المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: جامع غسل الجنابة - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: جامع غسل الجنابة

الحديث خرجه البخاري ومسلم، وفيه استفتاء المرأة بنفسها فيما يخصها، لا مانع منه، لكن مع لزوم الأدب، وعدم التصريح إلا بما يقتضيه السؤال والحاجة، فإذا أمكنت التكنية عن شيء لا يلزم التصريح به، فهي أولى من التصريح، وهذا هو المناسب لحياء المسلم رجل كان أو امرأة، الحديث خرجه الإمام البخاري في كتاب العلم، في باب الحياء في العلم، وأردف الترجمة بقول مجاهد:"لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر" وقالت عائشة رضي الله عنها: "نعم نساء الأنصار" أو "نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" نعم النساء نساء الأنصار، وأم سُليم واحدة منهن، فالسؤال لا شك أنه شفاء العي، وكون الإنسان يستحي أن يسأل، يستحي أن يناقش، يستحي أن يستفهم هذا لا يتعلم، وكذلك إذا تكبر واستكبر على السؤال لئلا يظن به أنه كيف يخفى عليه مثل هذا السؤال؟ مثل هذا في الغالب أنه لا يفلح في طلب العلم، والله المستعان، نعم.

أحسن الله إليك

‌باب: جامع غسل الجنابة

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "لا بأس أن يغتسل بفضل المرأة ما لم تكن حائضاً أو جنباً".

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يعرق في الثوب وهو جنب ثم يصلي فيه.

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغسل جواريه رجليه، ويعطينه الخمرة وهن حيض.

وسئل مالك عن رجل له نسوة وجواري، هل يطأهن جميعاً قبل أن يغتسل؟ فقال: لا بأس أن يصيب الرجل جارتين قبل أن يغتسل، فأما النساء الحرائر فيكره أن يصيب الرجل المرأة الحرة في يوم الأخرى، فأما أن يصيب الجارية ثم يصيب الأخر وهو جنب فلا بأس بذلك.

وسئل مالك عن رجل جنب ووضع له ماء يغتسل به فسها، فأدخل أصبعه فيه ليعرف حر الماء من برده، قال مالك: إن لم يكن أصاب إصبعه أذى فلا أرى ذلك ينجس عليه الماء.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: جامع غسل الجنابة

"حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "لا بأس أن يغتسل بفضل المرأة" يعني يغتسل الرجل بفضل المرأة، تغتسل المرأة بفضل المرأة، لا بأس بذلك "ما لم تكن حائضاً أو جنباً" فيكره هذا عند من؟ ابن عمر رضي الله عنهما.

ص: 22

وذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى الجواز بلا كراهة، ولو كانت حائضاً أو جنباً، وأنه لا أثر لاغتسالها منه، ولا لخلوتها به على الماء، وأنه يبقى طهور يرفع الحدث للرجل وللمرأة على حد سواء، إلا الحنابلة فعندهم أن الماء إذا خلت به المرأة لطهارة كاملة من حدث فإنه لا يرفع حدث الرجل؛ لحديث النهي عن أن تغتسل المرأة بفضل الرجل، والرجل بفضل المرأة، لكن المرجح في هذه المسألة هو قول الجمهور؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ثبت أنه كان يغتسل مع أزواجه، وثبت أنه اغتسل بفضل بعض نسائه عليه الصلاة والسلام، والحنابلة الذين يقولون: إن الرجل لا يغتسل أو لا يرفع حدثه الماء الذي خلت به المرأة لطهارة كاملة لا يقولون بالعكس، والدليل واحد، الدليل الذي يستدلون به على أن الماء الذي تخلو به المرأة لرفع حدثها لا يرفع حدث الرجل، ما يقولون بالعكس أن المرأة لا تتوضأ ولا تغتسل بالماء الذي خلا به الرجل، مع أن المسألتين سيقتا مساقاً واحداً في نص واحد.

هذا يقوي القول وإلا يضعف القول؟ يضعف القول، هذا يضعف القول، والحيض والجنابة لا أثر لهما على الماء، فلا يكره، وهو قول جمهور العلماء.

"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يعرق" يرشح جلده، من باب فرح، عرق يعرق "في الثوب وهو جنب ثم يصلي فيه" لماذا؟ لأن الجنب سؤره وعرقه طاهر باتفاق.

في حديث أبي هريرة أنه لما رآه النبي عليه الصلاة والسلام انخنس ثم اغتسل ورجع، فقال النبي .. ، سأله النبي عليه الصلاة والسلام فقال: إني كنت جنباً، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:((سبحان الله إن المؤمن لا ينجس)) يعني ولو كنت جنباً فالجنب طاهر.

وهنا يقول: قال المعلق على الموطأ في قولها: إن الله لا يستحيي من الحق أي لا يأمر بالحياء، هذا فيه حيد عن إثبات صفة الحياء، هذا ليس بصحيح، فالجنب طاهر وسؤره وعرقه طاهر، وثوبه طاهر، وما باشره من الثياب الداخلية والخارجية كلها طاهرة.

ص: 23

يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغسل جواريه رجليه" إعانة المتوضئ لا إشكال فيها، تباح معونته، ويباح أيضاً تنشيف أعضائه، ومن لازم غسل الرجلين اللمس يلمسن رجليه، والمسألة كما قرر سابقاً أن الملموس لا ينتقض وضوؤه ولو وجد منه شهوة "ويعطينه الخمرة" مصلى صغير يصنع من سعف النخل، وسمي بذلك لأنه يكفي الوجه، يخمر الوجه والكفين، يعني ما يباشر الأرض، يخمر ما يباشر الأرض "وهن حيض" يعطينه، يغسلن رجليه، يباشرن غسل الرجلين مع البلل، لا يقال: إن الحائض طاهرة؛ لأنها يابسة فلا تنجس، لا، يغسلن رجليه فيوجد البلل، ومع ذلكم الحائض طاهرة.

"وسئل مالك عن رجل له نسوة وجواري: هل يطأهن جميعاً قبل أن يغتسل؟ فقال: لا بأس" يعني ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يطوف على نسائه بغسل واحد، لا بأس أن يصيب الرجل جاريتيه أو جواريه ثنتين ثلاث عشر أكثر قبل أن يغتسل، لكن قالوا: يستحب أن يغسل فرجه قبل الوطء الثاني، وإذا كان هناك أمور تنتقل من واحدة إلى أخرى بواسطته تعين عليه أن يغسل فرجه، نعم.

إذا كان هناك التهابات، أو شيء من هذا، تعين عليه أن يغسل "قبل أن يغتسل، فأما النساء الحرائر فيكره أن يصيب الرجل المرأة الحرة في يوم الأخرى" المراد بالكراهة هنا كراهة التحريم، كراهة تحريم، يصيب امرأة في نوبة غيرها، لا يجوز له ذلك بحال، فلكل واحدة منهما نوبتها، إلا إذا اصطلحوا على شيء من هذا، فأما كونه عليه الصلاة والسلام يطوف على نسائه هذا خاص به، لكن إذا عرف يوم هذه ويوم هذه لا يجوز بحال أن يطأ هذه في يوم هذه.

"فأما أن يصيب الجارية، ثم يصيب الأخرى وهو جنب فلا بأس بذلك" لكن مثلما ذكرنا يستحب له أن يغسل ذكره قبل العود أو يتوضأ.

"وسئل مالك عن رجل جنب وضع له ماء يغتسل به، فسها فأدخل أصبعه في الماء ليعرف حر الماء من برده، قال مالك: إن لم يكون أصاب أصبعه" أو أصبعه في الأصبع لغات التثليث، وأصبوع "فلا أرى ذلك ينجس عليه الماء".

ص: 24

تأمل في كلام مالك: "وسئل مالك عن رجل جنب وضع له ماء يغتسل به فوضع أصبعه" يتأكد هل هو حار أو بارد؟ قوله: "فسها" هل له مفهوم؟ أنه إذا كان عن علم وتيقظ أن له أثر على الماء، ينجس الماء؟ إذاً قوله: فسها لا مفهوم له "فسها فأدخل أصبعه فيه ليعرف حر لماء من برده" معناه أنه لو كان ذاكر متيقظ أنه يؤثر فيه "قال مالك: إن لم يكن أصاب أصبعه أذىً" يعني نجاسة "فلا أرى ذلك ينجس عليه الماء، بل هو طهور باتفاق، وإن أصابه أذىً والماء كثير ولم يتغير فكذلك" باتفاق طهور، وإن قل الماء ولم يتغير فكذلك عند مالك.

الماء الذي يضع فيه أصبعه من غير أذى يتأثر وإلا ما يتأثر؟ قلنا: إن بدن الجنب والحائض طاهر فلا أثر له في الماء، هو طهور باتفاق، لكن إن أصاب أصبعه نجاسة قذر فادخلها في الإناء، وهو كثير أكثر من قلتين نعم طهور باتفاق، وإن كان قليلاً أقل من القلتين ولم يتغير طهور عند مالك، خلافاً لغيره من الأئمة، فالأئمة يرون أن ما وقع فيه نجاسة وهو قليل وكل على مذهبه في الحد بين القليل والكثير يتأثر ولو لم يتغير، ورأي مالك هو المرجح في هذه المسألة، ويختاره شيخ الإسلام وغيره.

يقول: ما حكم مس المصحف للمحدث حدثاً أصغر؟

لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف من غير حائل، لكن إذا مسه بحائل لا بأس حينئذٍ.

يقول: ما حكم مس الحائض للمصحف بحائل؟

لا بأس، بحائل لا بأس.

وما حكم قراءتها له عن ظهر قلب؟

المشايخ يفتون أنه عند الحاجة لا بأس به، والمرجح عندي أنها لا تقرأ شيئاً من القرآن، لا تقرأ القرآن، نعم ابن دقيق العيد عنده استنباط دقيق، من حديث أن النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ القرآن ورأسه في حجر عائشة وهي حائض، يقرأ القرآن، تقول: يقرأ القرآن ورأسه في حجري، وأنا حائض، ويش يستفاد منه؟ نعم؟ يعني لو كانت الحائض تقرأ القرآن هل يشكل على أحد أنه يجوز أن يقرأ غيرها القرآن ورأسه في حجرها؟ استنباط في غاية الدقة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 25