الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البول في الماء الدائم إن غير لونه أو طعمه أو ريحه نجس بالإجماع، نجس الماء بالإجماع، وإن لم يتغير وكان دون القلتين نجس عند الحنابلة والشافعية، وإن لم يتغير قليلاً كان أو كثيراً لم ينجس عند المالكية، وإن كان غديراً مساحته عشرة في عشرة أو إذا حرك طرفه لم يتحرك الطرف الآخر كان كثيراً عند الحنفية فلا ينجس إلا بالتغير، وإن كان دون ذلك نجس ولم يتغير، فعلى هذا البول في الماء الدائم عند المالكية النهي لئلا يقذره على من أراد استعماله، قليلاً كان أو كثيراً إذا لم يتغير، وإن تغير فهو لتنجيسه، والنهي عند الحنابلة والشافعية إن كان قليلاً فلتنجيسه ولو لم يتغير وإن كان كثيراً فلتقذيره كقول المالكية، ثم إذا توضأ فيه أو اغتسل فيه، توضأ فيه أو اغتسل فيه فإنه لا ينجس عند الجمهور؛ لأن المؤمن لا ينجس، فلا ينجس ما باشره، لكنه عند الحنابلة والشافعية إن كان دون القلتين انتقل من كونه طهور مطهر إلى كونه طاهراً فقط؛ لأنه ارتفع به حدث، والحنفية يقولون: ينجس؛ لأنه معطوف على البول والبول ينجس، لكن هذا استدلال بدلالة الاقتران وهي ضعيفة عند أهل العلم.
نأتي إلى الفرق بين مذهب الحنابلة ومذهب الشافعية:
إذا انغمس في ماء قليل، إذا انغمس في ماء قليل أقل من القلتين من جنابة يرتفع الحدث أو لا يرتفع؟
طالب:. . . . . . . . .
عند من؟
طالب:. . . . . . . . .
عند الحنابلة لا يرتفع، وعند الشافعية؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، عند الشافعية يرتفع؛ لأنه ما يصير مستعملاً إلا برفع الحدث، إذا رفع الحدث صار مستعملاً عندهم، وعند الحنابلة يتحول من كونه مطهر إلى طاهر بمباشرة أول أعضاء الجسم التي يجب إزالة الحدث عنها، يعني بمجرد وصول الرجلين خلاص صار مستعمل، وكأن مذهب الشافعية في هذا أقعد، وأنه لا يسمى مستعمل حتى يرفع حدث.
نقرأ الحديث الذي يليه.
عفا الله عنك.
باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور:
حدثنا قتيبة عن مالك ح وحدثنا الأنصاري إسحاق بن موسى قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)).
قال: وفي الباب عن جابر والفراسي.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم أبو بكر وعمر وابن عباس لم يروا بأساً بماء البحر، وقد كره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء بماء البحر منهم ابن عمر وعبد الله بن عمرو، وقال عبد الله بن عمرو:"هو نار".
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور" والبحر معروف لا يحتاج إلى تعريف، أنه طهور، يعني مطهر، مطهر.
الماء المستعمل الذي ذكرناه في الحديث في شرح الحديث السابق الذي رفع به الحدث لا يطهر مرة ثانية عند الحنابلة والشافعية، لكنه عند المالكية لا يزال طهوراً مطهراً، حتى قال البغوي نقلاً عنهم: إنه أولى بالتطهير من غير المستعمل، إنه أولى بالتطهير من غير المستعمل، لماذا؟ قالوا: لأن طهور صيغة مبالغة، وهذه تنفعنا:((هو الطهور ماؤه)) يعني سواءً شرحنا هذه الكلمة بالحديث هذا أو الذي قبله.
قالوا: إن طهور صيغة مبالغة، والذي يقع به التطهير مرة واحدة لا يستحق هذه الصيغة، لا يستحق هذه الصيغة، فالشكور مثلاً الذي يشكر الله مرة واحدة يقال له: شكور؟ لا، حتى يتصف بالوصف الذي عدل فيه إلى المبالغة، يعني مثل صادق وصدوق، صادق قد يطلق على شخص يصدق مرة واحدة يقال: صادق، وصدوق يطلق على الملازم للصدق وكذلك الشكور الملازم للشكر، والطهور الملازم للتطهير، كذا قيل عنهم، يعني نقل البغوي في شرح السنة هذا الكلام، وأن الماء المستعمل في الطهارة أولى بالتطهير من غير المستعمل؛ لأنه لا يستحق صيغة مبالغة حتى يتكرر منه التطهير، وهذا نظر إلى الصيغة، ومن حيث المعنى الكلام يستقيم وإلا ما يستقيم؟ هل يستقيم وإلا ما يستقيم؟ من حيث المعنى لا يستقيم، لماذا؟ لأن الاستعمال
للماء سواءً كان في الوضوء أو في الاغتسال أو في أي تنظيف كان هل يزيده طهارة؟ نقول: استفاد زيادة في الطهارة بنفسه، يعني أيهما أنقى الماء الذي نزل من السماء مباشرة ما استعمل أو نبع من الأرض ما استعمل أو تكرر به التطهير جاء هذا وغسل يديه، وهذا غسل رجليه، وذا غسل إناء، وذا غسل إبريق، وهذا غسل، مشكلة، هل هذا أدخل فيما نحن فيه أو أبعد؟ الآن المسألة مسألة دقيقة يعني الكلام الذي نقله البغوي قد يقبله بعض الناس؛ لأن الصيغة تساعد لما تكرر منه التطهير يستحق الوصف بالمبالغة فعول، طهور، لكن نقول: هل التطهر بالماء يستفيد منه الماء زيادة طهارة وإلا ما يستفيد؟ ما يستفيد، معنى الطهور الذي يفيد في هذا الباب ما كرر تطهيره فهو طهور، يعني لو أنه عرض على فلتر وخرج نقول: طاهر، ثم عرض على فلتر ثاني وخرج أنظف من الأول، ثم على فلتر ثالث، ثم على فلتر رابع، نقول: هذا طهور صحيح يستحق صيغة المبالغة، الطهور بمعنى التطهير، والطهارة في نفسه، لكن باستعمالاته المتكررة نعم يضعف وصفه شيئاً فشيئاً حتى ينسلب بالكلية، فالطهور في بابنا مضعف، يعني تكرار التطهير مضعف بخلاف تكرار التكرير، والفلترة، نقوي، يعني المسألة حصل فيها لبس، يعني عادي الناس من غير نظر في صيغة ولا غيرها، من غير نظر في الصيغة عادي الناس يحكم بأن الماء المستعمل أقل من الماء غير المستعمل، والمناسب لصيغة المبالغة الوصف بطهور يعني قبل الاستعمال، طهور قبل الاستعمال، يعني تكرر تطهيره، لا التطهر به، فقول البغوي فيما نقله عن بعض المالكية لا وجه له.
ويبقى أن المستعمل محل خلاف بين أهل العلم، المستعمل محل خلاف بين أهل العلم، وإن كان المرجح أنه لا ينسلب الطهورية.
"باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور"
قال: "حدثنا قتيبة" بن سعيد قال: "عن مالك" نجم السنن، مالك بن أنس إمام دار الهجرة "ح" هذه ح التحويل من إسناد إلى آخر، ويقصد منها اختصار الأسانيد "ح وحدثنا الأنصاري إسحاق بن موسى" وكل ما يقول الترمذي حدثنا الأنصاري فالمراد به إسحاق بن موسى، الخطبي، أبو موسى المدني، ثقة متقن، مات سنة أربع وأربعين ومائتين، قال:"حدثنا معن" وهو ابن عيسى القزاز أحد الرواة "عن مالك" وله موطأ من الموطئات مما يروى عن مالك رحمه الله.
"حدثنا معن قال: حدثنا مالك عن صفوان بن سليم" الزهري مولاهم، المدني، ثقة عابد "عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق" وثقه النسائي من السادسة "أن المغيرة بن أبي بردة" الكناني، وهو من بني عبد الدار وثقه النسائي أيضاً، أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل، الرجل المبهم هو كما جاء في بعض الروايات عبد الله المدلجي العركي الملاح، الملاح قائد السفينة "سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر" نركب البحر، يعني بواسطة ما يثبت على البحر من قارب أو سفينة أو باخرة أو ما أشبه ذلك، نركب البحر زاد الحاكم: "نريد الصيد، ونحمل معنا القليل من الماء" وقد يستدرجهم الصيد إلى الإبحار البعد في عمق البحر، ثم ينفذ هذا الماء الذي معهم "ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ " وكأنهم ترددوا في الوضوء به لما رأوا من تغير لونه وطعمه ورائحته، رائحة البحر متغيرة، بسبب ما يموت فيه من أسماك وحيتان وغيرها، وطعمه أيضاً متغير، ولونه متغير أحياناً، لا سيما إذا قرب من الساحل، شكوا في طهارة ماء البحر، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً:((هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)) الطهور بفتح الطاء أي المطهر، والصيغة مبالغة، ومنه قوله تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا} [(48) سورة الفرقان] ولم يقل في جوابه نعم، ما قال في جوابه نعم، يريد أن يجيب بحكم مقرون بعلته، الغرض من هذا اقتران الحكم بعلته، ما قال نعم تطهروا، قال:((هو الطهور ماؤه)) وذكر العلة تقتضي أن الجواب نعم تطهروا به؛ لأنه هو الطهور ماؤه، وليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها.
((الطهور ماؤه)) ماؤه فاعل لصيغة المبالغة، وأيضاً: الحل فاعل المصدر، حل يحل حلاً، فالحل مصدر وماؤه .. ، ميتته فاعل والمصدر يعمل عمل فعله، فماؤه طهور، وميتته حلال، وأجيبوا بأكثر مما سألوا للحاجة الداعية إلى ذلك، الحاجة تدعو إلى ذلك.
وقولهم: يجب مطابقة الجواب للسؤال معناه أن لا ينقص الجواب عن السؤال، أما إذا زيد في الجواب مما يحتاجه السائل، وقد غفل عنه، هذا أمر مطلوب ومحمود.
((الحل ميتته)) الذي يتردد في طهورية الماء، ماء البحر المستبحر الكثير، الذي يتردد في هذا ألا يتردد في أكل الميتة من البحر وقد سمع تحريم الميتة؟ نعم يتوقف ويستشكل من باب أولى، يستشكل من باب أولى، فأجابهم النبي عليه الصلاة والسلام بما هو أهم من ذلك، وأكثر إشكالاً مما سألوا عنه.
وميتة البحر حلال إذا كانت مما لا يعيش إلا به، وأما ما يعيش في البر والبحر فلا، والمراد بذلك كما قلنا: مما لا يعيش إلا به، فلو مات إنسان في البحر صح أن نقول: إنه ميتة بحر، لكنه مع ذلك لا يجوز أكله، لو مات حمار في البحر غرق، أو مات جمل في البحر وغرق فيه لا يجوز أكله وإن كان ميتاً في البحر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه تخرج، نعم.
المراد بالميت ميتة البحر ما لا يعيش إلا فيه.
وقال الحنفية وهو أضيق المذاهب في الباب قالوا: يحرم كل ما سوى السمك، والحديث محمول على السمك وقال أحمد: يؤكل كل ما في البحر إلا الضفدع والتمساح، يعني جاء النهي عن قتل الضفدع والتمساح له ناب، وقال مالك: كل ما في البحر حلال، وهذا هو المطابق لقوله:((الحل ميتته)) لأن ميتة مفرد مضاف فيعم المفرد المضاف من صيغ العموم، وقيل: يؤكل ما له نظير في البر، ويحرم ما يحرم نظيره في البر، يعني إذا وجدنا كلب البحر على رأي مالك نأكل، على رأي أبي حنيفة ما نأكل، على رأي الإمام أحمد نأكل، على القول الأخير له نظير في البر، لكن نظيره محرم، ما نأكل، ما له نظير في البر مما يؤكل يؤكل، وما له نظير في البر مما لا يؤكل لا يؤكل، فالخنزير مثلاً، خنزير البحر على قول مالك يؤكل، على قول غيره كالحنفية مثلاً لا يؤكل، لا سيما والنزاع في تناول النص القرآني لخنزير البحر بناءً على أن اللفظ عام، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [(3) سورة المائدة] فمنهم من يقول: إن لحم الخنزير شامل، شامل لما كان في البر والبحر، وما له ناب مما جاء منعه في السنة شامل لما في البر والبحر ومخصص لهذا الحديث، المقصود أن القول قول مالك له وجه، وهو ما يفيده الحديث، ويقول الله -جل وعلا-:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [(96) سورة المائدة] قال البخاري في صحيحه قال عمر: صيده ما اصطيد، وطعامه ما رمى به.
وقال أبو بكر: الطافي حلال، يعني مات في جوف البحر ثم طفا على سطحه سطح البحر حلال، ويمنعه الحنفية ويقولون: الطافي لا يؤكل، وفي حديث جابر عند أبي داود قال:"ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه، وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه" أخرجه أبو داود لكن الصحيح وقفه على جابر، أنه موقوف على جابر وهو معارض بكلام أبي بكر من قوله:"الطافي حلال" وهو المناسب قول أبي بكر وحل الطافي وهو قول الجمهور القول المناسب للحديث: ((الحل ميتته)) فالطافي ميتة بحر، في أحد يخرج الطافي من ميتة البحر؟ إذا ماتت في البحر ثم إذا لم تتناول الطافي كيف تتناول؟ لأن من لازم ما يموت أنه يطفو، فعلى هذا يدخل الطافي دخولاً أولياً في حديث الباب، وما أشكل عند الحنفية من حديث جابر فالصواب وقفه عليه.
قال الترمذي: "وفي الباب عن جابر" عند أحمد وابن ماجه "والفراسي" عند البيهقي، "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" رواه النسائي وأبو داود وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن المنذر والبغوي، والإمام البخاري رحمه الله حكى عنه الترمذي في علله أنه صحح الحديث، صحح الحديث الإمام البخاري، قال: "وهو قول أكثر الفقهاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وابن عباس، لم يروا بأساً بماء البحر" وهو الصحيح الذي لا يسوغ غيره، الصحيح الذي لا يسوغ ولا يليق غيره "وقد كره بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء بماء البحر منهم ابن عمر وعبد الله بن عمرو، وقال عبد الله بن عمرو:"هو نار".