المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تخصيص النطق بالقياس: - شرح الورقات - عبد الكريم الخضير - جـ ٨

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌تخصيص النطق بالقياس:

{لَا تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران]: {أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} : يعني إذا كان الربا أضعاف، ضعفين أو ثلاثة، أخذت ألف بألفين أو ثلاثة حرام؛ هذا منهي عنه.

مفهومه أنه إذا لم يصل إلى هذا الحد نعم، يعني إذا كان الألف بألف وخمسمائة مفهوم الآية أنه يجوز، لكن النصوص المحكمة المنطوقة تدل على تحريم الزيادة في الربويات ولو قلَّت، فمفهوم هذا الخبر أو هذه الآية معارض بمنطوق نصوص الربا كلها وحينئذ يلغى المفهوم.

كثيراً ما يأتي المفهوم، أو الكلام لا مفهوم له ملغىً من الأصل:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُم} [(23) سورة النساء]، هل يلزم من هذا أن الربيبة إذا لم تكن في حجر زوج أمها أنها تحل له؟ نعم؟ هذا المفهوم أيش؟ ملغى .. لماذا؟

لأن اللفظ خرج مخرج الغالب، والغالب أن الربيبة تعيش في حجر زوج أمها، يعني في كنفه ورعايته.

هذا بالنسبة لمفهوم المخالفة، وأما مفهوم الموافقة فقد حكى الصفي الهندي الإجماع على التخصيص به؛ لأنه أقوى من مفهوم المخالفة، ولهذا يسميه بعضهم:(دلالة النص)، يسميه بعضهم:(قياس الأولى) أو (القياس الجلي)، فيخصص به.

تخصيص السنة بالقياس: في حديث عبادة: ((خذوا عني، خذوا عني: الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب سنة)): هذا الحديث مخصوص بالنص بالنسبة للأمَة {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] ومخصوص بالنسبة للعبد بالقياس على الأمة، فخصت السنة بالقياس، كما تقدم في تخصيص الكتاب بالقياس.

‌تخصيص النطق بالقياس:

ويعني بالنطق قول الله تعالى وقول الرسول عليه الصلاة والسلام كما تقدم في الأمثلة -في أمثلة تخصيص الكتاب بالقياس، والسنة بالقياس- نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

تخصيص السنة بالإجماع؟

طالب:. . . . . . . . .

يعني إذا خصصنا الكتاب بالإجماع، وعرفنا أن المقصود دليل الإجماع فلن تخصص السنة بدليل الإجماع من باب أولى.

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 12

يعني نصوص كثيرة جاءت في السنة ذكرها .. ، ذكر منها الترمذي حديثين، لكن هل هذا نقول: من باب التخصيص أو من باب النسخ؟ نعم؟

ذكر حديثين أجمع العلماء على عدم العمل بهما فهذا يكون من باب النسخ، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

فهمت، ظاهر؟ ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)): جاء عند البيهقي وابن ماجه وغيرهما: ((إلا إن تغير لونه أو طعمه أو ريحه بنجاسة تحدث فيه)): لكن هذه الزيادة ضعيفة بالاتفاق، والمعول على تخصيص المتغير على الإجماع.

طالب:. . . . . . . . .

نعم صالح إيه.

الحين عندنا العموم والخصوص الوجهي اللي هو أصعب أنواع التعارض في هذا الباب ومثلنا له سابقاً بالمثال الأول، نعم، المثال الأول، {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة]، مع قوله تعالى:{وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [(4) سورة الطلاق] عموم وخصوص وجهي، وعرفنا كيف نخرج من هذا التعارض، هذا بالنسبة للكتاب.

عموم وخصوص وجهي بالنسبة للسنة: النهي عن قتل النساء والذرية .. ، ما يمكن يقصر ذا؟

النهي عن قتل النساء والذرية: هذا عام شامل، عام شامل لكل النساء، يعني هو من وجه عام في النساء سواءً كن مرتدات أو أصليات، هذا وجه العموم فيه، وجه العموم في الحديث شمول جميع النساء سواءً كن أصليات أو مرتدات، مع قوله عليه الصلاة والسلام:((من بدل دينه فاقتلوه)): هذا يشمل الرجال والنساء، لكنه خاص بالمرتدين، النص الأول: النهي عن قتل النساء، هذا خاص بالنساء، لكنه شامل للمرتدات والأصليات، النص الثاني:((من بدل دينه فاقتلوه)): شامل للرجال والنساء لكنه خاص بالمرتدين، هذا عموم وخصوص وجهي، ماذا نصنع؟ ارتدت امرأة -مثلاً- هل تترك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن قتل النساء والذرية؟ نعم؟

مخصص عموم النهي عن قتل النساء بحديث: ((من بدل دينه فاقتلوه))، لصاحب القول الآخر أن يقول: الحديث الثاني: ((من بدل دينه فاقتلوه)) مخصص بالنهي عن قتل النساء، وليس قول أحدهما أولى بالقبول من قول الآخر، صح وإلا لا؟ نعم؟

ص: 13

أنت إذا قلت: تقتل المرأة إذا ارتدت؛ لأن ((من بدل دينه فاقتلوه)) خاص بالمرتدين سواءً كانوا رجالاً أو نساء، والنهي عن قتل النساء عام في كل امرأة سواءً كانت أصلية أو مرتدة، يقول لك: نقول العكس -يقلب عليك الدعوى- يقول: نصي أخص، ومعه حق.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نسخ؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لا لا، لا أثر له سواءً كان أحدهما متقدم .. ، لا لا، لا زلنا على قول الجمهور، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لا لا، أنت خلينا مسألة مسألة، مسألة مسألة، الآن عندنا في كل واحد فيهما عموم وخصوص، والمسألة مستوية من كل وجه، لا نستطيع أن نحكم لخصوص أحدهما على عموم الآخر؛ لأنه تحكم، إذن ماذا نصنع؟

نبحث عن مرجحات أخرى، فإذا أتينا إلى حديث:((من بدل دينه فاقتلوه)): هذا مخصوص وإلا محفوظ؟

طالب:. . . . . . . . .

بأي شيء؟

طالب:. . . . . . . . .

إيه، محفوظ إذا اجتنبنا، إذا قلنا: هذين النصين أبعدنا ما بينهما من تعارض وإلا هو مخصوص، حوى الدعوى، الدعوى معنا أنه مخصوص بهذا الحديث، استبعد محل الخلاف، فنأتي إلى عموم حديث:((من بدل دينه فاقتلوه)) نجده محفوظاً، لم يرد عليه مخصص، حديث النهي عن قتل النساء، محفوظ وإلا ما هو بمحفوظ؟

طالب:. . . . . . . . .

غير محفوظ، لماذا؟

قُتل نساء: القصاص، إذا قتلت، إذا زنت وهي محصنة، إذا سحرت؛ "فقتلنا ثلاث سواحر".

المقصود أن هذا العموم غير محفوظ فضعف، فقدم عليه عموم حديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) فتقتل المرتدة.

ص: 14

نأتي إلى مسألة .. ، هذه مسألة عملية، لكن مسألة عملية أكثر منها -وإن كنا يعني طرقناها مراراً لكن ما يمنع أن نعيدها للمناسبة- أحاديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي:"ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: إذا طلعت الشمس حتى ترتفع، إذا بزغت الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة، وإذا تضيفت الشمس للغروب حتى تغرب"، ثلاث ساعات، إضافة إلى الوقتين الموسعين:((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس)) فالأوقات خمسة، الأوقات خمسة، عندنا النهي عن الصلاة في هذه الأوقات الخمسة، وعندنا أحاديث ذوات الأسباب، ونأخذ مثالاً -هو من أوضحها-:((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) الآن تسمعون وترون الناس يتسامحون في الصلاة في أوقات النهي، يتسامحون كثيراً، ورأينا من أهل العلم والفضل من يدخل قبل غروب الشمس بدقيقتين أو ثلاث فيصلي، أو يدخل المسجد مع بزوغ الشمس ويصلي؛ عملاً بحديث التحية -تحية المسجد- يتسامحون لماذا؟

لأنهم اعتادوا أن يقال: أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام -يعني كما يقول الشافعية- اعتاد الناس أن يقولوا مثل هذا الكلام، ووجد قبولاً، وجد ارتياحاً نفسياً؛ بعد أن أكد بعض من ينتسب إلى العلم، وينبغي أن يؤكد لكن ليس على إطلاقه، نبذ التقليد، ناس رأوا الناس ملتزمين بمذهب معين، فالثورة على التقليد صار لها آثاراً صار لها ردود أفعال، التقليد بالنسبة للمتأهل لا يجوز، لكن هل يؤمر كل شخص بالاجتهاد؟

يعني جاءت هذه الدعوة، وهي دعوة حق، لا نقول: هي باطلة، لكن ليست لكل الناس، للمتأهل على العين والرأس، فجاءت هذه الدعوة وصادفت محل، الناس متمسكون بمذهب، والمذهب يرى منع الصلوات في هذه الأوقات بل يتشددون في مثل هذا الأمر، حتى رأينا من يحرف الذي يريد أن يصلي، يحرفه عن القبلة، فالمسألة صارت من باب ردود الأفعال، وإلا لو بحثت بحثاً مبسوطاً ما صار لها مثل هذه الآثار.

ص: 15

نأتي إلى المسألة: عندنا حديث عقبة وما جاء في معناه من النهي عن الصلاة في أوقات النهي، وعندنا الأمر بصلاة ركعتين قبل أن يجلس:((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)).

الحديث الأول -حديث عقبة- فيه عموم، عمومه من جهة الصلوات، فهو عام في جميع الصلوات:"ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن .. "، أي صلاة، هذه الصلوات لا تصلى في هذه الأوقات سواءً كانت فرائض مقضية أو مؤادة، نوافل مطلقة أو مقيدة؛ فعموم حديث:"ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن" شامل لجميع الصلوات، فعمومه من هذه الحيثية، وخصوصه في هذه الأوقات، فهو عام في الصلوات خاص في الأوقات.

النصوص الأخرى التي هي نصوص ذوات الأسباب عمومها في الأوقات، خصوصها في الصلوات، هل نستطيع أن نوفق بين هذه النصوص كما وفقنا في آيتي العدة في أول الأمر؟ يمكن؟

هل نقول: يمكن حمل عموم أحدهما على خصوص الآخر؟

عندنا عموم وخصوص وجهي وليس بمطلق، وأولئك الذين دخلوا في أوقات النهي وصلوا قالوا: الخاص مقدم على العام، فإذا قال الشافعي مثلاً: أحاديث النهي عامة في الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، للحنفي والمالكي والحنبلي -على كل حال هو قول الجمهور- للحنفي والمالكي والشافعي أن يقول: العكس، له أن يقول العكس: أحاديث ذوات الأسباب -ومنها تحية المسجد- عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، والخاص مقدم على العام، كلامه صحيح وإلا ما هو بصحيح؟

نعم، كلام الأول صحيح، وكلام الثاني صحيح، لكن كل منهما نظر إلى النصوص من زاوية، وأهمل الزاوية الأخرى.

وعلى المنصف أن ينظر إلى النصوص من جميع الزوايا؛ لأنه إذا قال الشافعي: أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة نقول: كلامك صحيح، لكنه بالنسبة لأيش؟ للصلوات، وأنت لم تنظر إلى العموم والخصوص في الأوقات، فيعارضه قول من يقول: أحاديث ذوات الأسباب عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، فالنصوص متكافئة، ولا يمكن تخصيص عموم أحد الطرفين بخصوص الآخر.

ص: 16

الدعوة التي أثيرت قبل ربع قرن حول التقليد ونبذ التقليد، وصادفت محل متهيئ وهي في جملتها دعوة طيبة أعادت الناس إلى الالتزام بالدليل، وصادفت أيضاً مجتمعات تقدم آراء الرجال على النصوص، وصار لها ردود أفعال، وواكب ذلك أيضاً دفعه .. ، كون شيخ الإسلام رحمه الله يوافق الشافعية، وشيخ الإسلام، شيخ الإسلام، يعني ما أحد .. ، نعم، فكأن الناس صار .. ، كأن هذه المسألة صارت قضية مسلمة لا يمكن النقاش فيها، وأن مذهب الحنابلة والحنفية والمالكية خطأ لا يحتمل الصواب، هذا الكلام ليس بصحيح، المسألة من حيث النصوص متكافئة، وحينئذ نحتاج إلى مرجح خارجي، بمَ يرجح الشافعية قولهم في تقديم أحاديث ذوات الأسباب على أحاديث النهي؟

طالب:. . . . . . . . .

بكثرة المخصصات، نعم، عموم أحاديث النهي غير محفوظة، دخله مخصصات، مخصص بالفرائض، نعم، بالفرائض سواءً كانت مؤداة أو مقضية، وأيضاً.

طالب:. . . . . . . . .

يخير لصاحب القول الآخر إلا في هذه الأوقات، إيه له أن يقلبها عليه.

طالب:. . . . . . . . .

نعم، سبب الورود، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أو نقول: سبب الورود دخوله في النص قطعياً، أنت معي؟

طالب:. . . . . . . . .

تعلمون ماذا يقصد؟ نعم؟

إذا جاء شخص إلى المسجد وقد صلى في بيته، وهم يصلون أو صلى في مكان آخر ووجد الناس يصلون، يصلي معهم، ((إذا صليتما في رحالكما فصلوا)): هذا النص جاء في صلاة الصبح، وما بعد صلاة الصبح وقت نهي، وأيضاً وقت النهي بالنسبة لصلاة الصبح استثنيت من النوافل ركعتا الصبح.

على كل حال أحاديث النهي دخلها من المخصصات الشيء الكثير، فعمومها ليس بمحفوظ، أحاديث ذوات الأسباب عمومها محفوظ وإلا غير محفوظ؟

طالب:. . . . . . . . .

دعونا من محل النزاع، الذي هو محل البحث، يعني من غير محل النزاع، الشافعية يرجحون قولهم بأن عموم أحاديث ذوات الأسباب محفوظ، وعموم أحاديث النهي غير محفوظ، وللطرف الآخر أن يرجح، بأي شيء؟

بأن الحظر مقدم على الإباحة، ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)): فالحظر هنا مقدم، المنع مقدم على الأمر بالصلاة.

ص: 17

حتى المرجحات متكافئة، المرجحات متكافئة، ولهذا قرر جمع من أهل العلم أن هذه المسألة من عُضَل المسائل؛ ليست من المسائل السهلة التي لكل شخص أن يقول: وراه جلست وركعت، ورا ما تصلي، دخل أحد المسجد العصر قال له واحد: وراك ليش تجلس وراك ما صليت؛ ((ذا دخل أحدكم المسجد .. ))، أو جاء شخص صلى يأتيه آخر يقول له: ليش تصلي في وقت النهي؟

فالمسألة ليست بهذه السهولة، بل هي من عضل المسائل حتى قرر بعض أهل العلم أن الإنسان لا يدخل المسجد في وقت النهي؛ لأنه إن صلى خالف أحاديث النهي، إن لم يصلِّ خالف حديث تحية المسجد، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟

فعلى هذا يقول: لا تدخل المسجد في هذا الوقت، أو إذا دخلت فاستمر واقفاً، يعني كيف يصنع شخص جاء إلى المسجد خشي أن تفوته الصلاة والمسجد فيه درس بعد صلاة العصر أو بعد صلاة الصبح وخشي أن تفوته الصلاة صلى في الطريق ثم جاء إلى المسجد، أو إمام مسجد صلى بجماعته وجاء إلى المسجد الذي فيه درس بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة العصر ماذا يصنع؟ نقول له: صل وإلا لا تصلِّ؟

أولاً إن جلس لا نأمره بالصلاة، وإن صلى لا ننهاه عن الصلاة، لوجود النصوص التي لا يمكن الترجيح بينها؛ لما ذكرنا.

على أنه من باب النظر الدقيق في النصوص إذا جاء الداخل إلى المسجد في الأوقات الموسعة في الوقتين الموسعين، جاء بعد صلاة الصبح فالمتجه أنه يصلي وإلا لا يصلي؟ يصلي، ومثله إذا دخل المسجد العصر والشمس بيضاء نقية، يصلي، بينما إذا جاء في الأوقات المضيقة عند طلوع الشمس وعند غروبها وإذا قام قائم الظهيرة، نقول له: لا تصلِّ، لماذا؟ لأن المنع من الصلاة في الوقتين الموسعين -قرر جمع من أهل العلم- أنه من باب سد الذريعة، النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح وبعد العصر قالوا: من باب سد الذريعة، كيف سد الذريعة؟ لئلا يسترسل في الصلاة فيصلي في وقت طلوع الشمس أو وقت غروبها، فدل على أن المقصود من النهي ألا يصلي الإنسان في وقت طلوع الشمس أو في وقت غروبها، فهذا منع منه قصداً، وذاك منع منه من باب منع الوسائل، فعلى هذا يكون النهي في الوقتين موسعين أسهل وأخف من النهي عن الصلاة في الأوقات المضيقة الثلاثة.

طالب:. . . . . . . . .

نع؟

ص: 18

طالب:. . . . . . . . .

لا، يجلس ما فيه إشكال؛ لأن النصوص واضحة، وإن وقف والمدة يسيرة لا تتجاوز عشر دقائق ربع ساعة، فله ذلك.

طالب:. . . . . . . . .

هو يبدو ربع ساعة الظاهر ما يزيد -إن شاء الله- يمضي ربع ساعة، إذا دخل والشمس بيضاء نقية يصلي، إذا دخل بعد صلاة الصبح أذن له أن يصلي راتبة قبل الصبح بعد الصبح فدل على أن الأمر فيه سعة، الرسول عليه الصلاة والسلام قضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر، نعم، كثير من السلف أثر عنهم أنهم يصلون بعد العصر، فدل على أن النهي والمنع من الصلاة في والوقتين الموسعين إنما هو من باب منع الوسائل لا المقاصد؛ لئلا يسترسل ويستمر يصلي حتى يضيق الوقت.

تروا المسألة عملية ويحتاجها كل أحد.

طالب:. . . . . . . . .

يسمى جلوس وإلا ما هو بجلوس؟

طالب:. . . . . . . . .

هو إذا كان الوقت ضيقاً ولا يتحمل مثلاً الوقوف لا مانع أن يصنع مثل هذا؛ لأنه له أن يجلس؛ "ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"؛ لشدة النهي، ولذا يورد بعضهم على الأوقات الخمسة لماذا لا تصير ثلاثة ابتداءً، من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس يصير واحد، ليش ما يقسموها اثنين؟ ووقت الزوال، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس ليش ما يقسموها اثنين تصير ثلاثة؟ وهي كذلك على سبيل الإجمال، لكن بسطت لماذا؟ لماذا قالوا ثلاثة؟

لأنها تختلف خفة وقوة، وتختلف أيضاً من جهة أخرى وهي أن الوقتين الموسعين النهي عن شيء واحد وهو أيش؟ الصلاة فقط، والنهي في الأوقات الثلاثة المضيقة عن .. ، نعم، عن شيئين الصلاة وعن قبر الميت، "وأن نقبر فيهن موتانا، وإن كان بعضهم يقول: إن المراد بقبر الموتى الصلاة على الجنازة.

فيها غموض المسألة وإلا؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، نعم يا أحمد؟

طالب: جاء في وقت النهي هل ينكر عليه؟

وصلى؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 19

مشكلتنا أنه القول الآخر يعني ما هو بملغى من كل وجه، لكن لو أشير عليه، يعني لو جاء في الوقت الموسع وصلى ما ينكر عليه، جلس ما ينكر عليه؛ لأن كلاً منهما معه نص، لكن لو أشير عليه، قيل له: لو في الأوقات الضيقة هذه التي النهي فيها شديد لو انتظرت حتى يخرج وقت النهي أفضل لك، يعني من باب المشورة؛ لأن القول الآخر أيضاً له حظ من النظر وله دليل.

طالب: أحسن الله إليك، هذا على القول أن تحية المسجد واجبة؟

لا ما هو على القول بوجوبها، على القول أنها .. ، جماهير أهل العلم على أنها سنة.

طالب:. . . . . . . . .

الآن عندنا النهي هل هو للتحريم أو للكراهة؟ وعندنا الأمر بتحية المسجد هل هو للوجوب أو للاستحباب، كلاهما يتجاذبه ما يتجاذبه من الخلاف بين أهل العلم، اختلفوا في النهي هل هو للتحريم أو للكراهة، كما أنهم اختلفوا في تحية المسجد والأدلة المتكاثرة تدل على عدم الوجوب، وهو قول جماهير أهل العلم.

كم باقي على الإقامة؟ يعني نبدأ بشيء وإلا؟

هنا الناظم يقول -رحمة الله عليه-:

ثم الكتاب بالكتاب خصصوا

وسنة بسنة تخصص

وخصصوا بالسنة الكتابا

وعكسه استعمل يكن صواباً

والذكر بالإجماع مخصوص كما

قد خص بالقياس كل منهما

باقي وقت؟ ها، باقي شيء؟ طيب، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

والمجمل: ما يفتقر إلى البيان، والبيان: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي، والمبين: هو النص، والنص: ما لا يحتمل إلا معنىً واحداً، وقيل: ما تأويله تنزيله، وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي، والظاهر: ما احتمل أمرين أحدهما أظهر من الآخر، ويؤول الظاهر بالدليل ويسمى ظاهراً بالدليل.

أجملت الشيء إذا جمعته: هذه لغة مستعملة إلى الآن، إذا قيل لك: أجمل الحساب، أيش معناه؟

ص: 20

اذكر جملته وهي مجموعه، تقول: أجمل الأمر أي أبهم، وفي الحديث الصحيح في تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، ثم السؤال عن شحوم الميتة، جاء في الخبر:((قاتل الله اليهود؛ لما حرم عليهم الشحوم جملوها)): أي: أذابوها، فجمل: أذاب، وأجمل: جمع أو أبهم، أو حصَّل، على المعاني الثلاثة المذكورة.

ما علاقة الثلاثي بالرباعي؟ جمل وأجمل، بينهما علاقة؟ جملوه أذابوه، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

جملوه: أذابوه، هل يفهم من الإذابة معنى الجمع أو الإبهام أو التحصيل؟

نعم كأن التحصيل أقربها.

عرف المصنف المجمل بأنه: ما يفتقر إلى البيان: وفي مختصر التحرير: ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء، ما تردد بين محتملين فأكثر على السواء.

إن أمكن ترجيح أحد الاحتمالات هل يكون فيه إجمال؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نقارن بعض الأمور ببعض من أجل أن تتضح الرؤية: إذا لم يحتمل إلا معنىً واحداً يدخل في المجمل؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نص، نص لا يحتمل إلا معنىً واحداً.

إذا احتمل أكثر من معنى وكانت هذه المعاني متفاوتة، الاحتمال الأقوى يسمى .. ؟

طالب: الظاهر.

الظاهر، والأضعف؟

طالب:. . . . . . . . .

نعم، وإذا احتملهما على السواء: إجمال، إجمال، فما تردد بين محتملين فأكثر على السواء هذا هو المجمل، فإن أمكن ترجيح أحدهما على الآخر انتفى الإجمال، يعني: كما يقال في الحديث: إذا روي على أوجه مختلفة متساوية، نعم، فهو أيش؟ إذا روي الحديث على أوجه مختلفة متساوية نعم؟

طالب: مضطرب.

مضطرب، فإذا أمكن ترجيح بعضها على بعض انتفى الاضطراب، وهنا إذا أمكن ترجيح أحد الاحتمالات على بعض انتفى الإجمال، وحينئذ يكون الراجح هو الظاهر والمرجوح هو أيش؟ المؤول.

إذا وجدنا لفظاً أو نصاً بهذه الصفة، نص من كتاب أو سنة بهذه الصفة يحتمل أمرين على السواء، فحينئذ نعمل بأي المعنيين؟ نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

نتوقف؛ لأن عملنا بأحد الاحتمالين المستويين دون مرجح أيش؟ تحكم تحكم، فلا بد من المرجح، وإذا وجد المرجح انتفى الإجمال، حكم المجمل حينئذ التوقف حتى يوجد البيان الخارجي.

ص: 21