المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في الصداق والحباء - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في الصداق والحباء

"وبلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار" وكلهم من الفقهاء السبعة "كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها: إن ذلك لازم لها" لازم لها هذا يتجه إذا رضيت بعد ذلك، يعني أكرهت على الزواج فقبلت ذلك، لكن لو خاصمت لما صار لإكراهه أثر، والمرأة التي جاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع خسيسته، فخيرها النبي عليه الصلاة والسلام فقالت: قبلت ما قبل أبي، وإنما أردت أن أبين أن الرجال ليس لهم سلطان على النساء، أو كما جاء في الخبر.

طيب هنا باب استئذان البكر يعني ما حكمه؟ ما جزم بحكمه.

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو حكم بأن الإجبار جائز من الأب، وهذا يقول: ذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار، ما حكمه؟ استئذان البكر والأيم في أنفسهما ما حكمه؟ تبينه النصوص، هنا ما جزم، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: ما جاء في الصداق والحباء

حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ )) فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً)) فقال: ما أجد شيئاً، قال:((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هل معك من القرآن شيء؟ )) فقال: نعم معي سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قد أنكحتكها بما معك من القرآن))

وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: "أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً، وذلك لزوجها غرمٌ على وليها".

ص: 18

قال مالك -رحمه الله تعالى-: وإنما يكون ذلك غرماً على وليها لزوجها إذا كان وليها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها، أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، فأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم، أو مولى، أو من العشيرة ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم، وترد تلك المرأة ما أخذته من صداقها، ويترك لها قدر ما تستحل به.

وحدثني عن مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها بنت زيد بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها، ولم يسم لها صداقاً، فابتغت أمها صداقها، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما-:"ليس لها صداق، ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها"، فأبت أمها أن تقبل ذلك، فجعلوا بينهم زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- فقضى أن لا صداق لها، ولها الميراث.

وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أباً أو غيره من حباءٍ أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته.

قال مالك في المرأة ينكحها أبوها، ويشترط في صداقها الحباء يحبى به: إن ما كان من شرط يقع به النكاح فهو لابنته إن ابتغته، وإن فارقها زوجها قبل أن يدخل بها فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح.

قال مالك في الرجل يزوج ابنه صغيراً لا مال له: إن الصداق على أبيه إذا كان الغلام يوم تزوج لا مال له، وإن كان للغلام مال فالصداق في مال الغلام إلا أن يسمي الأب أن الصداق عليه، وذلك النكاح ثابت على الابن إذا كان صغيراً، وكان في ولاية أبيه.

قال مالك في طلاق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وهي بكر فيعفو أبوها عن نصف الصداق: إن ذلك جائز لزوجها من أبيها فيما وضع عنه.

قال مالك: وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {إَلَاّ أَن يَعْفُونَ} [(237) سورة البقرة] فهن النساء اللاتي قد دخل بهن {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [(237) سورة البقرة] فهو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.

قال مالك: وهذا الذي سمعت في ذلك، والذي عليه الأمر عندنا.

ص: 19

قال مالك في اليهودية أو النصرانية تحت اليهودي أو النصراني فتسلم قبل أن يدخل بها: إنه لا صداق لها.

قال مالك: لا أرى أن تنكح المرأة بأقلِ من ربع دينار

بأقلَ.

أحسن الله إليك.

لا أرى أن تنكح المرأة بأقلَ من ربع دينار، وذلك أدنى ما يجب فيه القطع.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الصداق والحباء

الصداق والصِداق، والصدُقة هو ما يدفع إلى المرأة في مقابل النكاح والزواج بها، والصداق واجب، لا نكاح إلا بالصداق، والهبة خاصة بالنبي عليه الصلاة والسلام، والمراد بها الهبة الخالية عن الصداق، أما المرأة تهب نفسها لمن ترتضيه زوجاً لها، بالشروط المعتبرة، أو يهبها وليها ويهديها ويقدمها إلى من يرتضيه صهراً له، بالشروط المعتبرة، فهذا لا إشكال فيه، فعرض عثمان بن عفان رضي الله عنه ابنته على عبد الله بن مسعود، {وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [(50) سورة الأحزاب] هذا أمر مفروغ منه ولو بغير صداق، وهذا خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام، {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [(50) سورة الأحزاب]، المؤمن هل يجوز أن يهدي الرجل ابنته على رجل صالح يرتضيه، أو امرأة تخطب رجلاً صالحاً ترتضيه من نفسها؟ نعم يجوز بالشروط المعتبرة، بالصداق الواجب، لا بد من هذا، وليس في هذا حسم للبحث عن الرجال الصالحين، من قبل النساء أو من قبل الأولياء، ليس فيه حسم للباب، بل هذا مندوب إليه، كما فعل عثمان مع ابن مسعود.

الحباء: هو العطية التي لا يرجى لها عوض.

قال: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار" يعني سلمة بن دينار "عن سهل بن سعد الساعدي" وهو الذي يروي

، سلمة بن دينار هو الذي يروي عن سهل بن سعد؛ لأنه يأتي كذا عن أبي حازم عن سهل، عن أبي حازم عن أبي هريرة، فالذي يروي عن سهل هو ابن دينار، سلمة بن دينار الزاهد المعروف، والذي يروي عن أبي هريرة هو سلمان.

ص: 20

"عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك" وهي غير الواهبة المذكورة في القرآن "وهبت نفسي لك، فقامت قياماً طويلاً" سكت النبي عليه الصلاة والسلام ما قبل ولا رد، إنما صعد فيها النظر وصوبه، نظر إلى أعلاها وأسفلها، ولا يقال: إنها كاشفة أو متبرجة، لا ما يلزم، بل هي مستترة، فالنبي عليه الصلاة والسلام بمحضر من أصحابه، صعد فيها النظر وصوبه فما رغب فيها "قامت قياماً طويلاً، فقام رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك بها حاجة" والقصة في الصحيحين كما هو معروف "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ )) " أو تصدقه إياها؟ أيهما أفصح؟ تصدقه إياها أو تصدقها إياه؟ كلاهما جائز، هما مفعولان تقدم الأول على الثاني، والثاني على الأول، كلاهما جائز، لكن أيهما أفصح؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

أيوه؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، الكلام في المفعولين، تصدقه إياها أو تصدقها إياه؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

تصدقه إياها أو تصدقها إياه؟ هما مفعولان، يقولون: الأفصح تقديم الفاعل دون المفعول، إيش معناه؟ يعني هذان المفعول أحدهما آخذ والثاني مأخوذ، فالمرأة آخذة، والصداق مأخوذ، فالمقدم هنا أيهما؟ تصدقها إياه، مع أنه لو قدم المفعول الثاني ما في إشكال؛ لأن المعنى لا التباس فيه وواضح.

ص: 21

" ((تصدقها إياه)) فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إزارك ما تصنع به؟ إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك، فالتمس شيئاً)) " إن أعطيتها إياه جلست بدون إزار، وإن قسمته نصفين فاتت فائدته ومنفعته على الطرفين، لم تستفد أنت ولم تستفد هي " ((فالتمس شيئاً)) فقال: ما أجد شيئاً، قال:((التمس ولو خاتماً من حديد)) " خاتماً خبر كان المحذوف، وهو لو كان الملتمسُ خاتماً من حديث "فالتمس فلم يجد شيئاً" في حديث أخرجه الحاكم وصححه ابن حجر وغيره أن النبي عليه الصلاة والسلام زوج امرأة على خاتم من حديد، بهذا اللفظ مراداً به حقيقة الزواج ليس بصحيح؛ لأنه مأخوذ من هذه القصة، والقصة ليس فيها أنه زوجه على خاتم من حديد؛ لأنه ما وجد ولا خاتم من حديد، وإن كان المراد بزوّج أراد فالكلام صحيح، إذا حمل زوج على أراد لأن الفعل يطلق ويراد به إرادة الفعل ((إذا دخل أحدكم الخلاء)) يعني إذا أراد أن يدخل {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [(98) سورة النحل] إذا أردت القراءة وهكذا، فإذا كان المراد بالخبر أراد تزويج رجل على خاتم من حديد فهذا صحيح، ويدل له هذه القصة، أما كونه أن المرأة استلمت الخاتم من الحديد صداقاً لها ومهر هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن القصة كلها تدور

، الخبر يرد إلى هذا "فقال:((التمس ولو خاتماً من حديد)) فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((هل معك من القرآن شيء؟ )) فقال: نعم معي سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قد أنكحتكها بما معك من القرآن)) " فالقرآن يصح أن يكون صداقاً، والتعليم منفعة، والمنفعة يجوز أن تكون صداقاً كما في قصة موسى مع صاحب مدين، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

الحديد حلية أهل النار، البخاري ضعف ذاك الحديث بهذا الحديث، البخاري رحمه الله ضعف الحديث ذاك بهذا.

ص: 22

((أنكحتكها بما معك من القرآن)) أي تعلمها ما معك من القرآن فصار يعلمها، ويستدل بهذا من يرى جواز جعل المنفعة صداقاً، وأيضاً هذه المنفعة غير محددة، وإن كانت محددة السور، يعني هل يجوز أن تأتي بأجير فتقول: حفّظ ولدي سورة البقرة بألف ريال مثلاً يجوز وإلا ما يجوز؟

طالب:. . . . . . . . .

يجوز؟ العمل معلوم وإلا مجهول؟ العمل محدد ومعلوم ما في إشكال، لكن مدته معلومة وإلا مجهولة؟

طالب:. . . . . . . . .

مجهولة جهالة متباينة، يمكن أن يحفظ البقرة بأسبوع، ويمكن يمر عليه سنة ما حفظها، فإذا تطرقت الجهالة إلى مثل هذا العمل تصح الإجارة وإلا ما تصح؟

طالب:. . . . . . . . .

هي ما تعلم المدة، حفظ ولدي سورة البقرة بكذا، طيب، لو جيء بمقاول وقيل: اهدم هذا المسجد بعشرة آلاف، العمل معلوم، لكن المدة؟

طالب: المدة غير معلومة، لكن المدة مستعاضة بالإجارة خلاف هذا ....

لا المباني تتفاوت، يعني كانت البيوت من طين، والطين يتفاوت تفاوتاً شديداً جداً، بعض الجدران من الطين بمجرد ما تدفعها تسقط، وبعضها تعجز عنها الآلات، أشد من الخرسان، فإذا قبل الأجير أن يهدم هذا البيت بألف ريال مثلاً، وفي تقديره أنه ينهيه بيوم، فأخذ عليه شهر، تباين كبير في البيوت

طالب:. . . . . . . . .

هاه؟

طالب: حتى في الخرسانات ....

إيه لكنها في الجملة يعني إذا رآها عرف، إذا أدار النظر فيه وعرف سمك الصبات في الغالب متقاربة، الناس يحسنون تقدير مثل هذه الأمور، لكن عمل الطين يتفاوت من ماهر إلى آخر، فهذه المدة ليست معلومة، وجرت عقود في هذا المجال على أساس أن العامل ينقض هذا المنزل لبنة لبنة، في مدة يسيرة، فتبين أنه عجز عن هذا لمدة طويلة، فهل يكفي العلم بالعمل المتعاقد عليه أو لا بد من العلم به وبمدته؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا هو يقول: حفظه مدة شهر، حفظ وإلا ما حفظ، فإذا تم الشهر انتهى، إذا كان العقد على المدة، هو إذا عاقده على الأمرين، حفّظ ابني البقرة في شهر، فيكون العقد على الأمرين، يلاحظ فيه الحفظ ويلاحظ فيه أيضاً المدة، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ثماني حجج، ثمان سنين، المدة معروفة.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 23

أما أصل الجهالة، مبدأ الجهالة موجود، لكن لا بد أن تكون الجهالة مغتفرة، الذي يريد أن يهدم هذا المبنى يعرف أن هذا صبة العمود، وفي الغالب أن حديده وسمكه كذا، لكن لو تبين أن حديده عشرة أضعاف يدعي الغبن، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

جعالة، ما يصير إجارة، الجعالة يتجاوز فيها إذا كانت جعالة.

قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: قال عمر بن الخطاب: "أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً" هذه أمثلة للعيوب التي ترد بها المرأة، أمثلة، بها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً "وذلك لزوجها غرمٌ على وليها".

لأنه هو الذي غر الزوج، الصداق للمرأة كامل، ويرجع الزوج على وليها، هو الذي غره، هذه الأمثلة التي ذكرت بها جنون أو جذام أو برص، هذه أمور متفق عليها، لكن ماذا عن العمى؟ لو كانت المولية عمياء، وما ذكر له أنها عمياء؟ مثل هذا وإلا لا؟ دخل عليها فإذا هي عمياء.

طالب: مثله ....

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

طيب العمى يرد به وإلا ما يرد به؟ ما يرد به، تزوجها على أنها مبصرة وتبين عمياء؟ هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

يتعدى، والجنون؟ لا شك أن العمى عيب يرد به، ولو جحد عن المخطوبة وما ذكر لها أن الخاطب أعمى ثم تبين أعمى تطلب فسخ وإلا ما تطلب؟ تطلب الفسخ، في مختصر خليل عند المالكية يقول: ويجوز كتم العمى عن الخاطب، في أحد منهم، من المالكية له عناية بمختصر خليل، يقول: يجوز كتم العمى عن الخاطب، ولا شك أنه لو علم به ما قبله، فلا يجوز كتمه عليه، وذلك لزوجها غرم على وليها؛ لأنه هو الذي غره، وهو الذي غشه.

ص: 24

"قال مالك: وإنما يكون ذلك غرماً على وليها لزوجها إذا كان وليها الذي أنكحها هو أبوها أو أخوها" يعني علم بعيبها، أو من يرى أنه يعلم ذلك منها، من علم بهذا العيب ولم يبينه للخاطب هو الذي يغرم، فأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم، أو مولى، ابن عم لا يعرف هذا مثلاً هذه البقعة من البرص، أو شيء من هذا في بدنها لا يدري، أو من العشيرة ممن هو أبعد من ذلك "ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم" لأنه ما غش، ولا علم بالعيب "وترد تلك المرأة ما أخذته من صداقها" دفع لها خمسين ألف ترد صداقها "إلا قدر ما تستحل به" يعني أرش البكارة، يعني ما استحله من فرجها، فتأخذه وما عدا ذلك ترده.

قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها بنت زيد بن الخطاب كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر -ابن عمها- فمات ولم يدخل بها" مات قبل الدخول، ولم يسم لها صداقاً، يعني لو سمى لها صداقاً تستحقه كاملاً، لو طلقها قبل الدخول وسمى لها صداقاً تستحق منه النصف "ولم يسم لها صداقاً فابتغت أمها صداقها، فقال عبد الله بن عمر: "ليس لها صداق" لأنه لم يسم "ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها" كيف وهو عمها، وقد عرف بتحريه واتباعه؟! "فأبت أمها أن تقبل ذلك، فجعلوا بينهم" يعني حكماً "زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها، ولها الميراث" لأنه لو سمي استحقته، لكن ما دام لم يسم فلا تستحقه "ولها الميراث" ترث "وعليها العدة" عليها العدة في حال الموت، أما في حال الطلاق قبل الدخول لا عدة عليها.

قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أباً أو غيره من حباءٍ أو كرامة فهو للمرأة إن ابتغته" لأنه في مقابل بضعها فهو لها، والولي ليس له علاقة، إذا اشترط ليس له علاقة إلا مجرد الولاية، لكن إذا أخذ من صداقها ما لا يضر بها، وكان الولي هو الأب فلا مانع من ذلك؛ لأن البنت وما تملك لأبيها، شريطة ألا يضر بها، فهو للمرأة إن ابتغته وإن تنازلت عنه أخذه.

ص: 25

"قال مالك في المرأة ينكحها أبوها ويشترط في صداقها الحباء يحبى به: إن ما كان من شرط يقع به النكاح فهو لابنته إن ابتغته" يعني على كلام عمر بن عبد العزيز "وإن فارقها زوجها قبل أن يدخل بها فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح" يعني صار من المهر، فهذا الحباء الذي هو العطية صار من جملة المهر يأخذ نصفه كالمهر، وعلى هذا ما يقدم من هدايا للزوجة غير الصداق، وقبل الدخول إذا حصل الطلاق فإنه ينصف كالمهر، حكمه حكم المهر.

يقول: "فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح".

"قال مالك في الرجل يزوج ابنه صغيراً لا مال له: إن الصداق على أبيه إذا كان الغلام يوم تزوج لا مال له" لكن إن كان وارثاً فالصداق من ماله هذا الأصل، وإن كان لا مال له فمن مال أبيه "وإن كان للغلام مال فالصداق في مال الغلام إلا أن يسمي الأب أن الصداق عليه" الولد أراد أبوه أن يحفظه، عنده مال، وارث من أمه أموال، وأراد أبوه أن يحفظه، وأشار عليه بالزواج، فقال: يا بني تزوج والتكاليف كلها علي، إن كنت خفت ينقص مالك التكاليف كلها علي، إذا قال ذلك لزمه أن يدفع الصداق ولو كان للابن مال.

"وذلك النكاح ثابت على الابن إذا كان صغيراً، وكان في ولاية أبيه".

"قال مالك في طلاق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وهي بكر فيعفو أبوها عن نصف الصداق: إن ذلك جائز لزوجها من أبيها فيما وضع عنه"{إَلَاّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [(237) سورة البقرة] وهو الأب.

"قال مالك: وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {إَلَاّ أَن يَعْفُونَ} [(237) سورة البقرة] " يعني النساء، "فهن النساء اللاتي قد دخل بهن، {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [(237) سورة البقرة] فهو الأب في ابنته البكر" الذي بيده عقدة النكاح يحتمل أن يكون الزوج، ويحتمل أن يكون الأب، فللأب أن يعفو عن النصف الذي استحقته بنته، وللزوج أن يعفو عن النصف الذي سلمه للمرأة، فهو الأب في ابنته البكر، والسيد في أمته.

ص: 26