المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ كتاب الصلاة (9) - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ كتاب الصلاة (9)

‌جامع

الترمذي -‌

‌ كتاب الصلاة (9)

شرح: باب: ما جاء في الصلاة قبل المغرب، وباب: ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس، وباب: ما جاء في الجمع بين الصلاتين.

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يقول: ذكرتم أن الجمهور عندهم ما يقوي مذهبهم، وهو أن عموم النهي دخله ما يضعفه من تخصيصه بفوائت الفرائض لكن هذا لا يَرِدُ عند الحنفية، إذا أُخذ بقولهم من عدم القضاء حتى الفوائت في أوقات النهي.

الظاهر أن السائل ما فهم أن مذهب الجمهور هو المنع من التطوع في أوقات النهي حتى ما له سبب، هذا قول الجمهور بما فيهم الحنفية، الذين يدخلون بذلك الفرائض، فضلاً عن النوافل ذوات الأسباب فضلاً عن النوافل المطلقة، فهذا السؤال لا يرد على ما قررناه بالأمس، وأن مذهب الجمهور الحنفية والمالكية والحنابلة أنه لا يفعل شيء من التطوعات في هذه الأوقات حتى ما له سبب، وأن القول بأن فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي هو قول الشافعية فقط، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، وعرفنا أدلة المذهبين، وما أجاب به كل فريق عن المذهب الآخر، فهذا السؤال ناتج عن فهم ما طُرح بالأمس.

يقول هذا: يريد شراء سيارة بالتقسيط وبيعها والغرض من ذلك شراء أرض ليست للسكنى وإنما للتجارة.

يعني هذا أخذٌ لأموال الناس من أجل التكثر وقد جاء ذمه، وجمهور أهل العلم على جواز مثل هذه المعاملة، وصحة هذه المعاملة، لكن الأولى أن لا يفعلها المسلم بحيث يشغل ذمته من غير حاجة.

هذا يقول: أريد رأيك في فعل تحية المسجد بأوقات النهي وغيرها من الصلوات ذوات الأسباب هل تفعل أو تترك؟

هذا لا يريد الخلاف الذي ذكرناه وبسطناه بالأمس، لكن يريد الخلاصة.

الخلاصة: أن من فعل ذوات الأسباب في الوقتين الموسعين لا تثريب عليه؛ لأن النهي عن الصلاة فيهما ليس لذاتهما، وإنما من أجل أن لا يسترسل الإنسان في الصلاة، حتى يأتي الوقت المضيق الذي جاء التشديد فيه، وأما في الأوقات الثلاثة المضيقة فلا أرى فعل شيء من التطوعات ولو كان له سبب.

يقول: ما قولكم في رواية الحسن عن أبي هريرة؟

ص: 1

جاء عن الحسن -رحمه الله تعالى- أنه قال: حدثنا أبو هريرة ولذا أثبت بعضهم سماعه من أبي هريرة بهذا الخبر، قال: حدثنا أبو هريرة، والجمهور على أنه لم يسمع من أبي هريرة، وإنما حدث أهل المدينة وهو فيها ولم يسمعه، كما يقال: خطبنا عتبة بن غزوان وإن لم يحضر الخطبة، ولا شك أن تدليس الحسن شديد، يحتاج إلى مزيد من العناية، والجمهور على أنه لم يسمع من أبي هريرة، وأما روايته عن سمرة فقد مرت بنا في درس الأمس، وأن من أهل العلم من أثبتها كعلي بن المديني، وهو ظاهر سياق كلام علي من قبل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، وكأن الترمذي يميل إليهم، ما دام ثبت عنه أنه سمع حديث العقيقة، فما المانع أن يسمع غيره من الأحاديث؟ ومنهم من ينفي مطلقاً سماع الحسن من أبي هريرة، وهذا ذكرناه بالأمس، ومنهم من يقول: أنه سمع منه حديث العقيقة فقط، كما جاء في صحيح البخاري، ومر بنا في درس الأمس.

يقول: هل يعتبر البحث في بول النبي صلى الله عليه وسلم هل هو طاهر أو نجس من فضول العلم؟

لا ليس من فضول العلم بل من متين العلم؛ لأن هناك أحاديث قد تشكل على القول بنجاسة البول، أو هناك أخبار إذا حُكم بهذا قيل: ارتفع الإشكال، لا يورد على القول بنجاسة بول الآدمي المجمع عليه مثل من شرب بوله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قد قيل: إن بوله عليه الصلاة والسلام طاهر.

المقصود أن مثل هذا إذا بحث كان له أصل، وقد بحث أهل العلم طهارة شعره عليه الصلاة والسلام، طهارة شعره، وعامة أهل العلم على طهارته، وقول حقيقة عند .. ، وهو قول شاذ عند بعض الشافعية أن الشعر نجس حتى شعره عليه الصلاة والسلام، لكن كيف يقال: إنه نجس وقد قسمه بين أصحابه للتبرك؟ وإذا كان شعر غيره من الآدميين طاهر فما شأن شعره عليه الصلاة والسلام إلا أن يكون أطهر.

يقول: لمن هذا البيت:

والرب ليس يضيع ما يتحمل

المتحملون لأجله من شان

لا أعلم، لا أدري لمن هذا البيت.

يقول بعضهم: إن الصلاة على الكرسي للمريض لا أصل لها فيصلي على الأرض؛ لأنه بجلوسه على الكرسي يفوت الجلسة بين السجدتين، ويلزمه حال الركوع أن يؤخر الكرسي ليوازي الصف فما تقولون؟

ص: 2

الأصل عدم وجود مثل هذه الكراسي، لكن إذا كانت مما يعين المصلي على أداء صلاته، ويخفف عنه ما يعانيه من عجز عن القيام أو السجود أو الركوع فلا شك أن هذا مما يعين على العبادة فيكون له حكمها، فيكون مطلوباً.

ذكر ابن القصار أن من قال بالنسخ في تأخير الصلاة يوم الخندق دليل على نسخ صلاة الخوف أنه قول من لا يعرف السنن؛ لأن صلاة الخوف أنزلت بعد الخندق فكيف ينسخ الأول الآخر؟

هذا على الخلاف، جمهور أهل السير على أن صلاة ذات الرقاع بعد غزوة الخندق، صلاة ذات الرقاع قبل غزوة الخندق، وهذا الذي جعلهم يقولون: إن صلاة الخوف لا تفعل في الحضر، والذي رجحه الإمام البخاري رحمه الله وتبعه ابن القيم أن غزوة ذات الرقاع كانت بعد الخندق، وعلى هذا تفعل صلاة الخوف في الحضر، ولا يجوز تأخير الصلوات عن وقتها.

يقول: أفضل طبعة موجودة لفتح الباري؟

الآن صورت طبعة بولاق، ورقمت وموجودة -ولله الحمد-، وهي أفضل الطبعات على الإطلاق، لكن يبقى أن من طلاب العلم من ليس لديه الصبر على قراءة هذه الحروف القديمة، لا يصبر على قراءة الحروف القديمة، يقال له: ابحث عن صورة للطبعة السلفية الأولى.

يقول: لم نجد بعد بحث كتاب تقريب الأسانيد للعراقي.

هو مطبوع أكثر من طبعة، طُبع للمرة الأولى في مصر قبل ثمانين سنة بتحقيق محمود حسن ربيع، ثم طبع بعد ذلك طبعات متتابعة، وصور مراراً، وطبع مع شرحه:(طرح التثريب) وآخر طبعاته وهي التي عليها الخدمة المتميزة هي طبعة الشلاحي، خالد بن ضيف الله الشلاحي، طبعته دار الكتب العلمية أيضاً لكنها طبعة لا يعول عليها.

يقول: في الصلة لابن بشكوال قال مالك: سمعت عمرو بن سعيد بن أبي خيثمة يقول: شيخ قديم يعني هو شيخ قديم من أهل اليمن يقول: من علامة قرب الساعة اشتداد حر الأرض.

ص: 3

هذا شيخ قديم من أهل اليمن يحتمل أن يكون قد تلقى هذا الخبر من أهل الكتاب، واليمن فيه من أهل الكتاب ما فيه فلا يعول عليه، مع أنهم يبحثون مسألة الاحتباس الحراري، وأنه احتمال في سنة (2050) العيش على الأرض يمكن لا يطاق، وهم يبحثون عن حلول من الآن، يبحثون عن حلول عن هذا الاحتباس الحراري، ولا شك أن هذا من ادعاء علم الغيب، وإن كانت لديهم مقدمات رصد من السنوات الماضية، لكن لا يدل هذا على أن الحرارة في ازدياد، لا يجزم بهذا، لمجرد ما تقدم من السنوات.

يقول: أرجو أن ترشدني إلى الصواب فأنا في حيرة من أمري، والسبب أنني إذا قرأت في سير السلف الصالح من أهل العلم في مظانها أجد في سيرة الواحد منهم مثالاً رائعاً لحياة المسلم الجاد، فتجد في سيرته خبراً عن زهده وورعه وعلمه وعمله وتقواه وبُعده عن الشهرة، وكرمه، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر وغيرها، ثم إذا نظرت في واقع كثير من طلاب العلم فإنك لا تكاد تجد إلا صفة من تلك، قد يكون أصلها جبلي، ثم يقع في نفسي تنقصهم، وعدم الاكتراث بهم، وربما يقولون .. ، بل ربما جعلت جزءاً من الدعوة التشكيك ببعض فتاويهم وآرائهم خشية أن يقتدى بهم فهل فعلي هذا صحيح؟ وبماذا تنصحون؟

ص: 4

هذا فعلك ليس بصحيح، وليس المطلوب ألا يخطئ الإنسان، أو أن يكون كاملاً في كل شيء لا، عليه أن ينشد الكمال، وعليه أن يحرص على تطبيق ما أمر به، وأن ينتهي عما نهي عنه، والخير موجود في أمة محمد إلى يوم القيامة، إلى قيام الساعة، ويوجد من الشباب فضلاً عن الشيوخ الكبار من اجتمعت فيه كثير من خصال الخير، تجد بعض الشباب يقرأ القرآن، ويداوم على ورده اليومي من القرآن، ويزاول عمله بإخلاص وأمانة إن كان طالباً، وإن كان معلماً، وإن كان عاملاً، موظفاً، ثم بعد ذلك يتحرى الصلوات على الجنائز واتباعها، ويزور المرضى، ويأمر بالمعروف، ويشارك بقوة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويصل الرحم، وهذه الفضائل وجودها في مثل هذا الزمان يعني خير وبركة، -ولله الحمد-، والعامل في آخر الزمان له أجر خمسين من الصحابة لعدم المعين، نحن نجد أحياناً من يعين -ولله الحمد-، وعلى كل حال اليأس ليس بوارد، والخير في أمة محمد إلى قيام الساعة، ويوجد من أهل العلم والعمل عدد مجزئ وكافي -ولله الحمد-، نعم يوجد من الصنف الآخر من لديه شيء من العلم، ولا يعمل بعلمه هذا موجود، لكنه لا يستحق أن يكون من أهل العلم؛ لأن العلم ما قاد إلى العمل، والله المستعان.

يقول: أنكرت مرة على. . . . . . . . .، يقول: من المحسوبين من أهل العلم أو أنصاف المتعلمين عدم زيارته لعمته لمدة ثلاث سنوات، وهي لها بيت وأولاد، وعمرها ثلاث وثلاثون سنة، فقال: هذا ليس بقطيعة للرحم؛ لأنها ليست بامرأة كبيرة، وأن القطيعة ليست بمجرد عدم الحضور إليها، أرجو بيان ذلك؟

هذه قطيعة، إذا مرت عليك هذه المدة وأنت لم تزرها هذه قطيعة، ولا يكفي إذا كان لا يرضيها إلا الحضور، لا يرفع القطيعة إلا الحضور عندها، وقد يطلب منك أكثر من ذلك من قضاء بعض الحوائج إذا احتاجت إليك.

ص: 5

فالصلة شأنها عظيم، والقطيعة أمرها خطير، فهذه هي القطيعة عينها، فلا بد من زيارتها بما يرضيها، وهذه أمور نسبية، بالنسبة لبعض الأشخاص تختلف عن بعض، هذا الذي ليست له إلا عمة واحدة ليس مثل من له عشر عمات، وخمس خالات، وستة أعمام، وأربعة أخوال، وهؤلاء لهم أولاد، وله أجداد، وله كذا، يعني إذا كثروا خف المطلوب، وإذا قلوا زاد المطلوب؛ لأن المسألة مسألة تسديد ومقاربة، علماً أن الله -جل وعلا- لا يكلف نفساً إلا وسعها، وكثير من الناس يتذرع بأعمال وأشغال لا حقيقة لها، تجده يعتذر من عمه أو من خاله، أو من عمته أو خالته، حتى أحياناً من أمه وأبيه بأعمال وأشغال وهي لا حقيقة لها ولا وجود؛ لأنه لو طلب من قبل أصحابه أو أحبابه لبادر إلى الحضور.

يقول: أيهما أفضل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة أو ما جاء النص فيه وذكر فيه لفظ الصلاة الإبراهيمية، أو اللفظ الوارد في القرآن:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب]؟

أما امتثال الأمر الذي يبرأ به المكلف من العهدة إذا قال: "صلى الله عليه وسلم" أو "عليه الصلاة والسلام"، بهذا يمتثل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب].

أما الصلاة الإبراهيمية فهي في الصلاة في موضعها، وهي فرد من أفراد العام المأمور به، فإذا صلى الإنسان على النبي عليه الصلاة والسلام وسلم عليه، انتهى، ويقول بعض أهل العلم كالنووي: أنه يكره إفراد الصلاة عن السلام وعكسه، لكن الحافظ ابن حجر يقول:"من كان ديدنه هذا" نعم يكره في حقه، يصلي ولا يسلم أو يسلم ولا يصلي، لكن إذا كان يصلي ويسلم أحياناً، أو يصلي أحياناً دون أن يسلم، أو يسلم دون أن يصلي فهذا لا إشكال فيه.

ص: 6