المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٦

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب:

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه أحمد والنسائي "وعليه العمل عند أهل العلم يختارون الاستنجاء بالماء" لأنه أنقى "وإن كان الاستنجاء بالحجارة يجزئ عندهم، فإنهم استحبوا الاستنجاء بالماء، ورأوه أفضل، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" يقول العيني في شرح البخاري: مذهب جمهور السلف والخلف والذي أجمع عليه أهل الفتوى أن الأفضل أن يجمع بين الماء والحجر، فيقدم الحجر أولاً، ثم يستعمل الماء فتخف النجاسة بالاستنجاء بالحجر، وتقل مباشرة اليد بها، ولكونه أبلغ في النظافة، فإذا أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل، لكونه يزيل عين النجاسة وأثرها، والحجر يزيل العين دون الأثر، وعرفنا أن القدر المجزئ في الاستنجاء أو في الاستجمار بالحجارة يعني ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، وأما ضابط الإزالة بالماء فعود خشونة المحل كما يقول أهل العلم، والحجر يزيل العين دون الأثر لكنه متفق عليه، وتصح الصلاة معه، وجاء عن حذيفة أنه سئل عن الاستنجاء بالماء فقال: إذاً لا يزال في يدي نتن، يعني رائحة، وعن ابن عمر أنه كان لا يستنجي بالماء، وعن ابن حبيب من المالكية أنه منع الاستنجاء بالماء لأنه مطعوم، وما دام ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا كلام لأحد كائناً من كان، ثم حصل الإجماع عليه، نعم.

عفا الله عنك.

‌باب: ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب:

حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة قال: "كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم حاجته فأبعد في المذهب"

قال: وفي الباب عن عبد الرحمن بن أبي قراد وأبي قتادة وجابر ويحيى بن عبيد عن أبيه وأبي موسى وابن عباس وبلال بن الحارث.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرتاد لبوله مكاناً كما يرتاد منزلاً، وأبو سلمة اسمه: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري.

ص: 27

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب" من أدبه عليه الصلاة والسلام ومن كمال خلقه أنه إذا أراد الحاجة أبعد، لئلا يتأذى الناس بما يخرج أثناء قضاء الحاجة، بالرائحة، بالحشرات، بالخارج نفسه، فيبعد، لئلا يتأذى الناس بذلك، وجاء اللعن

((واتقوا الملاعن)) الذي يبول في طريق الناس وفي ظلهم، لكن تقدم في حديث حذيفة أن النبي عليه الصلاة والسلام انتهى إلى سباطة قوم، فبال قائم على ما تقدم فدل على أن أمر البول أسهل من أمر الغائط؛ لأن البول لا رائحة له، ولا يصاحبه صوت بخلاف الغائط، لكن ومع ذلك لا يجوز البول لا في طريق الناس ولا في ظلهم ولا تحت شجرة، ولا في الموارد ولا في غيرها مما جاء النهي عنه.

"إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب" وهذا نص الحدث "قال: حدثنا محمد بن بشار" الإمام الحافظ، المعروف ببندار "قال: حدثنا عبد الوهاب -بن عبد المجيد الثقفي" أبو محمد البصري ثقة، توفي سنة أربع وتسعين ومائة "عن محمد بن عمرو" بن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق، تكلم فيه من جهة حفظه، ومنهم من وثقه لعدالته، وعلى كل حال حديثه من قبيل الحسن، وإذا وجد له متابع أو شاهد صُحح، كما قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

والحسن المشهور بالعدالة

والصدق روايه إذا أتى له

طرق أخرى نحوها من الطرق

صححته كمتن (لولا أن أشق)

إذ تابعوا محمد بن عمرو

. . . . . . . . .

اللي عندنا هذا.

. . . . . . . . .

عليه فارتقى الصحيح يجري

ص: 28

"عن أبي سلمة" بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ثقة مكثر، فقيه، قيل: إنه أحد الفقهاء السبعة، وأبو سلمة أسمه: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، على ما سيأتي في كلام الإمام -رحمه الله تعالى- "عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة" بن مسعود الثقفي، صحابي مشهور "قال:"كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم حاجته فأبعد في المذهب" والمذهب إما مصدر ميمي يقال: ذهب يذهب ذهاباً ومذهباً، أو مكان الذهاب الذي يذهب إليه لقضاء الحاجة "قال: وفي الباب عن عبد الرحمن بن أبي قراد" الأنصاري صحابي، وحديثه في النسائي وابن ماجه "وعن أبي قتادة" وهذا لم يقف عليه الشارح، وجاء من عند أبي داود وابن ماجه "ويحيى بن عبيد عن أبيه وأبي موسى وابن عباس" وهذا عند الطبراني في الأوسط، لكن سنده ضعيف جداً "وبلال بن الحارث" عند ابن ماجه، وهو ضعيف أيضاً.

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" إذا نظرنا إلى إسناده فمحمد بن بشار وعبد الوهاب الثقفي ثقتان، ومحمد بن عمرو صدوق، وأبو سلمة ثقة، والصحابي لا كلام فيه، فالإسناد ما فيه إلا محمد بن عمرو وحديثه حسن، يعني لو لم يرد إلا من هذا الطريق لكان حكمه الحسن، لكن يشهد له ما ذكره المؤلف -رحمه الله تعالى- من الشواهد، ولذا "قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" صححه بشواهده، أخرجه الدارمي وبقية الأربعة، "ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرتاد لبوله مكاناً" يعني ليناً، سهلاً رخواً لئلا يرتد الرشاش عليه كما يرتاد منزلاً، يعني هو بحاجة إلى هذا كما أنه بحاجة إلى المنزل المناسب.

يقول الشارح: لم أقف على من أخرج الحديث بهذا اللفظ؛ لأن المؤلف يقول: "ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم" يعني لو أخرجه بإسناده كفى، لكن ذكره بدون إسناد وصدره بصيغة التمريض لا بد أن يبحث عن مصدر أخر، يخرج فيه ليحكم عليه بما يليق به، فالشارح يقول: لم أقف على من أخرج حديثه بهذا اللفظ، وفي الأوسط للطبراني عن أبي هريرة بلفظ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله.

ص: 29

وروى أبو داود عن أبي موسى قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثاً في أصل جدار فبال ثم قال:((إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله)) يعني ليطلب لبوله مكاناً رخواً لئلا يرتد عليه رشاش البول "وأبو سلمة أسمه: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري" ومثل هذا الحكم لو لم يرد فيه نص مطلوب وإلا ما هو بمطلوب؟ يعني هل يقصد الإنسان المكان الصلب وإلا يقصد المكان الرخو؟ لا بد المكان الرخو لئلا يرتد إليه الرشاش، أو المكان المنحدر بحيث يجلس في أسفله بحيث يرجع إليه، على كل حال عليه أن يحتاط لنفسه وألا يترك للنجاسة سبيلاً إلى أن تصل إليه، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ها؟

هذا سؤال يقول: من الإنترنت: هل معنى الحديث القدسي: ((وإذا ذكرني في نفسي ذكرته في نفسي)) أي نذكر الله بقلوبنا ولا نحرك شفتينا؟ وهل يجوز للإنسان أن يقرأ القرآن في نفسه وهو ينظر بعينه دون أن يحرك الشفتين؟

على كل حال الأجر لا يترتب إلا على الذكر، والذكر قول، وجاء بهذا اللفظ في كثير من الأحاديث، من قال كذا، فلا يترتب الأجر عليه إلا بالذكر باللسان، لكن لا يلزم أن يكون محظوراً بحضرة أحد، يذكر الله وهو خالي ليذكره الله في نفسه، يعني خالياً عن الناس، ولا يلزم أن يكون بقلبه، بدليل المقابلة ((من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)).

يقول: ما هي الصيغة التي كان صلى الله عليه وسلم يقولها وهو يستغفر مثلاً أكان يقول: أستغفر الله أو استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه؟

ثبت أنه يقول بعد دبر كل صلاة أنه يستغفر، وذكر الراوي أنه يقول:((استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله)) والسين والتاء للطلب يعني يطلب المغفرة من الله -جل وعلا- وهذه جملة كاملة مفيدة يثبت بها ما رتب عليها، وإن قال: أستغفرك لا إله إلا أنت وأتوب إليك، كما جاء في بعض الروايات، وهذه صيغ تقال هذه أحياناً وهذه أحياناً.

يقول: الذي مكتوب تحت الحديث في جامع الترمذي هل هي من الشواهد أم من المتابعات؟

لا هي شواهد؛ لأنه يذكرها عن صحابة آخرين، إذا اختلف الصحابي فهو الشاهد.

ص: 30

يقول: هل يجوز لنا الذين يسمعونكم عبر الإنترنت أن نروي عنك -حفظك الله- جامع الترمذي بصيغة حدثنا الشيخ؟

لا مانع إلا لم يكن هناك تدليس؛ لأن بعض الناس يستغل مثل هذه الأمور ويقول: سمعت فلان أو حدثنا فلان وهو عبر شريط وإلا آلة ويقصد بذلك أنه رحل من أجل الشيخ وطلب العلم، هذا يسميه أهل العلم تدليس، مثل تدليس البلدان، يقول: سمعت فلان بالقدس مثلاً، ويوهم الناس أنه رحل إلى القدس وطلب العلم على أهلها، ومراده بالقدس حي من أحياء بلده، أو بقرطبة أو بالحمراء أو بإشبيليا هذه أحياء، فإذا لم يقصد بذلك التدليس فهو سماع مع الأمن من تزييف الصوت؛ لأن هناك من يقلد الأصوات كما يوجد من يقلد الخطوط، فإذا صحت الرواية بالوجادة وصح لمن وجد بخط شيخٍ لا يشك أنه خطه يقول: وجدت بخط فلان كذلك يقول: سمعت صوت فلان بحيث لا يشك فيه.

هل تشترطون الإجازة في الرواية عنكم أو يكفينا السماع فقط؟ يقول: وإشارتي لهذا الأمر لأنني أريد تحفيز طلاب العلم في المثابرة والجد معكم؟

على كل حال من سمع كلام لا يشك فيه يرويه وينقله شريطة أن يكون أمين فاهماً حافظاً ضابطاً؛ لأن الآفة في كثير من الأخبار هي الرواة، وتنقل الأقوال بالنفي والإثبات عن شيخ واحد في مجلس واحد.

يقول: نرجو تذكير الإخوة بمسألة بحث حكم استخدام الظفر مع أنه من مدى الحبشة في غير الذكاة؟

قلنا: يبحث إلى يوم السبت ما أدري حضره أحد وإلا لا؟ نترك البقية للغد -إن شاء الله تعالى-.

اللهم صلِ على محمد.

ص: 31