المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أحكام ركعتي الطواف - شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ - جـ ١٢١

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌ باب دخول مكة [1]

- ‌كيفية دخول مكة

- ‌السنة في جهة الدخول إلى مكة

- ‌وقت الدخول وحالة الداخل

- ‌دخول البيت الحرام

- ‌رؤية البيت ودخوله وما ورد في ذلك

- ‌الطواف وأحكامه

- ‌السنة في الطواف بعد الدخول وأحكام ما يزاحمه من الفرائض والواجبات

- ‌الاضطباع كيفيته ومحله

- ‌النية في الطواف وكيفية ابتداء أشواطه

- ‌من عجز عن استلام الحجر وتقبيله، وما ينبغي أن يراعيه من يقبل الحجر

- ‌الإشارة باليد إلى الحجر وما يقوله، وأين يكون البيت منه

- ‌مسائل في الطواف ينبغي مراعاتها

- ‌عدد أشواط الطواف، وحكم النقص منها، أو الإضافة عليها

- ‌الرمل في الطواف، صفته ومحله

- ‌ازدحام الفضائل في الطواف وما يقدم منها

- ‌استلام الركن، وماذا يفعل من عجز عنه

- ‌مما يبطل به الطواف فعلاً أو تركاً

- ‌أحكام ركعتي الطواف

- ‌الأسئلة

- ‌إدراج نية ركعتي الطواف مع نية السنة الراتبة

- ‌حكم الإشارة باليد إلى الحجر عند الفراغ من الشوط السابع

- ‌حكم الطهارة في الطواف

- ‌طواف حامل النجاسة

- ‌مكان استئناف الشوط بعد قطعه لنحو أداء الصلاة

- ‌الفصل بين الطواف والسعي

- ‌الدعاء على الصفا والمروة

الفصل: ‌أحكام ركعتي الطواف

‌أحكام ركعتي الطواف

قال رحمه الله تعالى: [ثم يصلي ركعتين خلف المقام].

أي: إذا انتهى من طوافه صلى ركعتين خلف المقام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه، جاء إلى المقام، وصلى عليه الصلاة والسلام ركعتين، قال تعالى:{وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] فقوله: (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ) قيل: هو المقام، والسنة لكل من طاف بالبيت أن يصلي خلفه، ويجعله بينه وبين البيت، فقد كان المقام في القديم متصلاً ملتصقاً بالبيت، ثم نظراً لوجود الأذية بالطائفين في الزحام أُخِّر عن البيت، فإذا صلى وجعل المقام بينه وبين البيت، فهذه هي السنة، فلو كان هناك زحام حول المقام فإنه يتأخر، حتى ولو في أروقة المسجد، فيجعل المقام بينه وبين البيت.

وقال بعض العلماء: إذا تأخر بحيث لا يستطيع أن يصلي في جهة المقام إلا في الأروقة فالأفضل أن يصلي في صحن المسجد، ولا يتأخر إلى الأروقة، والسبب في ذلك أن قديم المسجد أفضل مما هو بعد؛ لقوله تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} [التوبة:108]، خاصةً وأن هناك قولاً يقول: إن المقام هو مكة كلها، فإذا كان مصلياً، أو صلى في أي موضع من مكة أجزأه، لذلك يقولون: إنه يصلي في أي مكان من صحن المسجد، والأفضل والسنة أن يجعل المقام بينه وبين البيت على ظاهر السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فيصلي هاتين الركعتين، يقرأُ في الأولى:(قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية:(قل هو الله أحد)، وهما سورتا الإخلاص؛ لاشتمالهما على أعظم الأشياء وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى، التي من أجلها أنزل كتبه، وأرسل رسله، وهو توحيد الله عز وجل، ولذلك قرأها عليه الصلاة والسلام في صلاته كما ثبت في الحديث الصحيح عنه، يقرأ في الركعة الأولى (قل يا أيها الكافرون)، وهي براءة من عبادة غير الله عز وجل، ومن كل دينٍ سوى دين الله، ويقرأ في الثانية بـ (قل هو الله أحد) التي جمعت مقاصد التوحيد، ففيها النفي والإثبات، فقوله تعالى:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص:1 - 2] هذا إثبات، وقوله تعالى:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:3 - 4] هو النفي، وهذا هو أصل شهادة التوحيد (لا إله إلا الله)؛ لأنها تشتمل على النفي، وعلى الإثبات، وهما أساس التوحيد.

ولا شك أن الحج والعمرة إنما شرعهما الله تعالى من أجل توحيده، فهذه المشاعر والمناسك ما أوجدها الله تعالى إلا من أجل الدلالة على التوحيد، ولذلك يقرأ الإنسان بهاتين السورتين، ويحرص على قراءتهما مستشعراً لمعانيهما العظيمة؛ لأن المقصود من حجه وعمرته أن يرجع بزاد التوحيد والإخلاص لله عز وجل، وينظر كيف أن هذه البنية أمر الله بالطواف بها، ولو طاف بغيرها فإنه لا يجوز، ومحرمٌ عليه، وقد يصل إلى الشرك والعياذ بالله، وهذا يدل على أنه عبدٌ مأمور تحت أمر الله عز وجل، وتحت حكمه، لا يقدم ولا يؤخر إلا بأمر الله سبحانه وتعالى، فيقرأ بهاتين السورتين العظيمتين مستشعراً لما فيهما من معاني التوحيد، وإخلاص العبادة لله عز وجل.

ص: 19