المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الذي دعانا في مثل هذا الكلام في قوله في الحديث: - شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير - جـ ٩٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: الذي دعانا في مثل هذا الكلام في قوله في الحديث:

الذي دعانا في مثل هذا الكلام في قوله في الحديث: ((ولا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها)) يعني هل يقال: يستغني عنها بصريح قوله، هذا ما نحتاج إلى هذه الجملة في الحديث، هل نسدل على استغنائه عنها بالقرائن، وما جرت عادته أن في مثل هذه الأمور يرميها دون تردد، ولا شك أن القرائن القوية تفيد في مثل هذا الباب، فإذا عرف من حال هذا الشخص أنه يغير باستمرار، ويرمي بعض الأمتعة وإن كانت نظيفة فمثل هذا إذا دلت القرائن على مثل هذا التصرف عمل به، وهنا دليل على أن الشرع يحترم أموال المعاهدين، كما يحترم أموال المسلمين، فإنه لا يجوز الاعتداء عليها ما دام أعطوا العهد والميثاق، ودفعوا الجزية، فمثل هذا لا يجوز الاعتداء على أنفسهم، ولا على أموالهم؛ لأن إقامتهم شرعية، نعم.

‌باب: الفرائض

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الفرائض

ص: 20

والفرائض: جمع فريضة كقبائل جمع قبيلة، والمراد بها اسم المفعول المفروضة، مأخوذ من الفرض، وهو التقدير والقطع، فالفرائض مقدرة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أيضاً مقتطعة لكل وارث جزء من المال، من مال المورِث، والفرائض إذا كان المراد به ما افترضه الله -جل وعلا- في أموال الأموات لورثتهم فهو شامل للفرض والتعصيب؛ لأن العلم كله أو الباب كله في الفرائض، والفرائض الوارثون ينقسمون إلى أصحاب الفروض وإلى عصبات، وإلى ذوي أرحام، عند من يقول بتوريثهم، على ما سيأتي، فهل الفرائض المراد به هنا ما يقابل العصبة؟ الفرائض من الفرض، وهو ما يقابل التعصيب أو الفرائض أعم من الفرض الاصطلاحي بحيث تشمل التعصيب؟ لا سيما وأن أول حديث في الباب في حق العصبة، ((فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) نعم ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) هؤلاء أصحاب الفروض المقدرة والفروض ستة: النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، النصف، الربع، الثمن، الثلثان، الثلث، السدس، هذه الفرائض المقدرة ((ألحقوا الفرائض المقدرة بأهلها)) أي أعطوها أهلها ((فما بقي فهو لأولى رجل ذكر)) وهذا هو التعصيب، الإرث بالتعصيب بعد ما تبقيه الفرائض، فالحديث شامل للأمرين فدل على أن الترجمة شاملة للأمرين؛ لدخول الشقين تحتها.

"عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألحقوا الفرائض بأهلها)) " والمراد بالفرائض الست المنصوص عليها، والمراد من أهلها من يستحقها بنص كتاب الله تعالى، فالفرائض تلحق بأهلها، فالنص يلحق بأهله الزوج والبنت وبنت الابن والأخت الشقيقة والأخت لأب، هؤلاء هم أصحاب ..

والنصف فرض، هاه؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

الرحبية، نسيتوها؟

نعم الفرائض سهل النسيان.

والنصف فرض خمسة أفرادِ

الزوج والأنثى من الأولادِ

والأنثى من الأولاد هي البنت، فالمقصود أنه فرض خمسة من الورثة: الزوج إذا لم يكن للزوجة ولد، فإنه يستحق النصف، والبنت بشروطها، وبنت الابن بشروطها، والأخت .. إلى آخره، والتفصيل معروف في كتب الفرائض.

ص: 21

والربع: هو فرض الزوج إذا كان للزوجة ولد، أو للزوجات إن لم يكن للزوج ولد، وكذلك بقية أصحاب النصف، والربع لمن ذكرنا، والثمن للزوجة أو الزوجات إذا كان للزوج ولد، هذه الفرائض المقدرة، بعد ذلك الثلثان والثلث، الثلثان معروف أنه للبنتين، بنتي الابن، والأختين الشقيقتين، والأختين لأب، والثلث لمن؟ للأم فقط؟ وللجمع من الأخوة لأم، والسدس فرض سبعة من الوارثين، والمقصود أن مثل هذا التفصيل يرجع فيه إلى كتب الفرائض، إذا بقي شيء من المال بعد استيفاء أصحاب الفروض فإنه للعصبة، لأولى رجل ذكر، لكنه يشمل الذكر المفرد، والجمع من الذكور، ويشمل أيضاً من يعصبه هذا الذكر، لو افترضنا أنه مات أو هلك هالك عن زوجة وأخ وأخت، فالزوجة لها الربع، والباقي للأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، فهو عصبها، ما فائدة قوله: ذكر بعد قوله: رجل؟ هل يمكن أن يولد رجل أنثى لنحتاج أن يقال: ذكر؟ ((فهو لأولى رجل ذكر)) ما الذي يدل اللفظ الأول؟ وما الذي يدل عليه اللفظ الثاني؟ هل هما متطابقان؟ في الفرائض قال: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] وفي القوامة قال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} [(34) سورة النساء] يعني في الإرث لا يلحظ أي ملحظ عن الذكورة {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [(11) سورة النساء] يعني سواء كان شريفاً أو وضيعاً، ذكياً أو غبياً، حازماً أو هازلاً، المقصود أنه ذكر محكوم أنه من جنس الذكور، وأما رجل ففيه أوصاف زائدة على مجرد الذكورة، ومنهم من يقول: إنه من باب الوصف الكاشف الذي لا مفهوم له، وعلى كل حال هذا الحكم الشرعي، فالذي يبقى بعد الفرائض يعطى إلى العصبة، والأصل في التعصيب الرجال، والنساء ليس فيهن عصبة إلا بالغير أو مع الغير، نعم.

وعن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)) متفق عليه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

ص: 22

"وعن أسامة بن زيد" حب النبي صلى الله عليه وسلم وابن حبه "-رضي الله تعالى عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)) " لأن من موانع الإرث اختلاف الدين فمع اختلاف الدين لا توارث.

ويمنع الشخص من الميراثِ

واحدة من علل ثلاثِ

رق وقتل واختلاف دينِ

فافهم فليس الشك كاليقينِ

فالمسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم، ذهب إلى ما أفاد هذا الحديث جماهير العلماء، وأنه لا توارث مع اختلاف الدين، ومنهم من يرى أن المسلم يرث الكافر من غير عكس، يعني لو وجد شخص كافر، وعنده عشرة من الأولاد الذكور مثلاً تسعة منهم كفار، والعاشر مسلم، وهو صاحب ثروة وأموال طائلة هذا الميت، فاقتسم المال، بل قسم على التسعة، وبقي المسلم المسكين ما عنده شيء، ولا يرث شيء، بعضهم يقول في مثل هذه الصورة: المسلم يرث الكافر ولا عكس، كل هذا نظراً إلى الشفقة على هذا المسلم الذي حُرم من هذا المال بسبب إسلامه، لكن إذا صح الخبر فلا كلام لأحد، وأنه إذا فاتته الدنيا بقي معه رأس المال الذي هو الدين.

وكل كسر فإن الدين جابره

وما لكسر قناة الدين جبرانِ

فإذا ضمن هذا الأصل الذي هو رأس المال فالباقي سهل، أمره يسير، لا شك أن من الناس من يتأثر بمثل هذا الموقف، ولذا من أهل العلم من يرى أن المسلم يرث الكافر، وهذا معروف عن معاذ ومعاوية ومسروق وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وإسحاق بن راهويه، كلهم نظروا من هذه الزاوية، قالوا: شخص ثري كافر مات عن أولاد واحد منهم مسلم والبقية كفار يتوارثون، يرثه أولاده الكفار، وأما المسلم فيحرم والمعول في هذا على هذا الخبر، وبالمقابل أنه لو مات رجل مسلم وأولاده مسلمون سوى واحد كافر فإنه يرثه أولاده المسلمون دون الكافر؛ لأنه لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر، نعم.

وعن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- في بنت وبنت ابن وأخت: قضى النبي-صلى الله عليه وسلم للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت. رواه البخاري.

ص: 23

نعم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام، ابن مسعود سئل عن هذه المسألة في شخص توفي عن بنت وبنت ابن وأخت، فقال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف؛ لأن الشرط متحقق، وهو عدم المشارك، وعدم المعصب فتستحق النصف حينئذٍ ابنة الابن باعتبارها تدلي بالابن الذي هو أخو هذه البنت الوارثة للنصف فوقع تكملة الثلثين؛ لأن المسألة لو كان فيها بنتان لأعطيتا الثلث، فما دام البنت أعطيت النصف تعطى بنت الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت؛ لأن الأخوات مع البنات عصبات فتأخذ ما بقي، نعم.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتوارث أهل ملتين)) رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي، وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة -رضي الله تعالى عنه-، وروى النسائي حديث أسامة بهذا اللفظ.

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

"وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يتوارث أهل ملتين)) " وذلكم إذا تحاكموا إلينا، بأن كان الأب يهودي والابن نصراني أو العكس فإنهما لا يتوارثان للاختلاف في الدين، وهذه المسألة لا شك أنها خلافية، والحديث يصل إلى درجة القبول، لكنه معارض بما عرف أن الكفر ملة واحدة، وأن حكم الكفار واحد، وحينئذٍ يتوارثون؛ لكنهم لا يتوارثون مع مسلمين، وهذا محمول على أن المراد بالملتين، لا يتوارث أهل الملتين يعني الإسلام وغير الإسلام، فيكون بمعنى حديث أسامة:((لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم)) أما الكفار على خلاف مللهم فهم ملة واحدة، وهذا قول الأكثر، يعني لو قال: إن أهل الكتاب ملة؛ لأن أحكامهم فيها نوع اختلاف عن أحكام غيرهم صار له وجه، لكن المعروف إما أن يقال: بأن كل ملة من ملل الكفر يهودية والنصرانية والمجوسية والبوذية وغيرهم من الكفار ملة واحدة، والمسلون ملة واحدة، فيرجع الخبر إلى حديث أسامة، أو يقال: إن هذه الملل ملل كفر على اختلافها كل ديانة ملة مستقلة، فعلى هذا لا يتوارثون، لو تحاكموا إلينا لا يتوارثون، لو وجد أب مجوسي وابنه يهودي أو العكس فإنهم لا يتوارثون.

ص: 24

الآن باقي ساعة إلا ربع إن كان الإخوان يرغبون في ترك هذه المدة لتحري ساعة الإجابة في هذا اليوم، هم يرغبون وإلا .. ؟ يتأهبون للورد والدعاء والصلاة، وإلا فبقي على الوقت المقرر عشر دقائق، ونستأنف نكمل أحاديث الفرائض بعد الصلاة -إن شاء الله تعالى-

ص: 25