الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والعمل على هذا عند أهل العلم أن يصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم يحدث، ما لم يحدث، واستقر الإجماع على ذلك على ما تقدم ذكره، وكان بعضهم يتوضأ لكل صلاة استحباباً، لا على سبيل الوجوب وإرادة الفضل، واستمر ابن عمر على ذلك، استمر ابن عمر على ذلك، الذي هو التجديد، استمر على التجديد وأنه لا يصلي الصلاة إلا بوضوء جديد؛ لأنه يحمل نفسه دائماً على العزيمة، ويروى عن الأفريقي عن أبي غطيف عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من توضأ على طهر كتب الله له به عشر حسنات)) وهذا إسناد ضعيف، وتقدم الكلام فيه لضعف الأفريقي وأبي غطيف، تقدم الكلام فيه، وأورده المصنف رحمه الله في الباب السابق، وحديث أبي غطيف أخرجه أبو داود وابن ماجه وضعفه الألباني أيضاً.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر بوضوء واحد، أخرجه ابن ماجه، وهو موافق لما تقدم ذكره من حديث أنس، إلا أنه مفسر للصلوات، الصلوات صلى الصلوات يحتمل أنها الخمس، لكنه هنا قال: صلى الظهر والعصر بوضوء واحد، فهذا مفسر لما أجمل سابقاً، نعم.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد:
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال: حدثتني ميمونة قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول عامة الفقهاء: أن لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، وفي الباب عن علي وعائشة وأنس وأم هانئ وأم صبية الجهنية وأم سلمة وابن عمر، قال أبو عيسى: وأبو الشعثاء اسمه: جابر بن زيد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في وضوء الرجل والمرأة من إناء واحد" من إناء واحد الوضُوء هنا بالضم لا غير؛ لأن المراد به الفعل، فالرجل والمرأة يتوضئان من إناء واحد كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قال رحمه الله: "حدثنا ابن أبي عمر" وهو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني تقدم ذكره "قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار" المكي الجمحي مولاهم، ثقة ثبت من الرابعة، وكثرة مولاهم أنها مرت بنا أكثر مما يأتي من الرواة من العرب صلبية يعني من صلب العرب، مرت بنا كثيراً مولاهم، وأئمة الحفاظ، وعلى رأسهم الإمام البخاري رحمه الله، كلهم من الموالي، والقصة التي حصلت بين يدي الرشيد من يسود أهل مكة؟ قال: عطاء، من يسود أهل كذا؟ من يسود أهل كذا؟ إلى أن عدد البلدان كلها إلا واحد، ثم يقول له هارون الرشيد: أمن العرب أم من الموالي؟ يقول: من الموالي، من الموالي، من الموالي إلى أن جاء إلى آخر واحد قال: من العرب، فهذا يدل على أن الإنسان إنما يشرف بهذا العلم، يشرف بهذا العلم، ويرفعه الله به الدرجات، وإن لم يكن له أصل ولا نسب، فعلى الإنسان أن يهتم به ويعنى به ليرتفع، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، والتنابز بالأنساب والتفاخر بها من قبل بعض الناس لا شك أنه حي إلى الآن، وأنه لا يترك في هذه الأمة، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام لكنه من صنيع الجاهلية، ومر بنا في الدرس الواحد يمكن مرتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك ولا يقول: مولاهم، وهنا عمرو بن دينار من الأئمة الثقات الأثبات جمحي مولاهم "عن أبي الشعثاء" واسمه كما قال المؤلف -رحمه الله تعالى- جابر بن زيد في آخر الباب، الأزدي ثم الخزاعي، البصري مشهور بكنيته فقيه من الثالثة كذا في التقريب "عن ابن عباس" الإسناد يلاحظ أنهم كلهم ثقات "قال: حدثتني خالتي ميمونة بن الحارث قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة"، "كنت أغتسل أنا" أنا هذا ضمير فصل مؤكد لضمير الرفع المتصل، ويجوز ذكره في هذه الصورة وحذفه؛ لأن الفصل بين ضمير الرفع المتصل وما عطف عليه قد حصل بقوله: كنت أغتسل، لو قالت: ورسول الله صح، لو قالت: كنت أغتسل ورسول الله صلى الله عليه وسلم صح العطف، ولا يلزم الإتيان بضمير الفصل، أما ضمير الفصل فلا بد من الإتيان به إذا لم يوجد فاصل، إذا لم يوجد فاصل، لو قالت: كنت ورسول الله -صلى
الله عليه وسلم- نغتسل قلنا: لا يصح، لا بد من الإتيان بضمير الفصل.
وإن على ضمير رفع متصل
…
عطفت فافصل بالضمير المنفصل
أو فاصل ما. . . . . . . . .
يعني مثل ما عندنا.
. . . . . . . . . وبلا فصل يرد
…
في النظم فاشياً وضعفه اعتقد
فضمير الفصل هنا لا شك أن فيه تأكيد وتقوية، لكنه ليس بلازم لحصول الفصل بقولها:"أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة"، يقولون: الواو هذه الأرجح أن تكون عاطفة، ويجوز أن تكون للمعية، والمعنى ظاهر يعني تغتسل مع النبي عليه الصلاة والسلام، وكونها عاطفة هو الأصل، وهو الأرجح من حيث العربية، لكن كونها للمعية أنسب للسياق، لماذا؟ كونها تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤثر تقديمها على ذكره عليه الصلاة والسلام، لكن كونها تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعية تشعر بالتبعية فيرجح من حيث المعنى، أما من حيث العربية فالعطف أقوى هنا، النصب يختار لدى ضعف النسق، والنسق قوي هنا، اللي هو عطف النسق قوي، لكن المعنى يقتضي ترجيح المعية؛ لأن المعية تقتضي التبعية، يعني حينما تقول: فلان معي يعني يتبعك، لكن لما تقول: أنا مع فلان، فأنت تابع له، وحينما نقول: أنها تغتسل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني تابعة له.
يقول ابن الجوزي: يستدل على ذكاء الصبي من الصغر، فإذا قال: من يلعب معي؟ دل على أنه ذكي، وإذا قال: من ألعب معه، دل على أنه دون؛ لأنه تابع من الآن تابع، أما ذاك من الصغر وهو رأس.
"أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من الجنابة"، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه البخاري، يعني غسل واجب، لا تعني أنه غسل مستحب يتوسع فيها ما لا يتوسع في الواجب، وإنما هو غسل واجب من الجنابة، والحديث مخرج في الصحيحين.
وهو قول عامة الفقهاء أن لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، قال النووي: بالإجماع، يعني يجوز أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد بالإجماع، وحكى الإجماع أيضاً قبله الطحاوي ثم القرطبي، يغتسلان من إناء واحد، وهذا الإجماع الذي حكاه الطحاوي ثم القرطبي ثم النووي قال الحافظ: فيه نظر، قال الحافظ ابن حجر: فيه نظر، لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة أنه كان ينهى عن ذلك، أنه كان ينهى عن ذلك أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، وكذلك حكاه ابن عبد البر عن قوم، والحديث حجة عليهم، والحديث حجة على هؤلاء على أبي هريرة وعلى هؤلاء القوم الذين ذكر ابن عبد البر ما مالوا إليه.
العيني تعقب ابن حجر، ابن حجر يقول: وفيه نظر، يعني الإجماع الذي ذكره الثلاثة فيه نظر؛ لأن أبا هريرة كان ينهى، وابن عبد البر نقل عن هؤلاء القوم أنهم ينهون ولا يرونه.
العيني تعقب ابن حجر في تنظيره للإجماع الذي ذكره الثلاثة قال: في نظره نظر، في نظره نظر، لماذا؟ قال: لأنهم قالوا: بالاتفاق، ما قالوا: بالإجماع؛ لأنهم قالوا: بالاتفاق ولم يقولوا: بالإجماع، ولا شك أن بين اللفظين اختلاف من حيث القوة فنقل الإجماع وحكاية الإجماع أقوى من قولهم اتفقوا؛ لأن الاتفاق قد يذكر في اتفاق الأئمة الأربعة مثلاً كما هو صنيع الوزير بن هبيرة في الإفصاح ينقل الاتفاق ويريد به اتفاق الأئمة الأربعة، وقد يكون اصطلاح لغيره، لكن في القوة الإجماع أقوى من نقل الاتفاق؛ لأن الإجماع قول الكل، قول الكل بحيث لا يشذ عنهم أحد، والاتفاق قد يذكر اتفاق طائفة من الطوائف يشملهم وصف واحد، اتفق أهل الحديث، اتفق أهل الفقه، وإن خالفهم غيرهم، اتفق الأئمة الأربعة وإن خالفهم غيرهم.
المقصود أن العيني ينتقد كلام أو تنظير ابن حجر في كلام العلماء الثلاثة الذين نقلوا الإجماع؛ لأنهم قالوا: بالاتفاق دون الإجماع، فهذا القائل لم يعرف الفرق بين الاتفاق والإجماع، انتهى كلام العيني، لكن النووي نص بالحرف قال: بالإجماع، فتنظير ابن حجر صحيح، تنظير ابن حجر صحيح، لكن يبقى أن النووي قد يتساهل في نقل الإجماع، ولعله نظر إلى اتفاق الأئمة وإجماع الأئمة على الحكم بعد أبي هريرة، وبعد هؤلاء الأقوام الذين نقل عنهم ابن عبد البر.
"قال: وفي الباب عن علي" وهو عند أحمد في المسند، "وعائشة" عند البخاري، "وأنس" كذلك عند البخاري، "وأم هانئ" عند النسائي، "وأم صبية الجهنية" عند أبي داود، "وأم سلمة" عند ابن ماجه، "وابن عمر" عند النسائي وابن ماجه.
"قال أبو عيسى: وأبو الشعثاء اسمه جابر بن زيد" وذكرنا نقلاً عن التقريب أنه أزدي ثم خزاعي البصري، مشهور بكنيته، فقيه من الثالثة، فالحديث السابق يدل دلالة واضحة صريحة على أنه لا مانع من أن يغتسل الرجل مع زوجته من إناء واحد.
وجاء في الخبر ويثار الآن مثله ولعلنا ذكرناه فيما سبق أن الرجال والنساء كانوا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يتوضئون جميعاً، يتوضئون جميعاً، فيثار مثل هذا لتعزيز الاختلاط، يعني مع أن الوضوء يلزم عليه تكشف، والقائل من أجهل الناس بأساليب العربية، لماذا؟ الرجال والنساء مقابلة جمع بجمع، ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، ومعنى ذلك أن الرجال والنساء كل رجل مع زوجته يتوضئون جميعاً، إذا قلنا: إن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد أن كل فرد مع فرد، يعني كل رجل مع زوجته، يعني لو قلنا: ركب القوم دوابهم إيش معنى هذا الكلام؟ يعني كل واحد من هؤلاء القوم ركب دابته، هل يختلف في مثل هذا؟ هذا مقتضى العربية، وبعض الناس يتشبث يتمسك بأدنى شبهة، والهوى يحمل صاحبه على مثل هذا، والله المستعان، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.