المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(   ‌ ‌كتاب الزهد)   [2956] قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ - شرح النووي على مسلم - جـ ١٨

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الفتن وأشراط الساعة)

- ‌(بَاب ذكر بن صياد[2924]يقال له بن صياد وبن صَائِدٍ وَسُمِّيَ

- ‌(باب ذكر الدجال قَدْ سَبَقَ فِي شَرْحِ خُطْبَةِ الْكِتَابِ بَيَانُ

- ‌(يَعْنِي شَرَاحِيلَ فَرَخَّمَهُ فِي غَيْرِ النِّدَا لِلضَّرُورَةِ وَأَنْشَدَ غَيْرُهُ

- ‌(بَابُ قِصَّةِ الْجَسَّاسَةِ[2942]هِيَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ

- ‌(بَاب فِي بَقِيَّةٍ مِنْ أَحَادِيثِ الدَّجَّالِ[2944]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

- ‌(بَاب فَضْلِ الْعِبَادَةِ فِي الْهَرْجِ[2948]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

- ‌(أفراد[2950]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ

- ‌(بَاب مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ[2955]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَا

- ‌كتاب الزهد)

- ‌(باب النهى عن الدخول على أهل الحجر إلامن يدخل

- ‌(باب فضل الْإِحْسَانِ إِلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ وَالْيَتِيمِ[2982]قَوْلُهُ

- ‌(بَاب فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ[533]قَوْلُهُ (مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى

- ‌(باب فضل الانفاق على المساكين وبن السبيل[2984]قَوْلُهُ (اسْقِ

- ‌(باب تحريم الرياء[2985]قَوْلُهُ (تَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ

- ‌(باب حفظ اللسان قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الرَّجُلَ

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ هَتْكِ الْإِنْسَانِ سِتْرَ نَفْسِهِ[2990]قَوْلُهُ (كُلُّ أُمَّتِي

- ‌(بَاب تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَكَرَاهَةِ التَّثَاؤُبِ يُقَالُ شَمَّتَ بِالشِّينِ

- ‌(باب فى أحاديث متفرقة[2996]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَخَلَقَ

- ‌(باب النهي عن المدح إذا كان فيه افراط وخيف منه

- ‌(باب التثبت فى الحديث وحكم كتابة العلم[2493]قَوْلُهُ (إِنَّ أَبَا

- ‌(بَاب قِصَّةِ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ وَالسَّاحِرِ وَالرَّاهِبِ وَالْغُلَامِ[3005]هَذَا

- ‌(بَاب حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ وَقِصَّةِ أَبِي الْيَسَرِ[3006]قَوْلُهُ (عَنْ يَعْقُوبَ

- ‌كتاب التفسير)

الفصل: (   ‌ ‌كتاب الزهد)   [2956] قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ

(

‌كتاب الزهد)

[2956]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ) مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ مَسْجُونٌ مَمْنُوعٌ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ مُكَلَّفٌ بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ الشَّاقَّةِ فَإِذَا مَاتَ اسْتَرَاحَ مِنْ هَذَا وَانْقَلَبَ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ النَّعِيمِ الدَّائِمِ وَالرَّاحَةُ الْخَالِصَةُ مِنَ النُّقْصَانِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَإِنَّمَا لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَصَّلَ فِي الدُّنْيَا مَعَ قِلَّتِهِ وَتَكْدِيرِهِ بِالْمُنَغِّصَاتِ فَإِذَا مَاتَ صَارَ إِلَى الْعَذَابِ الدَّائِمِ وَشَقَاءِ الْأَبَدِ

[2957]

قَوْلُهُ (وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَنَفَتَيْهِ مَعْنَى الْأَوَّلِ جَانِبَهُ وَالثَّانِي جَانِبَيْهِ قَوْلُهُ (جَدْيِ أَسَكَّ) أَيْ صَغِيرُ الأذنين قوله (بن عَرْعَرَةَ السَّاعِي) هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَعَرْعَرَةُ

ص: 93

بِعَيْنَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ

[2959]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَوْ أَعْطَى فَاقْتَنَى) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ وَلِمُعْظَمِ الرُّوَاةِ فَاقْتَنَى بِالتَّاءِ وَمَعْنَاهَا ادَّخَرَهُ لِآخِرَتِهِ أَيْ ادَّخَرَ ثَوَابَهُ وَفِي بَعْضِهَا فَأَقْنَى بِحَذْفِ التَّاءِ

ص: 94

أَيْ أَرْضَى

[2962]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ أَيُّ قَوْمٍ أَنْتُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ نَقُولُ كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ) مَعْنَاهُ نَحْمَدُهُ وَنَشْكُرُهُ وَنَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تَتَنَافَسُونَ ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ ثُمَّ تتباغضون أو نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ) قَالَ الْعُلَمَاءُ التَّنَافُسُ إِلَى الشَّيْءِ الْمُسَابَقَةُ إِلَيْهِ وَكَرَاهَةُ أَخْذِ غَيْرِكِ إِيَّاهُ وَهُوَ أَوَّلُ دَرَجَاتِ الْحَسَدِ وَأَمَّا الْحَسَدُ فَهُوَ تَمَّنِي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا وَالتَّدَابُرُ التَّقَاطُعُ وَقَدْ بَقِيَ مَعَ التَّدَابُرِ شَيْءٌ من المودة أو لايكون مودة لاوبغض

ص: 96

وَأَمَّا التَّبَاغُضُ فَهُوَ بَعْدَ هَذَا وَلِهَذَا رُتِّبَتْ فِي الْحَدِيثِ ثُمَّ يَنْطَلِقُونَ فِي مَسَاكِينِ الْمُهَاجِرِينَ أَيْ ضُعَفَائِهِمْ فَيَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ أُمَرَاءُ عَلَى بَعْضٍ هَكَذَا فَسَّرُوهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (انظرواالى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى من هو فوقكم فهو أجدر أن لاتزدروا نعمة الله عليكم) معنى أجدر أحق وتزدروا تحقروا قال بن جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ هَذَا حَدِيثٌ جَامِعٌ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْخَيْرِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا رَأَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا طَلَبَتْ نَفْسُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَاسْتَصْغَرَ مَا عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَرَصَ عَلَى الِازْدِيَادِ لِيَلْحَقَ بِذَلِكَ أَوْ يُقَارِبَهُ هَذَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي غَالِبِ النَّاسِ وَأَمَّا إِذَا نَظَرَ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا إِلَى مَنِ هُوَ دُونَهُ فِيهَا ظَهَرَتْ لَهُ نِعْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فَشَكَرَهَا وَتَوَاضَعَ وَفَعَلَ فِيهِ الْخَيْرَ قوله صلى

ص: 97

[2964]

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يُبْلِيَهُمْ بِإِسْقَاطِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَمَعْنَاهُمَا الِاخْتِبَارُ وَالنَّاقَةُ الْعُشَرَاءُ الْحَامِلُ الْقَرِيبَةُ الْوِلَادَةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (شَاةً وَالِدًا) أى وضعت ولدها وهو مَعَهَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا) هَكَذَا الرِّوَايَةُ فَأُنْتِجَ رُبَاعِيٌّ وَهِيَ لُغَةٌ قَلِيلَةُ الِاسْتِعْمَالِ وَالْمَشْهُورُ نَتَجَ ثُلَاثِيٌّ وَمِمَّنْ حَكَى اللُّغَتَيْنِ الْأَخْفَشُ وَمَعْنَاهُ تَوَلَّى الْوِلَادَةَ وَهِيَ النَّتْجُ وَالْإِنْتَاجُ وَمَعْنَى وَلَّدَ هَذَا بِتَشْدِيدِ اللَّامِ مَعْنَى أَنْتَجَ وَالنَّاتِجُ لِلْإِبِلِ وَالْمُوَلِّدُ

ص: 98

لِلْغَنَمِ وَغَيْرِهَا هُوَ كَالْقَابِلَةِ لِلنِّسَاءِ قَوْلُهُ (انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ) هُوَ بِالْحَاءِ وَهِيَ الْأَسْبَابُ وَقِيلَ الطُّرُقُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ الْجِبَالُ بِالْجِيمِ وَرُوِيَ الْحِيَلُ جَمْعُ حِيلَةٍ وَكُلٌّ صَحِيحٌ قَوْلُهُ (وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ) أَيْ وَرِثْتُهُ عَنْ آبَائِي الَّذِينَ وَرِثُوهُ مِنْ أَجْدَادِي الَّذِينَ وَرِثُوهُ مِنْ آبَائِهِمْ كَبِيرًا عَنْ كَبِيرٍ فى العز والشرف والثروة قوله (فوالله لاأجهدك الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ أَجْهَدُكَ بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ وَفِي رواية بن مَاهَانَ أَحْمَدُكَ بِالْحَاءِ وَالْمِيمِ وَوَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ بِالْوَجْهَيْنِ لَكِنِ الْأَشْهَرُ فِي مُسْلِمٍ بِالْجِيمِ وَفِي الْبُخَارِيِّ بِالْحَاءِ وَمَعْنَى الْجِيمِ

ص: 99

لَا أَشُقُّ عَلَيْكَ بِرَدِّ شَيْءٍ تَأْخُذُهُ أَوْ تَطْلُبُهُ مِنْ مَالِي وَالْجَهْدُ الْمَشَقَّةُ وَمَعْنَاهُ بِالْحَاءِ لاأحمدك بِتَرْكِ شَيْءٍ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَوْ تُرِيدُهُ فَتَكُونُ لَفْظَةُ التَّرْكِ مَحْذُوفَةً مُرَادَةً كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ لَيْسَ عَلَى طُولِ الْحَيَاةِ نَدَمٌ أَيْ فَوَاتُ طُولِ الْحَيَاةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الرِّفْقِ بِالضُّعَفَاءِ وَإِكْرَامِهِمْ وَتَبْلِيغِهِمْ مَا يَطْلُبُونَ مِمَّا يُمْكِنُ وَالْحَذَرُ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِهِمْ وَاحْتِقَارِهِمْ وَفِيهِ التَّحَدُّثُ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَمُّ جَحْدِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[2965]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ) الْمُرَادُ بِالْغَنِىِّ غَنِىُّ النَّفْسِ هَذَا هُوَ الْغَنِىُّ الْمَحْبُوبُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْغَنِىَّ بِالْمَالِ وَأَمَّا الْخَفِيُّ فَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ هَذَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ وَالْمَعْرُوفُ فِي الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ بَعْضَ رُوَاةِ مُسْلِمٍ رَوَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ فَمَعْنَاهُ بِالْمُعْجَمَةِ الْخَامِلُ الْمُنْقَطِعُ إِلَى الْعِبَادَةِ وَالِاشْتِغَالِ بِأُمُورِ نَفْسِهِ وَمَعْنَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ الْوَصُولُ لِلرَّحِمِ اللطيف بهم

ص: 100

وَبِغَيْرِهِمْ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالصَّحِيحُ بِالْمُعْجَمَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ يَقُولُ الِاعْتِزَالُ أَفْضَلُ مِنَ الِاخْتِلَاطِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ سَبَقَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ وَمَنْ قَالَ بِالتَّفْضِيلِ لِلِاخْتِلَاطِ قَدْ يُتَأَوَّلُ هَذَا عَلَى الِاعْتِزَالِ وَقْتَ الْفِتْنَةِ وَنَحْوِهَا

[2966]

قَوْلُهُ (وَاَللَّهِ إِنِّي لَأَوَّلُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى) فِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُ وَجَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَقَدْ سَبَقَتْ نَظَائِرُهُ وَشَرْحُهَا قَوْلُهُ (مَا لَنَا طعام نأكله الاورق الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ) الْحُبْلَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ واسكان الموحدة والسمر بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ كَذَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَآخَرُونَ وَقِيلَ الْحُبْلَةُ ثَمَرُ الْعِضَاهِ وَهَذَا يَظْهَرُ عَلَى رواية البخارى الاالحبلة وَوَرَقُ السَّمُرِ وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّقَلُّلِ مِنْهَا وَالصَّبْرِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمَشَاقِّ الشَّدِيدَةِ قَوْلُهُ (ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِي عَلَى الدِّينِ) قَالُوا الْمُرَادُ بِبَنِي أَسَدٍ بَنُو الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ الْهَرَوِيُّ مَعْنَى تُعَزِّرُنِي تُوقِفُنِي وَالتَّعْزِيرُ التَّوْقِيفُ عَلَى الْأَحْكَامِ وَالْفَرَائِضِ وَقَالَ بن جَرِيرٍ مَعْنَاهُ تُقَوِّمُنِي وَتُعَلِّمُنِي وَمِنْهُ تَعْزِيرُ السُّلْطَانِ وهو تقويمه

ص: 101

بِالتَّأْدِيبِ وَقَالَ الْجَرْمِيُّ مَعْنَاهُ اللَّوْمُ وَالْعُتْبُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ تُوَبِّخُنِي عَلَى التَّقْصِيرِ فِيهِ

[2967]

قَوْلُهُ (إِنَّ الدنيا قدآذنت بصرم وولت حذاء ولم يبق منها الاصبابة كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا) أَمَّا آذَنَتْ فَبِهَمْزَةٍ ممدودة وفتح الذال أى أعلمت والصرم بِالضَّمِّ أَيِ الِانْقِطَاعُ وَالذَّهَابُ وَقَوْلُهُ حَذَّاءَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ مُشَدَّدَةٍ وَأَلِفٍ ممدودة أي مسرعة الانقطاع والصبابة بِضَمِّ الصَّادِ الْبَقِيَّةُ الْيَسِيرَةُ مِنَ الشَّرَابِ تَبْقَى فِي أَسْفَلِ الْإِنَاءِ وَقَوْلُهُ يَتَصَابُّهَا أَيْ يَشْرَبُهَا وَقَعْرُ الشَّيْءِ أَسْفَلُهُ وَالْكَظِيظُ الْمُمْتَلِئُ قَوْلُهُ (قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا) أَيْ صَارَ فِيهَا قُرُوحٌ وَجِرَاحٌ مِنْ خُشُونَةِ الْوَرَقِ الَّذِي نَأْكُلُهُ وَحَرَارَتِهِ قَوْلُهُ (سَعْدُ بن مالك) هو سعد بن أبىوقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

ص: 102

[2968]

قَوْلُهُ (هَلْ نَرَى رَبَّنَا) قَدْ سَبَقَ شَرْحُ الرِّوَايَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَيَقُولُ أَيْ فُلْ) هُوَ بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَمَعْنَاهُ يافلان وَهُوَ تَرْخِيمٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَقِيلَ هِيَ لُغَةٌ بِمَعْنَى فُلَانٍ حَكَاهَا الْقَاضِي وَمَعْنَى أُسَوِّدْكَ أَجْعَلُكَ سَيِّدًا عَلَى غَيْرِكِ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَأَذَرْكَ تَرْأَسُ وَتَرْبَعُ) أَمَّا تَرْأَسُ فَبِفَتْحِ التَّاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَمَعْنَاهُ رَئِيسُ الْقَوْمِ وَكَبِيرُهُمْ وَأَمَّا تَرْبَعُ فَبِفَتْحِ التَّاءِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ هكذا رواه الجمهور وفى رواية بن ماهان

ص: 103

تَرْتَعُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقُ بَعْدَ الرَّاءِ وَمَعْنَاهُ بِالْمُوَحَّدَةِ تَأْخُذُ الْمِرْبَاعَ الَّذِي كَانَتْ مُلُوكُ الْجَاهِلِيَّةِ تَأْخُذُهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ رُبْعُهَا يُقَالُ رَبَعْتُهُمْ أَيْ أَخَذْتُ رُبْعَ أَمْوَالِهِمْ وَمَعْنَاهُ أَلَمْ أَجْعَلْكَ رَئِيسًا مُطَاعًا وَقَالَ الْقَاضِي بَعْدَ حِكَايَتِهِ نَحْوَ مَا ذكرته عندى ان معناه تركتك مستريحا لاتحتاج إِلَى مَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرْبِعْ عَلَى نَفْسِكِ أَيِ ارْفُقْ بِهَا وَمَعْنَاهُ بِالْمُثَنَّاةِ تَتَنَعَّمُ وَقِيلَ تَأْكُلُ وَقِيلَ تَلْهُو وَقِيلَ تَعِيشُ فِي سَعَةٍ قَوْلُهُ تَعَالَى (فَإِنِّي أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي) أَيْ أَمْنَعَكَ الرَّحْمَةَ كَمَا امْتَنَعْتَ مِنْ طَاعَتِي قوله (فيقول ها هنا اذا) معناه

ص: 104

قف ها هنا حتى يشهد عليك جوارحك اذقد صرت منكرا

[2969]

وقوله صلى الله عليه وسلم (فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ) أَيْ لِجَوَارِحِهِ وَقَوْلُهُ (كُنْتُ أُنَاضِلُ) أَيْ أُدَافِعُ وَأُجَادِلُ

[1055]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا) قِيلَ كِفَايَتُهُمْ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الاخرى كفافا

ص: 105

وقيل هو سد الرمق

[2972]

قوله (حدثنا عمر النَّاقِدُ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ) مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ عَمْرًا النَّاقِدَ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدَةَ وَيَحْيَى بْنَ يَمَانٍ كِلَاهُمَا

ص: 106

عَنْ هِشَامٍ

[2973]

قَوْلُهُ (شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ) الرَّفُّ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعْرُوفٌ وَالشَّطْرُ هُنَا مَعْنَاهُ شَيْءٌ مِنْ شَعِيرِ كَذَا فَسَّرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ القاضي قال بن أَبِي حَازِمٍ مَعْنَاهُ نِصْفُ وَسْقٍ قَالَ الْقَاضِي وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْبَرَكَةَ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ فِي الْمَجْهُولَاتِ وَالْمُبْهَمَاتِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ فَقَالُوا الْمُرَادُ أَنْ يَكِيلَهُ مِنْهُ لِأَجْلِ إِخْرَاجِ النَّفَقَةِ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الْبَاقِي مَجْهُولًا وَيَكِيلُ مَا يُخْرِجُهُ لِئَلَّا يُخْرِجَ أَكْثَرَ مِنَ الْحَاجَةِ أَوْ أَقَلَّ

[2972]

قَوْلُهُ (فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ

ص: 107

هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ فَمَا كَانَ يُقِيتُكُمْ

[2975]

قَوْلُهَا (حِينَ شَبِعَ النَّاسُ مِنَ التَّمْرِ وَالْمَاءِ) الْمُرَادُ حِينَ شَبِعُوا مِنَ التَّمْرِ وَإِلَّا فَمَا زَالُوا شباعا من الماء قوله

ص: 108

(ما تجد مِنَ الدَّقَلِ) هُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْقَافِ وَهُوَ تَمْرٌ رَدِيءٌ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم

[2977]

ص: 109