المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: (إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٢١٥

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[215]

- ‌إهلال الرجل بالحج، ثم جعلها عمرة

- ‌شرح أثر أبي ذر في فسخ الحج إلى عمرة

- ‌تراجم رجال إسناد أثر أبي ذر في فسخ الحج إلى عمرة

- ‌شرح أثر بلال بن الحارث في خصوصية فسخ الحج بالصحابة

- ‌تراجم رجال إسناد أثر بلال بن الحارث في خصوصية فسخ الحج بالصحابة

- ‌حج الرجل عن غيره

- ‌شرح حديث: (إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من حج متمتعاً ثم رجع إلى بلده من غير صيام ولا هدي

- ‌وقت صيام الثلاثة أيام في الحج لمن لم يجد الهدي

- ‌حكم لبس جلود النمور أو جعلها أحذية

- ‌حكم التلفظ بالإحرام

- ‌هل رأي الصحابي حجة

- ‌أخوّة أهل البدع في الإسلام

- ‌تابع حج الرجل عن غيره

- ‌شرح حديث: (احجج عن أبيك واعتمر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (احجج عن أبيك واعتمر)

- ‌شرح حديث: (حُجّ عن نفسك ثم حُجَّ عن شبرمة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (حجّ عن نفسك ثم حجّ عن شبرمة)

- ‌كيفية التلبية

- ‌شرح حديث: (أن تلبية رسول الله: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن تلبية رسول الله: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك)

- ‌شرح حديث جابر في التلبية (لبيك ذا المعارج)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث جابر في التلبية (لبيك ذا المعارج)

- ‌شرح حديث رفع الصوت بالإهلال

- ‌تراجم رجال إسناد حديث رفع الصوت بالإهلال

- ‌متى يقطع التلبية

- ‌شرح حديث: (أن رسول الله لبّى حتى رمى جمرة العقبة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله لبّى حتى رمى جمرة العقبة)

- ‌شرح حديث (غدونا مع رسول الله من منى إلى عرفات، منا الملبي، ومنا المكبر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (غدونا مع رسول الله من منى إلى عرفات منّا الملبّي ومنا المكبِّر)

- ‌وقت قطع التلبية للمعتمر

- ‌شرح حديث: (يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر)

- ‌شرح حديث (يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر) من طريق ثانية موقوفاً

- ‌المحرم يؤدب غلامه

- ‌شرح حديث تأديب أبي بكر لغلامه وهو محرم

- ‌تراجم رجال إسناد حديث تأديب أبي بكر لغلامه وهو محرم

الفصل: ‌شرح حديث: (إن فريضة الحج أدركت أبي شيخا كبيرا)

‌شرح حديث: (إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجل يحج عن غيره.

حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (كان الفضل بن عباس رضي الله عنهما رديف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجة الوداع)].

أورد أبو داود باب: الرجل يحج عن غيره، وكلمة الرجل هنا لا مفهوم لها، بل إن المرأة كذلك أيضاً، فللرجل أن يحج عن غيره، وللمرأة أن تحج عن غيرها.

وأورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن الفضل بن العباس -أي: أخاه الأكبر- كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم أي: في حجة الوداع، وذلك في انصرافهم من مزدلفة إلى منى، فقد أردف النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في حجه من عرفة إلى مزدلفة أسامة بن زيد، وأردف خلفه من مزدلفة إلى منى الفضل بن العباس، وهو الذي لقط له الجمرات السبع التي أخذهن وجعل يقلبهن، وقال: (بمثل هذا فارموا، وإياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين).

فـ الفضل بن العباس رضي الله عنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم من مزدلفة إلى منى، فجاءت امرأة من خثعم تستفيه عن حجها عن أبيها، وكان شيخاً كبيراً لا يستطيع الثبوت على الراحلة، فقالت:(إن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع الثبوت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم)، وذلك في حجة الوداع، فدل هذا على أن المرأة تحج عن الرجل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أفتاها بأن تحج عن أبيها، وفيه دليل على الحج عن الغير، وأن الرجل يحج عن الرجل، والمرأة تحج عن الرجل، والحديث واضح وصريح الدلالة في حج المرأة عن الرجل، ويحج عن الميت، وأما الحي فإنه لا يحج عنه إلا في حالتين: إحداهما: ما جاء في هذا الحديث، وهي أن يكون هرماً كبيراً، لا يستطيع السفر والركوب.

والثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، وأما غير هذين الصنفين من الناس فإنه لا يحج عنه وهو حي.

وفي هذا الحديث: أن الفضل كان ينظر إلى هذه المرأة وهي تنظر إليه، فصرف النبي صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الشق الآخر، وهذا من الأحاديث التي يستدل بها من يقول بجواز كشف النساء وجوههن، وعدم وجوب تغطيتها، وقد جاءت عدة نصوص دالة على الحجاب وستر الوجوه، وقد عُلِّل ذلك كما جاء في أمهات المؤمنين:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:53].

وإذا كان هذا في أمهات المؤمنين فهو مطلوب من غيرهن من باب أولى؛ لأنهن إذا كان ذلك مع طهارتهن ونزاهتهن رضي الله عنهن وأرضاهن فغيرهن من باب أولى والعلة واحدة، ثم أيضاً إذا كانت الشريعة قد جاءت بأن المرأة ترخي ثوبها من وراءها حتى تستر قدميها، فكيف تأمر الشريعة بستر القدمين وتبيح كشف الوجه، والزينة إنما تكون في الوجه لا في الرجلين؟! وهذا الحديث الذي معنا وهو قصة الخثعمية، ونظر ابن العباس إليها ونظرها إلى الفضل بن العباس رضي الله تعالى عنهما، يمكن أن يقال: إنه لا يلزم أن يكون الجمال فقط في الوجه، والنظر يكون إلى الوجه، فكما يكون الجمال في الوجه فإنه يكون أيضاً في التفاصيل، وفي هيئة الجسم وشكله، فإن المرأة ولو كانت متحجبة قد يظهر جمالها في الشكل والهيئة، وليس الأمر مقصوراً على الوجه والنظر إليه، بل الهيئة أيضاً لها دخل في معرفة جمال النساء، وذلك في طلعتهن وهيئتهن وتفاصيل أجسامهن وإن لم يكن الوجه ظاهراً.

وبعض أهل العلم يقول: إن هذا كان في الحج، والمرأة إحرامها في وجهها، ولكن قد جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قالت: كنا نكشف وجوهنا فإذا حاذانا الركبان سدلت إحدانا خمارها على وجهها.

والحاصل أن كشف الوجوه لا يأتي إلى الناس بخير، فكثير من الفتن والشرور التي جاءت إنما هي ناتجة عن كشف الوجوه، فبعد كشف الوجوه جاء كشف الرءوس، ثم كشف النحور، ثم كشف الصدور، ثم كشف الأرجل والأفخاذ! وصار شأن كثير من المسلمات في كثير من بلاد العالم الإسلامي على هيئة الرجال، وهذه الهيئة مخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرجال يسبلون ويغطون أعقابهم، والنساء تتعرى، فتظهر المرأة صدرها وعضديها وساقيها وجزءاً من فخذيها، وكل هذا نتيجة للتهاون بالسفور.

ص: 8