الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من يمينها رجل، وعن يسارها رجل ومن خلفها رجل، وهكذا، هذا خلل، هذا خلل بلا شك، لا بد من الانتباه له.
"قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح" وأخرجه الجماعة، وأيضاً في الباب عن جابر في الصحيحين وأبي بردة وأبي برزة أيضاً في الصحيحين، حديث أبي برزة وأبي مسعود عند أبي داود، فالحديث مروي من طرق متعددة، ولا مجال للنظر في ثبوته؛ لأنه مروي في الصحيحين وغيرهما، وأيضاً جاء عن صحابة منهم من ذكرنا، ابن عمر وأنس وقيلة وجابر وأبي برزة وأبي موسى أو أبي مسعود.
وقد رواه الزهري عن عروة عن عائشة نحوه، روى حديث الباب الزهري عن عروة عن عائشة نحوه.
يقول الشيخ أحمد شاكر: الزيادة من نسخة ورمز لها بعين، وهي زيادة جيدة، ورواية الزهري عن عروة في الصحيحين وغيرهما، وقد رواه الزهري عن عروة وعن عمرة كلاهما عن عائشة والروايتان صحيحتان.
"وهو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر ومن بعدهم من التابعين" اختاره غير واحد من أهل العلم، يعني التغليس بصلاة الصبح والتبكير بها، وفعلها في أول وقتها "وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق يستحبون التغليس بصلاة الفجر" وبه أيضاً يقول الإمام مالك، وأما الإمام أبو حنيفة فيرى الإسفار.
سم.
عفا الله عنك.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الإسفار بالفجر:
حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)).
وقد روى شعبة والثوري هذا الحديث عن محمد بن إسحاق، ورواه محمد بن عجلان أيضاً عن عاصم بن عمر بن قتادة.
وفي الباب عن أبي برزة وجابر وبلال رضي الله عنهم.
حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح، وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر، وبه يقول سفيان الثوري وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: معنى الإسفار أن يضح الفجر فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في الإسفار بالفجر" الباب الأول في التغليس وفعل الصلاة في أول وقتها بعد التأكد من طلوع الفجر، وهنا الإسفار يعني بعد مضي وقت من صلاة الصبح يسفر فيه الجو ويعرف الإنسان جليسه، بخلاف التغليس الذي لا يعرف فيه جليسه، في الموضع الأول: لا يرى مواضع نبله، وفي الثاني: يرى مواقع نبله، فجاء الإسفار بالحديث المتقدم وبالأحاديث الكثيرة المتظافرة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهي عادته وديدنه، وأما الإسفار فجاء من قوله عليه الصلاة والسلام.
"باب: ما جاء في الإسفار بالفجر"
قال رحمه الله: "حدثنا هناد" وهو ابن السري "قال: حدثنا عبدة" وهو ابن سليمان "عن محمد بن إسحاق" محمد بن إسحاق إمام أهل المغازي، تكلم فيه أهل العلم بكلام كثير من أوثق الناس إلى دجال من الدجاجلة، كلام أهل العلم فيه كثير جداً، كتب بعضهم فيه وفي ما قيل فيه أكثر من سبعين صفحة، والخاتمة أن الرجل صدوق، لكنه مدلس لا بد أن يصرح بالتحديث، وإذا حدث في المغازي فهو إمام، وفي غيرها من الأبواب فيه كلام لأهل العلم، وغاية ما يقال فيه: إنه صدوق مدلس، لا بد أن يصرح بالتحديث.
"عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة" هنا لم يصرح، الأوسي المدني وهو ثقة من الطبقة الرابعة "عن محمود بن لبيد" صحابي صغير "عن رافع بن خديج" فالحديث يرويه صحابي عن صحابي "عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)) ".
((أسفروا)) يعني صلوا الفجر إذا ضاء الفجر ووضح ((فإنه أعظم للأجر)) أي الإسفار بالفجر أعظم، والمفضل عليه في أفعل التفضيل هنا إذا كان الإسفار أعظم فما المفضل عليه في أفعل التفضيل هنا؟ التغليس، التغليس الذي كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام، ((أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر)) كيف يقال: إن الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام مفضول بالنسبة للإسفار؟ ولذا طعن بعضهم في الحديث، وضعفه بسبب عنعنة ابن إسحاق، لكنه توبع على ذلك فارتفعت وانتفت تهمة التدليس، لكنه من حيث المعنى أعظم للأجر، وبعضهم يقول: إن أعظم هنا بمعنى عظيم، فإن أجره عظيم، وأحياناً يأتي في المفضول ما يظن به فاضلاً، عادته عليه الصلاة والسلام وديدنه التبكير، وما كان النبي عليه الصلاة والسلام ليختار لنفسه إلا الأفضل، وقد يفعل المفضول لبيان الجواز، ويكون في حقه أفضل.
يرد في المفضول ما يرفع من شأنه ليدل به على جوازه، الذي أعاد الصلاة بعد أن وجد الماء قيل له: لك الأجر مرتين، لكن الثاني قيل له: أصبت السنة، و ((من عمر شمال الصف كان له كفلان من الأجر)) لكن الحث على يمين الصف لا شك أنه أكثر؛ لئلا يعطل يسار الصف، هذا إن ثبت الخبر عند ابن ماجه وغيره، من أجل أن لا يعطل ويهجر شمال الصف، هل هنا فيه ما يستدعي الحث على تأخير الصلاة عن وقتها؟ الفاضل الذي هو التغليس إلى الإسفار هي في الوقت بلا شك، لكن بعضهم قال: إن المراد الإسفار التحقق من طلوع الفجر؛ لأنه من كثرة ما ورد في التغليس هذا قد يحمل بعض الناس لشدة حرصه على تطبيق السنة أن يصليها قبل طلوع الفجر، فيقال لمثل هذا: أسفر فإنه أعظم للأجر، ونصوص الشرع كما قلنا مراراً: علاج، الذي يؤخر صلاة الفجر يقال له: النبي عليه الصلاة والسلام يصليها بغلس، والذي يقدمها ويبادر بتقديمها فيخشى عليه من أن تقع صلاته قبل دخول الوقت يقال له: أسفر فإنه أعظم للأجر.
"قال: وقد روى شعبة والثوري هذا الحديث عن محمد بن إسحاق" شعبة والثوري، شعبة لا يروي عن مدلس إلا ما تحقق سماعه قال:"ورواه محمد بن عجلان أيضاً عن عاصم بن عمر بن قتادة" محمد بن عجلان تابع ابن إسحاق، وشعبة روى الخبر عن ابن إسحاق، فمحمد بن إسحاق له متابع، وروى عنه شعبة الذي لا يروي عن المدلسين إلا ما تحقق سماعه.
قال: "وفي الباب عن أبي برزة الأسلمي وجابر وبلال" عن أبي برزة الأسلمي وجابر وبلال يقول الشارح المباركفوري: لم أقف على من أخرج حديثهما، وأخرج البخاري عنهما التغليس، يعني ما وقفت على رواية عن أبي برزة وجابر في الإسفار، لكنهما ذكرا في التغليس، جابر في الصحيحين وأبي برزة في الصحيحين أيضاً، وبلال حديثه عند البزار لكنه حديث صحيح.
"قال أبو عيسى: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح"، "حديث رافع بن خديج -في الإسفار- حديث حسن صحيح".
"وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الصبح" هل يمكن أن يكون حديث رافع بن خديج بسند الترمذي الذي ذكره حسن صحيح إلا أن يكون من تساهل الإمام الترمذي وإلا ففي أبي إسحاق فيه كلام كثير لأهل العلم، وإذا قلنا بالقول المعتدل: أنه صدوق، قلنا: حديث حسن فقط، لكنه بالشواهد التي ذكرها وبالمتابعات يصل إلى درجة الصحيح.
"وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر، وبه يقول سفيان الثوري" هو قول الحنفية، عندهم الإسفار بصلاة الصبح أفضل من التغليس عملاً بهذا الحديث.
"وقال الشافعي وأحمد وإسحاق" وهم ممن يرون التغليس، قالوا إجابة عن هذا الحديث:"أن يضح الفجر" يعني يتحقق طلوعه "فلا يشك فيه، ولم يروا أن معنى الإسفار تأخير الصلاة".
بعض أهل العلم حملوا الحديث على الليالي المقمرة؛ لأن أول الصبح لا يتبين فيها، وحمله بعضهم على الليالي القصيرة ليمتد الوقت؛ لأن الليل قصير، فإذا أسفر بصلاة الصبح أدركها من نام ولم يكفه نوم الليل، فمن أجلهم ورفقاً بهم في الليالي القصيرة تؤخر صلاة الصبح، وهذا يفعله بعضهم.
وحمله بعضهم على الليالي القصيرة ليدرك النوام الصلاة، وجاء فيه حديث عن معاذ لما بعثه النبي عليه الصلاة والسلام إلى اليمن، وأمره بالتفريق بين ليالي الشتاء وليالي الصيف، وبعضهم قال: إنه يدخل في صلاة الصبح بغلس وينصرف منها حال الإسفار لطول القراءة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ ما بين الستين إلى المائة من الآيات، فإذا دخل فيها بغلس خرج منها بعد الإسفار.
هذا كلام لبعضهم، لكن المعروف أنهم ينصرفون منها ولا يعرف أحدهم جليسه من الغلس، مع طول القراءة، فدل على أنها تصلى في أول وقتها ((إذا صلى أحدكم بنفسه فليطول ما شاء)) جاء في الحديث الصحيح حديث معاذ:((أيكم أم الناس فليخفف فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء)) النبي عليه الصلاة والسلام ثبت عنه أنه قرأ في صلاة الليل في ركعة واحدة خمسة أجزاء، قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران.
يقول: أنا أصلي لنفس فاتتني الصلاة وأريد أن أحقق هذا الأمر: ((فليطول لنفسه ما شاء)) أقرأ في الركعة الأولى خمسة أجزاء، وفي الثانية أربعة، يترتب على ذلك أن يخرج الوقت وهو في الصلاة، يشرع فيها هو جاء والناس قد صلوا، وبقي من وقت الصلاة ساعة أو أقل من ساعة، فإذا قرأ في الركعة الأولى خمسة قطعاً خرج الوقت، أو لو قرأ البقرة فقط في الأولى وآل عمران في الثانية على طريقة الرسول يخرج الوقت، والرسول يقول:((فليطول لنفسه ما شاء)) هل نقول: لا تطول؛ لئلا يخرج الوقت؟ أو نقول: طول لنفسك ما شاء ما دام أدرك ركعة قبل طلوع الشمس فأنت في الوقت؟ هذا الرجل يقول: الرسول يقول: ((فليطول)) هذا أمر، لكن هل هذا الأمر للإلزام أو للإباحة؟ لأنه بعد حظر، بعد منع، إذا كان في جماعة لا يجوز أن يطول عليهم بما يشق عليهم، ثم جاء الإذن له إذا صلى وحده، فيكون للإباحة، لا يكون هو الأفضل، أن يصلي ركعة في الوقت بحجة أنه يطول لنفسه ما شاء، ثم بعد ذلك ركعة بعد الوقت ويكون بذلك قد أدرك الصبح، هو أدرك الصبح بلا شك ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) لكن إخراج الصلاة عن وقتها لا شك أنه مفضول، وإن كان جائزاً في الجملة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: نود توضيح حقيقة وقت الفجر حيث ظهر فتوى بتقديم تقويم أم القرى.
الآن لو نظرنا إلى تقويم أم القرى وصلينا بعد طلوع الفجر حسب التقويم ركعتي الصبح ثم أقيمت الصلاة، الآن يطلع الفجر هنا أربع وسبع دقائق أو ثمان دقائق، افترض أنه أذن أربع وسبع دقائق وفرغ من الأذان أربع وعشر، ثم صلينا الركعتين وأقيمت الصلاة أربع وربع على التقويم، وقرأنا في صلاة الصبح على طريقة قراءة النبي عليه الصلاة والسلام بين الستين إلى المائة، هل نخرج منها بغلس أو بإسفار؟ خلونا على هذا التدريج، نخرج بغلس وإلا بإسفار؟ لا شك أننا نخرج بإسفار، وهناك لجان تعمل على تثبيت الوقت الصحيح وشُكل لجنة وراقبت الأوقات في أقصى الشمال -شمال المملكة- وفي أقصى الجنوب، وفي الوسط وفي الشرق والغرب، فكانت نتيجتها أن التقويم قد يتقدم دقيقتين أو يتأخر دقيقة، لما أجريت هذه المراقبة بدقة من ناس لديهم الخبرة والمعرفة والعلم الشرعي فهذه من أواخر اللجان التي خرجت، وهناك لجنة خرجت قبل عشر سنوات اثنا عشر سنة على وقت الشيخ ابن باز وأقرها وأفتى بموجبها ونشرت الفتوى في الصحف، ولا ينكر أنه يوجد من طلاب العلم من خرج لمراقبة الأوقات، وأثبت فرق، هذا لا ينكر، لكن أظن أن مرد الاختلاف إلى فهم دخول الوقت، فالمراد بالخيط الأبيض من الخيط الأسود هو شيء رقيق رفيع لا يدركه أكثر الناس، وطلوع الفجر إذا قلنا: إنه من انفجار الضوء هذا يدركه كل أحد، وقد يكون بين الخيط الأبيض وبين انفجار الصبح قد يكون فيه وقت، وهذا هو الذي أثبته بعضهم، فهل الوقت منوط بالخيط الأبيض من الخيط الأسود كالامتناع من الأكل والشرب أو من انفجار الوقت ووضوحه؟
أظن أن هذا هو محل الاختلاف بين هذه اللجان التي تخرج، ويحصل بينها من الخلاف ما يحصل.