المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تخصيص السنة بالسنة: - شرح الورقات - عبد الكريم الخضير - جـ ٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌تخصيص السنة بالسنة:

نقيس العبد على الأمة في التنصيف ونخصص الزاني بالقياس، فيقاس العبد الزاني على الأمة بتنصيف العذاب والاقتصار على خمسين جلدة، مع أن هذه المسألة لا تسلم من خلاف.

‌تخصيص السنة بالكتاب:

مثاله قوله عليه الصلاة والسلام: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)): (الناس): لفظ عام، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله)): هذا شامل لجميع الناس، لكنه مخصوص بقوله تعالى:{حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [(29) سورة التوبة]، فخرج بذلك الكتابي إذا أدى الجزية، الكتابي إذا أدى الجزية خرج من عموم قوله عليه الصلاة والسلام:((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله أو حتى يقولوا لا إله إلا الله)).

‌تخصيص السنة بالسنة:

كقوله عليه الصلاة والسلام: ((فيما سقت السماء العشر)): يعني الزكاة، يجب في كل ما سقت السماء العشر؛ لأن (ما) من صيغ العموم، هذا عام لكنه خص بمثل قوله عليه الصلاة والسلام:((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))؛ لأن ((فيما سقت السماء العشر)) عام يشمل القليل والكثير، سواءً بلغ النصاب أو لم يبلغ، وقوله عليه الصلاة والسلام:((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) يخرج ما دون الخمسة أوسق من عموم ((فيما سقت السماء العشر)).

ومن أمثلته حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)): خص بقوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عمر -على الخلاف في ثبوته-: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث))، فـ ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) مخصوص بما لم يبلغ القلتين، فما بلغ القلتين لا ينجسه شيء، إذن عموم حديث:((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) مخصوص بما دون القلتين بحديث ابن عمر -هذا على القول بثبوته- وإلا فكلام أهل العلم في الحديث طويل منهم من حكم على الحديث بالاضطراب في سنده ومتنه، اضطراب في سنده ومتنه، لكن على القول بثبوته يخص عموم حديث:((إن الماء طهور لا ينجسه شيء))، فالأول عام في القليل والكثير، والثاني خاص فيما دون القلتين، وهو تخصيص بالمنطوق وإلا بالمفهوم؟ نعم.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 10

نعم؟ ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)): منطوقه أن الماء طهور لا ينجسه شيء قل أو كثر؛ ((إن الماء)).

الثاني: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) قوله: ((لم يحمل الخبث)) في منطوقه مع قوله: ((لا ينجسه شيء)) فيه تعارض؟ نعم؟

متوافقان، إذن كيف نخصص الحديث الأول بالحديث الثاني، هل نخصص الحديث الأول بمنطوق الحديث الثاني؟

طالب:. . . . . . . . .

إذن نخصصه بمفهوم الحديث الثاني؛ لأن مفهوم الحديث الثاني أن الماء إذا لم يبلغ قلتين فإنه يحمل الخبث، وحينئذ يكون معارضاً لعموم الحديث الأول، وهذا من باب التخصيص بالمفهوم.

نقول: هذا الحديث العام مخصوص أو مخصص بمفهوم الحديث الثاني، الآن منطوق الحديث الأول ومنطوق الحديث الثاني بينهما تعارض؟

لا تعارض بينهما، إنما التعارض بين منطوق الحديث الأول ومفهوم الحديث الثاني، فمن أهل العلم من يرى -كالشافعية والحنابلة- تخصيص المنطوق بالمفهوم، ومنهم من يقول: المنطوق أقوى من المفهوم فيقدم عليه، المنطوق أقوى من المفهوم فيقدم عليه، وعلى كل حال هذا على قول من يثبت الحديث الثاني؛ الحديث الأول صحيح والثاني فيه خلاف طويل لأهل العلم، لكن عند من يثبت هذا الحديث.

شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- ابن تيمية- يرى ثبوت الحديث، يرى ثبوت حديث القلتين، يرى ثبوت حديث القلتين ويعمل بمنطوقه دون مفهومه، يقول: مفهومه معارض بما هو أقوى منه وهو المنطوق، وحينئذ يلغى المفهوم.

وإلغاء المفهوم عند المعارضة موجود في النصوص كثيراً عند المعارضة: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة]، مفهومه أنه لو استغفرت لهم واحد وسبعين مرة أنه يغفر لهم، لكن منطوقات الشريعة الأخرى كلها تدل على أنه لن يغفر لهم؛ لأنه محكوم عليهم بالتأبيد في النار:{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء]، والمنافقون كفار.

ص: 11