المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وجوب إيمان العبد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٥٢٩

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[529]

- ‌تابع ما جاء في القدر

- ‌شرح حديث العمل على ما خلا ومضى من القدر

- ‌تراجم رجال إسناد حديث العمل على ما خلا ومضى من القدر

- ‌شرح حديث جبريل في مراتب الدين بزيادة (والاغتسال من الجنابة) في تفسير النبي للإسلام

- ‌تراجم رجال إسناد حديث جبريل في مراتب الدين بزيادة (والاغتسال من الجنابة) في تفسير النبي للإسلام

- ‌شرح حديث جبريل في مراتب الدين مع زيادة: اتخاذ النبي مكاناً مرتفعاً يجلس عليه ليعرفه الغريب

- ‌تراجم رجال إسناد حديث جبريل في مراتب الدين مع زيادة: اتخاذ النبي مكاناً مرتفعاً يجلس عليه ليعرفه الغريب

- ‌الأسئلة

- ‌حرية ابن الرجل من أمته

- ‌لا يجوز بيع أم الولد

- ‌حكم القضاء عمن مات وعليه صوم

- ‌دعوة الصائم عند فطره

- ‌حكم مناداة الرسول باسمه

- ‌تابع ما جاء في القدر

- ‌شرح حديث (لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم)

- ‌وجوب إيمان العبد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه

- ‌كيف يعرف الناس الشيء المقدر

- ‌كفر غلاة القدرية الذين ينكرون القدر

- ‌متى يسأل الإنسان أكثر من عالم

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم)

- ‌شرح حديث أول ما خلق الله القلم

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أول ما خلق الله القلم

الفصل: ‌وجوب إيمان العبد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه

‌وجوب إيمان العبد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه

قوله: [(وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك)].

هذا هو الإيمان بالقدر، ومعنى هذا: أن كل ما حصل لك لا سبيل إلى تخلصك منه؛ لأن الله تعالى قد قدره فلابد من أن يوجد، والشيء الذي أخطأك ولم يصبك لا يمكن أن يصيبك، وهذا هو معنى قول المسلمين:(ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) فقولهم: (ما شاء الله كان) مأخوذ من قوله: (وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك) أي أن الشيء الذي قدر الله أن يكون لابد من أن يوجد، والشيء الذي قدر ألا يكون لا سبيل إلى وجوده، فالشيء الذي يحصل لك ويقع لك لا يمكن أن يتخلف، والشيء الذي قدر ألا يحصل لك لا يمكن أن يكون، كما جاء في الحديث الآخر في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لـ ابن عباس:(واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف) والكلام الذي جاء هنا عن أبي بن كعب قد جاء أيضاً مرفوعاً، والصحابي الآخر قد حدث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبق أن مر بنا أن الحسن البصري رحمة الله عليه لما سئل عما حصل لآدم عليه الصلاة والسلام من الأكل من الشجرة قال:(لو أن آدم اعتصم ولم يأكل من الشجرةلم يكن له بد من ذلك)، وذلك لأن هذا الشيء الذي قدره الله لا بد منه، ولا يقال: إن هذا جبر، وإن العباد لا اختيار لهم، بل لهم اختيار ولهم مشيئة، وما يحصل منهم يكون بمشيئتهم وإرادتهم، ويقع الذي قدره الله عز وجل وقضاه، فيجتمع في ذلك إرادة العبد حصول الشيء الذي قد حصل له، وكون ذلك الذي حصل منه لا يخرج عما قدره الله وقضاه كما قال الله عز وجل:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير:29].

فلا يمكن أن يحصل من العبد شيء ما لم يقدره الله، بل الذي قدره الله عز وجل له سبب يؤدي إليه، والمقدر غاية تأتي نتيجة لهذا السبب، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له كما في الحديث المتقدم:(أنتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون إلى عمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة).

ولهذا فإن القدر لابد فيه من أمرين: مشيئة من العبد، ومشيئة من الله عز وجل، وهذا في الشيء الذي للعبد فيه إرادة ومشيئة، أما الشيء الذي ليس للعبد فيه إرادة ولا مشيئة فإنما يقع بقضاء الله وقدره، وذلك مثل حركة المرتعش، وأما الأفعال الاختيارية كالأكل والشرب والسفر والذهاب والإياب والبيع والشراء وغير ذلك، فإنها تحصل بمشيئته وإرادته.

ص: 17