الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سالم بن عبد الله" أحد الفقهاء السبعة على قول، وسليمان بن يسار أيضاً منهم "سئلا عن الحائض هل يصيبها زوجها إذا رأت الطهر قبل أن تغتسل؟ " رأت الطهر، رأت علامة الطهر، إما بالقصة البيضاء أو بالجفاف قبل أن تغتسل "فقالا -أي كل منهما-: لا" أي: لا يصيبها "حتى تغتسل" {حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [(222) سورة البقرة] حتى يطهرن، أي: انقطع الدم {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [(222) سورة البقرة] الآن {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} [(222) سورة البقرة] هذا الغاية، ومقتضى ذلك أنها تقرب ولو لم تتطهر؛ لأن الغاية حتى يطهرن، لكن دخول الغاية وعدم دخوله ليس بقطعي، فجاء في النصوص ما يدل على الدخول، وجاء في النصوص ما يدل على عدمه، فجاء التوضيح بعد ذلك، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [(222) سورة البقرة] نعم يعني تطهرن بعد أن طهرن، هذا قدر زائد على مجرد الطهر، وهو التطهر من فعلها بالغسل فأتوهن، فالجملة الثانية مفسرة للمراد من الجملة الأولى "لا حتى تغتسل؛ لقوله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [(222) سورة البقرة] " وبهذا قال مالك والشافعي وأحمد، وجمهور الفقهاء، وقال أبو حنيفة: إذا انقطع الدم لأكثر الحيض وهو عشرة أيام عنده جاز وطؤها قبل الغسل، لكن إن انقطع الدم قبل أكثر الحيض ستة أيام، سبعة، ثمانية، تسعة، حتى تغتسل، دليله على ذلك؟ ابن عبد البر –رحمه الله تعالى- لما ذكر كلام أبي حنيفة قال: هذا تحكم لا وجه له، على كل حال هو قول مرجوح، فلا يجوز للزوج أن يقرب زوجته حتى تطهر، تغتسل، الكفارة ما ورد فيها الخبر ضعيف دينار أو نصفه، ضعيف، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: طهر الحائض
عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد بذلك الطهر من الحيضة.
عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمته عن ابنة زيد بن ثابت أنه بلغها أن نساءاً كن يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر، فكانت تعيب ذلك عليهن، وتقول: ما كان النساء يصنعن هذا.
وسئل مالك عن الحائض تطهر فلا تجد ماء هل تتيمم؟ قال: نعم لتتيمم فإن مثلها مثل الجنب إذا لم يجد ماءاً تيمم.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: طهر الحائض
"حدثني يحيى عن مالك عن علقة بن أبي علقمة" المدني "عن أمه" مرجانة "مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء" يعني من نساء الصحابة والتابعين "يبعثن إلى عائشة بالدِرَجة" بكسر الدال وفتح الراء جمع درج، وهكذا، يرويه أصحاب الحديث، وضبطه ابن عبد البر بالضم، ثم السكون، الدرجة، وقال: إنه تأنيث درج، الدرج معروف، والدرجة تأنيثه، وضبطه الباجي بفتحتين الدرجة، على كل حال هو وعاء، يجعل "فيه الكرسف" الذي هو القطن، الذي اختبر فيه المحل، فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض، يعني يؤتى بالكرسف الذي هو القطن فيدخل في موضع الخارج من الدم لاختبار الطهر، هل انقطع نزول الدم أو ما زال؟ "فيه صفرة من دم الحيض، يسألنها عن الصلاة" شيء يسير لا يكاد يذكر، هل مثل هذا يمنع من الصلاة؟ مثل هذا لا بد فيه من الحزم، والاحتياط فيه غير ممكن؛ لأنها إن تركت الصلاة وقد طهرت ارتكبت أمراً عظيماً، وإن صلت حال حيضها ارتكبت محرماً بلا شك، وكثير من النساء الآن في حيرة شديدة، وعادات النساء يحصل فيها الاضطراب الكثير، مع ما يتناوله النساء من طعام أو علاج، أو أي تصرف يتصرفنه في أنفسهن، الموانع وغيرها توجد الاضطراب، تقديم وتأخير وتغير في اللون، واضطراب كبير.
هنا يبعثن بهذا الوعاء، فيه قطن، هذا القطن اختبر فيه المحل، لكن ما وجد إلا الصفرة من دم الحيض، يسألنها عن الصلاة "فتقول عائشة لهن: لا تعجلن" لأنه مع حرص النساء على فعل الخير، وعلى أداء هذه العبادة العظيمة يرون أن هذا الشيء اليسير ما يمنع من إقامة هذا الركن العظيم؛ لأن هذا لو كان الدين بالرأي إذا كانت الاستحاضة مع أن الدم يجري لا يمنع من الصلاة فكيف بهذا الشيء اليسير صفرة وإلا كدرة.
"يسألنها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء" يعني إذا رأيتن القصة البيضاء صلوا، وأما قبل ذلك فلا، تريد بذلك الطهر من الحيضة، القصة بفتح القاف وتشديد الصاد، القصة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة ماء أبيض، يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، وهو معلوم عند النساء يعرفنه ويدركنه، "تريد بذلك الطهر من الحيضة" شبهت ما يخرج من ذلك لبياضه القص، وهو الجص، الجص معروف بياضه، ومنه قصص داره بالجيل، يعني جصصه، فالمرأة عليها أن تنتظر حتى تجزم أن الدم قد انقطع، إما برؤية القصة إن كانت ممن ترى -وهذا هو الكثير الغالب- وبعض النساء لا توجد عندها قصة بيضاء، هذه إذا جفت تماماً، وانقطع عنها نزول الدم فإنها تكون قد انتهت عادتها.
"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر" بن محمد بن عمرو بن حزم "عن عمته" قال ابن الحذّاء: هي عمرة بنت حزم، عمة جده، لكن عبد الله لم يدركها؛ لأنها صحابية قديمة، والصوب أنها عمته أخت أبيه، أم كلثوم أو أم عمرو "عن عمته عن ابنة زيد بن ثابت" اسمها أيضاً أم كلثوم، وهي زوجة سالم بن عبد الله بن عمر "أنه بلغها أن نساءاً كن يدعون بالمصابيح" يطلبن المصابيح وهي السرج "من جوف الليل، ينظرن إلى ما يدل على الطهر، فكانت تعيب ذلك عليهن، وتقول: ما كان النساء يصنعن هذا" يعني التكلف من الإتيان بالسرج في جوف الليل، والمراد بالنساء نساء الصحابة اللاتي أدركتهن.