المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: العمل في التيمم - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: العمل في التيمم

هذا قول معتبر عند أهل العلم، والإصرار على المعصية لا شك أن سببه الاستخفاف بها، والاستخفاف إذا قارن المعصية عظمت، نسأل الله العافية.

هل من المنهج في طلب الحق أن تؤخذ أقوال من يشارك في المسائل التي تطرح أم لا يؤخذ منهم لجهالتهم، ومعلوم عند أهل الحديث أن الجهالة في حالات.

على كل حال لا يعتد بقول المجاهيل، ولا ممن لا يعرف بعلم ولا عمل، ولو نمق الكلام، وشقق الكلام، ورتب الكلام، كما هو حال كثير ممن يضلون الناس في هذه القنوات، نسأل الله العافية، فالعلم دين العلم، فانظر عمن تأخذ دينك، والفتوى توقيع عن الله عز وجل، فليحذر الذين يفتون بغير علم أن يكونوا ممن عنوا بقوله -جل وعلا-:{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] من أعظم الكذب على الله –عز وجل القول عليه بلا علم {وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] نسأل الله العافية، فعلى طالب الحق أن يأخذ العلم من أهله الذين عرفوا به تحصيلاً وعملاً وورعاً، كما قال الناظم:

وليس في فتواه مفتٍ متبع

ما لم يضف للعلم والدين الورع

لأن بعض الناس يصير عنده علم، لكن ليس عنده ورع، يقحم نفسه في كل شيء، خشية أن يقال: جاهل، والجهل خير من القول على الله بلا علم بلا شك، والله المستعان.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء.

قال الإمام يحيى -رحمه الله تعالى-:

‌باب: العمل في التيمم

عن مالك عن نافع أنه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجرف حتى إذا كان بالمربد نزل عبد الله فتيمم صعيداً طيباً، فمسح ووجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلى.

عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين.

وسئل مالك كيف التيمم؟ وأين يبلغ به؟ فقال: يضرب ضربة للوجه، وضربة لليدين، ويمسحهما إلى المفرقين.

ص: 4

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: العمل في التيمم

يعني كيف يعمل من أراد أن يتيمم؟ فإذا قصد الصعيد الطيب ماذا يصنع؟

يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أنه أقبل هو وعبد الله بن عمر" يعني مولاه عبد الله بن عمر "من الجرف" بضم الجيم والراء موضع على ثلاثة أميال من المدينة، قد تقدم "حتى إذا كان بالمربد" المربد كمنبر على ميل أو ميلين من المدينة، وفي طريقهم "نزل عبد الله فتيمم صعيداً طيباً" قصد الصعيد الطيب "فمسح –به- وجهه، ويديه إلى المرفقين، ثم صلى" حفظاً للوقت، وإلا فالمدينة على ميل واحد أو ميلين يصلها في الوقت، فتيمم حفظاً للوقت، مع إمكانه أن يصلي الصلاة في وقتها بالطهارة كاملة التي هي الوضوء.

قال بعضهم: كان ابن عمر على وضوء سابق، ولا يمكن أن يتيمم مع حصول الماء في وقت الصلاة؛ لأنه روي أنه كان رضي الله عنه وأرضاه- يتوضأ لكل صلاة، هو على وضوء وأراد تجديد الوضوء، فلم يجد ماءاً فقصد الصعيد فتيمم، جرياً على قاعدته، ومشياً على جادته، في أنه يتوضأ لكل صلاة، وهذا التماس وتوجيه لصنيع ابن عمر؛ لأنه يربأ به أن يصلي بالتيمم مع إمكان الصلاة بالوضوء في الوقت، فجعل التيمم عوضاً عن الوضوء، يعني تجديد الوضوء لا أصل الوضوء الرافع للحدث، إذ لا حدث عليه على هذا القول.

وقال الباجي: يؤخذ من الحديث جواز التيمم في الحضر؛ لأن المربد في حكم الحضر، ميل أو ميلين، في حكم الحضر، وإلى جوازه ذهب الجمهور.

التيمم في الحضر، يعني مع عدم وجود الماء، وقال أبو يوسف وزفر: لا يجوز التيمم في الحضر بحال، ولو خرج الوقت، طيب {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(43) سورة النساء] هذا يشمل الحضر والسفر، لكن لو قرأنا الآية من أولها، نعم؟

طالب: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [(43) سورة النساء]

ص: 5

{وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [(43) سورة النساء] فالآية فيها التقييد بالسفر، فالسفر سبب للتيمم، وعلى قول الجمهور أنه سببٌ أغلبي، بمعنى أنه يغلب فقدان الماء في السفر لا في الحضر، وليكن هذا الحكم مما شرع لعلة وارتفعت العلة، وبقي الحكم.

مثال ذلك القصر، القصر شرعيته الأولى من أجل الخوف، نعم من أجل الخوف، ثم ارتفع الخوف، ثم صار صدقة تصدق الله بها، مثاله الرمل في الطواف، الرمل في الطواف إنما شرع مراغمة للكفار الذين قالوا: يأتي محمد وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، فرمل النبي عليه الصلاة والسلام ليراغمهم بذلك، الآن ما يوجد كفار يقولون هذا الكلام، يشرع الرمل وإلا ما يشرع؟ يشرع، شرع لعلة ارتفعت العلة وبقي الحكم.

على كل حال عامة أهل العلم على جوازه حضراً وسفراً.

طالب:. . . . . . . . .

يعني ولو وجد ماء؟ ولو وجد ماء يتيمم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا، {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(43) سورة النساء]

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا بد من فقدان الماء، وفي الآيتين التنصيص على فقدان الماء، وهي طهارة بدل، والأصل لا يعدل عنه إلا مع فقده، لا يعدل البدل مع وجود الأصل.

"فنزل عبد الله وتيمم صعيداً طيباً، فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلى" يديه إلى المرفقين، وفي الذي يليه:"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين" قالوا: ليجمع بين الفرض والسنة؛ لأن الفرض الكف إلى الكوع، وإلى المرفقين سنة عند بعض أهل العلم، أو أن مذهبه أن الفرض في التيمم إلى المرفقين كالوضوء.

"وسئل مالك كيف التيمم؟ وأين يبلغ به؟ قال: يضرب ضربة للوجه وضربة لليدين، ويمسحهما إلى المرفقين" تحصيلاً للسنة عند مالك، ولو مسحه من الكوع صح.

ص: 6

الآن عندنا الآية آية الوضوء اليد فيها مقيدة بإيش؟ إلى المرفقين، وآية التيمم اليد مطلقة، فمقتضى ما ذكر من صنيع ابن عمر، وما أشار إليه الإمام مالك، وهو المعروف عند الشافعية أن المسح إلى المرفقين حملاً للمطلق على المقيد، وقد جاء في راوية عند أبي داود لكنه خبر ليس بالقوي، معارض بحديث عمار في الصحيحين، وفيه قوله عليه الصلاة والسلام:((إنما يكفيك هكذا)) فضرب بكفه الأرض، ونفخ، وضرب بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ولو حسنه وهو معارض بما في الصحيحين ما يكفي، معارض بما في الصحيحين، حمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة متجه وإلا غير متجه؟

طالب:. . . . . . . . .

لماذا؟

طالب:. . . . . . . . .

للاختلاف في إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

الحكم مختلف، وإن كان السبب واحداً، السبب واحد، هنا اتفق السبب واختلف الحكم، فالحكم مختلف، والمعول عليه في حمل المطلق على المقيد هو الحكم، فإذا اختلفا في الحكم لم يحمل المطلق على المقيد، ولو اتحد السبب.

السبب هو الحدث، والحكم هذا غسل وهذا مسح، وإن اختلفا في الحكم والسبب لم يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً، كاليد في آية الوضوء مقيدة، وفي آية السرقة مطلقة، السبب والحكم مختلفان ولا يحمل المطلق على المقيد في مثل هذه الصورة، بخلاف ما لو اتحدا في الحكم والسبب، فإنه يحمل المطلق على المقيد، وبعضهم يحكي الإجماع على ذلك، كالدم {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [(3) سورة المائدة] هذا مطلق وقيد في آية أخرى {قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا} [(145) سورة الأنعام].

ص: 7