الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالرغم من ذلك فقد ظل الإِمام المطهر يقاوم هذا الغزو الكثيف ويحارب فيالق الجيش التركي بصورة أثارت إعجاب المؤرخين وأدهشتهم كما استمر بعده الإمام المنصور القاسم ثم ولده المؤيد الذي أتيح له إخلاء الأتراك نهائيًّا من الأراضي اليمنية سنة 1045 (1) ولم يعودوا لغزوها إلَّا عام 1252 إثر خلافات داخلية بين الأئمة من أجلها عاد الأتراك للمرة الثَّانية إلى اليمن.
وأمَّا السياسة الداخلية فقد عصفت باليمن فتن داخلية للخلاف على الإِمامة دامت عدة قرون سجل المؤرخون فيها عشرات المعارك (2).
الحروب الداخلية وأسبابها:
إن السبب للحروب الداخلية هو التنافس على الإمام، ومبعث هذا شيء واحد هو وجود العدد الكافي من الهاشميين الذين كانوا يُحَتِّمُون على أنفسهم وجوب القيام بمجرد إحساس أحدهم بشيءٍ من الفضل على الآخر، ومع هذا فإنَّه لم يحدث في الغالب وخصوصًا فيما بعد القرن العاشر الهجري أنْ مات إمام ولم يعقبه إمامان أو أكثر، كل منهم يرى أنَّه حقيق بالإمامة، وهذه الرغبة هي التي ساعدت الدولة على الاستمرار والبقاء طوال عدة قرون بغضّ النظر عما كانت تجرّه من التطاحن والانقسامات التي لا يتسع المقام لذكرها، ثم ما خلّفته من ضغائن وأحقاد بين القبائل جعلتهم يعيشون في صراع مستمر وفوضى مستحكِمة.
يقول أحمد حسين شرف الدين في وصف الحالة الداخلية لليمن (3):
عندما نتصفح كتب التاريخ في هذا الوقت بالذات نجد أن اليمن قد عاش حوالَي قرنَيْن من الزمان كلها فوضى وقلاقل وفتن داخلية، وإن القبائل اليمنية قد سئمت
(1) المرجع السابق 243.
(2)
تاريخ اليمن السياسي 67.
(3)
اليمن عبر التاريخ 243.
هذا الوضع الذي أصبح فيه معظم الأئمة من آل القاسم يتكالبون على الحُكم ويتناحرون على كُرسيّ الإمامة تاركين وراءهم رعاية الأمة، والعمل على نشر العدل وإقرار الأمن في البلاد.
كما نجد أن البلاد قد تفرقت إلى شِيَع وأحزاب نتيجة لقيام عدة أئمة في آنٍ واحد كل منهم يقود الحملات ضد صاحبه ويؤلّب عليه القبائل ثم يناجزه الحرب كما حدث مثلًا بين المهدي صاحب "المواهب" وبين ابن عمه المنصور الحسين بن القاسم من جهة، وكما حدث أن قام أئمة خلال خمس سنوات فقط.
هذا وصفٌ عام للحالة وحينما نتصفح التاريخ ونرصد أحداثه في هذا الزمن نجد أنَّه بعد موت المتوكل إسماعيل 1087 قامت القيامة على اغتنام الإمامة فقد قام أحمد بن الحسين صاحب "الغراس" وتلقب بالمهدي، ثم أعقب هذه الدعوة ظهور دعوة القاسم بن محمد -بشهاره- وأجابته الأهنوم.
وظهور دعوة الحسين بن الحسن بعمران وتلقب بالواثق ثم دعوة السيد محمد بن علي الغرياني -ببرط- والسيد أحمد بن إبراهيم المؤيد -بثلا- والسيد علي بن أحمد بصعدة وتلقب بالمنصور فكان السابع.
وانتهى الأمر بأن يكون المهدي حاكمًا شريطة أن يقطع المهدي للقاسم بن محمد المؤيد بلاد حجة وعفار وكحلان والأهنوم، وتمّ الأمر على ذلك، وفي سنة 1092 توفي الإمام المهدي أحمد بن الحسين فدعا بعده الأمير محمد بن إسماعيل بن القاسم وتلقب بالمؤيد، وعارضه بعض آل القاسم وفي النهاية استقر الأمر له وأقام في ضوران، وفي 1097 توفي المؤيد وقام كل واحد من القاسمية بالدعوة لنفسه في شبام كوكبان -وفي صعدة- ورادع -وصنعاء- ومسور خولان، وفي النهاية تمّ الأمر للمهدي بن محمد واستقر بالمواهب بالقرب من ذمار وتغلب على معارضيه يوسف بن المتوكل وجماعته وقيدهم في -قلعة الدملوة-، ثم أطلقهم في سنة 1109 ثم أعاد الكرة مرَّة أخرى فعثر به المهدي واستفتى في أمره العلماء فأفتوا بقتله إلَّا أحدهم رجح