الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَاب الشِّعْرِ قَوْلُهُ
[2255]
(عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
رَدِفْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا فَقَالَ هَلْ مَعَكَ من شعر أمية بن أبي الصلت شيئا قُلْتُ نَعَمْ قَالَ هِيهِ فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ هِيهِ ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ هِيهِ حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ قَالَ إِنْ كَادَ لِيُسْلِمَ) وَفِي رِوَايَةٍ فَلَقَدْ كَادَ يُسْلِمُ فِي شِعْرِهِ أَمَّا الشَّرِيدُ فَبِشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مُخَفَّفَةٍ مَكْسُورَةٍ وَهُوَ الشَّرِيدُ بْنُ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيُّ الصَّحَابِيُّ رضي الله عنه وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم)
هِيهِ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الثَّانِيَةِ قَالُوا وَالْهَاءُ الْأُولَى بَدَلٌ مِنَ الْهَمْزَةِ وأصله ايه وهي كلمة للا ستزادة من الحديث المعهود قال بن السِّكِّيتِ هِيَ لِلِاسْتِزَادَةِ مِنْ حَدِيثٍ أَوْ عَمَلٍ مَعْهُودَيْنِ قَالُوا وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْكَسْرِ فَإِنْ وَصَلْتَهَا نَوَّنْتَهَا فَقُلْتَ إِيهٍ حَدِّثْنَا أَيْ زِدْنَا من هذا الْحَدِيثِ فَإِنْ أَرَدْتَ الِاسْتِزَادَةَ مِنْ غَيْرِ مَعْهُودٍ نَوَّنْتَ فَقُلْتَ إِيهٍ لِأَنَّ التَّنْوِينَ لِلتَّنْكِيرِ وَأَمَّا إِيهًا بِالنَّصْبِ فَمَعْنَاهُ الْكَفُّ وَالْأَمْرُ بِالسُّكُوتِ وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَحْسَنَ شِعْرَ أُمَيَّةَ وَاسْتَزَادَ مِنْ إِنْشَادِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْبَعْثِ فَفِيهِ جَوَازُ إِنْشَادِ الشِّعْرِ الَّذِي لَا فُحْشَ فِيهِ وَسَمَاعِهِ سَوَاءٌ شِعْرُ الْجَاهِلِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ وَأَنَّ الْمَذْمُومَ مِنَ الشِّعْرِ الَّذِي لَا فُحْشَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ الْإِكْثَارُ مِنْهُ وَكَوْنُهُ غَالِبًا عَلَى الْإِنْسَانِ فَأَمَّا يَسِيرُهُ فَلَا بَأْسَ بِإِنْشَادِهِ وَسَمَاعِهِ وَحِفْظِهِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْئًا فَهَكَذَا وَقَعَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ شَيْئًا بِالنَّصْبِ وَفِي بعضها شئ بالرفع وعلى روايا النَّصْبِ يُقَدَّرُ فِيهِ مَحْذُوفٌ أَيْ هَلْ مَعَكَ من شئ فَتَنْشُدَنِي شَيْئًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم
[2256]
(أَشْعَرُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَتْ بِهَا الْعَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيَدٍ ألا كل شئ ماخلا اللَّهَ بَاطِلٌ) وَفِي رِوَايَةٍ أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيَدٍ أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللَّهَ بَاطِلٌ وَفِي رِوَايَةٍ أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَهُ الشَّاعِرُ وَفِي رِوَايَةٍ أَصْدَقُ بَيْتٍ قَالَتْهُ الشُّعَرَاءُ الْمُرَادُ بِالْكَلِمَةِ هُنَا الْقِطْعَةُ مِنَ الْكَلَامِ وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِلِ الْفَانِي الْمُضْمَحِلُّ وَفِي
هَذَا الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِلَبِيدٍ وَهُوَ صَحَابِيٌّ وَهُوَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ رضي الله عنه قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[2257]
[2258]
(لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا) وَفِي
[2259]
رِوَايَةٍ بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرْجِ إِذْ عَرَضَ شَاعِرٌ يَنْشُدُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذُوا الشَّيْطَانَ أَوْ أَمْسِكُوا الشَّيْطَانَ لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ يَرِيهِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مِنَ الْوَرْيِ وَهُوَ دَاءٌ يُفْسِدُ الْجَوْفَ وَمَعْنَاهُ قَيْحًا يَأْكُلُ جَوْفَهُ وَيُفْسِدُهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهَذَا الشِّعْرِ شِعْرٌ هُجِيَ بِهِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْعُلَمَاءُ كَافَّةً هَذَا تَفْسِيرٌ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَذْمُومَ مِنَ الْهِجَاءِ أَنْ يَمْتَلِئَ مِنْهُ دُونَ قَلِيلِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْكَلِمَةَ الواحدة من هجاء النبي صلىالله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوجِبَةٌ لِلْكُفْرِ قَالُوا بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ الشِّعْرُ غَالِبًا عَلَيْهِ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا مَذْمُومٌ مِنْ أَيِّ شِعْرٍ كَانَ فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْقُرْآنُ وَالْحَدِيثُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ هُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ حِفْظُ الْيَسِيرِ مِنَ الشِّعْرِ مَعَ هَذَا لِأَنَّ جَوْفَهُ لَيْسَ مُمْتَلِئًا شِعْرًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهَةِ الشِّعْرِ مُطْلَقًا قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَإِنْ كَانَ لَا فُحْشَ فِيهِ وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم خُذُوا الشَّيْطَانَ وَقَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً هُوَ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُحْشٌ وَنَحْوُهُ قَالُوا وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الشِّعْرَ وَاسْتَنْشَدَهُ وَأَمَرَ بِهِ حَسَّانَ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْشَدَهُ أَصْحَابُهُ بِحَضْرَتِهِ فِي الْأَسْفَارِ وَغَيْرِهَا وَأَنْشَدَهُ الْخُلَفَاءُ وَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَاءُ السَّلَفِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى إِطْلَاقِهِ وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا الْمَذْمُومَ مِنْهُ وَهُوَ الْفُحْشُ وَنَحْوُهُ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَهُ يَنْشُدُ شَيْطَانًا فَلَعَلَّهُ كَانَ كَافِرًا أَوْ كَانَ الشِّعْرُ هُوَ الْغَالِبُ عليه