المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القول في قتل المحرم للصيد - شرح عمدة الفقه - الراجحي - جـ ٢٢

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

الفصل: ‌القول في قتل المحرم للصيد

‌القول في قتل المحرم للصيد

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [السادس: قتل الصيد، وهو ما كان وحشياً مباحاً، وأما الأهلي فلا يحرم، وأما صيد البحر فإنه مباح].

إذاً: لابد أن يكون الصيد وحشياً مباحاً، ومعنى وحشياً، أي: متوحشاً، سواء أكان طيراً أم غيره، كالغزال والنعامة والحمام وبقر الوحش وحمار الوحش فهذا كله صيد.

أما إذا كان المصيد أهلياً فهذا ليس فيه شيء مثل الدجاج؛ ومثل بهيمة الأنعام: البقر والإبل والغنم، ولابد أن يكون مباح الأكل منه، فإن كان محرماً أكله فلا، فلو صاد ذئباً أو ثعلباً فهذا ليس بصيد؛ لأنه ليس مباحاً، فلابد أن يكون صيداً وحشياً مباحاً.

ولو صاد غزالاً ورباه عنده وصار متأهلاً فالعبرة بالأصل، أي: يعتبر صيداً، كما أنه لو تمردت الدجاجة وصارت تطير ثم صادها برميها فالعبرة بالأصل فهي ليست متوحشة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأما صيد البحر فإنه مباح].

صيد البحر لا بأس به؛ لقول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة:96]، فالمحرم إنما هو صيد البر، أما صيد البحر فإنه مباح.

وإذا صاد ما تقدم ففيه جزاؤه.

والصيد نوعان: النوع الأول: ما له مثل، والثاني: ما لا مثل له، فما له مثل عليه ما يشبهه من بهيمة الأنعام، وهذا ما قضى به الصحابة رضوان الله عليهم، وبعضها فيها نقص، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(في الضبع كبش)، والحمامة قضى فيها بشاة؛ لأنها تشبه الشاة في عب الماء، والنعامة فيها بدنة؛ لأنها تشبه البعير في طول الرقبة، والمراد نوع من الشبه، فقضى الصحابة بما له مثل بالمثل، وما ليس له مثل فإنه يقوم ثمنه عليه بتقويم عدلين ثقتين.

فإذا قوم فإنه يخير بين إخراج القيمة أو إطعام مساكين كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً، يخير بين الصيام والإطعام، كما قال تعالى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة:95].

فالحاصل: أن ما له مثل يخير بين إخراج المثل أو يشتري بقيمته طعاماً ويطعم كل مسكين نصف صاع، أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوماً.

والذي ليس له مثل يخير المحرم بين الإطعام والصيام بعد أن يقوم قيمته، مثلاً: صاد صيداً ليس له مثل وقومه ثقتان عدلان بألف ريال، نقول: اشتر بألف ريال طعاماً براً مثلاً، وأطعم كل مسكين نصف صاع.

ولو قدر الطعام فوجد أنه يكفي لمائة مسكين مثلاً فيقدر مائة مسكين، ونقول: عليك أن تشتري طعاماً وتطعم كل مسكين نصف صاع، أو تصوم مائة يوم عن كل مسكين يوماً.

فما قضى به الصحابة يرجع فيه إلى قضائهم، وما لم يقض فيه الصحابة يرجع فيه إلى تقويم عدلين.

والحمام في الحرم الآن ممنوع منه، والدجاج ليس بممنوع منه في مكة، فتذبح الدجاج لكن لا تذبح الحمام؛ لأن الحمام صيد والدجاج ليس بصيد.

ص: 9