الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مس المصحف بحائل لا بأس به -إن شاء الله-، تحضر المصحف في كيسه في علاقته، وهذا ترجم به الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، واستنبطه من دليل في غاية الدقة والعمق، أنه لا مانع من أن يُمس المصحف، يمسه المحدث والحائض من وراء حائل، نعم، من الحديث السابق أن القرآن في جوفه عليه الصلاة والسلام وهي تمس بدن النبي عليه الصلاة والسلام، وهي حائض، فدل على أن مس المصحف من وراء حائل لا بأس به، هذا استنباط فيه شيء من الدقة والبعد.
يقول: إذا كنت معتكفاً في مسجد واحتلمت في المسجد وخرجت من الاعتكاف والسبب أني احتلمت؟
لا، تغتسل وتعود إلى اعتكافك، هذا ما يقطع الاعتكاف، لا، الاحتلام لا يقطع الاعتكاف، كما أنه لايقطع ولا يؤثر على الصوم.
جاء في حديث أنس رضي الله عنه في وفاة ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام: ((من منكم الليلة لم يقارف أو يجامع؟ )) فقال طلحة: أنا، فأمره رسول الله عليه الصلاة والسلام أن ينزل القبر، السؤال هل عدم الجماع في تلك الليلة له أثر في النزول للقبر؟
هذا أمر لا شك أنه الحديث صحيح بلا إشكال، وهو في الصحيح؛ لكن العلة يختلف فيها أهل العلم كثيراً، أن من جامع وقرب عهده بالنساء، لا يزال تذكر النساء على باله، بخلاف من لم يجامع إلا منذ أمد بعيد مثلاً، أو لم يجامع ألبتة، فإن ذكر النساء ليس علي باله فهو أقرب أن ينزل المرأة في قبرها.
سم.
أحسن الله إليك.
هذا باب: في التيمم
عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، قالت عائشة: فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي، قد نام، فقال: حبستِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، فقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم {فَتَيَمَّمُواْ} [(43) سورة النساء] فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركاتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.
وسئل مالك عن رجل تيمم لصلاة حضرت ثم حضرت صلاة أخرى أيتيمم لها أم يكفيه تيممه ذلك؟ فقال: بل يتيمم لكل صلاة؛ لأن عليه أن يبتغي الماء لكل صلاة، فمن ابتغى الماء فلم يجده فإنه يتيمم.
وسئل مالك -رحمه الله تعالى- عن رجل تيمم أيؤم أصحابه وهم على وضوء؟ قال يأمهم غيره أحب إلي، ولو أمهم هو لم أر بذلك بأساً.
قال مالك في رجل تيمم حين لم يجد ماءاً، فقام وكبر ودخل في الصلاة، فطلع عليه إنسان معه ماء، قال: لا يقطع صلاته، بل يتمها بالتيمم، وليتوضأ لما يستقبل من الصلوات.
وقال مالك -رحمه الله تعالى-: من قام إلى الصلاة فلم يجد ماءاً، فعمل بما أمره الله به من التيمم، فقد أطاع الله، وليس الذي وجد الماء بأطهر منه، ولا أتم صلاة؛ لأنهما أمرا جمعياً، فكل عمل بما أمره الله به، وإنما العمل بما أمره الله به من الوضوء لمن وجد الماء والتيمم لمن لم يجد الماء قبل أن يدخل في الصلاة.
وقال مالك -رحمه الله تعالى- في الرجل الجنب: إنه يتيمم ويقرأ حزبه من القرآن، ويتنقل ما لم يجد ماء، وإنما ذلك في المكان الذي يجوز له أن يصلي فيه بالتيمم.
يقول -رحمه الله تعالى-:
هذا باب في التيمم
والتيمم في الأصل في اللغة: القصد، وفي الشرع: القصد إلى الصعيد الطيب الطاهر لمسح الوجه والكفين بنية رفع الحدث أو استباحة الصلاة ونحوها.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة عن أبيه القاسم بن محمد" عن عائشة عمته عائشة أم المؤمنين "أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره" قال ابن عبد البر: في غزوة بني المصطلق وهي المريسيع، وفيها وقعت قصة الإفك "حتى إذا كنا بالبيداء" الشرف القريب من ذو الحليفة "أو بذات الجيش" موضع قريب من المدينة "انقطع عقد لي" العٍقد بكسر المهملة ما يعقد ويعلق في العنق، ويسمى قلادة، جاءت في بعض الروايات: قِلادة "فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه" أي طلب العقد "وقام الناس معه، وليسوا على ماء" يعني لا يوجد في المكان ماء "وليس معهم ماء" منقول، واستدل به بعضهم على جواز الإقامة في المكان الذي لا ماء فيه، وكذلك سلوك الطريق الذي لا ماء فيه، وهذا معلوم أنه فيما إذا غلب على الظن وجود الماء عند الحاجة إليه، أما إذا غلب على الظن الهلاك سواء كان في الإقامة في المكان الذي لا ماء فيه، أو في سلوك الطريق الذي لا ماء فيه، غلب على الظن الهلاك، فإنه لا يجوز حينئذٍ أن يقيم في ذلك المكان، ولا أن يسلك ذلك الطريق.
وعلى كل حال الحديث ليس فيه التفريط الذي قد يفهمه بعض الناس من الحديث "ليسوا على ماء، وليس معهم ماء" ليس معنى هذا أن الإنسان يقيم في مفازة، أو يسلك طريقاً ولا يحمل معه ماءاً، فيعرض نفسه للخطر؛ لأن هذا المكان قريب جداً من المدينة، الذي أقاموا فيه بحيث لو اشتدت حاجتهم إلى الماء فإحضاره من المدينة قريب.
والاحتمال الثاني: أنهم ليسوا على ماء وليس معهم ماء يعني قدر زائد على ما يحتاج إليه في الشرب، يعني ليسوا على ماء للوضوء، وليس معهم ماء يتوضئون به "فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق" يشكون عائشة ابنته عليه، وفيه: شكوى المرأة إلى أبيها، وأن كانت كبيرة ومتزوجة، إذا حصل منها ما يقتضي ذلك الشكوى، لو جاء يشكونها إلى النبي عليه الصلاة والسلام والأمر لا يخفى عليه، نعم الرسول عليه الصلاة والسلام أقام بطوعه واختياره، نعم، وأقرها على ذلك، فالإقامة تنسب إليه، وإن كانت هي السبب، لكن أبو بكر رضي الله عنه كواحد من أفراد الناس الذي يترجح عنده ترك هذا المكان الذي أقيم فيه بسبب العقد، يعني عقد ما يستحق ولا أن يقيم الناس من أجله، هذا في النظر العادي، لكن {لِّيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} [(42) سورة الأنفال] عقد لا يستحق لا يسوى شيء {لِّيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً} [(42) سورة الأنفال] هو سبب لما حدث من مشروعية التيمم.
"فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء" لو أن المشكي غير عائشة، شخص آخر، لقال أبو بكر كعادته:"الله ورسوله أعلم" نعم يرضى ويسلم باختيار النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لما كانت ابنته هي السبب لو قال مثل هذا لعده الناس تقصير منه من أجل ابنته، تقصير لو ما أزال هذه الشكوى، أو امتثل هذه الشكوى، وعمل بموجبها "ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، قالت عائشة: فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي" في هذا دخول الرجل على ابنته وإن كان زوجها عندها، نعم، إذا علم رضاه بذلك، أما إذا علم أن الزوج لايرضى فإنه لا يدخل إلا بإذنه "قد نام، قال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر" لم تقل: أبي، ما قالت: عاتبني أبي، فعاتبني أبو بكر، لماذا؟ لأن ما حصل منه ينافي مقتضى الأبوة، الأبوة مقتضاها تقتضي الحنو والعطف والشفقة، وهو سبها بكلام، وبفعل طعنها في خاصرتها، فلم تقل: أبي؛ لأن الأبوة تقتضي الحنو، وما وقع من القول والتأديب بالفعل مغاير لذلك في الظاهر، فلذلك أنزلته منزلة الأجنبي، هذا التماس لكونها عدلت من أبي إلى أبي بكر، وإن كان مثل هذا التأديب هو في ظاهره ينافي الحنو، وينافي الرحمة التي جبل عليها الأب في الظاهر، لكن القسوة على المرحوم لتأديبه في حقيقة الأمر لا تنافي .. ، ولذلك أمرنا بضرب الأبناء على الصلاة، أو الأولاد على الصلاة لعشر، وأمرنا بتأديبهم، كذلك الزوجة {وَاضْرِبُوهُنَّ} [(34) سورة النساء] كذلك المعلم، كل من وكل إليه أمر التأديب له أن يؤدب، وللحاكم والوالي أن يعزر، ويقيم الحدود، وهذا من الرحمة بالناس.
"فقال ما شاء الله أن يقول" في بعض الروايات: قال لها: حبست الناس في قلادة أي بسببها "وجعل يطعن بيده في خاصرتي" يطعُن بضم العين في الحسيات، وبفتحها في المعنويات، لو كان الطعن في النسب مثلاً أو في العلم أو في الرأي قلنا: يطعَن، لكن في المحسوس "يطعُن".
وفيه تأديب الرجل ابنته وإن كانت كبيرة ومزوجة "في خاصرتي" هي الشاكلة شاكلة الإنسان، خاصرته، وهي ما .. ، جانبي وسطه، جانبي وسط الإنسان "فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي" وفيه استحباب الصبر والتصبر لمن ناله ما يوجب الحركة، أو يحصل به تشويش على نائم، أو مصلٍ، أو قارئ، أو مشتغل بعلم أو ذكر، يصبر، والآن لأدنى سبب كثير من الناس ما يكترث بمن حوله، بعض الناس وهو نائم يوقظه أدنى حركة، لو أشعلت النور استيقظ، ثم بعد ذلك ما عاد عليه النوم، فتحت الباب استيقظ، مثل هذا ينبغي أن يراعى.
مثله القارئ التالي بعض الناس لأدنى حركة ما يدري ويش يقول؟ مثل هذا يراعى، والآن تجد الإنسان في مسجد والناس يقرؤون أو مشتغلين بعلم يرن الجوال بأعلى صوته نعم نعم، ويسرد من القصص والأخبار ما يشوش به على الناس لأدنى سبب، يا أخي الأمر يتم بدون ذلك، انتقل إلى مكان آخر، أو اخفض صوتك بما يحقق المصلحة ولا يترتب عليه مفسدة.
"إلا مكان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح" يعني دخل في الصباح "على غير ماء" ومتعلق الجار والمجرور على غير ماء، إما أصبح أو نام، نام على غير ماء، أو أصبح إلى غير ماء، فأنزل الله تبارك وتعالى
…
، نام حتى أصبح.
يقول أهل العلم: في مثل هذا النص ترك أو الرخصة بترك التهجد لا سيما في حال السفر ومع التعب، يترك التهجد إذا كان في حال التعب؛ لأن الإنسان يكتب له ما كان يعمله مقيماً، ولا يعني ترك التهجد ترك الوتر؛ لأن الوتر لم يحفظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه تركه في سفر ولا حضر.
"فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم {فَتَيَمَّمُواْ} [(43) سورة النساء] " الآن {فَتَيَمَّمُواْ} حكاية للآية أو حكاية لما حصل؟ هل الخبر عنهم أنهم تيمموا؟ أو حكاية لبعض الآية والشاهد منها؟ {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(43) سورة النساء] نعم الاحتمال قائم، في قوله تعالى في ثلاثة مواضع: في النحل، وفي الروم:{فَتَمَتَّعُوا} [(34) سورة الروم - (55) سورة النحل)] وفي آخر العنكبوت: {وَلِيَتَمَتَّعُوا} [(66) سورة العنكبوت] هل هذا خبر وإلا تهديد؟ أمر تهديد؟ وقد يتضمن الخبر التهديد.
نعود إلى ما نحن فيه: "فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم {فَتَيَمَّمُواْ} [(43) سورة النساء] " يحتمل أن يكن خبر، وأن يكون حكاية لبعض النص "فقال أسيد بن حضير
…
"
"فأنزل الله تبارك وتعالى آية التيمم" آية التيمم في النساء وفي المائدة، المراد منهما أيُ الآيتين؟
طالب: المائدة.
أو النساء؟ قال ابن العربي: هذه ما وجدت لدائها من داء؛ لأنا لا نعلم أي الآيتين عنت عائشة، آية النساء أو آية المائدة؟ تريد آية النساء وإلا آية المائدة؟ أولاً: آية النساء ليس فيها إلا التيمم، وآية المائدة فيها الوضوء والتيمم، فتخصيصها بالتيمم يرجح كون المراد .. ، يعني آية النساء ليس فيها وضوء، ليس فيها إلا التيمم، وفي آية المائدة وضوء وتيمم.
قال القرطبي: هي آية النساء؛ لأن آية المائدة تسمى آية الوضوء، وآية النساء لا ذكر للوضوء فيها، فيتجه تخصيصها بآية التيمم، لكن جاء في رواية عمرو بن الحارث ما يصرح بالمراد، فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] دل على أن المراد آية المائدة، هنا يقول:"فقال أسيد بن حضير" وهو من كبار الأنصار "ما هي بأول بركتكم" بل هي مسبوقة ببركات "يا آل أبي بكر، قال: فبعثنا" أي أثرنا "البعير الذي كنت عليه" حال السفر "فوجدنا العقد تحته" ظاهر، فوجدنا العقد تحته، ظاهر في أن الذين توجهوا لطلبه لم يجدوه؛ لأنه وجد تحت البعير، فالظاهر أن الذين بعث أناس يبحثون عنه، لكن الظاهر أنهم لم يجدوه، نعم.
وفي البخاري: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فوجدها، تعني القلادة، مرة وجد تحت البعير لما أثير، ومرة بعث رجلاً فوجدها، وهذا يرجح أن القصة حصلت مرتين، أولاهما في غزوة بني المصطلق، والأخرى مختلف فيها، حتى قيل: إنها في عام الفتح.
"سئل مالك عن رجل تيمم لصلاة حضرت، ثم حضرت صلاة أخرى أيتيمم لها أم يكفيه تيممه ذلك؟ فقال: بل يتيمم لكل صلاة؛ لأن عليه أن يبتغي الماء لكل صلاة، فمن ابتغى الماء فلم يجده فإنه يتيمم" هذا يدل على أن الإمام مالك يرى أن التيمم مبيح لا رافع، الإمام مالك يرى أن التيمم على قوله هذا مبيح وليس برافع للحدث؛ لأنه يلزمه أن يتيمم لكل صلاة، فهل التيمم مبيح وإلا رافع؟ أو نتم كلامه بعدين يتبين لنا شيء؟ نتم الكلام، ونعود إلى المسألة.
" سئل مالك عن رجل تيمم أيؤم أصحابه وهم على وضوء؟ " يعني إمامة المتيمم بالمتوضئين؟ "فقال: يأمهم غيره أحب إلي" لأن طهارة الماء الأصلية أكمل من طهارة البدلية، الفرع "ولو أمهم هو لم أر بذلك بأساً " لأن الصلاة أبيحت له، ومن صحت صلاته صحت إمامته.
"قال يحيى: قال مالك في رجل ماءاً، فقام وكبر" شرع في الصلاة، ودخل في الصلاة "فطلع عليه إنسان معه ماء، فقال: لا يقطع صلاته" يعني: اتقى الله ما استطاع، تيمم وشرع في الصلاة بعد أن اتقى الله ما استطاع ولا يلزمه أن يجمع بين البدل والمبدل، فطلع عليه إنسان معه ماء، قال: لا يقطع صلاته، بل يتمها بالتيمم، وليتوضأ لما يستقبله من الصلوات، وغيره يقول: يقطع صلاته؛ لأن طهارته طهارة حاجة، وارتفعت الحاجة، ويلغزون بهذا يقولون: نهق حمار فبطلت الصلاة، نهق حمار فبطلت الصلاة الحمار الذي يحمل الماء.
"قال يحيى: قال مالك: من قام إلى الصلاة فلم يجد ماء فعمل بما أمره الله به من التيمم فقد أطاع الله، وليس الذي وجد الماء بأطهر منه" وهناك قال: يؤمهم غيره أحب إلي "ليس غيره بأطهر منه، ولا أتم صلاته؛ لأنهما أمرا جميعاً، فكلٌ عمل بما أمر الله به" واتقى الله حسب استطاعته {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [(16) سورة التغابن]"وإنما العمل بما أمر الله به من الوضوء لمن وجد الماء، والتيمم لمن لم يجد الماء، قبل أن يدخل في الصلاة" يعني فإذا دخل في الصلاة عليه أن يتمها، ولا يجوز له أن يبطلها؛ لأنه عمل بما أمر به، وقد نهي عن إبطال العمل.
"وقال مالك في الرجل الجنب أنه يتيمم، ويقرأ حزبه من القرآن" إذا كان اعتاد نصيب معين من القرآن، إذا كان يقرأ القرآن في سبع يقرأ السبع في هذه الليلة، وإن كان متيمماً "ويتنفل ما شاء، ما لم يجد ماءاً، وإنما ذلك في المكان الذي يجوز له أن يصلي فيه بالتيمم" يعني إذا جاز له أن يصلي والصلاة أعظم جاز له أن يقرأ.
طيب امرأة ما وجدت ماء وطهرت من الحيض وتيممت وصلت هل يقربها زوجها أو لا يقربها؟ يقول ابن عباس: الصلاة أعظم، إذاًَ يقربها وإلا ما يقربها؟ يقربها، بعض أهل العلم يقول: يقتصر على الواجب في التيمم، ما وجد ماء لا يقرأ إلا بقدر الواجب، لا سيما إذا كان حدثه يمنعه من القراءة، بأن كان حدث أكبر.
نأتي إلى التيمم هل هو مبيح وإلا رافع؟ مقتضى قول مالك أنه مبيح، ولذا قال: يتيمم لكل صلاة، وليس برافع، وهو المعروف عند الحنابلة، قال غيرهم: رافع، شيخ الإسلام وغيره يقول: رافع، إيش معنى رافع؟ لأنه بدل عن الطاهرة الكاملة عن الوضوء، طهارة الماء والوضوء يرفع، والبدل له حكم المبدل، وهل رفعه رفع مطلق أو رفع مؤقت؟ بمعنى أنه جلس عشرة أيام في مكان ليس فيه ماء، تيمم مرة واحدة، ودخل عليه وقت صلاة الظهر صلى، صلاة العصر صلى، المغرب صلى، ما لم ينتقض تيممه، بناقض من نواقض الوضوء.
نام في الليل وأجنب وقام وتيمم، وصلى اليوم الثاني والثالث والرابع .. إلى آخره، في اليوم العاشر وجد الماء، ويش نقول؟ نعم، الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله، وليمسه بشرته.
مقتضى كون التيمم رافع رفعاً مطلقاً أنه يمسه بشرته لما يستقبل من أحداث، هذا أجنب، ويتيمم عشرة أيام بعد الجنابة، ثم وجد الماء، نقول له: اغتسل وإلا خلاص الجنابة ارتفعت بالتيمم؟ يعني على الخلاف الرفع هو مطلق ما يغتسل خلاص الجنابة لا أثر لها، وإذا قلنا: رفع مؤقت حتى يجد الماء قلنا: عليه أن يغتسل.
نعود إلى الحديث "فليتق الله وليسمه بشرته""فليتق الله وليسمه بشرته" لما مضى من أحداث أو لما يستقبل؟ يعني إذا قلنا: "فليتق الله وليمسه بشرته" لما يستقبل من الأحداث، وقلنا: إن التيمم رافع كالماء صار الحديث فيه فائدة وإلا ما فيه فائدة؟ ما فيه فائدة، يكون الحديث مؤكد لنصوص الطهارة.
وإذا قلنا: فليتق الله وليمسه بشرته عن الجنابة الماضية صار مؤسس لحكم جديد، وعندهم عند عامة أهل العلم أن الخبر إذا دار بين التأسيس والتأكيد فالتأسيس أولى من التأكيد، وعلى هذا يتقي الله ويمسه بشرته عن الجنابة التي مضت -إن شاء الله-.
يعني لو قلنا: رفع مطلق يا إخوان، لو قلنا: رفع مطلق ما يغتسل، ومثله لو صلى الظهر بالتيمم، ثم حضر صلاة العصر وهو على تيممه وعنده ماء، هل يقول أحد: بأنه لا يتوضأ؟ مع أنه إذا قلنا: رفع مطلق خلاص ماعليه حدث، مقتضاه أنه لا يتوضأ العصر خلاص حدثه مرتفع، لكنه رفع مؤقت حتى يجد الماء، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.