الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة التورق هي: أن يحتاج الإنسان إلى مبلغ من المال ولا يجد من يقرضه ولا من يتعامل معه بمعاملة مجمع عليها كالسلم مثلاً، فإذا احتاج إلى ذلك فلم يجد من يقرضه ولم يجد من يتعامل معه بسلم ونحوه من المعاملات المجمع عليها لا مانع حينئذٍ من مسألة التورق، لكن لا بد من مراعاة جميع ما تتطلبه العقود الصحيحة، بأن يكون البائع الأصلي مالك للسلعة ملكاً تاماً مستقراً، يملك السلعة، ثم يأتي هذا المحتاج إلى هذا المالك فيقول له: أنا أريد هذه السيارة، وقد تكون السيارة غير مملوكة للمالك، لكن لا يبرم معه أدنى عقد، لا مانع أن يعده لكن يبرم معه عقد قبل أن يملك السلعة؟ لا، يكون حينئذٍ باع ما ليس عنده، ولا يجوز ذلك، يملك السلعة ملك تام مستقر، ثم يبيعها على هذا المحتاج بثمن أكثر من قيمتها الحالّة إلى أجل، إلى أجل معلوم، ثم يقبضها ويحوزها المشتري الثاني ثم يبيعها على طرف ثالث، وعامة أهل العلم على جوازها، جماهير أهل العلم على الجواز، عمر بن عبد العزيز وقبله ابن عباس وبعده شيخ الإسلام ابن تيمية يقولون بمنعها وتحريمها، وأنها إضافة إلى أنها صورة من صور الربا أنها تحايل عليه، لكن عامة أهل العلم بما فيهم الأئمة الأربعة وأتباعهم كلهم على جوازها، ولا يوجد حل لكثير من احتياجات الناس إلا بها، لكن ينتبه الإنسان إلى أنه لا يحق له أن يأخذ أموال الناس تكثراً، وإنما تكون بقدر الحاجة مع نية الأداء.
ما صحت حديث: التهليل عشراً في الفجر والمغرب؟
نعم هو حديث ثابت، يقول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير" عشر مرات بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب.
وهل تكون قبل التسبيح أو بعده؟
الظاهر أنها قبل التسبيح؛ لأنه جاء في بعض روايات الحديث أنه وهو ثانٍ رجليه، يعني قبل أن يتحرك مما يدل على المبادرة بها.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه تعالى-:
باب: ما جاء في تعجيل العصر:
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها".
وفي الباب عن أنس وأبي أروى وجابر ورافع بن خديج رضي الله عنهم، ويروى عن رافع أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر ولا يصح.
حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم عمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس، وغير واحد من التابعين: تعجيل صلاة العصر وكرهوا تأخيرها، وبه يقول عبد الله ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.
قال رحمه الله: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن: أنه دخل على أنس بن مالك رضي الله عنه في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد فقال:"قوموا فصلوا العصر" قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً)) هذا حديث حسن صحيح.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،
أما بعد:
فيقول الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في تعجيل العصر" أي في تعجيل صلاة العصر بعد التحقق من دخول وقتها بمصير ظل الشيء مثله.
قال رحمه الله: "حدثنا قتيبة" وهو ابن سعيد "قال: حدثنا الليث" وهو ابن سعد "عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة" ابن شهاب محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة أم المؤمنين "أنها قالت: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء من حجرتها".
"والشمس في حجرتها" والشمس الواو هذه حالية، والشمس يعني نورها وضوؤها في حجرتها يعني في داخل حجرتها، لم يظهر الفيء من حجرتها، وكانت حجرتها ضيقة، وجدارها أقل من مساحتها بشيء يسير، جدارها أقل من مساحتها، لأنه لو كان أكثر من مساحتها وقلنا: إن الوقت يدخل حين مصير ظل كل شيء مثله، قلنا: إنه غطى الشمس كاملة، لو قلنا: إن الجدار بمساحة الأرض لكنه أقل منها، فالمستفاد من هذا الحديث تعجيل صلاة العصر في أول وقتها.
"في حجرتها" المراد به في جدارها الشرقي، "لم يظهر" يعني لم يرتفع، لم يرتفع من الظهور وهو العلو، ومنه قوله -جل وعلا-:{وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [(33) سورة الزخرف] يعني يرتفعون، فدل هذا على أن الشمس ما زالت في الحجرة، والحجرة صغيرة، ففيه دليل على أن الصلاة تعجل في أول وقتها، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما.
قال رحمه الله: "وفي الباب عن أنس" يعني في باب تعجيل صلاة العصر عن أنس، وهو في الصحيحين أيضاً "وأبي أروى" عند البزار "وجابر" بن عبد الله في الصحيحين "ورافع بن خديج" أيضاً عند البخاري ومسلم.
قال الترمذي: "ويروى عن رافع أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر ولا يصح".
"ويروى عن رافع" يعني ابن خديج "أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في تأخير العصر ولا يصح" وهو مخرج عند البخاري في تاريخه الكبير والدارقطني والبيهقي في سننهما، وكلهم نصوا على ضعفه، البخاري والبيهقي والدارقطني، كلهم أخرجوه وضعفوه.
"قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح" وعرفنا أنه في الصحيحين وغيرهما "وهو الذي اختاره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر" يعني التنصيص على بعض الصحابة هل يعني أن من عداهم من الصحابة يرون عكس هذا القول ونقيض هذا القول؟ يعني حينما ينص على عمر رضي الله عنه أنه يرى التعجيل فهل معنى هذا أن أبا بكر يرى التأخير؟ عثمان يرى التأخير؟ علي يرى التأخير؟ لا، إنما يذكر من تيسر له ذكره، يذكر من تيسر له ذكره، ولا يعني .. ، إلا إذا نص عليهم قال: وفلان وفلان وفلان يرون التأخير، إنما لا يقال من مفهومه كلامه: أن أبا بكر يرى التأخير، أن عثمان يرى التأخير، أن علياً يرى التأخير، هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأنهم لم يلتزموا بالاستيعاب، لم يلتزموا باستيعاب الأقوال، بل يقتصر على البعض لا سيما من وجد منه نص قولي في المسألة، أو عرف عنه في مسألة اشتهرت أنه عجل أو أخر.
"منهم عمر وعبد الله بن مسعود وعائشة وأنس، وغير واحد من التابعين تعجيل صلاة العصر، وكرهوا تأخيرها، وبه يقول عبد الله ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" والليث والأوزاعي، وهو الحق الذي دلت عليه النصوص الصحيحة الصريحة من فعله عليه الصلاة والسلام.
الحنفية يرون تأخير العصر ويرون أن وقتها لا يبدأ إلا من مصير ظل الشيء مثليه، وسبق ذكر قولهم ودليلهم، وأنهم استدلوا بحديث القيراط ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيراً نصف النهار بقيراط، ثم استأجر أجيراً إلى وقت العصر بقيراط، ثم استأجر أجيراً إلى غروب الشمس بقيراطين، فاحتج أهل الكتاب فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) فسبق بيانه والاستدلال منه للحنفية، مع أنهم تركوا الأحاديث الصحيحة الصريحة التي دلالتها أصلية في هذا الباب سيقت لبيان المواقيت، وهذا ضرب مثل، ومعلوم أن الأمثال لا يلزم فيها المطابقة من كل وجه.
وأيضاً وقت الظهر أطول من وقت العصر في كل زمان ومكان حتى على القول بأنه ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله كما سبق تقريره، ذكرنا في درس مضى بالنسبة لوقتنا هذا مثلاً وفي بلدنا هذا، يؤذن للظهر في الثانية عشرة وعشر دقائق، ويؤذن للعصر في الرابعة إلا ثلث، الثالثة وأربعين دقيقة، وبينهما ثلاث ساعات ونصف بينما بين أذان العصر وأذان المغرب ثلاث ساعات فقط أو ثلاث وخمس، ثلاث وأربع دقائق اليوم، أو ثلاث، فالظهر أطول حتى على القول بأن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله.
محمد بن الحسن في موطئه ينتصر لإمامه أبي حنيفة، ويقول: العصر سميت عصراً لأنها تعتصر ويضيق عليها، هل تعتصر بالكيفية؟ في الكيفية تعتصر؟ يعني بدلاً من أن تصلى الظهر بعشر دقائق تصلى بثلاث دقائق العصر تعتصر أو أربع دقائق؟ لا، ليس هذا المراد، في الكمية بدلاً من أن تصلى أربع تصلى ثلاث؟ لا، لم يبق إلا اعتصار وقتها، هذا كلام محمد بن الحسن في موطئه، ويرون أن وقتها من مصير ظل كل شيء مثليه إلى أن تصفر الشمس فوقتها ضيق جداً.
صاحب الهداية من الحنفية وهو المرغيناني يعلل تفضيل التأخير بتكثير النوافل، لماذا؟ لأن النوافل تنقطع بصلاة العصر، فيقول: لماذا نقطع النوافل بصلاة العصر نؤخر صلاة العصر؟ ولا نزال نصلي نوافل ونكثر من النوافل وحينئذٍ يكون تأخير صلاة العصر أفضل، ومثل هذا الكلام تعارض به النصوص؟ الكلام لا شك أنه من حيث هو صحيح النوافل تنتهي بصلاة العصر، لا صلاة بعد العصر؛ لأن ما بعد أداء صلاة العصر وقت نهي، يقول: بدلاً من أن نصلي بعد مصير ظل كل شيء مثله مباشرة نصلي العصر نصلي بعد مصير ظل كل شيء مثليه، ونستغل هذه الساعة بنوافل، لكن هذا التعليل عليل بالنسبة لما يقابله ويعارضه من النصوص.
قال رحمه الله: "حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك" أنس بن مالك في آخر عمره ابتلي بأمراء يؤخرون الصلوات، فكان رضي الله عنه يصلي الصلاة في أول وقتها ثم يصلي معهم لعدم الشقاق والنزاع، يصلي الصلاة في أول وقتها ثم يصلي معهم.
"عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف -العلاء- من –صلاة- الظهر" يعني صلى الظهر مع هؤلاء الأمراء في آخر وقتها، انصرف من صلاة الظهر فدخل على أنس في بيته، ودار أنس بجنب المسجد بجوار المسجد، قال أنس:"قوموا فصلوا العصر" لماذا؟ لأنهم صلوا الظهر في آخر وقتها "قوموا فصلوا العصر" يعني في أول وقتها، قوموا فصلوا العصر "قال: فقمنا فصلينا، فلما انصرفنا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تلك صلاة المنافق)) " أي العصر التي تؤخر حتى تصفر الشمس أو تكاد أن تغرب ((تلك صلاة المنافق)) التي أخرت إلى آخر وقتها، وفي هذا تصريح بذم تأخير صلاة العصر، تصريح بذم تأخير صلاة العصر؛ لأنه قال: "((صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس)) " ينتظرها، وهذه جملة استئنافية فيها بيان للجملة السابقة "((يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان)) " قربت من الغروب؛ لأن الشمس تطلع وتغرب بين قرني شيطان، ولذا نهي عن الصلاة في هذين الوقتين، وكذلك إذا قام قائم الظهيرة.
((حين كانت بين قرني الشيطان)) لأن الشيطان إذا قربت الشمس من الطلوع أو الغروب قارنها؛ لأن من الناس -من المشركين من الكفار- من يسجد للشمس، فإذا قارنها اكتفى بأن يرى هذا السجود وكأنه له، ولا شك أن سجودهم للشمس طاعة للشيطان، فسواءً سجدوا للشمس أو سجدوا له هي في النهاية طاعة له.
تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان، إذا كان الإنسان جالس ينتظر ارتفاع الشمس فمرت به آية سجدة، حال بزوغ الشمس الذي هو أشد وقت النهي، أو يقرأ القرآن وهو ينتظر المغرب فمرت به آية سجدة حال غروب الشمس وهي تغرب بين قرني شيطان فهل يسجد أو لا يسجد؟ تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان، والمشابهة مطابقة بين هذه السجدة المفردة التي هي في الأصل للتلاوة وبين سجود عبدت الشمس لها، فهل يسجد القارئ أو لا يسجد؟
عندنا أحاديث النهي: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) "وثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب".
الكلام في ذوات الأسباب والتطوع المطلق هذا مضى الكلام فيه مراراً، والذي رجحناه فيما سبق أن الوقتين الموسعين لا مانع من فعل ذوات الأسباب فيها، لكن الأوقات الثلاثة المضيقة لا يفعل فيها شيء من التطوعات ولو كان ذا سبب.
نأتي إلى هذه السجدة المفردة التي توافق وتطابق سجود من يسجد للشمس حينما تطلع بين قرني شيطان، وقت طلوعها وغروبها، هل يسجد أو لا يسجد؟ المشابهة تامة، والنهي إنما هو عن الصلاة "ثلاث ساعات كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي، والسجدة المفردة عند كثير من أهل العلم ليست بصلاة، وابن عمر يسجدها على غير طهارة، فهل نقول: النهي عن الصلاة وهذه ليست بصلاة؟ أو نقول: إذا كان النهي عن الصلاة المشتملة على السجود لعدم المشابهة فالنهي عن السجدة المفردة التي تكون فيها المشابهة تامة من باب أولى؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يسجد وإلا ما يسجد؟ الخلاصة؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
اعتبرنا أنه ما هو بصلاة، لكن النهي عن الصلاة لماذا؟ لئلا نشابه الكفار وهم يسجدون، يعني النهي عن عموم الصلاة لوجود السجود فيها، صلى لكن في الأوقات الثلاثة نعم باعتبارها صلاة، الكلام لأهل العلم "وأن نقبر فيهن موتانا" هل يشمل الصلاة أو خاص بالدفن؟ المعروف عند الجمهور أنه على الصلاة، لكن يبقى أن المطابقة إنما تتم بالسجود، والسبب سبب النهي إنما هو السجود، ودخول السبب في الحكم قطعي، دخول السبب في النص المشتمل على الحكم وهو المنع هنا قطعي عند أهل العلم، يعني إذا نهي عن الصلاة وأكثر أفعالها ما في مشابهة، قيام وركوع وجلوس ما في مشابهة، المشابهة في السجود، فهل ينهى عن السجود لتحقق المشابهة بالمطابقة أو نقول: في شرعنا السجدة ليست بصلاة وما دون الركعة لا يسمى صلاة والنهي إنما جاء عن الصلاة؟ ترى الملحظ دقيق في مثل هذه المسألة، يعني من باب التنظير: السعي بين العلمين، السعي الشديد بين العلمين في المسعى سببه امرأة، سعي امرأة، امرأة سعت سعياً شديداً في هذا المكان، والعلماء يقولون: إنه لا يشرع السعي للمرأة، فما دام السبب امرأة لماذا لا يشرع السعي للمرأة؟ في مشابهة بين المسألتين، لماذا لا يشرع للمرأة؟ لئلا تتكشف، والمحافظة على سترها أولى من المحافظة بالإتيان بمثل هذا السعي بين العلمين، وأيضاً السعي لهذه المرأة لم يكن على سبيل التعبد، وإنما هو رغبة أو رهبة، ولذا لو خافت امرأة على نفسها وجرت جرياً شديداً خافت من سبع، خافت من وحش من وحوش سواءً كان البهائم أو البشر فجرت سعت سعياً، تلام وإلا ما تلام؟ ما تلام، ولو ترتب على ذلك انكشاف شيء من بدنها، ما تلام، وهاجر حينما جرت وسعت في الوادي بين العلمين، وإن كان العلمين وضع للدلالة على هذا الوادي، ما سعت على سبيل التعبد، والمحافظة على الستر أولى من المحافظة على تطبيق هذه السنة، هذه مسألة، لكن مسألتنا نعود إليها، وهي هل يسجد الإنسان وقت الطلوع فيشبه أو يشابه الكفار في سجودهم للشمس ووقت الغروب فيشابههم؟ أو نقول: إنما نهينا عن الصلاة والسجود ليس بصلاة؟ من يعتبر السجود صلاة والمعروف عند الحنابلة أنه يشترط لها جميع ما يشترط للصلاة، وتفتتح بالتكبير،
وتختتم بالتسليم، هذا أمر واضح ومفروغ منه، لا يسجد، لكن الذي يقول: ليست بصلاة، ولا يمكن أن يطلق على أقل من ركعة صلاة، هذا لا يمتنع عنده أن يسجد.
وأصل السجود سجود التلاوة سنة عند جمهور أهل العلم، فلو اتقاه الإنسان في هذا الوقت لكان أحوط له، لو لم يسجد في هذا الوقت لا سيما وقت بزوغ الشمس أو وقت غروبها لكان أحوط له، والسجود ليس بواجب ولا يأثم بتركه، وإن كان واجباً عند الحنفية، ويرجحه شيخ الإسلام، لكن جماهير أهل العلم على أنه سنة.
((حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً)) قام هذا الشخص الذي يرقب الشمس ويصلي صلاة المنافق يؤخرها إلى آخر وقتها، قام فنقر أربعاً، نقر أربعاً يعني كما ينقر الغراب والطائر الحب حينما يلتقطه من الأرض، إن نظرنا إلى الطائر وهو يلتقط الحب هل يتأخر في أخذ الحب من الأرض أم يأخذه بسرعة؟ بسرعة، ((فنقر أربعاً)) يعني ركعات ((لا يذكر الله فيها إلا قليلاً)) ويراد بذلك التخفيف -تخفيف السجود- بحيث لا يمكث إلا بقدر وضع الغراب منقاره فيما يريد التقاطه.
الإنسان إذا تأخر على شيء فعله بسرعة، يعني لو أن الإنسان أجل الوتر إلى قبيل طلوع الفجر، تجده يصلي ركعة أو ثلاث بسرعة لا يذكر الله فيها إلا قليلاً، ولا يدعو ولا يخشع، لماذا؟ لأنه أخرها إلى هذا الوقت الضيق، وهنا أخر الوقت صلاة العصر إلى هذا الوقت فنقرها، وبعض النقارين يحتج بحديث معاذ حينما طول، حينما قرأ البقرة وقال له النبي عليه الصلاة والسلام:((أفتان يا معاذ؟ أيكم أم الناس فليخفف)) يقول الشيخ سعد بن عتيق: وليس في هذا حجة للنقارين؛ لأن الذي قال: ((فليخفف)) أم الناس بالصافات، وقرأ في المغرب بالطور، وقرأ بقاف واقتربت، وقرأ بسور طوال وسور صغار، لكن مراعاة المأمومين وملاحظتهم أمر لا بد منه، فلا يطيل عليهم بما يشق عليهم.