المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌التعصبات بين مذاهب أهل السنة والجماعة أمر مذموم - شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال - جـ ١٧

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب الإمارة - الناس تبع لقريش والخلافة في قريش

- ‌باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش

- ‌شرح حديث أبي هريرة: (الناس تبع لقريش)

- ‌شرح حديث جابر: (الناس تبع لقريش في الخير والشر)

- ‌شرح حديث ابن عمر: (لا يزال هذا الأمر في قريش)

- ‌شرح حديث جابر بن سمرة: (لا ينتهي هذا الأمر حتى يكون على الناس اثنا عشر خليفة)

- ‌كلام النووي في أحاديث باب (الناس تبع لقريش)، و (الخلافة في قريش)

- ‌رأي أهل البدع في كون الخلافة في قريش

- ‌معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (الناس تبع لقريش في الخير والشر)

- ‌الأمر بحكم قريش مستمر إلى قيام الساعة

- ‌التعصبات بين مذاهب أهل السنة والجماعة أمر مذموم

- ‌الجمع بين حديث (الخلافة بعدي ثلاثون سنة)، وحديث (حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة)

- ‌معنى حديث (عصيبة من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم من شك في خروج صوت أو ريح أو مذي حال صلاته

- ‌حكم قراءة القرآن متكئاً

- ‌الحكم على حديث (البس جديداً، وعش حميداً، ومت شهيداً)

- ‌حكم الخلافة إذا لم يكن الخليفة من قريش

- ‌القول العدل في الإمام أبي حنيفة

- ‌حكم العقود التي يجريها البنك الإسلامي في مدن مصرية

- ‌حكم الصلاة على الميت في المقبرة لمن لم يصل عليه من قبل

الفصل: ‌التعصبات بين مذاهب أهل السنة والجماعة أمر مذموم

‌التعصبات بين مذاهب أهل السنة والجماعة أمر مذموم

قال القاضي عياض: استدل أصحاب الشافعي بهذا الحديث على فضيلة الشافعي.

وذلك لأنه قرشي.

والحديث نص في الإمارة والشافعي ليس أميراً، كما أن الحديث نص في أفضلية قريش، فهو من هذا الباب فقط يثبت فضيلة الشافعي؛ لأنه قرشي.

وقد وقعت مهاترات وتعصبات بين أصحاب المذاهب، حتى دعاهم هذا التعصب إلى الافتراء والكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فالأحناف والشافعية عداوتهم معلومة على مر التاريخ إلى يومنا هذا، حتى في الأزهر ينظر الشافعي إلى الحنفي كما لو كان يهودياً، وفي زمن من الأزمان كان لا يتزوج الشافعي من الحنفية، ولا الحنفي من الشافعية، وإذا رُفع الأمر إلى القاضي فإنه ينتحل مذهباً يخالف مذهب القضية المرفوعة إليه، ومعلوم أن الكعبة لها أربعة أركان، فكان الأحناف يجلسون في ركن، والمالكية في ركن، والشافعية في ركن، والحنابلة في ركن، والذي يفاجأ أنه صلى في جماعة الحنابلة وهو شافعي يرجع فيعيد صلاته.

وهذا شر مستطير وتفريق للأمة.

وأدى هذا التعصب إلى أن افترى الأحناف حديثاً كذباً وزوراً على النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال:(فيكون في أمتي رجل هو أبو حنيفة سراج أمتي) أو: (سراج أمتي أبو حنيفة النعمان).

وهما حديثان مكذوبان.

وبعد أن أثبتوا الفضل لإمامهم أرادوا ذم الشافعي ليستمر لهم الكمال، فقالوا: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سيخرج رجل من أمتي محمد بن إدريس أشد عليها من إبليس).

يقصدون الإمام الشافعي، اسمه محمد بن إدريس، ومعلوم أن أبا حنيفة مات سنة (150) هـ، والشافعي ولد في نفس السنة، فقال الأحناف: حينما ولد إمامكم أبى إمامنا الحياة، كأنه هو الذي أمات نفسه.

ويقول الشافعية رداً عليهم: حينما ولد إمامنا أبى إمامكم الحياة؛ لأنه لا يهنأ له الحياة في ظل إمامنا وهو طفل رضيع! فكل هذه تعصبات لا قيمة لها، فـ أبو حنيفة ليس قرشياً، بل هو كوفي، وأحمد بن حنبل ليس قرشياً، بل هو بغدادي، ومالك ليس قرشياً بل هو مدني، أما الشافعي فهو قرشي، فهو من هذه الجهة أفضل من الأئمة الثلاثة، ومن جهة الفقه كذلك هو أفقه من الثلاثة، أما منزلته عند الله فالعلم عنده سبحانه، فالله تعالى أعلم بمن اتقى، فإن الإمام أحمد بن حنبل له من العلم والفضل والثبات في المحن ما ليس للشافعي، فهو إمام أهل السنة بالاتفاق.

وأما تقرير مسائل للاعتقاد فقد اشتهر به الإمام مالك رحمه الله تعالى، فهو الذي عاصر ابتداء ظهور البدع والفتن في العقيدة، وفي صفات المولى عز وجل، فقرر مسائل الاعتقاد على مذهب الصحابة والتابعين، ثم برز على هذه الأصول بعد ذلك من جاء بعده كـ الشافعي، فـ الشافعي تلميذ مالك، بل صحبته أمه من مكة إلى المدينة وعنده من العمر عشر سنوات، فقدم إلى الإمام مالك وقال: يا إمام! أريد أن أقرأ عليك الموطأ، فنظر إليه الإمام واستصغره.

قال: اذهب فالتمس من يقرأ لك.

فقال: يا إمام! أحفظ الموطأ عن ظهر قلب.

قال: أنت؟ قال: نعم.

قال الشافعي: فقرأته عليه في أربعة مجالس.

أي: من حفظه سرده سرداً على الإمام في أربعة مجالس.

فسُر به مالك جداً وقرّبه إليه وكان مستملياً له.

أي: أنه يجلس بجواره ويقرأ، والإمام مالك يشرح الموطأ.

وكذلك الإمام أحمد كان تلميذاً للشافعي.

فالأول أبو حنيفة؛ ولذلك يسمونه الإمام الأعظم.

أي: أكبرهم وأولهم، والمكان الذي كان يسكن فيه في العراق يسمى إلى الآن بالأعظمية؛ نسبة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رحمه الله تعالى، ورضي عنهم أجمعين.

ص: 11