المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في المسح على الخفين - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في المسح على الخفين

يقول: هل يكتب له الرجوع؟ وهل يكتب له الأجر بالمجيء إلى السيارة؟

الرجوع في صلاة الجمعة منصوص عليه، وما عداها إما بطريق الإلحاق على الجمعة، أو يختص بالذهاب إلى الصلاة، المجيء بالسيارة لا يثبت فيه أجر الخطى.

يقول: مسألة التشريك فصل القول في مسألة التشريك، ولو خصص لها درس لأهميتها؟

هي مسألة مهمة جداً، وهي مسألة ذات صور وفروع، تشريك عبادة بعبادة، وتشريك عبادة بمباح، وتشريك عبادة بمحظور، ولها .. ، جرى تفصيلها في مناسبات كثيرة، فيرجع إلى التسجيل.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، وزده علماً، وانفعنا بما علمتنا يا ذا الجلال والإكرام.

قال الإمام يحيى:

‌باب: ما جاء في المسح على الخفين

عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد عن ولد المغيرة بن شعبة عن أبيه عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في عزوة تبوك، قال المغيرة: فذهبت معه بماء، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت عليه الماء، فغسل وجهه، ثم ذهب يخرج يديه من كمي جبته فلم يستطع من ضيق كمي الجبة، فأخرجهما من تحت الجبة، فغسل يديه، ومسح برأسه، ومسح على الخفين، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم، وقد صلى بهم ركعة، فصلى رسول صلى الله عليه وسلم الركعة التي بقيت عليهم، ففزع الناس، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أحسنتم)).

عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص، وهو أميرها، فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين، فأنكر ذلك عليه، فقال له سعد: سل أباك إذا قدمت عليه، فقدم عبد الله فنسي أن يسأل عمر عن ذلك حتى قدم سعد، فقال: أسألت أباك؟ فقال: لا، فسأله عبد الله فقال عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان، فامسح عليهما، قال عبد الله: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ فقال عمر: نعم، وإن جاء أحدكم من الغائط.

ص: 5

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر بال في السوق، ثم توضأ، فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه، ثم دعي بجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد، فمسح على خفيه، ثم صلى عليها.

عن مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش أنه قال: رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال، ثم أوتي بوضوء فتوضأ، فغسله وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه، ومسح على الخفين، ثم جاء المسجد فصلى.

قال يحيى: وسئل مالك عن رجل توضأ وضوء الصلاة، ثم لبس خفيه، ثم بال، ثم نزعهما، ثم ردهما في رجليه، أيستأنف الوضوء؟ فقال: لينزع خفيه، وليغسل رجليه، وإنما يمسح على الخفين من أدخل رجليه في الخفين وهما طاهرتان بطهر الوضوء، وأما من أدخل رجليه في الخفين وهما غير طاهرتين بطهر الوضوء فلا يمسح على الخفين.

وسئل مالك عن رجل توضأ وعليه خفاه فسها عن المسح على الخفين حتى جف وضوؤه وصلى؟ قال: ليمسح على خفيه وليعد الصلاة، ولا يعيد الوضوء.

وسئل مالك عن رجل غسل قدميه، ثم لبس خفيه، ثم استأنف الوضوء؟ فقال: لينزع خفيه ثم ليتوضأ وليغسل رجليه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في المسح على الخفين

المسح على الخفين متواتر عنه عليه الصلاة والسلام، رواه وأفتى به وعمل به الكافة عن الكافة، والجماعة الذين لا يحصون، فلا يحصى عددهم، نقله عن النبي عليه الصلاة والسلام جمع غفير من الصحابة، فهو متواتر عنه عليه الصلاة والسلام، ولم ينكر شرعية ذلك إلا المبتدعة، ولذا يذكر أهل السنة مسألة المسح على الخفين في كتب العقائد؛ لأن الخلاف في المسح على الخفين صار مع بعض أهل البدع فصار حينئذٍ من الأصول.

ص: 6

روي عن الإمام مالك رحمه الله أنه أنكر المسح على الخفين، وأنكرت هذه الرواية، أنكرها أكثر القائلين بقوله، والروايات عنه بإجازة المسح على الخفين في الحضر والسفر أكثر وأشهر، وعلى ذلك بنى موطأه وهو مذهبه كما قرر ابن عبد البر، ومذهب كل من سلك سبيله، لا ينكره منهم أحد، الإشارة إلى مذهب الإمام مالك هذا المنقول عنه؛ لأنه تداوله بعض من ينقل الخلاف، فلا بد من تفنيد هذه الرواية، وهذا كلام ابن عبد البر، أنكر ذلك أكثر القائلين بقوله، والروايات عنه بمشروعية المسح على الخفين، والقول بجوازه وإجزائه أكثر وأشهر، وعلى ذلك بنى الموطأ كما ترون، بل هذا قوله المعتمد، وقول جميع من سلك سبيله رحمه الله من الحجازيين والعراقيين وغيرهم، فهذه الراوية ضعيفة مرذولة عند المالكية، وليس بمعتمدة، والإشارة إليها مثلما ذكرت؛ لأنها يتداولها بعض من يعنى بذكر الخلاف، فلا يعرف عند أهل السنة القول بعدم مشروعية المسح على الخفين.

نعم قد يفهمون، قد يفهمون، أقول: يفتى في مسألة أو في صورة لا يصح فيها المسح، فيطرد القول، هذا موجود، يعني مثل فهم بعض العلماء للنصوص يفهمون أقوال الأئمة على نحو من هذا، ومعروف أن الأتباع أتباع المذاهب يعاملون النصوص المروية عن أئمتهم معاملة النصوص الشرعية، يتعاملون معها كما يتعاملون مع النصوص الشرعية، فإذا ذكر عن الإمام أكثر من قول كما لو ورد في المسألة أكثر من دليل متعارض، مع التعارض، يقولون: فإن أمكن العمل بجميع الأقوال، ولو بمحمل المطلق على المقيد، أو العام على الخاص، يعني في نصوص الأئمة تعين، وإلا إن عرف المتقدم والمتأخر فالمتأخر قوله، وإلا فأقرب القولين أو الأقوال إلى أصوله، هكذا يقولون في التعامل مع ما يروى عن الأئمة.

يقول رحمه الله:

ص: 7

"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عن أبيه" في هذا الإسناد وهمان، الأول في قوله:"من ولد المغيرة بن شعبة" يقول ابن عبد البر رحمه الله: وهم مالك في زعمه أن عباداً من ولد المغيرة، يقول: وأظنه من ثقيف، نعم، يقول: أظنه من ثقيف، من ولد أبي سفيان بن حارثة، وليس ذلك عندي بعلم حقيقة، يعني لم يجزم ابن عبد البر في هذا، وقد قيل: إنه عباد بن زياد بن أبي سفيان بن حرب، وعلى كل حال هو ليس من ولد المغيرة بن شعبة.

"عن أبيه" هذا أيضاً وهم ثانٍ، يقول: وهو وهم من يحيى وابن مهدي، لم يقل عن أبيه غيرهما، ومع ذلكم فالحديث حديث المغيرة صحيح، مخرج في الصحيحين وغيرهما.

"عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تبوك" ذهب لحاجته ففيه البعد عن الناس عند قضاء الحاجة، وهذا معروف أنه عند إرادة الغائط؛ لما فيه من رائحة، ويصاحبه صوت، أما بالنسبة للبول فأمره أخف، نعم إذا أراد المذهب أبعد إذا أراد الغائط، أما إذا أراد البول ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث حذيفة أن النبي عليه الصلاة والسلام انتهى إلى سباطة قوم، فبال عليه الصلاة والسلام يقولون بالنسبة للبول أمره أخف.

هذا يقول: ورد في نسخة محمد بن الحسن قوله: "وبهذا كله نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، مسألة المسح، وما يروى عن مالك فيه، وبهذا كله نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، ونرى المسح للمقيم يوم وليلة، وثلاثة أيام ولياليها للمسافر، وقال مالك بن أنس -هذا قول محمد بن الحسن-: "لا يمسح المقيم على الخفين، وعامة هذه الآثار التي روى مالك في المسح إنما هي في المقيم، ثم قال: لا يمسح المقيم على الخفين.

كيف؟ النسخة موجودة؟ رواية الموطأ، رواية محمد موجودة؟ صاحب الورقة هذه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه هذا من قول محمد بن الحسن، وليس من أتباع مالك، وإن روى الموطأ، وليس من أتباع مالك وإن روى الموطأ، وإن روى عن مالك، فأتباعه القائلون بقوله هم أولى بالقبول من غيرهم في نقلهم لمذهبه.

ص: 8

"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تبوك" في رجب سنة تسع من الهجرة، تبوك ممنوعة من الصرف للعلمية، علم على البقعة المعروفة، والتأنيث إن أردنا البقعة، وإن أردنا المكان فهو مذكر، منهم من يقول: إنه ممنوع لوزن الفعل، تبوك مثل تقول، فهو ممنوع لوزن الفعل.

"قال المغيرة: فذهبت معه بماء" فيه خدمة الحر للكبير، وأنه لا غضاضة عليه في ذلك، بل خدمته عليه الصلاة والسلام شرف "قال المغيرة: فذهبت معه بماء، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت عليه الماء" فذهبت معه بماء فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت عليه الماء، السياق يدل على أنه استنجى بالماء أو لم يستنج به؟ "فذهبت معه بماء فسكبت عليه الماء فغسل وجهه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت عليه الماء" مقتضاه أنه ذهب إلى حاجته عليه الصلاة والسلام منفرداً، فلما قضى حاجته واستجمر صب عليه المغيرة من الماء الذي ذهب به، فغسل وجهه

إلى أخره، إذاً ما فائدة قوله:"فذهبت معه بماء"؟ ذهب لحاجته، فذهبت معه بماء، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهبت معه! الاستجمار لا ذكر له هنا، بل هو مجرد فهم، واللفظ محتمل، فذهبت معه بماء، فاستنجى به في مكانه بالماء، ثم جاء عليه الصلاة والسلام فصببت عليه، ولذا يقولون: فيه الاستنجاء بالماء، في الحديث، في الخبر، نعم الأسلوب لا يعطي هذا بصراحة، التركيب لا يعطي هذه الفائدة بصراحة، لكن قوله: فذهبت معه بماء، ذهب إلى حاجته فذهبت معه بماء يدل على أنه استنجى به، كونه عليه الصلاة والسلام قام من مكانه الذي قضى فيه حاجته، فجاء إليهم ليتوضأ عندهم لا يمنع أن يكون ذهب معه، فاستنجى، ثم رجع إلى مكانه الأول، فسكب عليه الماء.

ص: 9

"فسكبت عليه الماء، فغسل وجهه" فيه دليل على جواز إعانة المتوضئ، المتوضئ يعان، ولا بأس بذلك، تجوز إعانته ولو كان قادراً أن يزاول الوضوء بنفسه "فسكبت عليه الماء فغسل وجهه، ثم ذهب يخرج يديه من كم جبته فلم يستطع من ضيق كمي الجبة" هذا بخلاف ما يصنعه بعض الناس من توسيع الأكمام، قدر زائد على المطلوب على الحاجة، نعم قد يكون الداعي لضيق الكمين قلة الثياب، نعم عندهم، لا شك أن عندهم قلة في الملبوس، وفي المأكول، وفي عيشهم، وهذه حاله عليه الصلاة والسلام.

هل تضييق الكم بحيث لا يستطيع إخراج اليد معه هل هو مشروع؟ أو أن نقول: المطلوب الوسط، وهذا من أجل الحاجة، وأما الزيادة على القدر الكافي إسراف؟ بعضهم يقول أو يستنبط من ضيق كمي الجبة أن هذا الذي يوضع في الأكمام ليضيق الأكمام اللي يسمونه الكبك، هذا الحديث أصل في مشروعيته، هل هذا صحيح؟ وهل في الكبك ضيق؟ نعم؟

هذا ليس بصحيح، بل المعروف عن أم سلمة وغيرها أنهم اتخذوا الأزرار للأكمام؛ لئلا يبدو شيء من الذراع هذا بالنسبة لمن؟ للنساء.

على كل حال هذا وصف حالة واقعة، هذه الجبة التي عليه في هذا الوقت كانت ضيقة الكمين "فلم يستطع من ضيق كمي الجبة، فأخرجهما من تحت الجبة، فغسل يديه" غسل يديه، المراد بذلك الكفان والذراعان، مع المرفقين "ومسح برأسه، ومسح على الخفين" وهذا هو الشاهد من الحديث، والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما، فالمسح ثابت من فعله عليه الصلاة والسلام.

"فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم، وقد صلى بهم ركعة" النبي عليه الصلاة والسلام هو الإمام، لكن لما تأخر عليهم، ولا يدورن ولا يعرفون متى يحضر بادروا بإقامة الصلاة، وقدموا عبد الرحمن بن عوف يؤمهم، وقد صلى بهم ركعة، ولا شك أن الإمام أملك بالإقامة، لكن إذا عرف من حاله أنه لا يتأثر إذا قدم الجماعة غيره، وخشي أن يتأخر تأخراً يعوق عن أداء الصلاة في أول وقتها، أو يشق على المأمومين في الانتظار، فلا مانع حينئذٍ من أن يقدموا غيره، ما لم يترتب على ذلك مفسدة، وإلا فالأصل أن الإمام أملك بالإقامة.

ص: 10

"فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم، وقد صلى بهم ركعة، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة التي بقيت عليهم" يعني صلى معهم ركعة، وقضى ما فاته "ففزع الناس" فزع الناس كأنهم ما استوعبوا أن يتولى الإمامة غير النبي عليه الصلاة والسلام، مع وجوده في حال حياته، ومع قدرته واستطاعته "ففزع الناس، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أحسنتم)) " أحسنتم باستغلال الوقت، وأداء الصلاة في أول وقتها، ولم يثرب عليهم، في هذا دليل على جواز مثل هذا الصنيع، إذا عرف من حال الإمام أنه يرضى بذلك، لكن إذا عرف من حاله أنه يغضب ولا يرضى أن ينوب عنه غيره، فهو أملك بالإقامة، لكن لو حصل هل يؤثر هذا على الصلاة؟ الصلاة صحيحة، وإن أثموا، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

المشقة، المشقة إذا شق على المأمومين، والمشقة تجلب التيسير.

ثم قال بعد ذلك: "وحدثني عن مالك عن نافع عبد الله بن دينار أنهما أخبراه" أي أخبرا مالك "أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص، وهو أميرها" من قبل عمر رضي الله عنه "فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه" فأنكر ذلك عليه ابن عمر صحابي طالت صحبته للنبي عليه الصلاة والسلام، مؤتسي، مقتدي، حريص على السنة، روى جملة كبيرة من الأحاديث، وأنكر على سعد حينما مسح على الخفين، فالصحابي قديم الصحبة قد يخفى عليه من الأمور الجلية الظاهرة ما يعلمه غيره، خفي على عمر رضي الله عنه خبر الاستئذان، وخفي على أبي بكر أخبار فضلاً عن غيرهما، فابن عمر أنكر المسح على سعد المسح على الخفين، مع قدم صحبته وكثرة روايته، والاحتمال الثاني أنه رأى أن المسح على الخفين منسوخ بالمائدة، كما فهمه بعضهم، بعض الصحابة فهم ذلك، ثم بعد ذلكم انقرض الخلاف، وثبت الإجماع على جواز المسح على الخفين.

ص: 11

جرير بن عبد الله البجلي روى المسح على الخفين، وإسلامه متأخر جداً بعد نزول سورة المائدة "فقال له سعد: سل أباك" عمر رضي الله عنه "سل أباك إذا قدمت عليه، فقدم عبد الله على عمر بالمدينة، ونسي أن يسأل أباه عن ذلك، حتى قدم سعد من الكوفة إلى المدينة، فقال له: أسألت أباك؟ فقال: لا، فسأله عبد الله، فقال عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما" وفي الصحيح أن عمر رضي الله عنه قال لعبد الله: إذا حدثك سعد شيئاً فلا تسأل عنه أحداً "فقال عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان" والحال أنهما طاهرتان، يعني وأنت على طهارة تامة؛ لأن الرجلين آخر ما يغسل، والحال أنهما طاهرتان معاً، فامسح عليهما، وهما طاهرتان، حال كونهما طاهرتين معاً، ماذا نستفيد من هذا؟ نعم، ما تلبس أحداهما قبل غسل الأخرى، فمن غسل رجله اليمنى ثم أدخلها في الخف ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف لا يصدق عليه أنه أدخلهما يعني معاً حال كون القدمين طاهرتين، إذاً ماذا يصنع من غسل الرجل اليمنى ثم أدخلها في الخف ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف؟ يخلع اليمنى ثم يلبسها، وبعضهم يقول: هذا عبث، نقول: أبداً ليس بعبث، هذا تمام الامتثال، يقول بعضهم: هذا عبث، يعني مجرد يخلع ويلبس، إذا طردنا مثل هذا الكلام يمكن أن يقال مثل هذا في أعظم العبادات، إيش معنى أن الإنسان يقف ويركع ويرفع رأسه من السجود؟ يبي يقول: عبث، أعظم العبادات التي هي الصلاة، المسألة مسألة امتثال، عندنا شرع على المسلم أن يدور معه حيثما دار، نعم هذا الأصل، الأصل في المسلم وغير المسلم أنه عبد، وخلق للعبادة، فعليه أن يدور مع النصوص حيثما دارت، وأن يتجه حيثما وجه.

ص: 12

"وهما طاهرتان فامسح عليهما، قال عبد الله: وإن جاء أحدنا من الغائط؟ قال عمر: نعم" يعني من الحدث الأصغر، غائط بول نوم ريح، كل هذا يمسح، إلا الجنابة، فلا بد من غسل الرجلين، قال: نعم وإن جاء أحدكم من الغائط، يعني فليمسح على الخفين إذا لبسهما والقدمان طاهرتان، بشرط الخف أن يكون ساتراً للمحل المفروض؛ لأن ما خرج، أو ما برز من المحل المفروض يجب غسله، ولا يجمع بين الغسل والمسح إلا في العمامة، كما جاء بذلك النص، وأما بالنسبة للخف فإما غسل، وإما مسح، وما ظهر من القدم من الرجل فرضه الغسل، فلا بد أن يكون ساتراً للمحل المفروض.

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر بال في السوق" البول عرفنا أنه لا يلزم فيه البعد عن الناس؛ لأنه لا يصاحبه صوت، وليس فيه رائحة، وعرفنا أن النبي عليه الصلاة والسلام انتهى إلى سباطة قوم، فبال قائماً، والحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من حديث حذيفة.

"بال في السوق، ثم توضأ، فغسل وجهه ويديه، ومسح رأسه" بقي عليه غسل الرجلين، أو البدل المسح على الخفين "غسل وجهه ويديه ومسح رأسه، ثم دعي إلى جنازة ليصلي عليها" حين دخل المسجد النبوي "فمسح على خفيه ثم صلى عليها" الآن فيه موالاة وإلا ما في موالاة؟ لكن هل السوق بعيد عن المسجد بحيث تنشف الأعضاء؟ "توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح على رأسه، ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد فمسح على خفيه ثم صلى عليها" مسح على خفيه؛ لأنه لبسهما على طهارة، ثم صلى على الجنازة.

ص: 13

يقول ابن عبد البر: تأخيره مسح خفيه محمول عند أصحابنا محمول على النسيان، محمول على النسيان، وقال غيره: لأنه كان برجليه علة، كان برجليه علة فلم يمكنه الجلوس في السوق، يقول: لأنه محمول عند أصحابنا على النسيان، وقال غيره: لأنه كان برجليه علة فلم يمكنه الجلوس في السوق، هذا كله التماس، لكن ما الدليل على أنه نسي؟ نعم لما جاءت الجنازة، تذكره الجنازة أنه ناسي المسح؟ نعم؟ ظاهر، ظاهر صنيعه يدل على أن الموالاة ليست واجبة، هذا ظاهر صنيعه، ظاهر صنيعه أن الموالاة ليست بواجبه عنده "فمسح على الخفين ثم صلى عليها، ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه" احتمال أنه لا يريد بذلك الوضوء الشرعي، لكن لما حضرت الجنازة وخشي أن ترفع اكتفى بمسح الخفين؛ لأن من أهل العلم من يخفف في الطهارة عند خشية الفوات، الشيء الذي يفوت يخفف في طهارته، ولذا يجيز شيخ الإسلام رحمه الله التيمم لصلاة الجنازة إذا خشي أن ترفع، ابن عمر لو رجع ليتوضأ وضوءاً كاملاً يحتمل أن ترفع الجنازة، يصلون عليها وتنتهي، فاكتفى على المسح على الخفين تحصيلاً لأجر الصلاة على الجنازة هذا احتمال.

يقول: "وحدثني عن مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش" الأشعري المدني ثقة من صغار التابعين "أنه قال: رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال ثم أتي بوضوء فتوضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه ومسح على الخفين ثم جاء المسجد فصلى" الإمام مالك رحمه الله حينما ذكر صنيع ابن عمر حينما مسح على الخفين، وصنيع أنس رضي الله عنه القصد من هذا أن المسح على الخفين معمول به عند الصحابة بعد النبي عليه الصلاة والسلام بالمدينة، الإمام مالك رحمه الله إنما قصد بذكر ما ذكره عن ابن عمر وأنس ليبرهن أن المسح على الخفين ليس بمنسوخ، بل ثبت من فعل الصحابة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فليس منسوخاً كما زعمه المبتدعة.

ص: 14

"قال يحيى: وسئل مالك عن رجل توضأ وضوء الصلاة، ثم لبس خفيه، ثم بال، ثم نزعهما، ثم ردهما في رجليه أيستأنف الوضوء؟ فقال: لينزع خفيه وليغسل رجليه" رجل توضأ وضوءه للصلاة، ثم لبس خفيه، ثم نقض وضوءه بعد نقض الوضوء نزع الخفين، ثم ردهما في رجليه، أيستأنف الوضوء؟ قال: لينزع خفيه، لماذا؟ وليغسل رجليه؛ لأنه لم يلبسهما على طهارة، لم يلبس الخفين على طهارة كاملة، ومن شرط جواز المسح على الخفين أن تكون الطهارة كاملة.

قال: "لينزع خفيه، وليغسل رجليه" لأن المسح عليهما بطل بنزعهما، وإنما يمسح على الخفين من أدخل رجليه في الخفين وهما طاهرتان بطهر الوضوء بهذا الشرط، وأما من أدخل رجليه في الخفين وهما غير طاهرتين بطهر الوضوء فلا يمسح على الخفين؛ لأن في الحديث جعل الطهارة قبل لبس الخفين شرطاً لجواز المسح، أهوى المغيرة لينزع الخفين، فقال:((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)).

"قال عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان" فالطهارة شرط، فإذا نزع الخفين بعد نقض الوضوء لا بد أن يتوضأ من جديد ليسوغ له المسح، لكن لو استمر على طهارته فنزع الخفين، ثم لبسهما يمسح وإلا ما يمسح؟ يمسح، على طهارته الأولى، لكن لو توضأ، ثم لبس الخفين، ثم مسح، مسح على الخفين، ثم نزعهما من غير حدث، ثم لبسهما ثانية، يمسح بعد ذلك وإلا ما يمسح؟ نعم؟ يا إخوان هذا تختلف عن المسألة السابقة، عندنا صور، الصورة التي ذكرها الإمام رحمه الله: توضأ وضوء الصلاة ثم لبس خفيه ثم بال ثم نزعهما، ثم رداهما إلى رجليه هذا لا بد أن يخلع ينزع خفيه، لماذا؟ لأنه لم يأت بالشرط، وهو إدخال الخفين في القدمين وهما طاهرتان.

الصورة الثانية: توضأ وضوءه للصلاة، وضوءاً كاملاً غسل رجليه فأدخلهما في الخفين، ثم نزع الخفين هو ما يزال على طهارة، ثم ردهما، هذا ما في إشكال كما لو لم يلبسهما إلا المرة الأخيرة.

ص: 15

الصورة الثالثة: طهارة كاملة ثم لبس خفيه، ثم أحدث ثم مسح، واستمر على طهارته بالمسح لا بالغسل، مسح الخفين لا بغسل الرجلين، ثم نزع ثم أراد أن يعيد طهارته مستمرة، ومثله لو أراد أن يستمر على طهارته ولا يلبس الخفين، هذا الوضوء ما حكمه؟ مسح على الخفين ثم نزعهما، واستمر على طهارته، نعم، نحن بين أمور، أن نقول: هو على طهارته، وخلع الخفين مثل حلق الرأس الممسوح لا يؤثر في الطهارة، وهذا قول، نعم أو نقول: إن الطهارة بطلت، ثم يأتي من يقول: إنه ليس في نواقض الوضوء خلع الخفين، لم يذكر في نواقض الوضوء خلع الخفين، ليس بناقض، ليس بغائط ولا بول ولا نوم ولا ريح، ويش يصير؟ والصواب أنه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

الآن أراد أن يصلي هو غسل الوجه واليدين ومسح الرأس هذا الفرض، هل هو ممسوح وإلا مغسول الآن بعد أن نزع الخفين؟ لا مغسول ولا ممسوح، نعم هو غسل رجليه؟ ما غسل رجليه، نعم ولا ممسوح، ليس في خفان يمسح عليها، فنقول: ليست طهارة أصلاً هذه، طهارة ناقصة، فيصلي بقدم برجل ليست مغسولة ولا ممسوحة، فلا يحتاج أن نقول: هذا من النواقض، ما في طهارة أصلاً، كما لو ترك عضو آخر، لو ترك غسل الوجه أو مسح الرأس، فيصلي برجل ليست مغسولة ولا ممسوحة، ظاهر وإلا ليس بظاهر؟ الشعر نقول: الشعر طهارة أصلية وهذه فرعية، ولا يقاس الفرع بالأصل، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ما له علاقة، الآن هذا شخص أراد أن يصلي بعد أن مسح الخفين فنزعهما، أران أن يصلي برجل ليست مغسولة ولا ممسوحة، ناقص من فروض الوضوء غسل الرجلين، أو مسح الحائل ولا حائل، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لأنه الآن يريد أن يزاول عبادة برجل ليست مغسولة ولا ممسوحة، ويش بقي الآن؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 16

لا باقي لو كان غسل رجليه، لو غسل رجليه وأدخلهما في الخف، ثم نزع الخف قبل الحدث طهارته باقية، طهارة الرجل باقية، لكن الآن ما غسل رجليه، مسح على الخفين وأزال الخفين، لا رجل مغسولة، ولا خف ممسوحة، إذاً الطهارة ليست بكاملة ناقصة؛ لأنه يصلي برجل ليست مغسولة ولا ممسوحة، ما هي بمسألة إلزام، المسألة بيان وجهة نظر، يعني كونها تقبل أو ما تقبل، يعني يعارض كلام شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام على العين والرأس، شيخ الإسلام ما هي بمسألة إلزام، على شان ما يطول النقاش، هذا رأينا في المسألة، وهو المذهب عند الحنابلة، وما يطول النقاش في هذه المسألة على شأن شيخ الإسلام، شيخ الإسلام على العين والرأس، ما تخرجنا إلا على علم شيخ الإسلام، وكتب شيخ الإسلام، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

هو المذهب عند الحنابلة، وهو الراجح عندي؛ لأنه يصلي برجل لا مغسولة ولا ممسوحة، طهارته ناقصة، ولا نقول: هذا ناقض، لا ليس بناقض، لكن ما في طهارة أصلاً، طهارة ناقصة.

يقول: "وسئل مالك عن رجل توضأ وعليه خفاه، فسها عن مسح الخفين حتى جف وضوؤه" نعم لو كان العهد قريب، وما نشفت الأعضاء، وغسل رجليه يمديه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

بطهر الوضوء، نعم هذه مسألة، لو شخص تيمم، تيمم ولبس الخفين، تيمم لعدم الماء، شخص تيمم لعدم الماء، ونحن نقول: البدل له حكم المبدل، ثم لبس الخفين، هل يمسح الخفين؟ إذا لبسهما على تيمم ما هو بعلى وضوء؟ هذه المسألة مفرعة عن مسألة التيمم، وهل هو مبيح وإلا رافع؟ بدل من كل وجه، أو رافع رفعاً مطلقاً، أو رافع رفعاً مؤقتاً؟ وهذا بيجي -إن شاء الله-.

ص: 17