المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: الوقوف بعرفة والمزدلفة: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٨٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: الوقوف بعرفة والمزدلفة:

لا، لا هذه بدنة، يجب عليه بدنة كاملة، لكن لو وجب عليه شاة.

طالب: ما الفرق بين هدي التمتع والقران، وبين هدي ارتكاب المحظور، وإنه جمع. . . . . . . . .

لا ما وجب فيه البدنة .. ، لا كيف يشترك وهو واجب عليه بدنة كاملة؟ لكن لو وجب عليه شاة مثلاً.

طالب: كلامه مفهوم مفهوم.

وين؟

طالب:. . . . . . . . . كل واحد منهم عليه بدنة. . . . . . . . .

لا حتى لو كان واحد عليه شاة يشركان في بدنة؟ لا، عنده لا؛ ما فيه اشتراك، والجمهور على جواز الاشتراك. نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: الوقوف بعرفة والمزدلفة:

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عُرَنة، والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر)).

وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يقول: "اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عُرَنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".

قال مالك رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة (197)]؛ فالرفث: إصابة النساء -والله أعلم-؛ قال الله تبارك وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [سورة البقرة (187)]، قال: والفسوق: الذبح للأنصاب -والله أعلم-؛ قال الله تبارك وتعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ} [سورة الأنعام (145)]، قال: والجدال في الحج: أن قريشاً كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزَح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة، وكانوا يتجادلون، يقول هؤلاء: نحن أصوب، ويقول هؤلاء: نحن أصوب؛ فقال الله –تعالى-: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} [سورة الحج (67)]، فهذا الجدال فيما نُرى والله أعلم؛ وقد سمعت ذلك من أهل العلم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب الوقوف بعرفة والمزدلفة".

ص: 9

الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج؛ و ((الحج عرفة))، والوقوف بالمزدلفة من واجبات الحج في قول الأكثر وليس بركن خلافاً لمن زعم ذلك، وليس بسنة كما قاله بعض أهل العلم، فالترخيص فيه لأهل الأعذار، يدل على عدم ركنية، إذ الركن لا يرخص فيه، وأيضاً الحاجة إلى الترخيص يدل على الوجوب، إذ المندوب لا يحتاج إلى استئذان وطلب رخصة؛ فأعدل الأقوال أن المبيت بمزدلفة واجب؛ من تركه يجبره بدم عند جمهور العلماء.

قال: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عرفة كلها موقف .. )) "

يعني يجزئ الوقوف في أي جزء منها، على أن يتأكد الإنسان أنه في محيط عرفة، داخل عرفة، ولا يتساهل في هذا؛ لأنه لو وقف وانصرف وهو قريب جداً من حدود عرفة لمَّا يدخلها، حجه ليس بصحيح، فعرفة كالها موقف فيجزئ فيها " ((وارتفعوا عن بطن عُرَنة)) " وهو موضع بين منى وعرفات؛ يقولون ما بين العلمين الكبيرين جهة عرفة، والعلمين الكبيرين من جهة منى؛ يعني من بين الحدود.

ص: 10

وبطن عرنة ليس من عرفة؛ ولذا أمر بالارتفاع عنه، ونسب للإمام مالك -رحمه الله تعالى- أنه يقول: أن بطن عرنة من عرفة؛ لكن لا يجوز –يجزئ- لكن لا يجوز الوقوف فيه؛ يحرم الوقوف ببطن عرنة، وإن كان من عرفة، طيب الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:((وارتفعوا عن بطن عرنة))، كيف يقول ارتفعوا وهو من عرفة؟ قالوا: لأنه لو لم يكن من عرفة؛ لما احتاج أن يذكر؛ ((عرفة كلها موقف))؛ لكن مفهومه أن ماعدا عرفة ليس بموقف، فلو كان بطن عرنة ليس من عرفة لما احتيج إلى التنبيه عليه؛ ولذا لم يقل عليه الصلاة والسلام: عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن منى، ارتفعوا عن مزدلفة؛ لأنها ليست من عرفة؛ لكن لما كانت بطن عرنة من عرفة احتاج إلى أن ينبه عليه؛ لأن الوقوف لا يجوز فيه، يأثم والوقف فيه وإن كان مجزئاً؛ والصواب قول عامة أهل العلم: أن بطن عُرنة ليس من عرفة؛ فلذا من وقف فيه فحجه باطل " ((وارتفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف .. )) " المزدلفة يقال لها جمع؛ لأنه يجتمع فيها الناس بعد الوقوف، وهي أيضاً يزدلف فيها الناس يتقربون فيها، " ((والمزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسِّر .. )) " ارتفعوا عن بطن محسِّر؛ وهو وادٍ بين منى ومزدلفة؛ يقال: إن فيه أبرهة حسَر فيه وأعيى، وكل وتعب "وارتفعوا عن بطن محسر .. نعم .. و

طالب:. . . . . . . . .

المقصود أنه في وقت الوقوف وجد في عرفة.

طالب:. . . . . . . . .

يعني من غير نية من غير قصد.

طالب:. . . . . . . . .

يعني ما قصد أن يدخل إلى عرفة، الأصل ..

طالب: هو عند نفسه الموقف. . . . . . . . . .

أنا عارف؛ لكن دخوله .. تصوره باطل يعني؛ وما يتبع هذا التصور من الوقوف باطل؛ لكن هو دخل عرفة، ووجد فيها في الظرف الذي هو وقت الوقوف؛ لكنه من غير قصد، نعم.

طالب:. . . . . . . . .

يعني أنت افترض أنه يبي .. يقصد مكان ثم صرفه المرور إلى جهة ودخل عرفة، وخرج منها على أساس إنها ما هي بعرفة، مثله.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 11

معروف كلامك واضح؛ لكن حديث عروة بن مضرس: ((من أدرك صلاتنا هذه، وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة أية ساعة من ليل أو نهار؛ فقد أدرك الحج))؛ فكونه هؤلاء يقولن: لو مُر به؛ لكن أللي يظهر أنه ما دام الوقوف بعرفة عبادة من العبادات، وركن ركين من أركان هذه العبادة التي هي من أركان الحج إنه لابد أن يقصد؛ لأن الأعمال بالنيات؛ فإذا لم يقصد الدخول، ولم يقصد الوقوف بعرفة؛ لا يجزئ.

طالب:. . . . . . . . .

إيه؛ هل هو رجع، ووقف وإلا ما رجع.

طالب:. . . . . . . . .

صلاة الفجر.

طيب، وايش أللي ترتب عليه؟

طالب:. . . . . . . . .

لكن وقف مرة بعرفة والجبال ناوياً والوقوف عندها، وإن لم يعرفها؛ لكن إذا تردد شخص جاء بعد ما انصرف الناس، ثم تردد هل هذه عرفة أو هذه؟ قال هذه نحتمل .. ؛ مثل جهات القبلة إذا أشكلت عليه؛ يصلي إلى عدد الجهات التي تحتمل أنها القبلة، فوقف عند هذا الجبل باعتبار أنها عرفة، ثم وقف عند الجبل الثاني باعتبار أن؛ يعني قصد الوقوف في هذا المكان؛ إذاً ما ينفع؛ لما دخل لو قال: والله أنا شاك الآن في هذا المكان، أنا جالس على أساس أنه من عرفة –وهو بطن عرنة- لكن أنا شاك أبي أدخل –أيضاً- أجرب هذا المكان؛ لكن قاصد لدخوله؛ فرق بين هذا وهذا.

طالب: هو رجع لبطن عرنة يظن إنه مو بعرفة، هو طلع إنه يشري، ثم رجع لبطن عُرنة يخاف أنه مو بعرفة.

لا هو متأكد؛ يعني يغلب على ظنه أنه بعرفة، وهو ببطن عرنة، البقاء لازم وجوده في عرفة؛ فدخل يشتري ورجع ما قصد الوقوف في دخوله.

طالب:. . . . . . . . .

لا ما تكفي.

طالب:. . . . . . . . .

لكن هذه عبادة تحتاج إلى نية، ((وإنما الأعمال بالنيات)).

طالب:. . . . . . . . .

واين؟

طالب:. . . . . . . . .

إحنا أكملنا ..

طالب:. . . . . . . . .

ص: 12

شوف يا أخي؛ هنا فرق بين شخص يعرف أن عرفة فيها جبل، وجاء وقف عند جميع الجبال على أساس أنها عرفة؛ هذا حجه؟ صحيح؛ لأنه قاصد الوقوف عند هذا الجبل؛ لكن شخص ما بذهنه أنه يدخل لعرفة؛ هو لزم هذا المكان الذي ليس من عرفة، وانتهى وقت الوقوف في هذا المكان، والذي يغلب على ظنه أنه بعرفة، ماذا نقول عن حجه؟ صحيح وإلا فاته الحج؟ فاته الحج. هو رأى مثلاً قيل له: قم عن هذا المكان؛ قم لا تجلس في هذا المكان، هذا المكان ممنوع الجلوس فيه، ثم دخل إلى عرفة غير قاصد؛ وهو عنده أن وقوفه في المكان الأول، نيته للمكان الأول، أو مثلاً لاح له لائح؛ مثلاً: بقالة وإلا شيء بيشتريه، أو دورة مياه مثلاً: بعرفة راح بيقضي حاجته ويرجع؛ هل نقول أنه قصد الوقوف في هذا؟

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا .. هو خرج من عرفة، هو في نيته أنه خرج من عرفة، هو في نيته أن بطن عرنة هل هي عرفة؟

طالب:. . . . . . . . . ما حدد. . . . . . . . .

يعني قصده هذا المكان، وما حوله كله عرفة، ودخل في الجزء، ال

لا إشكال فيه، ما فيه إشكال، لا أنا أتصور لو كان دخوله لعرفة بنية الخروج من عرفة.

طالب: لا هو ما يعرف. . . . . . . . .

ما في إشكال.

طالب:. . . . . . . . .

ما في إشكال؛ الإشكال فيما لو دخل عرفة بنية الخروج من عرفة.

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

حتى الذي دخل فيه ألي فيها البقالة من عرفة.

طالب: نعم.

انتهى الإشكال، انتهى؛ لكن لو قام من مكانة بنية الخروج من عرفة من أجل أن يشتري.

طالب:. . . . . . . . .

لا، هذا يختلف تماماً. نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم.

طالب:. . . . . . . . .

ولو لحظة، مجرد مرور، يكفي عند أهل العلم ولو مرور.

طالب:. . . . . . . . .

هاه؛ ولو بالليل، ولو بالليل ما لم يطلع الفجر.

ص: 13

((وارتفعوا عن بطن محسر))؛ هذا الحديث اللي ذكره الإمام مالك بلاغاً، وهو موصول في صحيح مسلم من حديث جابر؛ في الحديث الطويل، وأيضاً في السنن من حديث أبي هريرة؛ فالحديث صحيح، حديث جابر:((وقفت هاهنا، وعرفة كالها موقف)((وقفت هاهنا، وجمع كلها موقف)) المقصود أن الحديث لا إشكال فيه.

"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة" يعني ابن الزبير "عن" عمه "عبد الله بن الزبير أنه كان يقول: اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".

وبمعنى الحديث السابق، وهذا وإن كان موقوفاً؛ إلا أن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- كثيراً ما يردف المرفوع بالموقوف؛ ليبين استمرار العمل بهذا الحديث، وأنه أفتي به بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام فليس بمنسوخ.

"قال مالك رحمه الله: قال الله تبارك وتعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة (197)] " يريد أن يفسر الأمور الثلاثة؛ الرفث والفسوق والجدال قال: "فالرفث: إصابة النساء" الذي هو الجماع؛ وعلى هذا إذا كان دون الجماع؛ فيما دون الجماع، سواء كان بقول أو بفعل، يدخل في الرفث وإلا ما يدخل؟

طالب:. . . . . . . . .

على كلامه.

طالب: على كلامه. . . . . . . . .

ما يدخل، "فالرفث: إصابة النساء -والله أعلم-؛ قال الله تبارك وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} [سورة البقرة (187)] " فالمقصود به هنا الجماع، ولو أن أهل العلم؛ عامة أهل العلم على أن الرفث: الجماع، وما يقصد به الجماع، والكلام الفاحش الذي يواجه به النساء، ومنهم من يرى إطلاق الرفث على الكلام المتعلق بالنساء؛ ولو كان بين الرجال؛ البيت المنسوب الذي يذكر عن ابن عباس معروف لكنه غير مناسب أن في مثل هذا المكان.

ص: 14

قال: والفسوق: الذبح للأنصاب" إصابة النساء فرد من أفراد الرفث، والفسوق الذبح للأنصاب فرد من أفراد الفسوق؛ فهل معنى هذا أن مالك يقصر تفسير العام بفرده، أو يريد أن يمثل؟ وهو يقول: الرفث إصابة النساء؛ تعريف الجزأين؛ تعريف الجزأين يدل على الحصر؛ لكن لاشك أن مثل هذا يكون من باب التعريف بالفرد من الأفراد، وهذا لا يقتضي التخصيص، في الحديث:((ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي))؛ في تفسير النبي عليه الصلاة والسلام لقوله -جل وعلا-: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [سورة الأنفال (60)]، قال عليه الصلاة والسلام:((ألا إن القوة الرمي))؛ هذا فرد من أفراد؛ الرمي لا يقتضي الحصر ولا يخصص به، ومثله ما معنا.

"قال: والفسوق: الذبح للأنصاب -والله أعلم-؛ قال الله تبارك وتعالى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [سورة الأنعام (145)] " لاشك أن هذا من أعظم الفسوق، كما أن إصابة النساء من أشد الرفث؛ فمثل هذا التفسير لا يقتضي الحصر.

"قال: والجدال في الحج: أن قريشاً كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقُزَح، وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة" يعني الحُمْص لا يخرجون عن الحرم، ويقولون: نحن أهل الحرم كيف نخرج عنه؟ وأما من عداهم من قبائل العرب فهؤلاء يخرجون إلى الحل؛ والحل هنا عرفة؛ ولذا لما جاء جبير بن مطعم إلى عرفة وقد أضل بعيره؛ وجد النبي عليه الصلاة والسلام واقف مع الناس استغرب! كيف يقف مع الناس وهو من الحمص؟! والحمص لا يخرجون من الحرم!: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [سورة البقرة (199)]، يعنى ما فيه فرق بين قرشي هاشمي، النبي عليه الصلاة والسلام ما في فرق بينه وبين غيره، الذي يجب عليه يجب على غيره في مثل هذه العبادات.

ص: 15