المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث (أغلق بابك واذكر اسم الله) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٤٢٢

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[422]

- ‌ما جاء في النفخ في الشراب والتنفس فيه

- ‌شرح حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه)

- ‌شرح حديث (اللهم بارك لهم فيما رزقتهم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (اللهم بارك لهم فيما رزقتهم)

- ‌مناسبة حديث (اللهم بارك لهم فيما رزقتهم)

- ‌ما يقول إذا شرب اللبن

- ‌شرح حديث (إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل اللهم بارك لنا فيه)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل اللهم بارك لنا فيه)

- ‌الفرق بين اللبن والحليب

- ‌الجمع بين كراهية النبي صلى الله عليه وسلم للضب وبين كونه ما عاب طعاماً قط

- ‌إيكاء الآنية

- ‌شرح حديث (أغلق بابك واذكر اسم الله)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أغلق بابك واذكر اسم الله)

- ‌صيغة الذكر الذي يقال عند غلق الأبواب وتغطية الآنية

- ‌اعتبار باب الثلاجة غطاءً للآنية

- ‌حكم تغطية الآنية إذا لم يكن فيها شيء

- ‌الأسباب التي تدفع الشياطين

- ‌تحديد الليلة التي ينزل فيها البلاء في السنة

- ‌طريق أخرى لحديث (أغلق بابك واذكر اسم الله) وتراجم رجال إسنادها

- ‌سبب تسمية الفويسقة بهذا الاسم

- ‌التحذير من خطر الدفايات الكهربائية

- ‌شرح حديث (واكفتوا صبيانكم عند العشاء)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (واكفتوا صبيانكم عند العشاء)

- ‌شرح حديث (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستسقى)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستسقى)

- ‌شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الصلاة بعد طلوع الشمس بثلاث دقائق

- ‌حكم شرب ساقي القوم آخرهم

- ‌حكم تقديم الضيف على الأيمن عند الشرب

- ‌عدم تبويب أبي داود لبعض الأحاديث التي ليست لها مناسبة

- ‌حكم التنفس في الإناء عند الرقية

- ‌حكم الشرب دفعة واحدة

- ‌حكم طلب الدعاء من الغير

- ‌حكم الشرب قائماً لمن لم يصل تحية المسجد

الفصل: ‌شرح حديث (أغلق بابك واذكر اسم الله)

‌شرح حديث (أغلق بابك واذكر اسم الله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في إيكاء الآنية.

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن ابن جريج أخبرني عطاء عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أغلق بابك واذكر اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله، وخمر إناءك ولو بعود تعرضه عليه، واذكر اسم الله، وأوك غطاءك واذكر اسم الله)].

أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في إيكاء الآنية، يعني: تغطيتها، فإذا كان هناك سقاء أو قربة فيوكأ بحيث إنه يربط بخيط أو بحبل؛ وإذا كان هناك قدر أو قدح فإنه يغطى، فالإيكاء في الغالب يكون للشيء الذي يكون مثل السقاء أو القربة أو ما إلى ذلك.

وأما تغطية الشيء بأن يوضع عليه شيء يغطيه فهذا لا يقال له إيكاء؛ لأن لفظ الإيكاء يتعلق بالأسقية والقرب وأشباهها.

وقد أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: (أغلق بابك واذكر اسم الله، فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً) لأنه ذكر اسم الله، فالإنسان يفعل السبب ويذكر اسم الله عز وجل على ذلك، فيكون في ذلك التخلص من الشيطان.

فإذا أغلق الإنسان بابه فهذا فيه السلامة من شياطين الإنس؛ لأن شياطين الإنس قدرتهم وتمكنهم هي على الشيء الموجود المحسوس أمامهم، والشيطان يطرده ذكر الله عز وجل، ومجرد إغلاق الباب لا يطرد الشيطان وإنما يطرده ذكر الله.

فشياطين الإنس يسلم منهم الإنسان بإذن الله بإغلاق الأبواب، وشياطين الجن يسلم منهم بذكر الله عز وجل.

وقوله: (فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً) يعني: باباً ذكر اسم الله عليه.

ولهذا جاء في الحديث: (إن الإنسان إذا دخل بيته وذكر اسم الله قال الشيطان لأتباعه: لا مبيت لكم، وإذا دخل وأكل وسمى قال: لا طعام لكم)، وإذا لم يحصل ذكر اسم الله عند الدخول ولا عند الأكل قال: أدركتم المبيت والعشاء.

فهو يشارك في الدخول ويشارك في الأكل.

والمراد بالباب هنا: الباب الخارجي.

وقوله: [(وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله)].

المصباح كان فيما مضى يُجعل فيه الزيت أو شيء يشتعل به وإذا انكفأ حصل احتراق بسببه، والفويسقة كما جاء في بعض الأحاديث تضرم أو تفسد على أهل الناس بيتهم، فتكفأ السراج فيحصل احتراق.

فكان إطفاء السراج من أجل ألا تأتي مثل الفويسقة التي هي الفأرة فتقلبه فيحصل بسببه حريق؛ هذا هو الذي كان موجوداً في ذلك الزمان، أما الآن فتوجد اللمبات المضيئة والكهرباء، والناس بين أمرين: من الناس من يرتاح لإغلاق الأنوار ويبيت في الظلام، ومن الناس من يعجبه أن يبيت في الضياء وأن يكون عنده ضياء بحيث إنه لو استيقظ ينظر إلى الساعة ولا يحتاج إلى أن يقوم من منامه ليفتح النور، والمحذور الذي كان فيما مضى من ناحية إطفاء السراج هو الإحراق وليس بموجود، إلا أنه يمكن أن يوجد فيما إذا كان حصل تحمل في بعض اللمبات وتأثر وحصلت سخونة وطال المكث، فإنه قد يحصل التماس بسبب ذلك فيترتب على ذلك أمور ضارة مثلما هو مشاهد ومعاين في بعض الأحايين، حيث تجد بعض المفاتيح يحصل لها التماس بسبب ذلك فتحصل مضرة.

فإذا خشي شيئاً من هذا القبيل فيتخلص من المحذور، وإذا كان الناس يحتاجون إلى فتح لمبة وقد ألفوا أنه ليس فيها شيء من الخلل فالأمر في ذلك واسع؛ لأن المحذور الذي خشيه رسول الله صلى الله عليه وسلم غير موجود في مثل هذه الحال.

وقوله: [(وخمر إناءك ولو بعود تعرضه عليه واذكر اسم الله)].

التخمير هو التغطية؛ وقيل للخمار خمار لأنه يغطي الوجه والرأس، وقيل للخمر خمر لأنها تغطي العقل؛ فقيل للغطاء خمار لأنه يغطي الشيء الذي يراد تغطيته.

قوله: (خمر إناءك) يعني: غطه، وتغطيته فيها فائدة من جهة ألا تأتيه حشرات أو حيوانات كدواب تشرب منه ثم تمج فيه وقد تكون من ذوات السموم فيختلط سمها بما فيه فيفسده، فتغطية الأواني فيها مصالح وفيها فوائد.

وعندما يغطيه يذكر اسم الله عز وجل؛ لأنه إذا ذكر اسم الله عز وجل حفظه الله من الشيطان.

وقوله: (ولو بعود تعرضه عليه) قال الحافظ ابن حجر: لعل الحكمة في ذلك أن الإنسان يذكر اسم الله على شيء قد فعله، يعني: ذكر اسم الله يكون على فعل؛ والفعل هو التغطية، وإن لم تكن هناك تغطية فلا أقل من أن يعرض عليه عوداً؛ فعرضه هذا العود فعل من الأفعال يأتي معه بذكر اسم الله فيقول: باسم الله.

ويبدو أيضاً أن الإنسان إذا عود نفسه أن يعرض عوداً إذا لم يجد غطاءً يتعود على ألا يترك الإناء خالياً دون أن يغطى؛ لأنه إذا لم يجد غطاءً وعمل شيئاً فإن ذلك يجعله يألف أن يغطيه ويحرص على ذلك، لأن من يألف الشيء يستمر عليه، فيحصل بذلك استمراره على هذا الشيء وعنايته واهتمامه به.

وقد جاء في بعض الأحاديث في صحيح مسلم أنه توكى الأسقية وتخمر الآنية وقال: (إن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يترك شيئاً مفتوحاً إلا دخله) فيكون في إيكاء الأسقية وتغطية الأواني السلامة من وقوع هذا البلاء فيها، وهذا هو الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقوله: [(وأوك سقاءك واذكر اسم الله)].

يعني: بربطه بالخيط الذي يربط به، وربطه به فيه مصلحة ألا تدخل فيه حشرات ولا أشياء مستقذرة، وأيضاً يسلم مع ذكر الله عز وجل من الشيطان.

ص: 14