من جهة النظر أنه لو لم تجب الزكاة في عروض التجارة لتحايل الناس على إسقاطها، إذا حال الحول وعنده ألوف الدراهم والدنانير قبل أن يحول الحول يشتري بها بيتاً مثلاً، لا يحتاجه لسكنى، إنما يريد بيعه، إذا انقطع الحول، الآن صارت تجارة خلاص، صارت عروض لا تجب فيها الزكاة، ثم إذا انقطع الحول باعه واستقبل بقيمته حولاً جديداً وهكذا، فلا شك أن حكم العروض حكم أقيامها، فالمرجح هو قول عامة أهل العلم.
سم.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا ما في رد، الله يهديك، عامة أهل العلم على هذا، كلهم مخطئون، كلهم إلى أن جاء داود، وقال: ما في زكاة؟