الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذا زاد على النبي عليه الصلاة والسلام الآل لما لهم من حق على الأمة، فهم وصية النبي عليه الصلاة والسلام، فلتكن الزيادة أيضاً للصحب، الذين لهم الحق الأعظم في رقابنا وفي أعناقنا، لولاهم ما وصلنا الدين، وفي الأمة ممن هو من غير الآل من هو أفضل من الآل كلهم، مثل أبي بكر وعمر، فإذا زاد أحد الآل فليزد الصحب، ولا يقتصر على أحدهما دون الآخر تشبهاً بالمبتدعة، فالنواصب يقتصرون على الصحب دون الآل، والروافض على العكس.
يقول: إذا كان مصلى النساء بينه وبين مصلى الرجال فاصل كبير مثل فناء المسجد -الصرح- فهل هذا جائز أو لا؟
إذا كانوا في سور المسجد، داخل المسجد فلا بأس.
يقول: متى يبدأ وقت ورد الصباح والمساء؟ ومتى ينتهي؟
يبدأ من بداية الوقت من طلوع الفجر إلى انتشار الشمس، وما دام يسمى الوقت صباحاً فهو كذلك مما يشمل الضحى فهو وقت إلى أنه مفضول؛ لأن الأذكار -أذكار الصباح والمساء- قرنت في كثير من النصوص بطلوع الشمس وغروبها.
ألم يقل أحد بفعل النوافل في أوقات النهي مع التخفيف كراتبة الصبح تقريباً للأقوال؟
لا، من صفة راتبة الصبح التخفيف، حتى كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول:"لا أدري هل قرأ بفاتحة الكتاب أو لا؟ " هذه من شأنها أن تخفف، وأما فعل ذوات الأسباب عند من يقول به فلا يقول بالتخفيف إلا من أجل ما يحوك في صدره من الخلاف القوي في المسألة.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه تعالى-:
باب: ما جاء في الصلاة قبل المغرب:
حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بين كل أذانين صلاة لمن شاء)).
وفي الباب عن عبد الله بن الزبير.
حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح.
وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل المغرب، فلم يرَ بعضهم الصلاة قبل المغرب، وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين بين الأذان والإقامة.
وقال أحمد وإسحاق: إن صلاهما فحسن، وهذا عندهما على الاستحباب.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:
"باب: ما جاء في الصلاة قبل المغرب" ثم أورد في الباب حديث عبد الله بن مغفل مما يعم هذه الصلاة التي قبل المغرب بين الأذان والإقامة، وما يشمل غيرها من الأوقات.
قوله: ((ما بين كل أذانين صلاة)) يشمل المغرب، ويشمل الصبح، ويشمل العشاء، ويشمل العصر وغيرها من الأوقات، وهل يشمل ما بين الأذانين في يوم الجمعة الأول والثاني أو لا؟ يعني إذا أذن لصلاة الجمعة الأول ثم جلس بين الأذان الأول والثاني ينتظر هل نقول: إنك مطلوب منك أن تصلي بين هذين الأذانين أو لا؟ المقصود بين كل أذانين في الحديث أي الأذان والإقامة؛ لأنها أذان، فهي إعلام بإقامة الصلاة، وإن كانت إعلاماً وإخباراً للحاضرين بخلاف الأذان الذي حقيقته نداء الغائبين إلى الصلاة، وهذه إعلام للحاضرين فهما أذانان، لكن بين الأذانين بالنسبة لصلاة الجمعة، الأول والثاني دعنا من الإقامة؛ لأنه بين الأذان والإقامة، الأذان للجمعة والإقامة لها هل نقول: فيه صلاة أو لا صلاة فيه؟ نقول: ما في صلاة هنا؛ لأن الإنسان عليه أن يشتغل بسماع الخطبة؛ لأن الأذان الثاني بعد دخول الخطيب، ما في صلاة، فهو مستثنىً من هذا.
بين الأذان الأول والثاني لصلاة الصبح؛ لأن لها أذانين، مطلوب، وهذا وقت فاضل يتطوع فيه، وبين الأذان الأول والثاني من يوم الجمعة، هذا باعتبار أن الأذان الأول ليس موجوداً على عهده عليه الصلاة والسلام، وإنما سنه عثمان رضي الله عنه، نقول: إنه لا يتصور أن يدخل في هذا الحديث؛ لأن المتكلم به وهو النبي عليه الصلاة والسلام لم يقصده، ونحن نشاهد في الحرمين أنه إذا أذن الأول ثم فرغ من الأذان قام الناس يتطوعون، والفاصل بينهما بمقدار ركعتين، يعني خمس دقائق لا يزيد، فهل هو داخل في الحديث؟ الحث عليه يؤخذ من الحديث أو لا؟ باعتبار أن الأذان ليس موجوداً على عهده عليه الصلاة والسلام لا يتصور دخوله في الحديث، وإن كان الوقت وقت تطوع مطلق، لكنه لا يشمله ما جاء من الحث في هذا الحديث.
يقول -رحمه الله تعالى-:
"حدثنا هناد" وهو ابن السري، تقدم مراراً "قال: حدثنا وكيع" الإمام وكيع بن الجراح الرؤاسي، إمام من أئمة المسلمين وسيد من ساداتهم "عن كهمس بن الحسن" وثقه أحمد وابن معين "عن عبد الله بن بريدة" تابعي ثقة "عن عبد الله بن مغفل" صحابي جليل "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بين كل أذانين صلاة)) " يعني نافلة، المقصود بالصلاة هنا النافلة، والمراد بالأذانين الأذان والإقامة، وهذا إن نظرنا إلى الإطلاق الاصطلاحي قلنا: هذا من باب التغليب كالعمرين والقمرين، من باب التغليب، وإذا نظرنا إلى الحقيقة اللغوية للفظين فهما أذانان، بمعنى أنهما إعلامان، الأول: إعلام بدخول الوقت، والثاني: إعلام بالقيام إلى الصلاة، فهما أذانان، حقيقة لغوية.
((لمن شاء)) في بعض الروايات: ثلاثاً، ((بين كل أذانين صلاة)) ثلاث مرات، ثم في النهاية قال:((لمن شاء)) يعني لا على سبيل الإلزام والتأكيد، فليست هذه الصلاة بمثابة السنن الرواتب المؤكدة، وإن كان بعض السنن الرواتب يدخل في هذا من باب التداخل، إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ليست إحداهما مؤداة والأخرى مقضية، دخلت الصغرى في الكبرى.
((بين كل أذانين صلاة)) دخل بعد الأذان لصلاة الصبح فصلى ركعتين، هل يمكن أن يقال له: أي صلاة هذه؟ هل هذه ما جاء في هذا الحديث: ((بين كل أذانين صلاة)) فعليك أن تأتي براتبة الصبح، هل هذه تحية المسجد فتأتي بعدها بما يحقق الرغبة في هذا الحديث:((بين كل أذانين صلاة)) ثم تأتي براتبة الصبح؟ هذه الصلوات كلها تتداخل، ويصلي ركعتين هما راتبة الصبح؛ لأنها أقوى ما في الباب، يدخل فيها بين كل أذانين صلاة، ويدخل فيها أيضاً تحية المسجد.
والحديث ذكره الإمام الترمذي في هذه الترجمة "باب: ما جاء في الصلاة قبل المغرب" مما يدل على جواز الركعتين بعد أذان المغرب، وقبل صلاته وهو الحق، وبعضهم يمنع من الصلاة بين الأذان وصلاة المغرب؛ لما يترتب عليها من تأخير صلاة المغرب، وصلاة المغرب المطلوب تعجيلها؛ لأن جبريل صلى بالنبي عليه الصلاة والسلام في اليومين في أول الوقت، فإذا صلى ركعتين ترتب على ذلك أن يؤخر المغرب، نقول: هذا التأخير بصلاة الركعتين لا يسمى تأخير، بل هي مصلاة في أول وقتها، وإن صلى قبلها ركعتين، والقول بأن الحديث منسوخ لا دليل عليه.
قال رحمه الله: "وفي الباب عن عبد الله بن الزبير" عند ابن حبان، وذكره محمد بن نصر المروزي في كتابه:(قيام الليل)، ولفظهما:((ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها سجدتين)).
"قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح" وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما "وقد اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قبل المغرب، فلم يرَ بعضهم الصلاة قبل المغرب" وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة؛ لأن فعلهما كما تقدم يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها، ولقول ابن عمر:"ما رأيت أحداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما" كما في سنن أبي داود، ولا شك أن الحديث دليل على أن هاتين الركعتين قبل صلاة المغرب كغيرها من الصلوات مرغب فيه، وإن لم يكن متأكداً كالرواتب.
"وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين بين الأذان والإقامة، وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين بين الأذان والإقامة" أي في عهده عليه الصلاة والسلام، وبحضرته، وبعد وفاته، وكذلك روي عن غير واحد من التابعين، وعن تبعهم بإحسان، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك قال:"كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري، حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم كذلك، يصلون الركعتين قبل المغرب".
يقول ابن العربي في شرح الترمذي عارضة الأحوذي: "الحديث فيه صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام، يعني: ((بين كل أذانين صلاة)) الحديث صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام، في كل صحيح ومسند، واختلف فيه الصحابة، ولم يفعله بعدهم أحد، يعني بالنسبة لصلاة المغرب، وأظن الذي منع منه المبادرة بالإقبال على صلاة المغرب" كذا قال ابن العربي.
يقول المحشي -الشيخ أحمد شاكر-: "وهذا تعليل غريب لمخالفة الأحاديث الصحاح، وهو يعترف بصحتها، وصدق يحيى بن آدم: "لا يحتاج مع قول رسول الله إلى قول أحد" يحيى بن آدم يقول هذا الكلام، ونحن نعاني في أيامنا هذا من مصادمة النصوص الصحيحة الصريحة المرفوعة بأقوال وأفعال لصحابة وتابعين هم منا على العين والرأس، لكن بالنسبة لمخالفة ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام لا يلتفت إلى أقوالهم ولا إلى أفعالهم، وكم عورض قوله عليه الصلاة والسلام:((أعفوا اللحى)) ((أكرموا اللحى)) ((وفروا اللحى)) بفعل فلان وفلان، وغير ذلك من المسائل، يتذرعون بالترخص أو على الترخص بأفعال صحابة، المظنون بهم أنهم لم يبلغهم كلامه عليه الصلاة والسلام، وإلا لو بلغهم لما خالفوه.
وضعف صنيع عائشة في جمعها، أو في إتمامها الصلاة في السفر؛ لأنه لا يظن بها أنها تفعل خلاف ما عهدت النبي عليه الصلاة والسلام عليه، وهذا كلام شيخ الإسلام، وإن كان السند إليها صحيحاً بأنها أتمت الصلاة، وتأولت كما تأول عثمان، لكن لا عبرة بقول أحد كائناً من كان مع قوله عليه الصلاة والسلام.