المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث رجم المرأة الغامدية - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٥٠٠

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[500]

- ‌ما جاء في المرأة التي أمر النبي برجمها من جهينة

- ‌شرح حديث رجم المرأة الغامدية

- ‌تراجم رجال إسناد حديث رجم المرأة الغامدية

- ‌أثر الأوزاعي في تفسير (فشكت عليها ثيابها) وتراجم رجال إسناده

- ‌شرح حديث رجم المرأة الغامدية من طريق ثانية

- ‌تراجم رجال إسناد حديث رجم المرأة الغامدية من طريق ثانية

- ‌شرح حديث (أن النبي رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة)

- ‌شرح حديث (أن النبي رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة) من طريق أخرى

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة) من طريق أخرى

- ‌الجمع بين قوله: (فحفر لها إلى الثندوة) وقوله: (ارموا واتقوا الوجه)

- ‌شرح حديث العسيف

- ‌تراجم رجال إسناد حديث العسيف

- ‌الأسئلة

- ‌سبب حضانة رجل من المسلمين لولد الغامدية دون زوجها

- ‌توجيه اختلاف الروايات في حديث الغامدية

- ‌جواز سؤال المفضول مع وجود الفاضل

- ‌مشروعية الإجارة شرعاً وعقلاً

- ‌سبب الذهاب إلى المرأة وسؤالها في حديث العسيف

- ‌أمر الغامدية بالانتظار حتى تضع حملها مطلق وليس مقيداً

- ‌جواز تأخير الحد عن المرأة الحامل إذا كان ذلك يؤثر عليها

- ‌مطالبة الزاني بمبلغ مالي دون إقامة الحد عليه

- ‌حكم الجمارك في الشرع

الفصل: ‌شرح حديث رجم المرأة الغامدية

‌شرح حديث رجم المرأة الغامدية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة.

حدثنا مسلم بن إبراهيم أن هشاماً الدستوائي وأبان بن يزيد حدثاهم المعنى عن يحيى عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين: (أن امرأة -قال في حديث أبان: من جهينة- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها زنت وهي حبلى، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولياً لها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن إليها، فإذا وضعت فجئ بها، فلما أن وضعت جاء بها، فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم أمرهم فصلوا عليها، فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله! تصلي عليها وقد زنت؟ قال: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها؟) لم يقل عن أبان: فشكت عليها ثيابها].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة]، أي: المرأة الجهنية التي زنت وأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها، ومعلوم أن الأحاديث التي جاءت في الرجم متعددة، ومنها ما جاء في قصة ماعز وما جاء في غيره، وما جاء في قصة الجهنية وهي الغامدية، وما جاء في قصة امرأة الذي كان عنده العسيف، وكذلك أيضاً حديث عمر الذي فيه أنها جاءت في كتاب الله، وكذلك الحديث الذي فيه الجمع بين الجلد والرجم، فقد جاءت أحاديث كثيرة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على رجم المحصن.

أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إنها زنت، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أوليائها أن يحسن إليها، فلما وضعت أمر بها فشكت عليها ثيابها ورجمت)، والحديث فيه اختصار؛ لأنه جاء في غيره أنها كانت حبلى، وأنه أمر أن يحسن إليها، وأنها لما ولدت أمرها بأن تبقى حتى تفطم ولدها، ثم بعد ذلك أمر بها فرجمت.

فحديث عمران بن حصين رضي الله عنه يدل على رجم المحصن، وأن الرجم إذا كان هناك ما يمنع من إقامته في وقت معين فإنه ينتظر الوقت الذي يمكن إقامته فيه، كأن تكون المرأة حاملاً، سواءً كان حملها من زنا أو حملها من نكاح، فإنه ينتظر في رجمها الولادة، وإرضاع الطفل وفطمه، ثم بعد ذلك يقام عليها الحد، وذلك لئلا يجنى على من كان بريئاً وهو الجنين الذي في بطنها، فإن رجمها أو جلدها يؤثر على جنينها؛ ولهذا يؤخر إقامة الحد عليها حتى لا يتعدى إقامة الحد عليها إلى شخص آخر ألا وهو الجنين.

قوله: [عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن امرأة -قال في حديث أبان: من جهينة- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها زنت وهي حبلى)].

يعني: اعترفت بأنها زنت، وأنها حبلى، وهي بالإضافة إلى اعترافها هناك شيء زائد يدل على ذلك الاعتراف، وهو وقوع الحمل وأنه كان من زنا.

قوله: [(فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ولياً لها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن إليها فإذا وضعت فجئ بها)].

أحسن إليها يعني: في القيام بها، وصد العدوان عنها لو أراد أحد من قبيلتها أن يعتدي عليها؛ لأنه قد يعتدي عليها أحد من قبيلتها لما في فعلها من العار عليهم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بصيانتها والمحافظة عليها حتى تلد وحتى تفطم ولدها، وبعد ذلك يقام عليها الحد.

قوله: [(فلما أن وضعت جاء بها فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها)].

وقد جاء بيان ذلك في بعض الروايات الأخرى التي فيها أنه أخر ذلك حتى تفطم ولدها؛ لأنه بحاجة إليها، وإذا كان محتاجاً إلى رضاعها ولا سبيل له إلى عيشه إلا بذلك فإنها تبقى ويؤخر رجمها حتى تفطمه وحتى يستغني عن رضاعها وعن لبنها.

قوله: [(فشكت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم أمرهم فصلوا عليها)].

يعني: شدت عليها ثيابها حتى لا يحصل لها تكشف عند الرجم، وعند اضطرابها نتيجة ذلك، فهذه هي فائدة كونها تشد عليها ثيابها، ثم أمرهم فصلوا عليها، فدل هذا على أن الذي يقام عليه الحد أنه يصلى عليه، وكل مسلم يموت فإنه يصلى عليه سواءً كان عليه حد أو ليس عليه حد، ولو كان من العصاة، ولكن يمكن أن يتأخر الإمام أو من له أهمية ومنزلة إذا كان في ذلك ردع للناس عن الوقوع في مثل ذلك العمل الذي تركت الصلاة عليه من أجله من بعض من لهم شأن ومنزلة.

قوله: [(فقال عمر: يا رسول الله! تصلي عليها وقد زنت؟! قال: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها؟!)].

ثم إن عمر رضي الله عنه لما صلوا عليها وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتصلي عليها وقد زنت؟ وذلك لاستعظامهم الزنا وأنه أمر خطير وعظيم، فحصل منهم استغراب من أن الرسول يصلي عليها، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم أنها تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، ثم قال:(وهل رأيت أفضل من أن جادت بنفسها؟) معناه: أرخصت نفسها وبذلتها لله من أجل أن تطهر من الجرم الذي وقعت فيه، ومن الذنب الذي حصل لها، وكان بإمكانها أن تستتر بستر الله، ولكنها أرادت أن يحصل لها تطهير من هذا الذنب الذي قد حصل لها؛ فإذاً: دل هذا على أنه يصلى على من أقيم عليه الحد، ويصلى على كل مسلم، ثم عرفنا فيما مضى أن الحدود جوابر تجبر النقص، وأن الإنسان إذا عذب في الدنيا بعقوبة فيها حد فإنه لا يعذب على ذلك في الآخرة، بل هذا هو نصيبه من العذاب بهذه الجناية، أو بهذه الجريمة التي حصلت منه؛ لأن الحدود كفارات كما ثبتت في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 3