المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الحالة العلمية - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - المقدمة

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌ الحالة العلمية

حبسه فحبسه ثم أفرج عنه في سنة 1113 وأقطعه بلاد سنحان، وفي عام 1124 قامت معارك بين الحسين بن القاسم بن المؤيد والإمام المهدي انتصر فيها الحسين بن القاسم حيث حاصره في مكانه المواهب وتنازل المهدي للحسين بن القاسم وتلقب بالمنصور.

هذه هي الصورة التي كانت تعيشها اليمن خلال تلك الفترة وهي جلية واضحة في الدلالة على الحالة التي عاشها اليمن آنذاك من حروب ودمار يلحق بالديار، ويساعدنا على تصور ذلك إذا عرفنا الصورة التي تقوم بها الحروب حيث تخرج القبيلة بأكملها للحرب تاركة ديارها ومزارعها، ثم إن اليمن بلد مغلق يعتمد على نفسه في السراء والضراء، كل هذا يعطينا صورة لما كانت عليه حياتهم اليومية وحياتهم الاجتماعية.

وما كانت الحياة الاجتماعية إلَّا صورة للواقع السياسي فتلك الحروب الدامية المستمرة المتصلة الحلقات التي لا تكاد تقف بين الأئمة قد أثَّرت على الحياة الاجتماعية تأثيرًا بينا (1).

على أن استقرار الإمام المغربي في صنعاء وهي بلد ربما كان لها وضعها الاستقراري لبعدِها عن القبائل -ساعد على نشر العلم بها وبقائها بعيدة عن الحروب وهذا ما سنراه في‌

‌ الحالة العلمية

.

الحالة العلمية:

تنفرد اليمن بصفات خاصة بوضعه السياسي -الحكم الإمامي- والقبلي. وبالمذهب الزيدي. وقد استمر على هذا ردحًا من الزمن وكان لصيحات محمد بن إبراهيم بن الوزير (ت 840) أثر في ترك المذهب والانفتاح الفكري على المذاهب الأخرى وبقيت صيحات ابن الوزير زمنًا حتَّى استجاب لها العلامة صالح بن مهدي

(1) انظر: تاريخ اليمن السياسي ص 226، وتاريخ اليمن الثقافي، واليمن عبر التاريخ 244.

ص: 16

المقبلي (ت 1108) الذي ألف "العَلَم الشامخ في إيثار الحق على المشايخ". وهذا الإِمام المغربي شرح بلوغ المرام، والإِمام الشوكاني شرح المنتقى للمجد ابن تيمية.

وحينما ننظر إلى التعليم نجد أن المدن الكبيرة ينتشر فيها العلم والدين، فشهدت حركة علمية لا بأس بها والسبب في ذلك أن أهل المدن يكون التأثير القبلي عليها ضعيفًا، ثم إن الحروب التي دارت بين الأئمة كانت بعيدة عن صنعاء، بل ولم يؤثر الفقر وشظف العيش على طلب العلم. يصف أحد طلبة العلم حالة الطالب وحرصه على العلم مع شظف العيش قائلًا:

كم بها من طالب فقير

يقنع في الأرزاق باليسير

لا يجعل الفقر له ذريعة

إلى اطراح العلم والشريعة

موزع أوقاته شطرَيْن

على الذي ينفع في الدارين (1)

وحينما نقرأ "أدب الطّلب"(2) للإِمام الشوكاني نجد صورة لما كانت عليه المدارس والكتب، فقد ذكر كتب التفسير والحديث والفقه وأصوله والنحو والبلاغة وآداب المناظرة وكتب المنطق.

وكانت إجازات العلماء مستمرة للطلاب يجيزون فيها طلابهم إيذانًا بالانتهاء والتأهيل للتعليم، وإليك صورة من ذلك:

فقد أجزت ما قرأ

في فقه آل المرسل

وإنني أجبته

إلى بلوغ الأمل

منها تصانيف رقت

على محل زحل (3)

بعكس الأرياف التي قَلَّ فيها العلم فانعكَست على أوضاعهم السلوكية، قال الجرموزي واصف الحال:

(1) الأدب اليمني ما بين 1045 - 1289.

(2)

أدب الطّلب 107.

(3)

الأدب اليمني 85.

ص: 17