المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب «كل محدثة بدعة» - البدع والنهي عنها

[محمد بن وضاح القرطبي]

الفصل: ‌باب «كل محدثة بدعة»

53 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ: نا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ أَسْلَمَ الطَّائِفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

ص: 55

54 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا بَقِيَّةُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْفَجْرِ فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ، ثُمَّ قَالَ آخِرَ مَوْعِظَتِهِ:«إِيَّاكُمْ وَكُلَّ بِدْعَةٍ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

ص: 56

55 -

نا أَسَدٌ ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ ، عَنْ مَعْنٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: «كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ»

ص: 56

56 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ هِلَالٍ الْوَرَّاقِ قَالَ: نا شَيْخُنَا الْقَدِيمُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ ، عَنْ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:

⦗ص: 57⦘

«أَصْدَقُ الْقِيلِ قِيلُ اللَّهِ ، وَأَنَّ أَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، أَلَا وَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ»

ص: 56

57 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: نا وَاصِلٌ مَوْلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: " دَفَعَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ عُقَيْلٍ صَحِيفَةً فَقَالَ: " هَذِهِ خُطْبَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ ، إِنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسٍ:«إِنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ ، فَأَصْدَقُ الْقَوْلِ قَوْلُ اللَّهِ ، وَأَحْسَنُ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»

ص: 57

58 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنٌ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ رَبَاحٍ النَّخْعِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَخْطُبُنَا كُلَّ خَمِيسٍ فَيَقُولُ: «إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا»

ص: 58

59 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي يَحْيَى ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:

⦗ص: 59⦘

" أَوْشَكَ قَائِلًا مِنَ النَّاسِ يَقُولُ: قَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ وَلَا أَرَى النَّاسَ يَتَّبِعُونِي ، مَا هُمْ بِمُتَّبِعِيَّ حَتَّى أَبْتَدِعَ لَهُمْ غَيْرَهُ ، فَإِيَّاكُمْ وَمَا ابْتُدِعَ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَا ابْتُدِعَ ضَلَالَةٌ "

ص: 58

61 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ زَيْدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ

⦗ص: 60⦘

عُثْمَانَ بْنِ حَاصِرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:«عَلَيْكُمْ بِالِاسْتِقَامَةِ وَالْأَثَرِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّبَدُّعَ»

ص: 59

62 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا زَيْدٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ: ثنا رَجُلٌ ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَامَ بِالشَّامِ فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ ، عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ ، أَلَا وَإِنَّ رَفْعَهُ ذَهَابُ أَهْلِيهِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ ، وَالتَّبَدُّعَ ، وَالتَّنَطُّعَ ، وَعَلَيْكُمْ بِأَمْرِكُمُ الْعَتِيقِ»

ص: 60

63 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، قَالَ:

⦗ص: 61⦘

" تَكُونُ فِتْنَةٌ يَكْثُرُ فِيهَا الْمَالُ ، وَيُفْتَحُ فِيهَا الْقُرْآنُ ، حَتَّى يَقْرَأَهُ الْمُؤْمِنُ ، وَالْمُنَافِقُ ، وَالرَّجُلُ ، وَالْمَرْأَةُ ، وَالصَّغِيرُ ، وَالْكَبِيرُ ، فَيَقْرَأُهُ الرَّجُلُ سِرًّا فَلَا يُتَّبَعُ ، فَيَقُولُ: مَا أُتَّبَعُ ، فَوَاللَّهِ لَأَقْرَأَنَّهُ عَلَانِيَةً ، فَيَقْرَأُهُ عَلَانِيَةً فَلَا يُتَّبَعُ ، فَيَتَّخِذُ مَسْجِدًا وَيَبْتَدِعُ كَلَامًا لَيْسَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَلَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُ؛ فَإِنَّهَا بِدْعَةُ ضَلَالَةٍ ، وَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُ؛ فَإِنَّهَا بِدْعَةُ ضَلَالَةٍ ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُ؛ فَإِنَّهَا بِدْعَةُ ضَلَالَةٍ ثَلَاثًا "

ص: 60

64 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ:" {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] ، قَالَ: لَا تَبْتَدِعُوا "

ص: 61

65 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا ابْنُ رَبِيعَةَ قَالَ: نا سَلَامَانُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْأَصْبَحِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ:

⦗ص: 62⦘

إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، يَأْتُونَكُمْ بِبِدَعٍ مِنَ الْحَدِيثِ لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ؛ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ ، لَا يَفْتِنُونَكُمْ»

ص: 61

ص: 62

67 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: كَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَقُولُ: «مَا ازْدَادَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ اجْتِهَادًا إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا»

ص: 62

69 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ ، عَنِ الْحَسَنِ:" أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَدَعَا النَّاسَ إِلَيْهَا فَاتُّبِعَ ، وَإِنَّهُ لَمَّا عَرَفَ ذَنْبَهُ عَمَدَ إِلَى تَرْقُوَتِهِ فَنَقَبَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا حَلَقَةً ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا سِلْسِلَةً ثُمَّ أَوْثَقَهَا فِي شَجَرَةٍ ، فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَعَجُّ إِلَى رَبِّهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيِّ تِلْكَ الْأُمَّةِ: أَلَّا تَوْبَةَ لَهُ ، هَذَا قَدْ غَفَرْتُ لَهُ الَّذِي أَصَابَ ، فَكَيْفَ مَنْ أَضَلَّ فَصَارَ إِلَى النَّارِ؟ "

ص: 63

70 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، نا الْفَرَّاءُ ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ ، عَنْ خَالِدٍ الرَّبْعِيِّ قَالَ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَابٌّ قَرَأَ الْكُتُبَ ، وَكَانَ مَغْمُورًا ، وَإِنَّهُ أَرَادَ الْمَالَ وَالشَّرَفَ ، وَإِنَّهُ ابْتَدَعَ بِدْعَةً حَتَّى أَدْرَكَ بِهَا الْمَالَ وَالشَّرَفَ ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى كَثُرَ تَبَعُهُ؛ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَ: هَا النَّاسُ لَا يَعْلَمُونَ مَا ابْتَدَعْتُ ، أَلَيْسَ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا ابْتَدَعْتُ ، لَوْ أَنِّي تُبْتُ إِلَى رَبِّي ، قَالَ: فَعَمَدَ فَخَرَقَ تَرْقُوَتَهُ

⦗ص: 64⦘

فَجَعَلَ فِيهَا سِلْسِلَةً ثُمَّ أَوْثَقَهَا إِلَى آسِيَةٍ مِنْ أَوَاسِي الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ قَالَ: لَا أُطْلِقُ نَفْسِي حَتَّى يُطْلِقَنِي اللَّهُ ، وَكَانَ لَا يَعْدُو بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ يُوحَى إِلَيْهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَنْبُكَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَغَفَرْتُ بَالِغَ مَا بَلَغَ ، وَلَكِنْ كَيْفَ بِمَنْ أَضْلَلْتَ مِنْ عِبَادِي فَمَاتُوا فَدَخَلُوا النَّارَ ، فَلَا أَتُوبُ عَلَيْكَ "

ص: 63

71 -

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَحْنُونٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ سَلَامَانَ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ رَضِيعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:«سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ، هُمْ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، بِبِدَعٍ مِنَ الْحَدِيثِ لَمْ تَسْمَعُوا بِهِ أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ ، لَا يَفْتِنُونَكُمْ»

ص: 64

72 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ: نا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ:

⦗ص: 65⦘

أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُصُّ ، فَقَالَ لِلَّذِي يَقُودُهُ: امْشِ بِي حَتَّى تَقِفَ بِي عَلَيْهِ ، فَلَمَّا وَقَفَ تَلَا الْآيَاتِ الَّتِي فِي سُورَةِ مَرْيَمَ ، ثُمَّ قَالَ:«اتْلُ كِتَابَ اللَّهِ يَا ابْنَ عُمَيْرٍ ، وَاذْكُرْ ذِكْرَ اللَّهِ ، وَإِيَّايَ وَالْبِدَعَ فِي دِينِ اللَّهِ»

ص: 64

73 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: نا أَسَدُ بنُ مُوسَى قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، فَمَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ:«أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ بَعْدِي يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، فَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ ، وَمَنْ أَدْرَكَتْهُ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»

ص: 65

74 -

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: نا أَسَدُ بنُ مُوسَى ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ حَمَّادِ بْنِ دَلِيلٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُنَا عَنِ النَّضْرِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ:" كَتَبَ عَامِلٌ لَهُ يَسْأَلُهُ عَنِ الْأَهْوَاءِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَالِاقْتِصَادِ فِي أَمْرِهِ ، وَاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَتَرْكِ مَا أَحْدَثَ الْمُحْدِثُونَ بَعْدَهُ مِمَّا جَرَتْ بِهِ سُنَّتُهُ وَكُفُوا مُؤْنَتَهُ ، فَعَلَيْكَ بِلُزُومِ السُّنَّةِ؛ فَإِنَّهَا لَكَ بِإِذْنِ اللَّهِ عِصْمَةٌ ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يُحْدِثُوا بِدْعَةً إِلَّا وَقَدْ مَضَى قَبْلَهَا مَا هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهَا وَعِبْرَةٌ فِيهَا ، فَإِنَّ السُّنَّةَ إِنَّمَا سَنَّهَا مَنْ عَلِمَ مَا فِي خِلَافِهَا مِنَ الْخَطَأِ ، وَالزَّلَلِ ، وَالْحُمْقِ ، وَالتَّعَمُّقِ ، فَارْضَ لِنَفْسِكَ مَا رَضِيَ بِهِ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ؛ فَإِنَّهُمُ السَّابِقُونَ ، وَإِنَّهُمْ عَنْ عِلْمٍ وَقَفُوا ، وَبِبَصَرٍ نَافِذٍ كَفُّوا ، وَلَهُمْ كَانُوا عَلَى كَشْفِ الْأُمُورِ أَقْوَى ، وَبِفَضْلٍ فِيهِ لَوْ كَانَ أَحْرَى ، فَلَئِنْ كَانَ الْهُدَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَقَدْ سَبَقْتُمُوهُمْ إِلَيْهِ ، وَلَئِنْ قُلْتَ: إِنَّمَا أَحْدَثَ بَعْدَهُمْ مَا أَحْدَثَهُ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ ، وَرَغِبَ بِنَفْسِهِ عَنْهُمْ ، لَقَدْ تَكَلَّمُوا فِيهِ بِمَا يَكْفِي ، وَوَصَفُوا مِنْهُ مَا يَشْفِي ، فَمَا دُونَهُمْ مُقَصِّرٌ ، وَمَا فَوْقَهُمْ مُحْصِرٌ ، لَقَدْ قَصَّرَ دُونَهُمْ أَقْوَامٌ فَجَفَوْا ، وَطَمَحَ عَنْهُمْ آخَرُونَ فَغَلَوْا ، إِنَّهُمْ بَيْنَ ذَلِكَ {لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 67] "

ص: 66

75 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: سُئِلَ عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ ، وَأَنَا أَسْمَعُ قِيلَ:

⦗ص: 69⦘

يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى:{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} [النحل: 9] وَمِنْهَا جَائِرٌ ، وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ، قَالَ: نا أَبُو وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: خَطَّ عَبْدُ اللَّهِ خَطًّا مُسْتَقِيمًا ، وَخَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ، فَقَالَ: خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا فَقَالَ لِلْخَطِّ الْمُسْتَقِيمِ: «هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ» ، وَلِلْخُطُوطِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ:" هَذِهِ سُبُلٌ مُتَفَرِّقَةٌ ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ، وَالسَّبِيلُ مُشْتَرَكٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ، وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153] فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ، ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "

ص: 67

76 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: «تَعَلَّمُوا الْإِسْلَامَ؛ فَإِذَا تَعَلَّمْتُمُوهُ فَلَا تَرْغَبُوا عَنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ؛ فَإِنَّهُ الْإِسْلَامُ ، وَلَا تُحَرِّفُوا الصِّرَاطَ شِمَالًا وَلَا يَمِينًا ، وَعَلَيْكُمْ بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ وَالَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلُوا صَاحِبَهُمْ ، وَمِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا؛ فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْتُلُوا صَاحِبَهُمْ ، وَمِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْأَهْوَاءَ الَّتِي تُلْقِي بَيْنَ النَّاسِ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ» . قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحَسَنَ ، فَقَالَ: صَدَقَ وَنَصَحَ. قَالَ: وَحَدَّثْتُ بِهِ حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ ، فَقَالَتْ: بِأَبِي وَأَهْلِي أَنْتَ حَدَّثْتَ بِهِذَا مُحَمَّدًا؟ فَقُلْتُ: لَا ، قَالَتْ: حَدِّثْهُ بِهِ

ص: 69

77 -

نَا أَسَدٌ قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيُّ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَهُوَ قَائِمٌ يَقُصُّ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ؟

⦗ص: 70⦘

قَالَ: تَرَكَنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فِي أَدْنَاهُ وَطَرَفُهُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَنْ يَمِينِهِ جَوَادٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ جَوَادٌ، وَعَلَيْهَا رِجَالٌ يَدْعُونَ مَنْ مَرَّ بِهِمْ هَلُمَّ لَكَ هَلُمَّ لَكَ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الطُّرُقِ انْتَهَتْ بِهِ إِلَى النَّارِ، وَمَنِ اسْتَقَامَ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ انْتَهَى بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ تَلَا ابْنُ مَسْعُودٍ هَذِهِ الْآيَةَ:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًاً} [الأنعام: 153] الْآيَةَ كُلَّهَا

ص: 71

78 -

نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " لَيْسَ عَامٌ إِلَّا وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌ مِنْهُ ، لَا أَقُولُ: عَامٌ أَمْطَرُ مِنْ عَامٍ ، وَلَا عَامٌ أَخْصَبُ مِنْ عَامٍ ، وَلَا أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ ، لَكِنْ ذَهَابُ عُلَمَائِكُمْ وَخِيَارِكُمْ ، ثُمَّ يَحْدُثُ أَقْوَامٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بآرَائِهِمْ؛ فَيُهْدَمُ الْإِسْلَامُ وَيُثْلَمُ "

ص: 70

79 -

نا أَسَدٌ قَالَ: نا أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: نا أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ:«نَعَمْ ، قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي ، وَيَهْتَدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي» قَالَ: فَقُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:

⦗ص: 72⦘

«نَعَمْ ، دُعَاةٌ عَلَى بَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صِفْهُمْ لَنَا ، قَالَ:«هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» ، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِذْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ» ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ وَلَا جَمَاعَةٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَأَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ»

ص: 70

80 -

نا أَسَدٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ زُبَيْدٍ الْأَيَامِيِّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ: "

⦗ص: 73⦘

كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا أَلْبَسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ ، وَيَنْشَأُ فِيهَا الصَّغِيرُ ، تَجْرِي عَلَى النَّاسِ تَتَخِذُونَهَا سُنَّةً ، إِذَا غُيِّرَتْ قِيلَ: هَذَا مُنْكَرٌ؟ "

ص: 72