الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "أما أهل الصلح فإن من أسلم منهم فهو أحق بأرضه وماله، وأما أهل العنوة" الذين أخذوا عنوة بقتال، "فمن أسلم منهم فإن أرضه وماله للمسلمين" قال:"لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم" يعني ففاتتهم أخذت من أيديهم، وحينئذٍ لا ترجع عليهم إلا إذا أعادها الإمام نظراً للمصلحة كما فعل بغنائم حنين عليه الصلاة والسلام "وصارت فيئاً للمسلمين" في فتح مكة مثلاً من أهل العلم من يرى أنها فتحت عنوة، وعلى هذا لا يجوز بيع دورها ولا تأجيرها، هي للمسلمين كلهم، ولا يجوز أن يوضع عليها أبواب، من جاء من خارج مكة يسكن في أي مكان شاء، ومنهم من يقول: إنها فتحت صلحاً، وكان أهلها أحق بها، ولا يمنع أن تفتح عنوة، والقتال حصل، وأبيحت للنبي عليه الصلاة والسلام ساعة من نهار، ولا يمنع مع ذلك أن يمن النبي عليه الصلاة والسلام على أهلها بممتلكاتهم وعقارهم كما من عليهم برقابهم.
"وأما أهل الصلح فإنهم قد منعوا أموالهم وأنفسهم" يعني بهذا الصلح وبهذا الاتفاق وبهذا العقد منعوا أموالهم وأنفسهم "حتى صالحوا عليها، فليس عليهم إلا ما صالحوا عليه".
باب: الدفن في قبر واحد من ضرورة
باب الدفن في قبر واحد، يعني أكثر من شخص يدفنون في قبر واحد من ضرورة، وإلا فالأصل أن لكل مسلم يموت له قبره الخاص، ولا يجوز دفن اثنين في قبر واحد إلا لضرورة "وإنفاذ أبي بكر رضي الله عنه عدة رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعني من وعده النبي عليه الصلاة والسلام بشيء أنفذه أبو بكر، فالمسألة عدِة وليست عدَّة، ومن ذلكم كتاب (عِدَة الصابرين) أو عُدة؟ بعضهم يقول: عُدة الصابرين وعِدة، يعني ما وعدهم الله -جل وعلا-.
"عدة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته" بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو" بن حرام، والد جابر بن عبد الله "الأنصاريين ثم السلميين" هما من بني سلمة، وبنو سلمة عند النسب يقال: سلمي؛ لأن كل مكسور الثاني يفتح في النسب، سلِمة سلمي، ما يقال: سلِمي، لا تتوالى كسرات كثيرة ما يصلح، نمِرة نمري، كأبي عمر الذي تكرر عندنا ابن عبد البر النمري، النسبة إلى ملك، ملَكي، ما يقال: ملِكي، مثلها، هذه قاعدة عند أهل العلم.
قال: "ثم السلميين، كانا قد حفر السيل قبرهما" يعني جاء السيل فاجتاح القبور، ومنها القبر الذي فيه هذين الصحابيين "وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد" السنة الثالثة يعني بعد ستة وأربعين سنة حفر قبرهما "وكان قبرهما مما يلي السيل، وكانا في قبر واحد، وهما ممن استشهد يوم أحد، فحفر عنهما ليغيَرا من مكانهما" على شان ما يصيرون في طريق السيل، كل ما جاء سيل اجتاح القبر، نبشا فغير مكانهما "فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس" القريب، وهكذا الأرض لا تأكل أجساد الشهداء، ومن باب أولى الأنبياء "وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه" واضع يده ماسك الدم لا يخرج بيده، فوضع يده على جرحه "فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه" أزيلت، لما أزيلت خرج الدم، "فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة" وهذا مما يبين فضل الشهادة والقتل في سبيل الله.
"قال مالك: لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد من ضرورة" إما لكثرة الأموات، أو لضيق الأرض مثلاً "ويجعل الأكبر مما يلي القبلة" امتثالاً لقوله عليه الصلاة والسلام:((كبر كبر)) فالسن له دور في مثل هذا.
قال: "حدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: قدم على أبي بكر الصديق مال من البحرين، فقال: "من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيٌ" وأي ضمان، ضمن له رسول الله عليه الصلاة والسلام كذا، أو وعده بشيء، إذا جاءنا مال من الصدقة أو من كذا أعطيناك كذا "وأي أو عدة فليأتني؟ " لأن الخليفة يقوم مقام النبي عليه الصلاة والسلام، والخليفة الثاني يقوم مقام الخليفة الذي قبله، فهذه العدات وهذه الضمانات لا تضيع بتغير الخلفاء، بل الضمان قائم إذا كان شرعياً.
"فليأتني، فجاءه جابر بن عبد الله" وكان قد وعده النبي عليه الصلاة والسلام أن يعوضه ويعطيه شيء من المال "فحفن له ثلاث حفنات" تنفيذاً لعدة النبي عليه الصلاة والسلام، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.