المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان العلة من النهي عن تسمية العنب كرما - شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال - جـ ١١

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها - باب النهي عن سب الدهر

- ‌باب النهي عن سب الدهر

- ‌شرح حديث: (يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر)

- ‌شرح حديث: (يؤذيني ابن آدم يقول: يا خيبة الدهر)

- ‌شرح حديث أبي هريرة في النهي عن سب الدهر

- ‌تأويل حديث: (فإن الله عز وجل قال: أنا الدهر)

- ‌باب كراهة تسمية العنب كرماً

- ‌بيان العلة من النهي عن تسمية العنب كرماً

- ‌باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد

- ‌شرح الأحاديث في النهي عن قول: عبدي وأمتي

- ‌شرح حديث: (لا يقل أحدكم: اسق ربك)

- ‌العلة من النهي عن إطلاق لفظة العبد والأمة والسيد

- ‌باب كراهة قول الإنسان: (خبثت نفسي)

- ‌باب استعمال المسك وأنه أطيب الطيب

- ‌الأسئلة

- ‌حكم ارتداء النساء لبعض أنواع الملابس كـ (الاسترتش) وغيرها

- ‌حكم ذكاة الجنين إذا خرج حياً بعد ذبح أمه

- ‌بيان ما تدرك به الركعة

- ‌حكم من أصابته نجاسة وهو يصلي

- ‌حكم من جامع زوجته في دبرها

- ‌حكم الإكثار من لفظ (سيدنا) عند ذكر الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌حكم العمل في شركات التبغ

الفصل: ‌بيان العلة من النهي عن تسمية العنب كرما

‌بيان العلة من النهي عن تسمية العنب كرماً

إذاً: العنب يسمى إما عنباً أو حبلة، ولا نسميه كرماً؛ لأن هذا الاسم فيه كراهة شديدة جداً، قال ابن الجوزي: إنما نهي عن هذا؛ لأن العرب كانوا يسمونها كرماً، لما يدّعون من إحداثها في قلوب شاربيها من الكرم، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تسميتها بما تمدح به لتأكيد ذمها وتحريمها، وليعلم أن ما في قلب المؤمن من نور الإيمان أولى بذلك الاسم الذي هو الكرم.

يقول الحافظ الإمام النووي: كانت العرب تطلق لفظة الكرم على شجر العنب، وعلى العنب، وعلى الخمر المتخذة من العنب؛ سموها كرماً لكونها متخذة منه، ولأنها تحمل على الكرم؛ لأن أصحاب المعاصي كانوا يجلسون مع بعضهم البعض يشربون الخمر، ويحب أحدهم أن يكون أحسن من الموجودين، فيوزع الخمر على الحاضرين؛ لأجل أن يكون صاحب الكرم والجود والسخاء والبذل، ولذلك حتى الذين يدخنون، فإن البخيل لديهم هو الذي لم يعط سيجارة أما ما لو أعطاها لأحد المدمنين فسيكون هو الكريم، فالكرْم تحمل على الكرم والسخاء، فكره الشرع إطلاق هذه اللفظة على العنب وعلى شجر العنب؛ لأن العرب إذا سمعوا بعد الإسلام لفظة الكرم التي تحمل على الكرم والبذل والسخاء ربما تذكروا بها الخمر، فهيجت نفوسهم إليها، فوقعوا فيها أو قاربوا ذلك، واستشرفتها نفوسهم، ولكن سموا العنب عنباً أو حبلة.

والشراب المتخذ منه يسمى خمراً؛ لأن وقع كلمة خمر على أذنك ليس كوقع كلمة كرم أو كريم، فهذه لها معنى وهذه لها معنى آخر، فالخمر وقعها على الأذن مذمومة، والكرم وقعها على الأذن ممدوحة.

أما قوله: إنما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم أو قلب المؤمن؛ لأن الكرْم مشتق من الكرَم بفتح الراء، وقد قال الله تعالى:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] ولم يقل: أشربكم للخمر أو أشربكم للكرم، فسمى قلب المؤمن كرماً؛ لما فيه من الإيمان والهدى والنور والتقوى والصفات المستحقة لهذا الاسم.

قال أهل اللغة: يقال: رجل كرم، وامرأة كرم، ورجلان كرم، ورجال كرم، وامرأتان كرم، ونسوة كرم كله بفتح الراء وإسكانها كرَم وكرْم بمعنى كريم وكريمان وكرام وكريمات، فهذا وصف للمصدر كضيف وعدل، والله تعالى أعلم.

ص: 8