المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٧٨

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[078]

- ‌ما جاء فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها

- ‌شرح حديث: (من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس قد صلوا)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (من توضأ فأحسن وضوءه ثم راح فوجد الناس)

- ‌ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌شرح حديث أبي هريرة: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)

- ‌شرح حديث ابن عمر: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)

- ‌شرح حديث: (لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن)

- ‌شرح حديث: (ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (ائذنوا للنساء إلى المساجد بالليل)

- ‌باب التشديد في ذلك

- ‌شرح أثر عائشة: (لو أدرك رسول الله ما أحدث النساء لمنعهن المسجد)

- ‌تراجم رجال إسناد أثر عائشة: (لو أدرك رسول الله ما أحدث النساء لمنعهن المسجد)

- ‌شرح حديث: (صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها)

- ‌شرح حديث: (لو تركنا هذا الباب للنساء)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (لو تركنا هذا الباب للنساء)

- ‌باب السعي إلى الصلاة

- ‌شرح حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون)

- ‌شرح حديث (ائتوا الصلاة وعليكم السكينة، فصلوا ما أدركتم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث: (ائتوا الصلاة وعليكم السكينة، فصلوا ما أدركتم)

- ‌طرق أخرى لحديث: (ائتوا الصلاة وعليكم السكينة، فصلوا ما أدركتم) وتراجم رجال أسانيدها

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الإخبار عن الله عز وجل بأنه عاقل أو ذكي ونحو ذلك

- ‌حكم قول: علماء العقيدة

- ‌حكم الحج من غير تصريح بالحج من ولاة الأمر

- ‌حكم منع الرجل المرأة من الذهاب إلى المسجد لصلاة التراويح

- ‌بيان الأولى للمرأة التي أدت فريضة الحج

- ‌تفضيل صلاة النافلة في البيت على صلاتها في المسجد

الفصل: ‌شرح حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون)

‌شرح حديث: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السعي إلى الصلاة.

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).

قال أبو داود: وكذا قال الزبيدي وابن أبي ذئب وإبراهيم بن سعد ومعمر وشعيب بن أبي حمزة عن الزهري: (وما فاتكم فأتموا)، وقال ابن عيينة عن الزهري وحده:(فاقضوا) وقال محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وجعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة: (فأتموا) وابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو قتادة وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم كلهم قالوا:(فأتموا)].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة باب السعي إلى الصلاة، والسعي: هو بمعنى الذهاب، وهذا أمر مطلوب، ويأتي بمعنى الجري والعدو والإسراع، وهذا هو الذي جاء ما يدل على منعه والنهي عنه، ومما جاء بمعنى الذهاب قوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9]، وليس المقصود أنهم يسعون أي: يذهبون ويجرون، وإنما معناه: أنهم يتركون البيع والشراء، ويتجهون إلى الصلاة، يتركون الاشتغال بالتجارة الدنيوية، ويتجهون إلى التجارة الأخروية.

والسعي يأتي بمعنى العدو، وهذا هو الذي ترجم له أبو داود وأورد الأحاديث التي فيها النهي عن الذهاب إليها سعياً، والأمر بالذهاب إليها مشياً بدون سعي.

أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).

قوله: (إذا أقيمت الصلاة) هنا عبر بالإقامة؛ لأن هذا هو الذي قد يقتضي السعي، أو قد يجعل بعض الناس يتجه إلى السعي من أجل أن يدرك الصلاة؛ لأن الصلاة قد قامت وهو يريد أن يدرك الركعة، أو يريد أن يدرك ما يدرك من الصلاة، فيقول عليه الصلاة والسلام:(إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون) والسعي هنا هو ضد المشي؛ لأن المشي معناه: المشي بتؤدة، والسعي: جري وعدو وركض، وهذه الهيئة منع منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:(فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون) فالمقصود هنا: الإتيان إليها مشياً بهدوء وسكينة ووقار وعدم إسراع.

قوله: (فما أدركتم فصلوا) أي: الذي تدركونه منها صلوه مع الإمام.

قوله: (وما فاتكم فأتموا) والذي سبقتم به أتموه بعد انتهاء الإمام.

أورد أبو داود الروايات الكثيرة، والأحاديث المتعددة التي أشار إليها عن عدد من الصحابة، وكذلك روايات عدد كبير من العلماء يروون بلفظ:(وما فاتكم فأتموا)، ومن هذه الرواية التي عليها أكثر الرواة استدل بعض العلماء على أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، وما يقضيه المسبوق بعد فراغ إمامه هو آخر صلاته.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو آخر صلاته، وما يقضيه بعد سلام إمامه هو أول صلاته، وثمرة الخلاف هو: أنه على القول بأن ما أدركه يكون أول صلاته فبعدما يفرغ مع الإمام ويصلي ما فاته بعد ذلك لا يجهر بالقراءة على اعتبار أن الذي سبق به يكون هو الأول، وعلى هذا القول إذا كان بقي عليه ركعتان في الصلاة الرباعية كالعشاء -وهي جهرية- فإنه عندما يقوم يقضي الركعتين الفائتتين لا يجهر؛ لأن ما يقضيه هو آخر صلاته وليس أول صلاته؛ لقوله:(ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا).

فقوله: (فأتموا) معناه: أن ما يتمه هو آخر الصلاة؛ لأن الذي أدركه أولاً هو أولها، والإتمام يكون للشيء الذي له أول، وهذا معناه: أنه بدأ بأوله ثم يأتي بآخره ليتمه، فالأول أول، والآخر آخر، وإن كان آخر الصلاة هو بالنسبة للإمام فهو أول الصلاة بالنسبة للمسبوق، فالركعتان الأخيرتان من الصلاة الرباعية هي آخر الصلاة للإمام وهي أول الصلاة للمسبوق.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما يدركه المسبوق هو آخر صلاته، وما يقضيه المسبوق هو أول صلاته، ويستدلون على ذلك بما جاء في بعض الروايات:(اقضوا) أي: يقضون ما سبقوا به، والذي سبقوا به هو أول الصلاة، فيأتون بالذي سبقوا به بعد سلام الإمام وهو أول صلاتهم، والذي أدركوه مع الإمام هو آخر صلاتهم.

وإذا كانت الصلاة جهرية فيجهر بالقراءة؛ لأن هذا يعتبر أول صلاته على هذا القول، لكن أكثر الروايات على:(أتموا) وهي أرجح من رواية: (فاقضوا) ولكن يمكن أن تحمل رواية: (اقضوا) على ما يوافق رواية: (أتموا)؛ لأن (قضى) تأتي على معانٍ كثيرة، فتأتي بمعنى: التمام، وتأتي بمعنى: الفراغ من الشيء، وتأتي بمعنى: قضاء الشيء الذي فات، والحديث مخرجه واحد، ولكنه جاء بهذين اللفظين، فيمكن أن تحمل:(اقضوا) على ما يوافق (أتموا)، وأن المقصود من ذلك الإتمام الفراغ من الصلاة مع الإمام، ومعنى الفراغ من الصلاة: أن الذي يأتي به بعد ذلك هو ما يكون به من إنهاء صلاته، وليس المقصود من ذلك أن الشيء الذي سُبق به يقضيه، فالقضاء يأتي بمعنى فعل الشيء أصلاً، ويأتي بمعنى الفراغ، ويأتي بمعنى قضاء الفائت، وما دام أن الروايات الكثيرة كلها بلفظ:(أتموا) فيمكن أن تفسر كلمة: (اقضوا) بما يوافق: (أتموا) وعلى هذا لا يكون بين الروايتين اختلاف، ويكون القول الذي تدل عليه الأدلة هو: أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته، وما يقضيه المسبوق بعد سلام إمامه هو آخر صلاته، ومما يدل على أن ما يدركه المسبوق هو أول صلاته أن هذا هو المتصل بتكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام إنما تكون في أول الصلاة ولا تكون في آخرها.

ص: 22