المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شهادة أن لا إله إلا الله مفتاح الواجبات - شرح فتح المجيد للغنيمان - جـ ٢٥

[عبد الله بن محمد الغنيمان]

فهرس الكتاب

- ‌حديث: (لأعطين الراية) في بيان الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌شهادة أن لا إله إلا الله مفتاح الواجبات

- ‌أحكام ما بعد الشهادتين

- ‌فوائد من هذا الحديث

- ‌مشروعية قتال أعداء الله

- ‌ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم من ابتلاء في خيبر

- ‌فضيلة علي بن أبي طالب

- ‌وجوب إرسال الدعاة إلى الله من قبل الوالي

- ‌من أعلام النبوة إخباره صلى الله عليه وسلم بالفتح

- ‌فضل من اهتدى على يديه رجل

- ‌سنة الدعوة قبل المباشرة بالقتال

- ‌الكرامات وما حصل منها للصحابة

- ‌اتخاذ الراية عند القتال

- ‌محبة الله ورسوله لعلي ليس خاصاً به

- ‌إثبات صفة المحبة لله عز وجل

- ‌معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌انشقاق القمر إلى فلقتين

- ‌إخباره أنه سيقتل أبي بن خلف

- ‌ما حصل في تبوك من تكثير مزادتي المرأة

- ‌ما حصل في تبوك من تكثير الطعام

- ‌ما حصل له صلى الله عليه وسلم من تكثير اللحم والخبز في الخندق

- ‌من دلائل صدقه صلى الله عليه وسلم

- ‌قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع خديجة

- ‌شهادات النبي صلى الله عليه وسلم لكثير من الصحابة بالإيمان والجنة

الفصل: ‌شهادة أن لا إله إلا الله مفتاح الواجبات

‌شهادة أن لا إله إلا الله مفتاح الواجبات

ثم قال: (ثم ادعهم إلى الإسلام)، والدعوة إلى الإسلام هي الدعوة إلى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله كما مضى، ولا يدخل الإنسان في الإسلام إلا بهذا، وإن كان من مثل هؤلاء الذين يزعمون أنهم أهل علم وأهل كتاب، فلا بد أن يدعون إلى شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسوله الله، ومضى أن معنى شهادة ألا إله إلا الله: العلم اليقيني الذي يكون في القلب ثم يتلفظ به اللسان؛ لأن الله جل وعلا هو المعبود وحده، وأنه لا يتوجه بعبادته قلباً وقالباً إلا إلى الله وحده -تعالى وتقدس-، ثم يلزم على هذا أن يأتي بكل ما كلفه الله جل وعلا وفرضه عليه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي يقصده صلوات الله وسلامه عليه بقوله:(وأخبرهم، بما يجب عليهم من حق الله فيه)، فهذه الشهادة إذا تشهدوها وقالوها يخبرهم بالواجب الذي يكون عليهم، والواجب الذي يكون عليهم بعد أداء هذه الشهادة والعلم بها والارتباط بها ومحبتها وقبولها والاستسلام لها والانقياد لها أن يقيم الصلاة، ويؤدي الزكاة المفروضة طيبةً بها نفسه، راجياً ثواب الله، خائفاً -لو منعها- أن يعاقبه الله جل وعلا.

وكذلك الصوم، أن يصوم رمضان، ويحج إلى بيت الله الحرام في عمره مرة، هذا هو الحق الذي يجب على من دخل في الإسلام، أما ما عدا ذلك فليس بواجب، إنما هو تطوع، فإذا جاء به فإنه يكون له الثواب عند الله جل وعلا، الحسنة بعشر أمثالها، وإن لم يأت به لا يطالب ولا يعاقب، بشرط أن يأتي بهذه الأمور الخمسة شاملة غير منقوصة، فإن نقص منها شيء فأمره إلى الله جل وعلا يحاسبه على ذلك، إن شاء عفا عنه وإن شاء أخذه به.

أما شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فلا بد منها لكل من يدخل الإسلام، ولا بد من العلم بها والعمل بمقتضاها، ولا يجوز أن يجهلها المسلم، فإن جهلها فاللوم عليه، وهو غير معذور؛ لأن الله جل وعلا أرسل رسوله بها صلوات الله وسلامه عليه، وأنزل كتابه شارحاً لها ومبيناً لها، فيجب على المسلم أن يتعرف على ذلك، على أمر الله فيها، ولا يسعه الجهل في ذلك، فالذين يصدون عن مقتضى ذلك ويأتون بما يناقضه من كونهم يعبدون أمواتاً لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ويتوجهون إليهم بالدعاء، والاستغاثة بهم وطلب الحاجات، ويطلبون النصر على الأعداء منهم فإن هذا يناقض شهادة ألا إله إلا الله تمام المناقضة، وإذا زعم أنه وجد الناس على هذا وما وجد من يبين له فالجواب أنه معرض عن دين الله، ولا يلزم الإنسان أن يأتيك ليبين لك، بل أنت يلزمك أن تتعرف على رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كلفك الله به من عبادته، يجب على كل إنسان ذلك.

ولهذا إذا وضع الإنسان في قبره فكل مقبور يأتيه الاختبار يسأل ثلاثة أسئلة إن أجاب عنها سئل عن البقية وإلا عذب لأنه هالك، يقال له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ والمعنى أنه يقال: من الذي كنت تعبده؟ وبأي شيء كنت تعبد؟ وعمن أخذت هذه العبادة التي تتعبد بها؟ هذه الأسئلة لابد منها لكل إنسان، وإذا قال: أنا وجدت أهل بلدي.

أو وجدت الشيخ الفلاني يقول لي كذا وكذا فهذا ليس جواباً وليس عذراً، فأهل البلد والناس كلهم ليسوا رسلاً، وإنما الإنسان مكلف باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومكلف بمعرفة كتاب الله جل وعلا، ولهذا أخبر جل وعلا أنه أنزل الكتاب عربياً مبيناً، أي: بيناً واضحاً.

فمن عرف اللغة لابد أن يعرف المعاني، وإن كان القرآن فيه معانٍ دقيقة ومعانٍ جليلة ومعانٍ كثيرة، ولكن الظاهر من الخطاب كل من عرف اللغة يعرفه، وهذا هو المطلوب من كل أحد، أما ما وراء ذلك من الدقائق والأمور التي تتطلب الفهم فهذه إلى العلماء، وليست لعامة الناس، وإذا كان الإنسان محتاجاً إلى ما يكون من نصيب العلماء فقد أمر الله جل وعلا بسؤالهم فقال:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:43] أما ما يعم الناس فكلهم يستطيع أن يدركه، بشرط أن يعرف اللغة التي نزل بها القرآن، والعلماء يذكرون أن من الواجب المتعين على كل مسلم أن يعرف اللغة العربية؛ لأنه لا يفهم عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم إلا إذا عرف اللغة.

ص: 3